البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من صور الادعاء وسقوط الرأي

كاتب المقال د- جابر قميحة - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4933 gkomeha@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يقول عن نفسه، ويقول عنه ملَمِّعوه، ومن مسلطوا الأضواء عليه : " إنه داعية مجدد ". مع أن واقعه، وما يطرحه من إفرازات يقطع بأنه " دعي مبدد ". ونكتفي لتأييد حكمنا السابق بموقف واحد فقط من مواقفه " العلمية جدا... جدا " :

**********

فله منالسنة موقف عجيب غريب.. ولننظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي سعيد الخدري: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". ( صحيح مسلم ).
إن صاحبنا المتعالم يفسر هذا الحديث على النحو التالي ـ من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده: "أي من رأى منكم منكرًا من نفسه هو فليغيره بيده فهو المسئول عن سلوكه؛ لأن كل إنسان قد أعطاه الله الإرادة والقدرة على تغيير ما يصدر منه من منكر..
ـ فإن لم يستطع فبلسانه: "أي فإن لم يستطع الإنسان أن يغير ما في نفسه بإرادته وقدرته، بالهمة الواجبة ودون تراخ فإن عليه أن يقف كابحا جماح نفسه، ليدور ذلك الحوار الداخلي الذي يذكر فيه الإنسان نفسه بعاقبة المعاصي.
ـ فإن لم يستطع فبقلبه "أي فإن لم يستطع الإنسان أن يردع نفسه بإرادته وقدرته، ولا حتى بلسان الحجة، وكانت النتيجة أن ظل على هذا المنكر، فإن ذلك يكون دليلاً على ضعف إيمانه ووجود المرض في قلبه، أي أن المنكر قد استقر بقلبه وهذا أضعف درجات الإيمان".

ومن حق القارئ أن يضحك في مرارة من هذا التفسير، أو هذه السذاجة اللاعلمية التي ابتعدت بصاحبنا المتعالم عن منطق العقل والدين واللغة:
فالمعروف بداهة من قواعد التفسير أن النص يؤخذ بظاهره ولا يؤول، ولا يخرج به عن هذا الظاهر، ما لم يكن ثمة مسوغ قوي لذلك. والحديث يجزم بأنه لا مسوغ لمثل هذا الخروج.
ومن ثم لا يستقيم تفسير "الرؤية" بالإحساس والشعور النفسي، بحيث يكون التغيير في نطاق "الذات" لأن الرؤية لغة تقتضي طرفين: رائيًا ومرئيًا.. ناظرًا ومنظورًا.
ولو سايرنا صاحبنا في تفسير اليد بالإرادة والقدرة النفسية، فمن حقنا بعد ذلك أن نتساءل: ما قيمة اللسان في "الحوار الداخلي" أو في لوم الإنسان نفسه إذا أتت منكرًا؟ إن "الحوار الداخلي" أو "المحاسبة الذاتية" أو " المنولوج " شعور لاحديث باللسان.
والعجيب كذلك أن "صاحبنا المتعالم" جعل تغيير المنكر على درجتين فقط:
تغيير باليد، وتغيير باللسان، وصرف الدرجة الثالثة للمنكر ذاته فيكون تفسيره على النحو الآتي: من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه (وهاتان الدرجتان في دائرة الذات). فإن لم يستطع تحقيق هاتين الدرجتين: فالمنكر (قائم) بقلبه. وهذا يدل على أضعف درجات الإيمان على حد قوله.
ولست أدري كيف يكون "استقرار" المنكر في القلب درجة من درجات الإيمان؟ وكيف يستقيم هذا التفسير مع البلاغة النبوية فكرًا وأسلوبًا؟

**********

والتفسير السديد للحديث يدركه أي إنسان مهما كان حظه من المعرفة. ويظهر ذلك في ضوء المثال العملي التالي: إذا هم بعض الشباب بخطف فتاة في سيارتهم في الطريق العام فموقف المسلم حينئذ واحد من ثلاثة مواقف هي:
1 ـ أن يخلص الفتاة من أيديهم بيده وقوته، حتى لو ناله بعض الضرر.. وهذا الموقف - ولا شك- يمثل أعلى درجات التغيير.
2 ـ أن يحاول منع الجريمة بإرشاد الشباب إلى فظاعة عملهم هذا وحرمته، أو يستنجد بالناس أو الشرطة لتخليصها، وهذا هو التغيير باللسان.
3 ـ أن يعجز المسلم عن الموقفين السابقين لسبب ذاتي كمرض يمنعه من السعي أو النطق ـ مع رؤيته المنكر ـ أو محاولة الخاطفين قتله أو قتل أحد أبنائه أو ما شابه ذلك، فعلى المسلم في هذه الحال استشعار الغضب والنقمة على هذا المنكر وكراهيته والتقزز منه.
وهذه المرتبة تأتي في الدرجة الثالثة من المرتبتين السابقتين، لذلك عبر عنها الحديث بأنها "أضعف الإيمان".
وهذا الحكم لا يعني انعدام قيمتها وإلا ما جعلها الحديث مرتبة، ثم إن "الضعف" هنا نسبي، أي بالقياس إلى المرتبتين السابقتين فأعلى المراتب التغيير باليد. وأوسطها التغيير باللسان. وأدناها التغيير بالقلب.
ولكن: هل استشعار الكراهية للمنكر، والغضب والنقمة عليه يعد "تغييرًا" ؟ أقول نعم: وهذا ما لم يدركه "صاحبنا المتعالم".
فهذا الشعور في ذاته ـ كما تقول الدكتورة نيفين عبد الخالق - "يشكل طاقة كامنة للتغيير يمكن أن تبزغ فجأة إذا وجدت الاستطاعة.
وتبَـلْـوُر مثل هذا الشعور - إذا اتسعت قاعدة المشتركين فيه - يصنع ما يسمى "بالرأي العام". وهو من الناحية الواقعية المنطلق إلى التغيير الفعلي الحقيقي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الدعوة، الدعاة، التفسير، التأويل، النهي عن المنكر،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-08-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقلام من عالم التشويه والتزوير
  العيدُ.. وغربة الشاعر
  بين الغرور العددي .. والقوة الإيمانية
  توفيق عكاشة أين الدين ؟ وأين المواطنة ؟
  من صور الادعاء وسقوط الرأي
  من أفذاذ أساتذتي في كلية دار العلوم الدكتور محمد ضياء الدين الريس
  إمَّا العدل وإمّا الموت..
  تعلمت من محمودالجميعي
  إمام المسلمين .. أبو الحسن الندْوي
  عندما يوثن الطاغية ذاته
  سطور عن قط مبارك المخلوع
  وفي عمرُ بن الخطاب الأسوة والقدوة
  صحيفة من المستنقع
  كونوا مع الله
  من أصوات العزة والشموخ
  صفحة من التخبط السياسي
  ملامح الدولة المصرية في ظل حكم محمد مرسي أو أحمد شفيق
  رسالة إلى الرئيس الجديد
  برنامج تهريجي وصباح لا خير فيه
  أقيموا شرع الله
  كلمات حق إلى الحكام العرب
  مفيش شيء اسمه إخوان
  العلاج خير من الوقاية
  حكاية البعوضة والنخلة
  عندما يتظرف الداعية ويتعالم
  الإخوان المسلمون والحملة الشيطانية
  مع الخليفة عمر والواقع الذي نعيشه
  الإسلام هو الحل
  خيرت الشاطر رجل عاش للمحن
  كلمات من القلب إلى خيرت الشاطر والذين معه

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، تونسي، إسراء أبو رمان، فوزي مسعود ، د - مصطفى فهمي، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد محمد سليمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. خالد الطراولي ، عبد الله الفقير، د. طارق عبد الحليم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، المولدي الفرجاني، عمر غازي، د- محمود علي عريقات، طلال قسومي، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، أبو سمية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رافد العزاوي، محمود فاروق سيد شعبان، محمود سلطان، أحمد بوادي، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الياسين، إيمى الأشقر، مصطفي زهران، د. عبد الآله المالكي، أحمد الحباسي، أنس الشابي، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، محمد أحمد عزوز، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، أحمد النعيمي، نادية سعد، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، كريم السليتي، صفاء العربي، فتحي الزغل، رمضان حينوني، رحاب اسعد بيوض التميمي، علي الكاش، رافع القارصي، د - عادل رضا، ضحى عبد الرحمن، سيد السباعي، فتحي العابد، عزيز العرباوي، سامح لطف الله، أحمد ملحم، حميدة الطيلوش، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بن موسى الشريف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله زيدان، د - شاكر الحوكي ، سلوى المغربي، عراق المطيري، أ.د. مصطفى رجب، محمد الطرابلسي، محمود طرشوبي، عمار غيلوفي، د - صالح المازقي، الهيثم زعفان، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، وائل بنجدو، محمد شمام ، الهادي المثلوثي، د- جابر قميحة، عبد الغني مزوز، عواطف منصور، فهمي شراب، د. صلاح عودة الله ، عبد الرزاق قيراط ، حسن الطرابلسي، خالد الجاف ، منجي باكير، مجدى داود، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، صباح الموسوي ، سامر أبو رمان ، محمد يحي، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمد رحال، محمد عمر غرس الله، صالح النعامي ، مراد قميزة، سعود السبعاني، حسن عثمان، سلام الشماع، علي عبد العال، سليمان أحمد أبو ستة، د- هاني ابوالفتوح، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، خبَّاب بن مروان الحمد، حاتم الصولي، ماهر عدنان قنديل، الناصر الرقيق، د - المنجي الكعبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، يحيي البوليني، إياد محمود حسين ، العادل السمعلي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة