البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

موسم الحج إلى قسم الأخبار!!!

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7664 karimbenkarim@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يكاد يُجمع جميع التونسيين على أن مستوى التلفزة الوطنية بقناتيها لم يرتق إلى مستوى تحقيق أهداف الثورة و تلبية الطموحات الشعبية في اعلام وطني يتسم بالمهنية و الاستقلالية. غير أن الواقع الحالي يبين بكل وضوح أن التلفزة الوطنية ( و الأصح هو تسميتها بالتلفزة العمومية و ليست الوطنية) واصلت العمل في عالم خاص بها منقطع تماما عن الواقع، و بعيدا عن تطلعات التونسيين كما كانت تماما في عهد النظام البائد. و قد تم تعويض اجندة “التجمع” الاعلامية قبل الثورة بأجندة الزمرة المعادية لأهداف الثورة بعدها.

ومن خلال قراءة و تحليل للواقع الاعلامي في التلفزة العمومية، لا توجد أية بوادر للاصلاح والقطع مع سياسات الهروب الى الأمام و الوصاية على الشعب التونسي و استبلاه المشاهد. ومن أبرز المؤشرات على فشل هذه المؤسسة في الاندماج في البيئة الديمقراطية و الدخول في عهد التعددية الاعلامية هو الرفض التام و القاطع لفئة هامة من صحافيي هذه المؤسسة لأي شكل من أشكال النقد البناء لتطوير الأداء الاعلامي والذي و للاسف الشديد يعطي فكرة متخلفة جدا عن تونس وواقعها الديمقراطي و التعددي المشرف، كما أنها أساءت بمردودها المهتز والذي يشكو نقصا فادحا في الموضوعية و الحياد و المهنية إلى الاساءة للصورة الناصعة للثورة التونسية.

ان الملاحظ، هو الرفض التام لأي شكل من أشكال الاصلاح الاعلامي و تطوير مهنيته وجعله اعلاما متعددا حقيقيا، فعدد من الاعلاميين يرون أنه من حقهم الانتقاد و التهويل و خدمة الاجندات الخاصة، لكنهم يرفضون النقد بل و يسارعون الى اعتبار ذلك مسا من حرية الصحافة والتعبير و تعديا على مهنة الصحافة "المقدسة" و ضربا من ضروب فرض الوصاية عليهم. و من المعلوم أن أول باب للتطوير و الابداع و التحسين المتواصل في المادة الاعلامية هو سماع النقد و أراء الجمهور المتلقي و الحرص على تلبية تطلعاتهم و هو ماهو معمول به في جميع أنحاء العالم، حيث ان النجاح لاي وسيلة اعلامية مرتبط أساسا بمدى رضا المتلقين. لكن في تونس فإن اعلاميي العهد البائد يصرون على فرض أرائهم و قناعاتهم و أجنداتهم علي التونسيين بل و الاساءة لسمعة الوطن و الثورة و الضرب بعرض الحائط لاهتمامات التونسيين بمختلف مشاربهم و الاقتصار على "نخبة" أثبتت افلاسها الفكري و الابداعي و اختصت في السفسطة و الكلام من أجل قول لاشيء.
و هنا أتساءل : هل مازالت هناك قنوات في أشد بلدان العالم تخلفا تقدم "تحرير الوقت" قبل الأنباء أو قبل بعض البرامج المباشرة؟ هل هناك قناة في العالم مازلت تعتمد على التدخلات لانتداب اعلامييها و فنييها في ظل المنافسة الشرسة في هذا الميدان؟ و أتحدى هذه مؤسسة التلفزة أن تثبت للشعب التونسي أن مذيعيها و فنييها بصفة عامة وفي قسم الاخبار خاصة قد تم انتدابهم في مناظرات وطنية؟ كما أدعو هيئات الرقابة و التدقيق العمومية لكشف الفساد في هذه المؤسسة خاصة في ما يتعلق بالموارد المالية و التصرف في الموارد البشرية وفيما يتعلق بالجوانب التشغيلية.

ومن الطبيعي في ظل هذه الرداءة الممولة من جيوب المواطنين و اختطاف التلفزة العمومية من فئة غير ممثلة لأطياف الشعب التونسي، أن ينتفض المواطنون عليها و يطالبوها بالاصلاح. غير أن هذه الدعوات التي تشترك فيها جل فئات المجتمع التونسي، تصطدم بجدار الصلف و الكبر و احتقار المواطن و الاستهزاء به و تتفيه ارائه. و الغريب أن نرى بعض الاحزاب و الجمعيات و الصحف تقف مع التلفزة العمومية و خاصة قسم الأخبار (الذي يعاني نقصا فادحا في الموضوعية و المهنية و الاستقلالية عن التيارات الفكرية نتيجة للانتدابات العشوائية و اختيار جل افراده من توجه فكري معروف كان بالامس القريب يخدم مصالح العائلة المالكة و أذنابها) عوض دعوتهم الى التزام المعايير المهنية في العمل الاعلامي. ودخلت المزايدات السياسية في هذا الموضوع حتى صار هناك "موسم للحج إلى قسم الأخبار" لكل من يريد بقاء الأمور على حالها و رفض الاصلاح الاعلامي قصد بقاء التلفزة العمومية حكرا على فئة قليلة من ما يسمى بـ "النخبة" و اغلاق أبوابها تماما أمام بقية المواطنين و أفراد الشعب التونسي بمختلف مستوياته و اتجاهاته الفكرية.

وقد أصبح قسم الاخبار يخصص مساحة في كل نشرة لتشويه سمعة منتقديه، و تقديم من "يحُجُ" اليه لدعمه في صورة البطل المدافع عن "الحرية و الديمقراطية" وهو ما يذكرننا تماما بالمناشدات اليومية التي كان يقدمها هذا القسم لترشيح بن علي لانتخابات 2014 وحملات قلب الحقائق و تصوير الحق باطلا و تزين الباطل لتسويقه. وهذا غير غريب على من لا يعرف قيمة مهنية العمل الصحفي حيث لا ينبغي لأي صحفي أن يستغل موقعه و الجهة الاعلامية التي يعمل فيها للتشهير بخصومه و فرض وجهة نظره والا فهو مثل الجراح الذي ينتقم من خصمه أثناء أدائه عملية جراحية له.

ما نقوله إلى التلفزة العمومية عامة و قسم الأخبار خاصة أن صورة تونس سبعة والاشعاع البنفسجي و المقاربة النوفمبرية مازلت في أنفاسكم ، و "من تربى على شيء شاب عليه"، وأن أولى خطوات الاصلاح هي تغيير الوجوه الاعلامية البالحة التي كرهها المواطن وهي تسبح صباحا مساء بصفة آلية بذكر بن علي و حمده، و التي تواصل اليوم التسبيح بحمد اجندات خاصة معادية لارادة الشعب و الثورة. و لا يمكن لهذه القناة أن تتخلص من ماضيها المخجل و المجرم في حق الشعب التونسي الا بتغيير تلك الوجوه و بدمقرطة الاعلام العمومي و جعله مفتوحا على مختلف فئات الشعب و مختلف تيارته الفكرية و التخلي عن المحسوبية والتدخلات في عمليات انتداب و اختيار الاعلاميين و الضيوف. كما نذكرها بأن زمن احتكار الاعلام قد ولى بدون رجعة و أن مهنة الصحافة ليست مهنة مقدسة حتى لا ينقدها الناس، خاصة اذا كان مستواها المهني بتلك الضحالة.

كريم السليتي
كاتب و محلل سياسي (ابحث عن مقالته على قوقل)


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإعلام بتونس، وسائل الإعلام، القناة الوطنية التونسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-03-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  في ذكرى ثورة التحرير الجزائرية، البنك الجزائري يصدر ورقة نقدية جديدة بالعربية والانجليزية
  موظفون أم عبيد؟!
  تونس، صدمة الأزمة الصحية والاقتصادية تكشف أكذوبة "الكفاءات التونسية" وخرافة "المادة الشخمة"
  الإعلام التونسي ومهمة الإلحاق اللغوي بفرنسا
  كيف ستتأكد هيئة الانتخابات من شرط الإسلام للمترشحين لرئاسة الجمهورية؟
  بعد مجزرة نيوزيلاندا الإرهابية وجريمة حي التضامن، هل حان الوقت لسن قانون يجرم الإسلاموفوبيا؟
  لغة التعليم في تونس - إلى متى الفرنسية عوض الإنقليزية؟
  جرائم فرنسا ووقاحة هولند
  لماذا اغتاظت فرنسا من الاهتمام الأنقلوساكسوني بتونس؟
  خطة جديدة للقضاء على لجان حماية الثورة
  ماذا لو دافع المرزوقي عن عاريات الصدر؟
  إنفصام الشخصية: هل هو وباء ما بعد الثورة
  20مارس: ذكرى التوقيع على تأبيد الإستعمار الفرنسي لتونس
  إلى متى يتواصل توجيه الرأي العام نحو التفاهات؟
  هل بالمناشدات سوف نتخطى الأزمة السياسية في تونس؟
  هل تساهم سيطرة الفضاءات التجارية الكبرى الفرنسية في تفاقم أزمة الغلاء في تونس؟
  هل تونس محظوظة بالإستعمار الفرنسي؟
  الإعلام الفرنسي و دم شكري بلعيد
  عندما يصبح العلمانيون صوفيين
  حقوق الانسان في تونس، في خطر
  القناة الوطنية : إعلام الهواة و إحتراف الكذب
  هل استسلمت الحكومة لأعداء الثورة في الداخل و الخارج؟
  متى يغضب التونسيون لمقدساتهم؟
  لماذا نجح الخليجيون و فشل المغاربة؟
  المنظومة الإجرامية في تونس
  إنسداد الأفاق أمام نادي المنكر
  المرزوقي و تأثيره على الانتخابات الرئاسية المصرية
  موسم الحج إلى قسم الأخبار!!!
  الدستور و اعتماد الشريعة الإسلامية:ضمان للهوية أم تهديد للحداثة
  الداعية الإسلامي الذي أسر قلوب التونسيين و أثار هلع العلمانيين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حميدة الطيلوش، سيد السباعي، محمد الياسين، مصطفى منيغ، رمضان حينوني، عزيز العرباوي، عمار غيلوفي، د.محمد فتحي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أشرف إبراهيم حجاج، د - شاكر الحوكي ، عراق المطيري، صالح النعامي ، د - محمد بنيعيش، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد الحباسي، العادل السمعلي، صلاح المختار، د - صالح المازقي، رشيد السيد أحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمود علي عريقات، محمد أحمد عزوز، إسراء أبو رمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، نادية سعد، كريم السليتي، حسن عثمان، أحمد ملحم، ضحى عبد الرحمن، خالد الجاف ، د- جابر قميحة، د- محمد رحال، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، سفيان عبد الكافي، مصطفي زهران، فتحي الزغل، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلوى المغربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. صلاح عودة الله ، يحيي البوليني، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، د. طارق عبد الحليم، محمد شمام ، منجي باكير، أحمد بوادي، فتحـي قاره بيبـان، جاسم الرصيف، د - مصطفى فهمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، طلال قسومي، فهمي شراب، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، عمر غازي، ماهر عدنان قنديل، محمود سلطان، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، محمود طرشوبي، أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، رافع القارصي، علي عبد العال، مجدى داود، صلاح الحريري، د - عادل رضا، د. أحمد محمد سليمان، صباح الموسوي ، مراد قميزة، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، سامر أبو رمان ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، المولدي الفرجاني، أبو سمية، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، محمود فاروق سيد شعبان، إياد محمود حسين ، علي الكاش، محمد اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، كريم فارق، د. خالد الطراولي ، الهادي المثلوثي، فتحي العابد، رافد العزاوي، محمد عمر غرس الله، د - الضاوي خوالدية، أحمد النعيمي، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، سلام الشماع، د. أحمد بشير، فوزي مسعود ، محمد الطرابلسي، إيمى الأشقر، سعود السبعاني، صفاء العراقي، عواطف منصور، تونسي، عبد الله زيدان، عبد الغني مزوز، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة