البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لماذا خسر المسلمون العالم؟

كاتب المقال د. طارق عبد الحليم   
 المشاهدات: 5308



أذكر حواراً جرى بيني وبين جمال سلطان، في عام 2004، قبل أن ينحرف به شيطانه فيلقي به في أحضان أموال الخليج غير مأسوفٍ عليه، عن السبب في الكوارث التي تلحق بالمسلمين اليوم، وما سبيل الخروج منها. وكان رأي الرجل أن أمريكا، الشيطان الأكبر، هي التي يجب أن تتركز عليها الجهود لرفع سطوتها عن الشرق. قلت للرجل ساعتها أنّ هذا غير صحيح بإطلاق، بل يجب التركيز على الإطاحة بنظام مبارك، وببقية الأنظمة العلمانية المرتدة العميلة، الحاكمة في بلاد المسلمين قاطبة، قبل أن نتحدث عن أمريكا ودورها في عالمنا الإسلاميّ.

إن الأسباب التي أودت بالمسلمين اليوم إلى ما هم فيه من انحطاط وقهر وعبودية للغرب، كثيرة متعددة، غير محصورة في سبب واحدٍ، بل هي أسباب يأخذ بعضها برقاب بعضٍ ويلعب بعضها دور السبب تارة ودور النتيجة تارة. وقد تناولت هذه الأسباب بشكلٍ متناثرٍ في عدد من الكتب التي أصدرتها منذ السبعينيات، سواءً عقدية أو اجتماعية أو سياسية أو غير ذلك من أسباب انحطاط الأمم. ولابد لنا اليوم، في إبّان ذلك التراجع التاريخيّ الهائل الذي تمر به أمتنا، أن نعيد النظر في تلك الأسباب، ودواعيها ونتائجها، ونحرّر مناطات التخلف والانهزام والضعف، حتى نبني رؤية صحيحة للحاضر، الذي يقوم على ماضٍ أليمٍ حسيرٍ، فيه من الآفات ما فيه.

إن الدور الإمريكيّ خاصة، والغربيّ عامة، في انحطاط المسلمين وخسارتهم لا يمكن تجاهله بحال، لكنه نتيجة قبل أن يكون سبباً في هذا الوضع القائم. ومحاولة عكس ذلك الأمر إنما هي تبرئة للذات وهروب من المسؤولية، وتعليق لأخطائنا على شماعات الآخرين.

نحن المسؤولون عن انحطاطنا وتخلفنا وهواننا على الناس، لا غيرنا.

لن أحاول استقصاء تلك الأسباب كلها في هذا الموضع، ولا موضعها في سلسلة السببية، بين سبب ونتيجة، لكن لا بأس هنا من أنْ نشير إلى الأهم والأكثر تأثيراً لنبدأ حواراً حول "ما بعد نكسة 30 يونية. ولا أدرى والله ما بين المسلمين وبين شهر يونية هذا!

سببان، هما الأصل فيما نحن فيه اليوم، سبب يتعلق بالعقيدة، وسبب يتعلق بالضعف البشريّ.

فالسبب العقدي جاء من إثر الانحرافات البدعية التي حملتها الفرق المُتشعبة خلال التاريخ الإسلاميّ، كالتصوف والإرجاء، اللذين كانا بحق أسوأ أثراً على إقامة الدين من غيرهما من البدع كالاعتزال والخروج. وليس هنا محلُ الاستطراد في تفصيل هذا المعنى، لكن الأساس هو أنّ هاتين البدعتين تتعلقان بأنظمة الحكم ودورها في إقامة الدين على الجملة.

أما السبب الذي يتعلق بالضعف البشريّ فهو ما يدفع تلك الفئة الخائنة الوضيعة، بمساعدة من وقعوا في الخلط البدعيّ العقدي السابق ذكره، أن تتحكم في أقدار الناس، وأن تصل إلى سدة الحكم، فتبيع بلادها وشعوبها لتمسك بزمان الحكم وتسيطر على مقدرات البلاد، وإن كانت مستعبدة من الغير، ذليلة له، تابعة وضيعة.


وهذا السبب الأخير هو ما يشير اليه المتحدثون بأنه "سياسيّ". والسياسة، يعلم الله، بهذا المعنى، ما هي إلا خراجُ خَبَثٍ في النفس وخِسةٌ في الخلق وإجرام في الطبع، لا غير.

إن هؤلاء الحكام، الذين تولوا الشيطان، في كلّ حكومات بلادنا بلا استثناء، بعد تاريخٍ طويل من الخيانات المستمرة، والعمالة الوضيعة، هم "حصان طروادة" الذي تسرب منه العدو الغربيّ إلى بلادنا، ليدمّرها ثقافياً وخلقياً واقتصادياً، ويستعبدها استعباداً عسكرياً بعد أن استعبدها فكرياً.

هؤلاء الحكام هم السبب الحادث فيما فيه المسلمون اليوم من هوانٍ وانحطاط وتخلف. هم أصل البلاء، ومحور الكارثة في حياة المسلمين اليوم. ومعهم من تابعهم من أمثالهم من سحرة الأنظمة والعملاء في قطاعات الأمة، ومن ورائهم عامة بلهاءٌ تائهون مستعبدون متخلفون خلقياً ومرتدون ديناً.

"رفع الغمة عن الأمة" إذن، يكون بإحياء السُنّية الحقة في فِطر المسلمين، قولاً وعملاً، ثم باستئصال هذه الأنظمة اللعينة، التي هي اليد القذرة للاستعمار الغربيّ، تحت رِداءات مَفضوحة، سواء متخفية تحت أزياء العسكر، أو تحت جلابيب الخليج وغتراته، التي تخفي تحتها كلّ خبيث مِثليّ لعينٍ، يريد هدم الدين والقضاء على الإسلام للبقاء في الحكم، لعنهم الله جميهاً.

وقد رأينا كيف أن محاولة هذا الأمر، أمر استئصال الأنظمة اللعينة، فيما أسموه "الربيع العربيّ!"، قد باءت بفشلٍ ساحقٍ ماحقٍ، إذ لم تعتبر البعد العقديّ الذي ذكرنا، فأسندت هذا الدور لمن هم سببٌ أصيلٌ في الانحطاط والهوان والتدهور.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، تونس، العلمانية، السعودية، وسائل الإعلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-11-2013   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر
  لماذا خسر المسلمون العالم؟
  6 أكتوبر .. وما بعده!
  دين السلمية .. وشروط النصر
  اللهم قد بَلَغَت القلوب الحناجر ..!
  أشعلوها حرباً ضد الكفر المصريّ.. أو موتوا بلا جدوى
  يا شباب مصر .. حان وقت العمليات الجهادية
  يا مسلمي مصر .. احذروا مكر حسان
  العقلية الإسلامية .. وما بعد المرحلة الحالية!
  الجمعة الفاصلة .. فليفرَح شُهداء الغد..
  "ومكروا ومكر الله.." في جمعة النصر
  ثورةُ إسلامٍ .. لا ثورة إخوان!
  بل الدم الدم والهدم الهدم ..
  جاء يوم الحرب والجهاد .. فحيهلا..
  الإنقلاب العسكريّ .. ذوقوا ما جنت أيديكم!
  حتى إذا جاؤوها .. فُتِحَتْ لهم أبوابُ أحزَابها!
  سبّ الرسول صلى الله علي وسلم .. كلّ إناءٍ بما فيه ينضح
  كلمة في التعدّد .. أملُ الرجال وألم النساء
  ظاهرة القَلق .. في الوّعيّ الإنسانيّ
  نقد محمد مرسى .. بين الإسلامية والعلمانية
  مراحل النّضج في الشَخصية العلمية الدعوية
  الإسلاميون .. وقرارات محمد مرسى
  قضيتنا .. ببساطة!
  وماذا عن حازم أبو اسماعيل؟
  من قلب المعركة .. في مواجهة الطاغوت
  بين الرّاية الإسلامية .. والرّاية العُمِّيّة
  أنقذونا من سعد الكتاتني ..! مُشكلتنا مع البَرلمان المصريّ .. وأغلبيته!
  البرلمان.. والبرلمانية المتخاذلة
  المُرشد والمُشير .. والسقوط في التحرير مجلس العسكر ومكتب الإرشاد .. يد واحدة
  الشرع أو الشيخ .. اختاروا يا شباب الأمة!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، علي عبد العال، عمر غازي، مصطفى منيغ، أحمد النعيمي، صلاح المختار، رافد العزاوي، رمضان حينوني، صباح الموسوي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود فاروق سيد شعبان، محرر "بوابتي"، تونسي، حسن الطرابلسي، د - محمد بن موسى الشريف ، حميدة الطيلوش، سليمان أحمد أبو ستة، سلام الشماع، د. صلاح عودة الله ، سيد السباعي، رضا الدبّابي، وائل بنجدو، عزيز العرباوي، الناصر الرقيق، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم السليتي، الهيثم زعفان، حسن عثمان، عبد الله الفقير، ماهر عدنان قنديل، محمد العيادي، فتحي العابد، علي الكاش، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، د.محمد فتحي عبد العال، طلال قسومي، جاسم الرصيف، رافع القارصي، سفيان عبد الكافي، المولدي الفرجاني، د- محمد رحال، خبَّاب بن مروان الحمد، إسراء أبو رمان، محمود سلطان، عمار غيلوفي، محمد عمر غرس الله، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، سعود السبعاني، إيمى الأشقر، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، د - عادل رضا، د - صالح المازقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - المنجي الكعبي، محمد أحمد عزوز، عبد الغني مزوز، أبو سمية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فوزي مسعود ، عبد الله زيدان، أحمد الحباسي، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، مراد قميزة، محمد الياسين، د- هاني ابوالفتوح، صالح النعامي ، أشرف إبراهيم حجاج، د. خالد الطراولي ، أحمد بوادي، محمد شمام ، أ.د. مصطفى رجب، مجدى داود، سامح لطف الله، حسني إبراهيم عبد العظيم، رشيد السيد أحمد، كريم فارق، د - مصطفى فهمي، سلوى المغربي، د - الضاوي خوالدية، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، حاتم الصولي، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الطرابلسي، أحمد ملحم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- جابر قميحة، نادية سعد، عبد الرزاق قيراط ، سامر أبو رمان ، فهمي شراب، صفاء العراقي، محمد يحي، فتحي الزغل، منجي باكير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عواطف منصور، العادل السمعلي، د. أحمد بشير، د. عبد الآله المالكي، خالد الجاف ، د. طارق عبد الحليم، د. أحمد محمد سليمان، أنس الشابي، يحيي البوليني، الهادي المثلوثي، إياد محمود حسين ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة