البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الثورة والفقر والفقراء في الربيع العربي

كاتب المقال محمد عمر غرس الله - ليبيا / بريطانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5169


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ليس جديد في عالم الثورات وتاريخها، إنها منسوب للفقراء، رغم إن التاريخ البشري حافل بدور المثقفين في إشعالها والتمهيد لها، الا إن الفقر والفقراء والبؤس والبؤساء - على ما نظم فيكتور هوغو - هم وحدهم ملهم الثورات ومشعلها، هم أبوها وأمها، مهما كانت نتائج تلك الثورات، فلهم وحدهم ينسب الفعل وسبب الفعل أو بالاحرى مستلهما واقعهم و فعلهم الثائر، ولا أعتقد إن الربيع العربي يشذ عن هذاء، حتى وإن ركبت قوى أخرى محلية، ومغتربة،وعربية، و دولية ( أمبريالية)، مطية هذا الفقر والفقراء، وضربت به وعلى ظهره، ضربتها التي تريد في الوقت المناسب !!!، فما هو موقع الفقر والفقراء في هذا الربيع العربي فيما ثاروا عليه؟ ومالفارق بين الفقير والغني في مسيرة الفعل قبل وإثناء وبعد الثورة؟ وما هو العلاج الامثل؟ ثمة أسئلة محيرة ومثيرة في ذلك، أعتقد إنه من المثير محاولة تفكيكها لنعرف عمق الازمة، وتلمس الطريق الانجح والانجع للتنمية.

لا أحد اليوم يستطيع أن يدعي إنه ملهم ثورات الربيع العربي، أو محركها، فالواقع الذي عليه الأنظمة وتخشبها هو الملهم الحقيقي لهذا الفعل الذي إجتاح المنطقة بإشعال عود ثقاب محمد البوعزيزي الفقير في قرية سيدي بوزيد الفقيرة - رغم إننا لا نستطيع أن ننكر إن الكثير من المثقفين والادباء، لطالما كتبوا ونظموا نثراً وشعراً، قدحاً وذماً، في هذا النظام أو ذاك - الا إن الفقر وإنعدام التنمية والواقع عموماً وعوامل اخرى، بقى هو الملهم الحقيقي لهذه الهبة الكبرى المتسارعة التي أشتعلت فجأة من (البوعزيزي الى باب العزيزية) ساحقة في طريقها سكان قصر قرطاج وقصر القبة والقصر الجمهوري في مدينة سام بن نوح !!!

ولكن من ناحية أخرى، فإن الكثيرين ممن قاوموا هذا الفعل الثوري المستحق، أو انحازوا لتلك الانظمة بعميائية - وخاصة على أرض الواقع - كانوا فقراء أيضا ومن مناطق فقيرة، ولعله من الغريب جداً إن أغلب الذين قاتلوا وقتلوا أو وجدوا في ساحات الدفاع عن الانظمة الهرمة المأزومة، المتخشبة هم من الفقراء، بل وهم ليسوا أقل فقراً من الكثير ممن ثاروا ضد النظام، ولم نرى أحداً من الاغنياء هناك يدافع عن النظام لحظة سقوطه، فالاغنياء إما صمتوا، أو فروا، بما خف وزنه وغلاء ثمنه، أو ركبوا الموجة الجديدة مبكراً !!!!

ويمكننا أن نتحدث عن ما يسميه إخوتنا المصريين (موقعة الجمل)، حيث لم يركب رجال الاعمال والمتنفذين الجمال أو الخيول ليقتحموا ساحة التحرير في القاهرة، بل ركبها فقراء معدمين، بالكاد يملكون قوت يومهم، جأوا مدافعين عن نظام في رمقه الاخير من الشيخوخة والسقوط، على وقع القطرة التي أفاضت الكأس عبر دعوة فيسبوكية حررتها فتاة شابة دعت الهمة المصرية - المعروفة لدى إخوتنا المصريين - لتحميها في ميدان التحرير من بلاطجة النظام الذين هم أنفسهم فقراء يعملون باليومية !!!

أما ليبيا فهي خير دليل على ذلك، فالذين ثاروا هم عموم الليبيين الفقراء في دولة نفطية معدومة التنمية رغم مالديها، لكن الاغرب في ذلك إن الأشد فقراً كانوا هم المدافعون عن النظام، بل وإن الفقر - في بعض المناطق التي هبت مساندة للنظام -
(يرمش عيونه) على حسب تعبير الليبيون،فأهل تلك المناطق أشد فقراً وعوزاً بل وهم أكثر حاجة للثورة من غيرهم، لكنهم وقفوا ضد الفقراء الثائرين ووزعوا أبنائها على كل الجبهات دفاعا عن النظام وصدقوا وعوده المفتنة.

إنهم الفقراء يتعاركون ويتقاتلون قبل وإثناء وبعد الثورة، ويطاردون بعضهم البعض، فحتى بعد إنتصار الثورات في الربيع العربي، للفقر والفقراء قصة مستمرة في قتالهم لبعضهم البعض، فالفقراء هم الذين لايزالون يقتلون الفقراء أمثالهم ويطاردونهم، فهم نفسهم المتهمين بأنهم أنصار النظام السابق - في كل بلدان الربيع العربي - وهم أيضاً نفسهم الثوار الثائرين عليه، وهم من لازالوا في الساحات يتواجهون معاً، ويرسلون لبعضهم البعض رسائل التهديد والوعيد، والقدح والذم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتعليقات والايميلات، وهم نفس الفقراء لازالوا يتواجهون في الشوارع والبيوت والمقاهي المعدومة،وهم من يقيم البوابات لتفتيش الفقراء مثلهم، وهم الذين يقتحمون بيوت الفقراء مثلهم بعد منتصف الليل، فيحاكمون وينفذون الاحكام الوقتية، بالمداهمة لبيوت الفقراء أمثالهم الذين لا يملكون المال للهروب للخارج مثلما فعل الاغنياء، وهم من يتولى اليوم توزيع اللقاب والتنابز بها، والتهديد بها أيضاً في كل إتجاه سوى مع أو ضد.

أما المناصب والإمتيازات الجديدة فليست لهؤلاء لفقراء لا قبل ولا بعد، إن الفقراء هم هم كما كانوا، فقد عادوا لنفس المكان، يستجدون منحة او هبة او مرتب في نفس الطابور !!!! أما النظام الجديد فيبنى بعيدً عنهم وعن مشكلتهم ومعركتهم من أجل التنمية !!!!

إن الاغنياء، هم هم، كما هم عليه،يجيدون فهم التطورات، فهم في نفس حالهم الاول، إبتسامة،وكلام منمق وحسابات وتحويلات،وملابس أنيقة، وربطات عنق في المكاتب والفنادق الوتيرة، والسفريات، والتحويلات، والامتيازات، والمؤتمرات، سوى قبل الثورة أو بعدها، ولا تجد بالمطلق اياً منهم يقتحم بيت، أو يقيم بوابه، أو يسير مظاهرة، أو يصنف الناس، أو ينابزهم بالالقاب، فلهم القيادة، والمال، والمناصب، بل وايضا حلو الكلام، ومعسوله، ولا ترى منهم من ينهر أو يضع فوهة المسدس في أنف آخر ويتهمه بأنه موالي للنظام السابق، أو لنظام لاحق فلا وقت لديه ليقول ذلك !!!!

تلكم هي قصة الفقر والفقراء في الأحداث الجسام، وثمنها الباهض، ومن يقطف ثمارها، ولا علاج لذلك إلا بتنمية محلية كبرى تنهض بالمناطق الفقيرة وتصل لمستوى المعيار الدولي للتنمية والحياة الكريمة ( أنظر الامارات العربية المتحدة)، ، وإلا فإن الفقراء يعانون، ويثورون، ويقتلون بعضهم البعض، ويستمرون وقود للأنظمة المتعاقبة، والتغني بها، تضربهم وتضرب

بهم من تشاء، وهم من يثور ويَقتُل ويُقتَل، ومن يُضلم ويضلُم، وهم من تسوقهم الأحداث المتعاقبة التي يشعلها الفقر، ويدفع ثمنها الفقراء في كل إتجاه ( مع أو ضد)، وليس لذلك من حل إلا التنمية المحلية، وليس مزيداً من الكراهية والبغضاء والعزل، والإنتقام، وليس ببناء دولة الغالب والمغلوب، فالمغلوب في كل الأنظمة هو الفقير الفقير، وسيبقى كذلك في الأنظمة المنهارة والأنظمة التي تقام على أنقاضها، فلا طريق لنهوض هذا الفقير إلا بتنمية محلية ( تعليم - صحة - مواصلات -تأمين - مدن وقرى عصرية .. الخ) حيث يجب أن يتنافس الفقراء، وقبائل الفقراء ومناطق الفقراء،وقرى الفقراء، وليس بزرع الضغائن، ولا بأنتاجها، ولا بتأسيسها قانونيا ودستورياً فذلك جريمة لا يجب أن تكون نتاج ثورة، وتحسب عليها، وهي لا تؤسس لوطن ينهض.

-------
محمد عمر غرس الله
كاتب ليبي مقيم ببريطانيا


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الربيع العربي، مشاكل التنمية، الإقتصاد، الفقر،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-11-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أشرف إبراهيم حجاج، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحـي قاره بيبـان، محمد العيادي، أنس الشابي، سعود السبعاني، نادية سعد، رضا الدبّابي، د.محمد فتحي عبد العال، كريم السليتي، د - الضاوي خوالدية، عواطف منصور، فتحي العابد، أحمد الحباسي، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العراقي، سلام الشماع، أبو سمية، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - صالح المازقي، طلال قسومي، حسن عثمان، صفاء العربي، خبَّاب بن مروان الحمد، حسن الطرابلسي، صلاح الحريري، الهيثم زعفان، محمد أحمد عزوز، سليمان أحمد أبو ستة، منجي باكير، سفيان عبد الكافي، محمود سلطان، جاسم الرصيف، تونسي، د. طارق عبد الحليم، سلوى المغربي، محمد شمام ، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، وائل بنجدو، عبد الله الفقير، إيمى الأشقر، د. صلاح عودة الله ، كريم فارق، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رافد العزاوي، عزيز العرباوي، فهمي شراب، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد يحي، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، د. عبد الآله المالكي، محمد الطرابلسي، صالح النعامي ، د- محمد رحال، مجدى داود، فتحي الزغل، سامح لطف الله، الهادي المثلوثي، رمضان حينوني، عراق المطيري، مراد قميزة، رافع القارصي، د. أحمد بشير، د- هاني ابوالفتوح، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد بوادي، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الرزاق قيراط ، أحمد ملحم، محمد عمر غرس الله، علي الكاش، د - المنجي الكعبي، محرر "بوابتي"، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الياسين، د - شاكر الحوكي ، يحيي البوليني، د - عادل رضا، محمود فاروق سيد شعبان، حميدة الطيلوش، المولدي الفرجاني، علي عبد العال، سيد السباعي، فوزي مسعود ، د. خالد الطراولي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، د - محمد بن موسى الشريف ، رشيد السيد أحمد، الناصر الرقيق، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، أحمد النعيمي، ضحى عبد الرحمن، محمود طرشوبي، العادل السمعلي، عبد الله زيدان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - مصطفى فهمي، صلاح المختار، إسراء أبو رمان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة