البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

موجز تاريخ علم الاجتماع الطبي

كاتب المقال د - حسني إبراهيم عبد العظيم - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2633


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


إن تحديد بداية أي علم من العلوم بصورة دقيقة ومحددة، ليس بالأمر الهين؛ نظرًا لأن العلم لا يتشكل فى لحظة تاريخية بعينها، وإنما يظهر نتيجة تراكمات فكرية متتابعة، وظروف اجتماعية متنوعة.
والحقيقة أن ظهور علم الاجتماع الطبي كنظام علمي أكاديمي محدد الملامح وواضح المعالم قد استغرق فترات طويلة، وبالتالي فإن مسألة التأريخ لنشأة علم الاجتماع الطبي وتطوره تعد مسألة معقدة، غير أننا سنحاول أن نضع أيدينا على أبرز المحطات التي مر بها هذا العلم حتى بلغ ما بلغه من تطور ونضج.

يمكننا القول باطمئنان إن جذور علم الاجتماع الطبي كانت أوربية، في حين كانت ثماره أمريكية بامتياز، حيث ترجع جذوره (القريبة بطبيعة الحال) إلى منتصف القرن التاسع عشر في أوربا، وخاصة في انجلترا وألمانيا، أما ثماره فقد بدأت في النضوج في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
وسوف نتتبع جذور علم الاجتماع الطبي في أوروبا والولايات المتحدة على النحو التالي:


1- إنجلترا:
ترجع الجذور الفكرية لعلم الاجتماع الطبي في إنجلترا إلى عام 1842، حينما قدم المصلح الاجتماعي "إدوين شادويك" E. Chadwick (1800 - 1890) تقريرا رائدا للحكومة عن الظروف الصحية للطبقة العاملة ووسائل تحسينها Report on the sanitary conditions of the laboring population and the means of its improvement حيث ركز "شادويك" على أهمية الصحة العامة، وسبل الوقاية وأهمية نظافة البيئة والمياه النقية في الوقاية من المرض، كما تحدث عن العوامل التي تؤثر في انتشار المرض في الأوساط الاجتماعية المختلفة، وقد دعم تقريره بإحصائيات موثقة حول معدلات انتشار المرض والوفيات في المجتمع البريطاني. ( Chadwick 1842)

ولقد دخلت تصورات "شادويك" حيز التنفيذ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ، حيث لاحظ المسئولون أن أغلب الجهود التي تبذل للارتقاء بالخدمة الصحية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والبيئية للسكان تذهب هباءً إذا لم ترتبط برفع الوعي الصحي لهؤلاء السكان. (Gill and Twaddle 1977:374)

وتزامن مع ما سبق الجهود التي بذلتها الجمعية البريطانية للعلوم الاجتماعية خلال عام 1850، التي لفتت الانتباه نحو الأبعاد الاجتماعية للصحة والمرض، حيث اهتمت الجمعية بالرعاية الصحية الشاملة، والصحة العامة، وطرق الوقاية وتطوير الخدمات الصحية، وتوسيعها وإتاحتها لكل الفئات الاجتماعية. (Gill and Twaddle 1977:374)

وفي عام 1854، حدث تطور علمي مهم، حيث تمكن العالم الانجليزي (جون سنو)Jhon Snow من خلال ملاحظته لنمط انتشار الكوليرا في عدة مناطق في لندن من تحديد مصدر انتشار الوباء، وهو وجود مورد للمياه الملوثة، وتم بالتالي التحكم في انتشار المرض من خـــلال تنظيف المياه، وذلك قبل اكتشــاف البكـتيريا الناقــلة للمرض، وكـــان ذلك من إرهاصات علم الأوبئة epidemiology وهو الدراسة العلمية لحدوث الأمراض وانتشارها. (Mechanic 1978:132))

والواقع أن التاريخ الاجتماعي للقرن التاسع عشر في إنجلترا مليء بالأمثلة الخاصة بالجوانب الإصلاحية والراديكالية التي تهدف لتحسين الأوضاع العامة للسكان، وخاصة الأوضاع الصحية، وقد وصل الاهتمام بهذه الأحوال إلى حد اعتباره مسئولية تقع على عاتق الجميع، خاصة جماعة المثقفين الذين أدوا واجبهم في ترسيخ القيم والتصورات الأيديولوجية الخاصة بالنواحي الصحية. والحقيقة أنه على مدار التاريخ الاجتماعي البريطاني في القرن التاسع عشر حدث اتفاق على أن البحوث المسحية والوبائية تعد عنصرا مهما في تطور الاتجاهات الإصلاحية. (Gill and Twaddle 1977:374)


2- ألمانيا:
على الرغم من أن مصطلح علم الاجتماع الطبي لم يستخدم في ألمانيا قبل عام 1955، إلا أن الفكرة لها تراث طويل في الفكر الطبي الألماني، والواقع أننا لن نحاول متابعة التطور الكامل للتفكير في المجال الذي نسميه اليوم علم الاجتماع الطبي، لكن ثمة حدثين كلاسيكيين أثرا في ظهور وتطور علم الاجتماع الطبي، وهما: كتابات كل من (سالومون نيومان) Salomon Neumann عام 1847و (رودلف فيرشو) Virchow حوالي عام 1848، وكتاب (فرانز موللر – لاير) Franz Miiller-Lyer (علم اجتماع المعاناة) 'Sociology of Suffering' الذي صدر في عام 1914.

فقد كتب الطبيب الألماني سالومون نيومان (1819 – 1908) - الذي كان صديقا حميما لفيرشو - في عام 1847 كتـابا بعنوان (الرعاية الصحية العامة والملكية) أكد فيه أن علم الطب في جوهره وحقيقته علم اجتماعي، وعلى الأطباء توسيع أنشطتهم المعتادة لتشمل جمع الإحصاءات الاجتماعية المتعلقة بالصحة والمرض، ومن ثم الإسهام في إعادة توجيه سياسات الدولة نحو القضايا الاجتماعية المرتبطة بالصحة، وفي هذا المسعى ينبغي عليهم الوصول لمؤسسات الدولة التي تتحمل مسئولية ضرورية لتحسين صحة أفراد المجتمع، وباعتبار أن الصحة هي الشئ الوحيد الذي يمتلكه الفقراء، فينبغي أن تتبنى الدولة سياسات اجتماعية لحماية حقوق الملكية لمواطنيها. (McNeely 2014: 24)

وقد تبنى الطبيب والأنثروبولوجي الألماني "رودلف فيرشو (1821 – 1902) هذا الاتجاه وطـوره، حيث تناول في كتاباته الجوانب الاجتماعية للطب، ودعا من خلالها في عام 1848 – استنادا لرأي نيومان - إلى اعتبار الطب علم اجتماعي، و اعتبر "فيرشو" أن الطب ليس مجرد دراســة المرض وعلاجه، وإنما هو مؤشر عام لفهم المجتمع، ورصد علله الاجتماعية ومحاولة شفائها، وصاغ (فيرشو) مصطلح (الطب الاجتماعي) social medicine ليعبر عن البعد الاجتماعي والثقافي في الطب. (McNeely 2014: 5)

أما الطبيب وعالم الاجتماع فرانز موللر – لاير (1857 – 1916) فقد كتب كتابا يمكن اعتباره مدخلا في علم الاجتماع الطبي، يحمل عنوان (علم اجتماع المعاناة) ذكر فيه أن المعاناة تعد المشكلة المحورية للمجتمع الإنساني، وتنتج المعاناة من الأمراض الاجتماعية التي لا يمكن مواجهتها إلا بوسائل اجتماعية. وأشار إلى أنه في السياق الاجتماعي، يتم التعبير عن الضيق - مثلا - باعتباره أزمة ذاتية ، ومشكلة اجتماعية في ذات الوقت. (Bohnisch and Schroer 2017:10)


3- الولايات المتحدة الأمريكية :
بدأت إرهاصات علم الاجتماع الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكان الأمر اللافت هو أن الأطباء - وليس علماء الاجتماع - هم من كان لهم قصب السبق في تأسيس هذا العلم الجديد.

ففي عام 1894 استخدم الطبيب الأمريكي (تشارلز ميك انتاير)Charles McIntire لأول مرة مصطلح علم الاجتماع الطبي، عندما كتب مقالاًًً تحت عنوان أهمية دراسة علم الاجتماع الطبي The Importance of the Study of Medical Sociology في مجلة الأكاديمية الطبية الأمريكيةBulletin of the American Academy of Medicine في عددها رقم 19، ووضع في هذا المقال أول تعريف لعلم الاجتماع الطبي. (McIntire1894: 425-426)

وبعد ذلك وفي عام 1902 نشــرت "إليزابيت بلاكويل"Elizabeth Blackwell (1821- 1910) كتابا تحت عنوان مقالات في علم الاجتماع الطبي Essays in Medical Sociology وكانت بلاكويل(*) أول خريجة لكلية طبية أمريكية، وكانت أول طبيبة في العصر الحديث. (Cockerham 2007:34)

وأوضحت (بلاكويل) في هذا الكتاب بعض القضايا المرتبطة بعلم الاجتماع الطبي، والتي تعكس الأبعاد الاجتماعية للظواهر الصحية والمرضية، كالدين والنوع والممارسات الجنسية وعلاقتها بالمرض، ودور البغاء في انتشار بعض الأمراض، والتربية الأخلاقية للشباب ودورها في الوقاية من المرض، والمسئولية الطبية للأطباء، وصحة المرأة، وغير ذلك من القضايا. (Blackwell 1902)

وأصدر طبيب أمريكي آخر هو (جيمس بيتر وارباس) Games Peter Warbasse في عام 1909 كتاباً يحمل عنوان علم الاجتماع الطبي تناول فيه عددا من القضايا المتعلقة بالطب والمجتمع، وأكد فيه على أهمية الوعي الاجتماعي بالقضايا الطبية، والصحة والمرض. وناقش بعض القضايا التي أوردتها بلاكويل مثل الصحة الجنسية للشباب، وتأثير تعليم البنات على مستواهن الصحي. (Warbasse 1909)

وفي نفس العام (1909) أنشئت الجمعية الأمريكية للصحة العامة The American Public Health Association قسما لعلم الاجتماع الطبي استمر حتى عام 1921، اهتم بالأبعاد الاجتماعية للصحة والمرض، وذلك قبل صدور أية دورية من الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع. (Hafferty and Castelani 2007: 332)

وفي عام 1915 كتب ميك انتاير مقالاً آخر استبدل فيه مصطلح علم الاجتماع الطبي بمصطلح الطب السوسيولوجي Sociologic Medicine، حيث كان عنوان المقال (اتساع الطب السوسيولوجي) The Expanse of Sociologic Medicine وجاء المقال في مجلة جديدة تحمل نفس الاسم (الطب السوسيولوجي) صدرت عن الأكاديمية الطبية الأمريكية، واستمرت في الصدور من عام 1915 حتى عام 1919. (McIntire 1915: 1-3)

نلاحظ فيما سبق أن كل الجهود التي بُذلت لتأسيس علم الاجتماع الطبي في الولايات المتحدة كانت للأطباء والباحثين الطبيين، والأمر اللافت في هذا الإطار هو ذلك الغياب الكبير للباحثين في علم الاجتماع رغم التطور الواضح في العديد من فروع علم الاجتماع في ذلك الوقت.


إسهام علماء الاجتماع الأمريكيين في تأسيس علم الاجتماع الطبي :
يعود الفضل في إنجاز أول عمل في علم الاجتماع الطبي من المنظور السوسيولوجي إلى (بيرنارد ستيرن) Bernard Stern (1894 – 1956) عضو هيئة التدريس بقسم علم الاجتماع بجامعة كولومبيا، الذي لُقّب فيما بعد بـ (أبو علم الاجتماع الطبي) The Father of Medical Sociology، وكان ذلك في عام 1927 حينما أصدر كتاباً بعنوان "العوامل الاجتماعية في التقدم الطبي" Social Factors in Medical Progress وكان هذا الكتاب في الأصل هو أطروحته للحصول على درجة الدكتوراه، وباعتباره عضوا في هيئة التدريس بقسم علم الاجتماع بجامعة كولومبيا نشر ستيرن خمسة كتب تناولت موضوعات تتعلق بعلم الاجتماع الطبي خلال الفترة من 1941 حتى 1946. (Cockerham 2007:34)

ومن أهم الأعمال المبكرة المتعلقة بعلم الاجتماع الطبي البحث الذي كتبه لورانس هندرسونLawrence Henderson (1878 – 1942) في عام 1935 عن الطبيب والمريض كنسق اجتماعي Physician and Patient as a social system وهو البحث الذي أثر في تالكوت بارسونز الذي كان أحد تلاميذ هندرسون في جامعة هارفارد، ولقد غير "هندرسون" الذي كان طبيباً في الأصل مساره المهني فالتحق بقسم علم الاجتماع في جامعة هارفارد حينما تم تأسيس القسم في عام 1931. (Cockerham 2007:34)
وفي عام 1951 أصدر بارسونز كتابه الشهير النسق الاجتماعي The social system وقدم تحليلا عميقا لنسق الخدمة الصحية، حيث نظر لنسق الممارسة الطبية باعتباره أحد الأنساق التي يتكون منها البناء الاجتماعي، وقام بتطبيق نموذجه البنائي الوظيفي على هذا النسق، وناقش باستفاضة الأدوار المهنية داخل النسق الطبي، وخاصة دوري الطبيب والمريض، وعرف دور الطبيب بأنه المسئولية التي يتحملها الطبيب في عمل ما يستطيعه من أجل الشفاء العاجل والكامل للمريض. (Parsons 1951:450)

وقدم (روبرت ميرتون) R. Merton عدة دراسات قيمة في مجال علم الاجتماع الطبي في خمسينيات القرن الماضي، منها دراساته عن طلاب الطب عام 1956، وسوسيولوجيا التعليم الطبي Sociology of medical education عام 1957، ومقال عن علم الاجتماع الطبي الذي نُشر في كتاب علم الاجتماع اليوم Sociology today الذي صدر في عام 1959، وكان ميرتون أحد محرريه.

وفي عام 1961 أصدر هيوارد بيكر H.Becker وزملاؤه دراستهم الشهيرة طلاب في المعطف الأبيض Boys in White حيث وثق فريق العمل من خـلال المقابلات والملاحظات اليومية في القاعات والأجنحة والمختبرات وغرف العمليات مشاعر الخوف والتشاؤم والأمل لدى طلاب الطب، ووثقوا أيضًا العديد من الحقائق الأخرى عن التعليم الطبي في علاقته بالمجتمع. ويُعد الكتاب ، الذي يتضمن حوالي ستين جدولًا ورسومًا توضيحية، تجربة رائدة في عرض وتحليل البيانات النوعية.

وفي عام 1959، تم إنشاء قسم علم الاجتماع الطبي في إطار الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع، وفي العام 1960 أصدر (جارتلي جاكو) Gartly Jaco أول مجلة علمية متخصصة في علم الاجتماع الطبي وهي مجلة الصحة والسلوك الإنساني Journal of Health & Human Behavior (JHHB) ثم انتقلت ملكيتها للجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع عام 1967، وتم تغيير اسمها إلى مجلة الصحة والسلوك الاجتماعي Journal of Health & Social Behavior (JHSB) وكان إليوت فريدسون E. Freidson أول رئيس لتحريرها، وفي عام 1967 أيضا تم تأسيس مجلة العلوم الاجتماعية والطب Social Science & Medicine (SS&M) التي اتسمت بالطابع التكاملي بين الطب والعلوم الاجتماعية. (Hafferty and Castelani 2007: 332)

وقد شهد مجال علم الاجتماع الطبي نمواً هائلا خلال الفترة من عام 1950 – 1960، قبل أن يبلغ ذروة نموه في بداية السبعينات من القرن الماضي. حيث تمتع العلم خلال هذين العقدين بنجاح أكاديمي منقطع النظير، وتلقى دعماً مادياً كبيرا من المؤسسات الخاصة والحكومة الفيدرالية، حيث تم تقديم 1500 منحة دراسية للطلاب في مجال علم الاجتماع الطبي، حتى أن تأسيس قسم علم الاجتماع الطبي في الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع، وإصدار مجلة الصحة والسلوك الاجتماعي قد تم بتمويل من تلك المؤسسات. (Hafferty and Castelani 2007: 332)

----------------
الإحالات

(*) ولدت بلاكويل في مدينة بريستول، التي تبعد نحو 190 كم عن العاصمة البريطانية لندن، في الـثالث من فبراير عام 1821، و كانت الطفلة الثالثة من بين تسعة أطفال (أربع شقيقات، وأربعة أشقاء) في أسرة ثرية ودينية مثقفة. خدموا الكنيسة البروتستانتية آنذاك، لم تذهب «إليزابيث» إلى المدرسة قط، وإنما تلقّت تعليمها – هي وإخوتها – في المنزل من قِبل أساتذة، ومربين خصوصيين. انتقلت الأسرة إلى مدينة نيويورك عام 1832.

قررت بلاكويل دراسة الطب،و كانت نفقات الدراسة آنذاك تبلغ حوالي 3000 دولار، ومن أجل جمع المال للدراسة، عملت معلمة في شمال وجنوب كارولينا، وذهبت إلى القس «جون ديكسون» الذي كان يعمل طبيبًا، والذي سمح لها بدراسة كتبه الطبية. ثم درست الطب مع «صموئيل»؛ شقيق «ديكسون» حيث كان يعمل هو الآخر أستاذًا في الطب، وشجعها، وعلمها، وسمح لها باستعارة كتبه ومواصلة جهودها المكثفة لتصبح طبيبة.

انتقلت إلى مدينة فيلادلفيا عام 1847، بهدف الدراسة في واحدة من كليات الطب هناك، ودرست مع طبيب هناك، وأخذت دروسًا مستقلة في التشريح. بجانب ذلك؛ كانت قد قدّمت طلبات إلتحاق كثيرة للعديد من الكليات والجامعات دون أن تنجح في أيّ منها؛ حتى دخلت عن طريق الخطأ كلية الطب بإحدى ضواحي نيويورك، في أكتوبر عام 1847، حيث إن إدارة الجامعة عندما استلمت طلب التحاق من سيدة، أخبروا طلابهم بأن هناك فتاة تود الانضمام إلى الجامعة (إذا لم يمانعوا)، فوافق الطلاب اعتقادًا منهم أن الطلب مزوّر، أو مجرد مزحة قام بها أحد الطلاب من جامعة أخرى. لكنهم فوجئوا بانضمام «إليزابيث» إليهم رسميًا، وكان طلب الالتحاق هذا؛ هو الطلب رقم 30 الذي تقدمت به للجامعات المختلفة، بدأت «إليزابيث» حياتها الجديدة طالبة طب في عمر الـ26، في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1847، ولم تقبل الجامعة طالبة أخرى بعدها حتى ستينيات القرن الـ19.

كانت بلاكويل طالبة طب مثابرة، وذكية. تناولت أطروحة تخرجها حمى «التيفوس – Typhus»، وشددت على أهمية النظافة الشخصية، ووجود الصرف الصحي من أجل الوقاية من الأمراض. أدى وجودها في الجامعة إلى حسن سلوك وتصرف زملائها الرجال، احترامًا لوجودها.

وفي 23 من يناير 1849، تخرجت «إليزابيث بلاكويل» البالغة من العمر 28 عامًا حاصلة على المركز الأول؛ لتصبح أول امرأة في أمريكا تحصل على شهادة طبية. كما أنها حصلت على الجنسية، وأصبحت مواطنة أمريكية أيضًا. لم تتوقف عن ذلك، بل امتد طموحها لأن تصبح جراحة، لكن الحظ لم يحالفها؛ حيث أصيبت بعدوى في إحدى عينيها أفقدتها بصر تلك العين.

في عام 1853، أنشأت مستوصف نيويورك، خاص بالنساء الفقيرات والأطفال. وبعد أربع سنوات، جمعت تبرعات لفتح مستشفى خاص بهم. كانت شقيقتها «إميلي» قد لحقتها في دراسة الطب في جامعة أوهايو، فانضمت إلى العمل في المستشفى. اكتسب المستشفى سمعة جيدة، بل وأصبح أيضًا مركزًا لتدريب الممرضات.

قبل وفاتها؛ تعرضت لحادث أليم عام 1907. كانت تبلغ من العمر 86 عامًا عندما سقطت من على سلم منزلها أدى ذلك الحادث لإصابتها بشلل كلي. توفيت «بلاكويل» في 31 مايو 1910، إثر سكتة دماغية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

علم الإجتماع، الطب، بحوث علمية، دراسات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-05-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  موجز تاريخ علم الاجتماع الطبي
  بعض جوانب الفكر الاجتماعي في الإسلام 2/2
  عن محمد الرسالة والرسول: هكذا تكلم نظمي لوقا
  الثقافة والحضارة هل هما مترادفان؟
  ختان الإناث : رؤية سوسيولوجية موجزة (*)
  الفكر الاجتماعي في الإســلام 1/2
  رحيل فاطمة المرنيسي: الآن سكتت شهرزاد السوسيولوجيا العربية
  (الهوسبيس): فكرة إسلامية وحركة حداثية وقيمة أخلاقية
  في جدلية العلاقة بين النص الديني والواقع: قراءة في مشكلة الطلاق عند الأقباط
  مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 6/6
  مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 5
  مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله - 4
  مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 3
  مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 2
  مع عبد الرحمن بن خلدون فى ذكرى رحيله – 1
  في نظرية رأس المال الاجتماعي 2 (*)
  في نظرية رأس المال الاجتماعي 1
  أخطاء يجب أن تصحح في الفكر الإسلامي:المرأة لم تخلق من ضلع أعوج
  مرض الالتهاب الكبدي: القاتل الصامت
  سلوك المرض: بحث مختصر في علم الاجتماع الطبي 2 / النماذج النظرية المفسرة
  في ذكرى رحيل محمد جسوس: سقراط السوسيولوجيا العربية
  ماذا فعل الرجال بكلمات الله؟
  المعرفة العلمية: مفهومها، بنائُها وسماتها 4/4 (*)
  المعرفة العلمية: مفهومها، بنائُها وسماتها 4/3
  ثانياً: مفهوم المعرفة العلمية ومكوناتها: (*)
  المعرفة العلمية: مفهومها، بنائُها وسماتها 4/1
  التدين بين أداء الشعائر وبناء الضمائر 2/2
  الجسد الأنثوي بين المعتقد الشعبي والمعتقد الديني: رؤية أنثروبولوجية
  سلوك المرض: بحث موجز في علم الاجتماع الطبي
  التدين بين أداء الشعائر وبناء الضمائر 1/2

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أشرف إبراهيم حجاج، عراق المطيري، محمد أحمد عزوز، الهادي المثلوثي، كريم فارق، جاسم الرصيف، أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، رافع القارصي، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد الحباسي، الهيثم زعفان، محمد عمر غرس الله، عزيز العرباوي، د- محمد رحال، صفاء العراقي، مجدى داود، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي العابد، عواطف منصور، سلوى المغربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مصطفى منيغ، حميدة الطيلوش، د. أحمد محمد سليمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - الضاوي خوالدية، سلام الشماع، د- هاني ابوالفتوح، ضحى عبد الرحمن، خالد الجاف ، تونسي، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، عمر غازي، يزيد بن الحسين، إسراء أبو رمان، المولدي الفرجاني، سعود السبعاني، محمود طرشوبي، عبد الرزاق قيراط ، فوزي مسعود ، صباح الموسوي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الله الفقير، إيمى الأشقر، علي عبد العال، د. أحمد بشير، د - محمد بنيعيش، أحمد النعيمي، مراد قميزة، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، العادل السمعلي، د - المنجي الكعبي، وائل بنجدو، محمد اسعد بيوض التميمي، أبو سمية، يحيي البوليني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح المختار، د.محمد فتحي عبد العال، سامح لطف الله، فهمي شراب، د- محمود علي عريقات، حاتم الصولي، طلال قسومي، سامر أبو رمان ، صلاح الحريري، رافد العزاوي، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الله زيدان، سليمان أحمد أبو ستة، صفاء العربي، رمضان حينوني، سيد السباعي، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، رضا الدبّابي، سفيان عبد الكافي، أنس الشابي، محمد الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، محمد يحي، إياد محمود حسين ، د- جابر قميحة، محمود سلطان، د - عادل رضا، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، د. خالد الطراولي ، د - مصطفى فهمي، منجي باكير، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، د. عادل محمد عايش الأسطل، ماهر عدنان قنديل، علي الكاش، مصطفي زهران، أحمد ملحم، كريم السليتي، الناصر الرقيق، أحمد بوادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن عثمان، محمد الياسين، نادية سعد، د. صلاح عودة الله ، حسني إبراهيم عبد العظيم، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، حسن الطرابلسي، صالح النعامي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة