البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الاقتصاد في الإســــــــلام

كاتب المقال فتحي الزّغـل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4240


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


للأسبوع الثاني على التوالي، و ضمن مقالات تتناولُ في كلّ مرّة مسألة هامّة في الحياة البشريّة بمنظار إسلامي ، مثل السّياسة و الثّقافة و الاجتماع و التّربية و الحرب و الزواج و غيرها، تُسلِّطُ الضّوءَ على الطريقةِ و الكيفيّة التي تكونُ عليها تلك المجالات متناسقة متماهية مع تعاليم الدّين الإسلامي و مطبِّقة للتشريعات الواردة في مصادر التشريع الإسلامي المعروفة و هي القرآن و السّنّة و القياس و الإجماع، و مميِّزات تلك المجالات في الفكر الإسلامي، و اختلافها مع مثيلاتها في الفكر و المنظومات الفكرية غير الإسلاميّة. و بعد أن تناولتُ في الأسبوع الماضي مسألة السّياسة في الإسلام لأهمّيّتها في حياة كلّ مجتمع من حيث أنّها تقطُرُ كلّ شؤون الحياة من خلفها. سأتناول بإذن الله هذا الأسبوع مسألة رئيسةً ثانية في حياة البشر، لا يختلف فقهاءُ الحياة على أنّها عصبُ تلك الحياة لدى كلّ البشر دون استثناء. مسألةٌ تميّزت هي الأخرى في الفكر الإســـــلامي، و تحدّدت معالمــــُها في القرآن و السّنّة و القياس و الإجماع، حتى صارت لها حدودٌ تُعرَف بها و تُميِّزُها و أقصدُ مسألة الاقتصاد...

ففي الاقتصاد أيضا، مثل السّياسة، يُقِرُّ العالمُ بأجمَعِه بأنّ هناك اقتصادٌ إسلاميٌّ يختلف جذريّا عن الاقتصاد الكلاسيكي غير الإسلاميِّ، و هو الذي مارسه الإنسان منذ نشأته الأولى إلى يومنا هذا. و إقرارُ العالم و مفكّريه و مُنظِّريه بأنّ في الاقتصاد ما هو إسلاميّ، هو لوحدِه اعترافٌ بأنّ المنظومة الفكريّة الإسلاميّة هي منظومة مكتملة الأركان، كاملة الأساسات، لأنّها تتكلّمُ في جميع مجالات الحياة، و لأنّ لها تشريعاتٌ و تعاليم لجميع أمورِ البشر و غير البشر.
فهل هناك فعلا اقتصادٌ إسلاميٌّ و اقتصاد غير إسلاميٍّ؟ و ما هي حدود بينهما؟ و أيُّ النّوعين أفضل للبشر و للحيوان و للشجر؟

إنّ لفظ الاقتصاد مُعجَمًا، هو اشتقاقٌ مصدريٌّ من فعل "اقتصد"، و هو مزيدٌ لفعل الجذر و هو "قَصَد" بمعنى اتّجه إلى نهايةٍ مكانا أو فكرا أو زمانا، و التاء الزائدة الواردة في وزن هذا الفعل مع الألف، مثله مثل أفعال الوزن "اِفتعلَ" تُفيدُ في أصل الاشتقاق، تسبُّبُ صاحب الفعل في اِنجاز الفعل و حُدوث الفعل لفائدته. كما يُفيدُ الوزن كذلك فكرة المشاركة في القيام بالفعل، و نحو ذلك فعل "اِشتبكَ" من "شبكَ" بمعنى تشارك، فنقول اشتبكتِ الأغصانُ بمعنى تشاركتِ الأغصان في الاشتباك. و هنا استحضر الجانب البلاغي في لغتنا، لغةُ القرآن، في هذه التّسمية قبل الوُلوج في مضمون الاصـــــطلاح و كنهِه. حيث أن فعل "اِقتصدَ" يُوحي اشتقاقا بِتوجُّهِ أحدِهم إلى غايةٍ ما، فقام بالفعل بنفسه متشاركًا فيه مع غيره لحتميّة وقوع الفعل سوى مع غيره، و هذا لعمري عين ممارسة فعل الاقتصاد.

أمّا الاقتصادُ اصطلاحا، فهو كلُّ نشاطٍ يَدُرُّ منفعةً مادّيّةً للقائم به، و لو لم يكن هو سببا فيه. و يشمل هذا الاصطلاح مجالات الفلاحة و الصناعة و الخدمات. و أهمّيّة هذا المجال في حياة البشر تكمُن في أنَّه مجالُ القوتِ الذي لا يستقيم العود إلَّا به. و لعلَّ ذلك ما يجعلُه مُقدَّمًا على كلِّ ما سواه من المجالات، حتى تلك المهتمَّة بالإيـــــــــمانيّات و الفكريات و الايديولوجيات. فالقوتُ سابقٌ للفكر و للدين و للمنهج عند البشر، لأنه يستجيب لغريزة هي الثانية بعد غريزة حبّ البقاء، بل لعلّها الأولى إذا ما اعتبرناه سببا في البقاء. فالعقل الجائع لا يفكّرُ، و المعدة الخاوية لا يَصدُرُ منها منطقًا.

و قد تطوّرت أهمّيّةَ هذا المجال عبر التاريخ شيئا فشيئا، فبينما كان الاقتصاد المعروف لدى البشر الأُول قائمٌ على مقايضة ما يخرجُ من البرِّ أو من البحرِ بما يكفلُ قوتَ يومٍ أو بعضَ يومٍ، أصبح اليوم مجموعة معقّـــــــــدة من الأدوات و المناهج و النظريات ووسائل الإنتاج و طرق الكيل، التي لا تكفل قوتَ اليوم فقط، بل رفاهة العيشِ لمستقبلٍ يُعَدُّ في بعض النظريات لأكثر من مائة سنة أو أكثر.

و مراحلُ ذلك التّطوّر المختلفة هي التي أوجدت شيئا فشيئا النظريّة الاقتصاديّةَ، أو المنهج الاقتصادي. لأن الممارسات الكثيفة تُوجِبُ النظريَّة، و النظريّةُ تُوجبُ التّعلّمَ، و التعلُّمُ يَضمن الممارسة، و هكذا
و إلى الأسبوع القادم بإذن الله.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإقتصاد، الإقتصاد الإسلامي، تأملات في القرآن،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-06-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ياسين أحمد، صفاء العراقي، مصطفى منيغ، عزيز العرباوي، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، العادل السمعلي، د - محمد بنيعيش، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد الحباسي، د - شاكر الحوكي ، عبد الله زيدان، صباح الموسوي ، د - مصطفى فهمي، عمر غازي، سامح لطف الله، د- محمد رحال، وائل بنجدو، محمد شمام ، د - صالح المازقي، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، رافع القارصي، إياد محمود حسين ، محمد الطرابلسي، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، المولدي الفرجاني، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الله الفقير، علي عبد العال، د - عادل رضا، د - محمد بن موسى الشريف ، سلام الشماع، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، د. مصطفى يوسف اللداوي، الناصر الرقيق، الهادي المثلوثي، رافد العزاوي، نادية سعد، تونسي، د.محمد فتحي عبد العال، يحيي البوليني، د- محمود علي عريقات، أحمد بوادي، محمد الياسين، د - المنجي الكعبي، محمود سلطان، حسني إبراهيم عبد العظيم، إسراء أبو رمان، صالح النعامي ، خالد الجاف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. صلاح عودة الله ، كريم السليتي، حاتم الصولي، محمد العيادي، أنس الشابي، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، فتحي الزغل، فوزي مسعود ، د- جابر قميحة، سفيان عبد الكافي، د. خالد الطراولي ، سامر أبو رمان ، محمود طرشوبي، صلاح المختار، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، فهمي شراب، كريم فارق، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسن عثمان، عمار غيلوفي، مجدى داود، فتحي العابد، د. عبد الآله المالكي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد عمر غرس الله، أ.د. مصطفى رجب، سعود السبعاني، رضا الدبّابي، حسن الطرابلسي، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أبو سمية، د. أحمد محمد سليمان، سلوى المغربي، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الرزاق قيراط ، د- هاني ابوالفتوح، ضحى عبد الرحمن، صفاء العربي، مراد قميزة، رمضان حينوني، جاسم الرصيف، حميدة الطيلوش، ماهر عدنان قنديل، أحمد ملحم، طلال قسومي، عراق المطيري، رشيد السيد أحمد، د. أحمد بشير، إيمى الأشقر، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد النعيمي، عبد الغني مزوز، سيد السباعي، محمد أحمد عزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة