البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عندما تتحول الفلسفة إلى حمار قصير يركبه المغامرون (*)

كاتب المقال حسن الطرابلسي - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5508


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


صدر كتاب "الإنتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ" عن دار الساقي2013 للمفكر العربي السوري هاشم صالح الذي يقيم في باريس. والمفكر هاشم صالح هو الذي قام بترجمة عدد من كتب محمد أركون كما صدر له مجموعة أخرى من المؤلفات منها "الإنسداد التاريخي“ وكذلك "معارك التنويريين والأصوليين في أوروبا.

وفكرة الكتاب الأساسية تتلخص في أن انتفاضات الربيع العربي كما يسميها الكاتب "فاجأت معظم المثقين العرب والأجانب عندما انفجرت كالقنبلة الموقوتة بعد طول احتقان. واستطاعت تكنيس العديد من أنظمة الفساد والطغيان. ولكن يبدوا أن الشباب الذين دشنوها ليسوا هم الذين قطفوا ثمرتها في نهاية المطاف، وإنما التنظيمات الإخوانية ـ السلفية".

وأول ما يمكن ملاحظته ان الكاتب لا يعتبر ان ما حدث في السنوات الأخيرة ثورات وإنما انتفاضات شعبية لا ترتقي لأن توصف بالثورات. وهذا توصيف غير دقيق وغير منصف لأن ما حدث في بلدان الربيع العربي هو ثورة عارمة من حيث زخمها الجماهيري ومن حيث نشأتها وتطور مطالبها ووضوحها وفي شجاعة الثوار والتقنيات الجديدة التي تم اعتمادها لأول مرة في تاريخ الثورات من مثل اعتماد الشبكة العنكبوتية والفايسبوك. وهذا ما جعل الربيع العربي يحظى باحترام وإعجاب المثقفين والشعوب في العالم. ولكن نقطة التحول المركزية في الموقف من الربيع العربي، خاصة لدى المثقفين العلمانيين واليساريين العرب، بدأت منذ فوز حزب حركة النهضة التونسية في أول انتخابات نزيهة وديمقراطية تشهدها البلاد ثم بلغت حدتها بعد فوز حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الإخوان لمسلمين وانتخاب الرئبيس مرسي كأول رئيس مدني لمصر.

نتائج إنتخابات الربيع العربي وصداها المدوي على النخب العلمانية العربية


كان لفوز حركة النهضة في تونس ثم خاصة فوز حركة الإخوان المسلمين في مصر صداه المدوي على النخب العلمانية المغتربة التي صدمتها هذه النتائج وكشفت ضعفها الجماهيري الذي لم يتجاوز نسبة واحد في المائة لدى الكثير من أحزابها.

وبدلا من أن تكون هذه النتيجة مدخلا للبحث عن أسباب هذا الفشل ودراسة الأزمة الحقيقية التي يعيشها المثقب اللبرالي واليساري العربي المغترب، صبت هذه النخب جام غضبها على الشعوب العربية متهمة إياها بالجهل، ولم تعترف بانبتاتها عن الحقيقة والتاريخ المشترك للأمةوإنما صادرت هذه الحقيقة وأحالت مشاكلها إلى الآخر. والكاتب لا يختلف كثيرا عن هذا المسار فبدلا من أن يتجه في الإتجاه السليم ليبحث عن حلول لما سماه "الإنسداد التاريخي" نجده في قرائته لفلسفة التاريخ يعتبر أن انتخاب الإخوان المسلمين في مصر من الأخطاء التاريخية (ص 51 ). وهذا الخطأ، عنده، ستكون نتيجته "حرب ضروس" (ص 51) بين من أسماهم التنويريين والسلفيين، دون أن يحدد لنا طبيعة هؤلاء التنويريين ولا من هم هؤلاء السلفيون. وهذا الخطأ بتعبيره هو الذي أوصلنا إلى "المرحلة الإخوانية الأصولية"(ص 53) التي هي، من وجهة نظره، مرحلة انتقالية ستفشل لتصبح "الساحة خالية للبراليين والحداثيين"(ص 53) "لينقضوا العروبة والإسلام ويدخلون في مرحلة تنويرية"؟

وهنا يطرح سؤال ملح على الكاتب وعلى من يمثل نظريته هل أن ما حدث في مصر من تحالف للنخب العلمانية واليسارية مع السيسي ودعم انقلابه هو الدخول في المرحلة التنويرية التي يبشر بها الكاتب؟

في قرائته للتاريخ وجدت الكاتب يتحدث عن عالم آخر غير العالم العربي عندما اعتبر أن الإسلاميين هم الذين ساندوا الأنظمة المستبدة قبل الربيع العربي.

أليست هذه مغالطة تاريخية كبيرة؟ ألم يكن اليساريون والحداثيون هم الذين سلمهم بن علي زمام قيادة تونس فكريا ونظريا ؟ ألم يَثُر الشعب التونسي على هذه السياسة التي قادت البلاد والعباد إلى الهاوية؟ ألم يثر التونسيون على ما سمي تجربة الحداثة والتي ارتبطت بشكل وثيق مع دولة "القهر والفساد" ؟

الإنسداد التاريخي وضرورة الإجتهاد والتأويل


ينطلق الكاتب في بحثه من الإقرار بوجود حالة من الانسداد في الواقع العربي لخصها في مستوين اثنين هما:

ـ الأول في فلسطين وهو عنده انسداد خارجي

ـ والثاني يتمثل في عدم القدرة على حسم المسألة التراثية وهو انسداد داخلي (ص 73ـ74)

ويركز على العنصر الثاني الذي يرى أن سببه الجمود الديني (ص 92) ولما كان الأمر كذلك فإن الكاتب يدعوا إلى عملية إصلاح ديني.

ورغم أنه يشير إلى الجهود التي بذلها كل من الشيخ راشد الغنوشي والدكتور يوسف القرضاوي (ص 81) إلا أنه سرعان ما ينكص على عقبيه ليتبرأ من هذا المدح وليعتبر نفسه عقلانيا تنويريا ولا ينتمي إلى "جماعة القرضاوي وراشد الغنوشي" (81) وإنما ينتمي إلى "التأويل الأركوني العقلاني والإنساني لرسالة الإسلام والقرآن" (ص 81) ويختزل عملية التحديث والعملية التحررية في فلاسفة الحداثة وأساسا أركون (ص81) في حين يتحدث عن جهود العلماء الإسلاميين الجبارة بأنها تنتمي إلى "المعسكر الآخر". وبالتالي فعملية التحديث عنده يجب أن يقودها الفلاسفة فقط كأركون وغيره من الحداثيين وهذا ما أوقعه في مطبات وزلات كبيرة عندما نجده يمجد شخصيات فكرية تورطت مع دولة الفساد كان أبرزها محمد الشرفي والمازري الحداد لأن الأول كان القائد النظري لسلطة بن في حين كان الثاني سفيره في الأمم المتحدة. إن هذا البناء النظري الذي أدى به في نهاية المطاف إلى دفاعه على تونس ما قبل الثورة لا يستحق أي تعليق بعد ان اطلع الكل على تجربة بن علي والحداثيين في تونس وما آلت إليه. (ص 81)

وأما مسألة التأويل التي تحدث عنها الكاتب والتي تحمس لها عند القرضاوي والغنوشي والترابي والتي سرعان ما "تبرأ" منها وانتصر بدون سبب واضح لتأاويل محمد الشرفي وتمنى أن ينتصر "الشرفي على الغنوشي" تحيلنا إلى خلل مهم يتمثل في غموض مفهوم التأويل لدى الكاتب. فالتأويل الذي قام به القرضاوي والغنوشي تأويل خاضع ومتوافق مع أصول ومبادئ التأويل كما عرفت في أبعادها اللغوية والأصولية والفلسفية لأنها لا تسبب تعارضا بين صحيح المنقول وصريح المعقول وتتطابق مع مفهوم التأويل كما لخصه ابن رشد في فصل المقال.

وأما التأويل الذي يبشر به الكاتب فهو خارج عن شروط التأويل المتعارف عليها فهو بالتالي تأويل خارج عن النص ومتعسف يخرج روح النص عن سياقه اللغوي والديني ويجعله نصا لا دينيا. وفي هذا المستوى أريد التأكيد على أن اختلافي مع هته المنهجية لا يصل بي إلى الدعوة إلى "تعزيلها وكنسها" كما يريد الكاتب لمخالفيه من الإسلاميين، فهذا الغلو والتطرف لا نصل به إلى تنوير إسلامي "مثلما حصل تنوير ديني في الدول الغربية؟" (ص 90) .

كيف يمكن بناء الحداثة على تراكمات الماضي؟


أعتقد أن سؤال "كيف يمكن بناء الحداثة على تراكمات الماضي؟"(ص 94) أهم سؤال طرحه الكاتب لأنه سؤال ملح وحقيقي وبالتالي فهو يحتاج إلى إجابة؟

وهنا لا أريد ان اتعرض إلى الجهود التي بذلها المفكرون العرب منذ الطهطاوي والأفغاني وعبده وفرح انطوان مرورا برشيد رضا وشكيب أرسلان وحسن البنا ثم الكواكبي والعقاد وطه حسين وغيرهم ووصولا إلى أركون والجابري ومحمد الغزالي والقرضاوي والغنوشي رغم انتمائهم إلى مدارس فكرية مختلفة بل أريد التركيز فقط على رأي الكاتب الذي لا يتركنا ننتظر كثيرا فيأكد انتماءه إلى مشروع أركون النقدي. ومن المعروف ان أركون أسس لمشروع جدي في تعامله مع التراث، والكاتب، وهو مترجم أركون إلى اللغة العربية.

للإجابة على السؤال المطروح ينطلق صالح مما أطلق عليه "المواجهة المفتوحة "التي قادها الفكر الغربي والفرنسي على الخصوص منه ضد الباباوات لكي يصل في نهاية المطاف إلى تنوير العقل الأروبي والوصول به إلى الحداثة. ثم ينتقل إلى الواقع العربي ويعتبر أنه لكي يحدث تنوير عربي لا بد أن تقام هذه "المواجة المفتوحة" مع تراثنا ومع "رجال الدين" عندنا.

لا شك أن اعتماد المنهج النقدي مهم جدا ولكنه لا يسمح لنا بأن نضع كل "رجال الدين" في سلة واحدة. فمن بركات الربيع لعربي أنه أبرز لنا أن هناك عددا لا يستهان به من "العلماء" اتضح أنهم من الفلول، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن المواجهة بين التراث والحداثة كما كانت في فرنسا لا يمكن أن تنطبق حرفيا على الواقع العربي الإسلامي لأن "رجال الدين" العرب كانوا، قبل الربيع العربي، مغيبين فلم تكن هناك مؤسسة تمثلهم ، والأزهر والزيتونة على الخصوص تم تحييدهما. فالأزهر الشريف تم تدجينه، وقد رأينا بأم أعيننا نتائج هذا التدجين في موقف شيخ الأزهر عند تزكيته للإنقلاب العسكري. وأما الزيتونة فقد تم حلها مبكرا أي منذ أن استلم بورقيبة زمام الأمور في تونس سنة 1957. وأما جامعة أم القرى فإنها تأسست حديثا واختارت الإنحياز المذهبي كمنهج فارتبطت بالمذهب السلفي في نسخته الوهابية فلم تنجح في الإشعاع على العالم الإسلامي رغم الموارد التي ضخت فيها والكتب والنشريات المجانية التي وزعتها وجهدها في تكوين الدعاة ومنحها لجوائز مادية مغرية .

وهكذا نتقدم بتؤدة وبعقل منفتح ومرن يحمل معه معاول البناء والتجديد ليقوم فعلا بعملية تفكيك حقيقية وليس كما فعل الكاتب الذي اتخذ من الفلسفة حمارا قصيرا ركبه وراح يكيل الإتهامات هنا وهناك دون تحديد دقيق للمفاهيم.

فهو يعتبر أن العدو الحقيقي للربيع العربي يتمثل في "القوى السلفية والإخوانية والظلامية" (ص125 ) وهذه مجموعة من المصطلحات العامة وغير الدقيقة والتي كان أولى بالكاتب أن يقوم بتفكيكها ولا يجمعها هذا الجمع العمومي والشعبوي ولذلك فإن هذا الخطأ المنهجي قاده إلى نتائج خاطئة تبنى خلالها موقف المازري الحداد بل وزاد عليه (ص129) كما أوصله إلى السقوط في توصيفات غير دقيقة مثل تأكيده على أن "دولة ثيوقراطية منذ ألف سنة" (ص101 ) تتحكم فينا وبالتالي فإن "الشرعية في العالم العربي لا تزال دينية لاهوتية وليست علمانية فلسفية" (ص125 ) وبناء عليه فإنه يدعو إلى أن تحل الفلسفة محل العلوم الدينية. (ص 141)

إن الدولة في العالم العربي مستبدة وليست ثيوقراطية والشرعية في تصورنا لا يجب ان تكون لاهوتية أو علمانية وإنما يجب أن تنبع من الشعب صاحب الهوية الإسلامية وهو الذي سيتصدي للدولة المستبدة وللدولة اللاهوتية وبالتالي يمكن أن تكون الشرعية دينية/إسلامية أو فلسفية حضارية. وهذا يعني أن الفلسفة يجب لا بد أن يكون لها مكانها المهم إلى جانب العلوم الدينية مثل علم الأصول والفقه والتفسير وغيرها وهو ما كان عليه الحال في تاريخنا الفكري وخاصة منذ المشروع الرشدي الذي اعتبر ان الفلسفة والشريعة أختان توأمتان تختلفان في المنهج ولكنهما تصىلان إلى نفس النتيجة

غير أن قطاعا مهما من العلمانيين العرب، والذين ينتمي إليهم الكاتب، اتخذوا من العلمانية أساسا ومذهبا تجاوزت المعتقد لتصبح اقرب إلى "الطوطم" الذي يحرم الإقتراب منه أو مساسه، وأرادوا قولبة العالم على هذا النموذج.

الديمقراطية والتعددية كخيار


فاجأت نتائج الإنتخابات في كل من تونس ومصر كثيرا من العلمانيين العرب بما لم يكونوا يحتسبوا، فأطلوا علينا بنظريات جديدة حول الديمقراطية والتحول الديمقراطي بعد أن كانوا قبلها بقليل يعتبرون أن صندوق الإقتراع هو الفيصل بين الفرقاء السياسيين فصبوا جام غضبهم على الشعوب العربية متهمينها بالجهل وبعدم القدرة على الإختيار ولم يختلف موقف السيد صالح هاشم عن زملائه بل سار في نفس هذا الركب وأصبح يُنظّر لنا عن عدم نضج التونسيين والمصريين وغيرهم لتقبل الديمقراطية وأنه تم استلابهم بالخطاب الديني فنجده يدعوا إلى تعليم الشعوب العربية ثم المرور بها إلى المرحلة الديمقراطية ونسي أو تناسى ان نفس هذه النظرية هي التي حكمت الشعوب العربية منذ "الإستقلال الأول" وهي نفس تعلة بن علي ومبارك الذين ساندتهما النخب العلمانية المتطرفة والتي رفعت شعار تحقيق التنمية ثم توفير الديمقراطية ولقيت في ذلك سندا من الغرب. ولكننا اليوم دخلنا مرحلة النضال من أجل "الإستقلال الثاني" كما يسميه الدكتور المنصف المرزوقي حيث يجب أن تسود الحريات العامة والشورى والديمقراطية.

ملاحظات نقدية ختامية


أولا: الكتاب مشحون بالمفردات العنيفة والتي تمنحنا انطباعا مفاده أن الكاتب يقوم بعملية تحريض ضد الديمقراطيات الناشئة في المنطقة العربية وخاصة في مصر من مثل "المقارعة الكبرى" (ص 54 ) التي سيتم من خلالها "عملية تكنيس وتعزيل" (ص 100) في "معركة كسر عظام حقيقية" (ص 108) وأن "المعركة بين الأصوليين والمثقفين المستنيرين اندلعت"(ص 108) وأن التيارات "السلفية والإخوانية" "ينبغي تعزيلها وتكنيسها" (ص139 )

لكي يبرر عملية هذا التحريض على الديمقراطيات الناشئة في الوطن العربي فإنه يسقط شواهد تاريخية متعسفة وغريبة مثل استشهاده بنابليون الذي يعتبر أهم إنجازاته أنه "قضى على شباب فرنسا" (ص 51) حتى ترتفع مبادئ العقل فيها.

وهنا لنا أن نسأل هل هذا كل ما أنجزه نابليون؟ وهل أن انفتاحنا على الآخر المختلف والذي ندعو إليه يجعلنا نستجلب فقط مثل هذا النموذج التنموي؟ أليس هذا بالظبط ما نراه اليوم في سوريا وفي مصر بعد الإنقلاب؟ أيريد الكاتب حتى ينتصر الحداثيون العلمانيون في مصر وتونس أن يخسر هذين البلدين شبابهما؟ وبناء على ذلك أيهما أفضل أذا لتونس ومصر الحداثيون الدمويون الذين يقودون "معركة يشيب لهولها الولدان" (ص 103) أم الإسلاميون الذين يدعون إلى عملية تحول ديمقراطي على أساس التوافق والحوار يشركون فيه الطاقات الشبابية.

ويبدو ان الكاتب يتفطن إلى أن ما يكتبه يخرج عن دائرة البحث العلمي والنقدي الذي يحرص على إثبات أنه ينتمي إليه فيحاول التخفيف من حدة عباراته بالتذكير بأنه يقبل نتائج الإنتخابات وما افرزه الصندوق " (ص 54) لتكون هذه الملاحظة جملة عابرة لا معنى لها

ثانيا: الكتاب مليء بالتكرار سواء في بعض مفرداته وجمله أو في أفكاره فنجد جملة "الإناء ينضح بما فيه" قد تكررت كثيرا وكذلك فإنه مليء بالهوامش المتطولة والتي تكرر نفس الفكرة بحيث أنه كان يمكن اختصار الكتاب إلى أكثر من نصف حجمه

ثالثا: يعرض الكاتب لنا فلسفة تاريخ مشوهة قائمة على تأويل متعسف لكل من هيجل ونيتشة فنجده مثلا يعرض نيتشة بطريقة تبسيطية مهزلية سخيفة.(ص 60ـ61) لا ترتقي إلى الغوص الحقيقي في الجهد النقدي الذي قام به هذا الفيلسوف الجهبذ.

رابعا: الخطاب الشعبوي وغير العلمي طغى على الكتاب فنجد الكاتب مثلا "يعتبر نفسه سنيا وشيعيا وإباضيا ومعتزليا" (ص 94) ومعلوم أن من أراد أن يجمع كل شيئ فإنه يضيّع كل شيئ. وأما قراره بأن يذهب إلى الجامع بداية من العام القادم أي 2014 ومقاطعته للموسيقى فهو الدليل القاطع على فقدان الكاتب لملكة الفهم في تحليله وعلى نوع من الوعي الطفولي الكامن حيث يلجأ أحيانا إلى التهديد (ص115 ). ولكننا لو أردنا، من خلال هذا الكتاب، أن نسلط الضوء على هوية الكاتب لقلنا إنه سوري عربي علماني علوي شيعي ولكنه حزين وغير راض بهذا الهوية لأنه يعبر دائما عن ألمه وأسفه عن الوقت الذي قضاه برعاية والده في تعلم القرآن أثناء طفولته.

وهكذا نرى الكاتب يمثل النموذج العلماني التقليدي المستلب حضاريا والذي يتغنى بإنجازات الحضارة الغربية ويمجد الديمقراطية ولكنه يسقط في أول امتحان ديمقراطي ليشكك في المقولات التي تغنى بها لفترة طويلة ويحاول إثبات عدم جدارة الشعوب العربية بالديمقراطية ويدعو إلى التمرد عليها (ص 152 وما بعدها ) والعودة بالتالي إلى نقطة الصفر إي إلى ما قبل الربيع العربي.

------------------
(*) قراءة في كتاب "الإنتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ" لهاشم صالح


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الربيع العربي، الفلسفة، فلسفة التاريخ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-10-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  عندما تتحول الفلسفة إلى حمار قصير يركبه المغامرون (*)
  عبد الحليم خفاجي: الداعية المحب للخير ولكل الناس
  لقاء تاريخي للجمعيات التونسية في ألمانيا
  تحديات النهضة والتنمية في دول الربيع العربي
  في الذكرى التاسعة لوفاته: "علي عزت" بيجوفيتش والربيع العربي
  وزير الخارجية التونسي ضيف برنامج "الصراحة راحة"
  الإســلام والمسلمــون في ألمانــيا: حصـــاد سنة 2011
  ملاحظات حول الحوار مع الدكتور المنصف بن سالم في برنامج "الصراحة راحة"
  تونس من 14 جانفي إلى 14 ديسمبر 2011 صناعة التاريخ
  الحكومــــــــة المؤقتة: تأبيد المؤقت واستحضار الماضي
  الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي
  الثورة التونسية: ثورة تصنع الحياة وتعيد الأمل
  نيتشة وجدل الحداثة بعد انتصار ثورتي تونس ومصر
  هل سرق الغرب ثورة ليبيا؟
  تونس: إعادة اكتشاف خواطر حول زيارتي لتونس بعد عقدين في المنفى

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
علي الكاش، عبد الله زيدان، أبو سمية، د. صلاح عودة الله ، علي عبد العال، حاتم الصولي، حسن الطرابلسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، رمضان حينوني، د. أحمد بشير، طلال قسومي، د- هاني ابوالفتوح، د. عبد الآله المالكي، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، أ.د. مصطفى رجب، إيمى الأشقر، د- محمد رحال، منجي باكير، د - مصطفى فهمي، ياسين أحمد، د. خالد الطراولي ، د - شاكر الحوكي ، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، فوزي مسعود ، فهمي شراب، نادية سعد، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، الهيثم زعفان، عبد الله الفقير، سليمان أحمد أبو ستة، وائل بنجدو، محمود سلطان، مجدى داود، رشيد السيد أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد شمام ، رافع القارصي، فتحـي قاره بيبـان، د- جابر قميحة، محمد عمر غرس الله، الهادي المثلوثي، د- محمود علي عريقات، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صباح الموسوي ، يزيد بن الحسين، إسراء أبو رمان، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، حسن عثمان، عبد الرزاق قيراط ، عبد الغني مزوز، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، رافد العزاوي، صفاء العربي، عواطف منصور، فتحي العابد، ضحى عبد الرحمن، مصطفي زهران، د - عادل رضا، أنس الشابي، عزيز العرباوي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد النعيمي، سامح لطف الله، د - محمد بنيعيش، د.محمد فتحي عبد العال، عمار غيلوفي، مراد قميزة، د. مصطفى يوسف اللداوي، سفيان عبد الكافي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يحيي البوليني، مصطفى منيغ، العادل السمعلي، سامر أبو رمان ، محمد أحمد عزوز، سلام الشماع، عراق المطيري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سعود السبعاني، محمد اسعد بيوض التميمي، سلوى المغربي، حميدة الطيلوش، محمد يحي، د - الضاوي خوالدية، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، أحمد ملحم، ماهر عدنان قنديل، حسني إبراهيم عبد العظيم، سيد السباعي، إياد محمود حسين ، كريم السليتي، فتحي الزغل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، صلاح المختار، المولدي الفرجاني، صالح النعامي ، كريم فارق، تونسي، صفاء العراقي، أحمد بوادي، د. طارق عبد الحليم، محمود فاروق سيد شعبان، محمد العيادي، د - صالح المازقي، محرر "بوابتي"،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة