البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ليس البوركيني هو المشكلة

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3219


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


مثلما تحصل العودة لأي موديل من موديلات الألبسة العالمية، والتي سبق وأن سادت بين مُلاحقيها والمعنيين بها خلال حِقبٍ وأزمان ماضية، فقد عاد منذ بداية هذا الصيف، لباس البوركيني – لباس البحر الذي يغطي الجسم بالكامل ما عدا الوجه- مضافاً إليه الجديد من التصميمات والتعديلات، التي من شأنها- من وجهة نظر مصمميه على الأقل- ملائمة النساء العصريّات على اختلافهنّ والدول التي يعِشن بها، حيث يتيح لهنّ الاستمتاع بنزول البحر أو برك السباحة، وبخاصة اللاتي لديهن ندوب أو تشوهات ما، ويخشين من ظهورها لأعين المارّة، أو اللاتي لديهن حساسية من شعاع الشمس ولا يرغبن بممارسة التسفّع، أو اللاتي لا يرغبن في تعريض أجسادهن لحرارتها، حرصاً على عدم تبديل مواصفات أجسادهن.

وبرغم أن تسويق البوركيني، لم يلتفت إلى الجوانب الدينية أو الأخلاقية الأخرى، لكنّه مثّل وكمرحلة أولى (حلاً مهمّاً) أمام النساء المتديّنات – مواطنات وعربيّات ومسلمات أخريات - للتمكن من الوصول إلى شواطئ عامّة ومختلطة، وخاصة شواطئ الدول الغربية والأكثر انفتاحاً، وقد لجأت أكثر النساء تديّناً، إلى إضافة تنّورة بأطوالٍ كافية، لخدمة منطقة الخصر وما يليها، حرصاً على إخفاء تفاصيل أجسامهنّ، وزيادة في إجراءات الحياء والاحتشام.

أثار البوركيني بشكلٍ مُفاجئ – تقريباً- الدولة الفرنسية، وبحجة الأجواء المتوترة التي تسود أنحائها في أعقاب العمليات التفجيرية الدموية والتي تسببت في صدمتها مرّةً بعد مرّة، باعتباره - ضمن سياستها الأمنيّة الجديدة - يربط بين الإسلام المتشدد وبين العالم الحر، وبحجة أن الظهور به، لا يُعبّر عن احترم القيم العلمانية الفرنسية، حيث سارعت إلى محاربته والتصدي له، عن طريق إشهار قانون بحظر ارتدائه ومعاقبة المُخالفات له.

كانت الطريق لحظره، قد ابتدأت من الأماكن العامة والشواطئ تحديداً، لِيُضاف إلى الحظر الذي قامت بتطبيقه السلطات الفرنسية منذ العام 2011، ضد ارتداء النقاب الإسلامي في الأماكن العامة، وقامت العديد من الدول بتبنيّ سياستها، وكنا قد شاهدنا بالفعل، كيف قامت الشرطة الفرنسية، بتطبيق إجراءات الحظر، حينما قامت بإجبار امرأة مسلمة على شاطئ مدينة نيس، على خلع البوركيني الذي ترتديه أمام أنظار الجميع، برغم أنها أرادت الوقاية من الشمس ولم تكن تنتوي النزول إلى داخل البحر.

وبينما نال الحظر الفرنسي رضى العديد من الدول الغربية والولايات المتحدة تحديداً، حيث أمرت جاليتها بالامتثال للقرار الفرنسي، وأيضاً العديد من الدول العربية، وإن بحجة أن الأمر هو شأن داخلي وحسب، فقد أحدث قانون الحظر ضجة واسعة لدى جهات ومؤسسات حقوقية فرنسيّة ودوليّة، والتي أخذت على عاتقها بصدّ ذلك الحظر، وضمان ممارسة النساء لحريّتهن الكاملة وعدم التعرّض لاختيارهن لنمط حياتهن الخاصة.

وكانت مؤسستان فرنسيتان قد تصدّرتا المشهد بحذافيره، (الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، ومؤسسة إسلام فوبيا)، في مدينة (فيلونييف- لوبيه)، وذلك من خلال تقدّمهما بطعنٍ أمام هيئة القضاء الأعلى الفرنسية ضد القانون، وحصلتا نهاية المطاف، على قرارٍ أوّلي (احترازي) يقضي ببطلانه ومنع العمل به، باعتباره غير قانوني، وينتهك الحريات الأساسية بما فيها حرية الاعتقاد والحريات الشخصية، وخاصة في ظل عدم وجود دلائل ملموسة يمكنها تهديد النظام العام.

على أي حال، وبرغم أن قرار المحكمة (الاحترازي)، يُوجب تعليق قانون الحظر في كافة البلدات والمدن الفرنسية ألـ 30 التي سارعت إلى فرضه، إلاّ أن العديد منها لا تزال متمسكة بالقانون، وترفض الانكسار للقرار القضائي، باعتباره غير نهائي.

وأصرّت بالمُقابل، على السعي بغية الالتفاف عليه وإلغائه، وبالاعتماد على الشعبية الفرنسيّة المؤيدة والمتزايدة باتجاه قانون الحظر، الأمر الذي يعكس الطبيعة الفرنسية العدائية للإسلام والمسلمين، الذين باتوا يشعرون بأنهم مستهدفون وبشكلٍ صارخ ولا أخلاقي، ليس في فرنسا وحسب، بل في أنحاء الكثير من البلدان الغربية، وفي ضوء أن الحديث داخلها يدور من جهةٍ أمنيّة، حول مخاوفها بتهديد أمنها واستقرارها، ومن جهةٍ دينيّة، كونها لا ترغب في رؤية أي انتشارات لمظاهر إسلامية أخرى تجوب أنحاءها، وهو ما يعني أن البوركيني بمفرده ليس هو المشكلة، وإنما باعتباره يُمثّل القفزة التالية باتجاه التضييق على الإسلام والمسلمين.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

بوركيني، فرنسا، العلمانية، التطرف العلماني، محاربة الإسلام، الغرب الكافر،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-08-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- هاني ابوالفتوح، ماهر عدنان قنديل، محمد يحي، الناصر الرقيق، أحمد النعيمي، فتحي العابد، د - شاكر الحوكي ، د - عادل رضا، رمضان حينوني، د - المنجي الكعبي، حسن عثمان، د. أحمد محمد سليمان، سلام الشماع، وائل بنجدو، سامح لطف الله، د - محمد بن موسى الشريف ، سليمان أحمد أبو ستة، علي عبد العال، إسراء أبو رمان، محرر "بوابتي"، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، إيمى الأشقر، المولدي الفرجاني، مصطفى منيغ، طلال قسومي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عبد الآله المالكي، محمد الطرابلسي، أنس الشابي، علي الكاش، عمر غازي، سامر أبو رمان ، د- محمد رحال، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، كريم السليتي، رشيد السيد أحمد، عبد الله زيدان، سفيان عبد الكافي، فتحـي قاره بيبـان، فتحي الزغل، العادل السمعلي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. طارق عبد الحليم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صباح الموسوي ، رافد العزاوي، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، محمود فاروق سيد شعبان، محمد العيادي، مجدى داود، كريم فارق، سيد السباعي، تونسي، إياد محمود حسين ، أحمد الحباسي، صلاح الحريري، سلوى المغربي، محمود طرشوبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، جاسم الرصيف، الهادي المثلوثي، عبد الرزاق قيراط ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مصطفي زهران، حاتم الصولي، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح المختار، محمد الياسين، خالد الجاف ، سعود السبعاني، خبَّاب بن مروان الحمد، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، محمد شمام ، صفاء العراقي، فهمي شراب، محمود سلطان، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، د. صلاح عودة الله ، عواطف منصور، صفاء العربي، رضا الدبّابي، الهيثم زعفان، محمد اسعد بيوض التميمي، أبو سمية، منجي باكير، عمار غيلوفي، عبد الله الفقير، د.محمد فتحي عبد العال، د. خالد الطراولي ، محمد عمر غرس الله، ياسين أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - صالح المازقي، فوزي مسعود ، أحمد ملحم، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، د- جابر قميحة، حسن الطرابلسي، أحمد بوادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، نادية سعد، محمد أحمد عزوز، أشرف إبراهيم حجاج،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة