البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المسؤولية في الأزمة الليبية

كاتب المقال محمد عمر غرس الله - بريطانيا / ليبيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5253 gharssalla@hotmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا احد كان يتوقع ان تمر ليبيا بما مرت به من احداث فهي بلد كان يجب ان يكون بعيدا عن خوض الحروب وسفك الدماء بالمقارنة بمواردها المالية, وموقعها الجغرافي المهم, وعدد سكانها القليل نسبيا , هذا الامر يتطلب طرح سؤال جوهري واساسي عن المسؤلية في الحالة الليبية, من يتحملها, وفي رقبة من يمكن ان تعلق, وما الذي ادي الى ان يمتشق الليبيون السلاح واعطى المبرر الذي تبحث عنه الدول الغربية للتدخل.

ان عملية تفكيك تحليلية تعطينا صورة واضحة عن المسؤلية فيما حدث من خلال تشريح سياسي لمجموعة التفسيرات والتصورات للاسباب المتعددة لهذه الاحداث داخليا, وعربيا, ودوليا, من هنا وهناك, والتي تساق في توصيف الحالة ,فالعامل الداخلي مهما واساسيا في معرفة تأثير سياسات القذافي عليه باعتباره عاملا حاسما واساسيا فيما حصل, هذا الداخل الذي انعكست عليه كل سياسات ادارة القذافي للبلاد, وايضا سياساته الدولية التي يتصرف بناء عليها والتي لها علاقة بالدول الكبرى الطامعة والتي تعمل على مصالحها, وايضا العلاقات العربية العربية التي مرت بخصومات ومكائد كان القذافي طرفا مهما في لعبتها بل و أحد اهم الاطراف في اغلب حوادثها.

ان ثمة مجموعة محاور يمكن ان تفيدنا في الاجابة على سؤال المسؤلية هذا, اولها هو كيف لبلاد تملك ثالث احتياطي نفطي في افريقيا, ومايقارب عن 130 مليار دولار ارصده, وتقريبا 30 مليار دولار اخرى اصول استثمارية ( حسب مجموعة الماليين الليبيين ) , بنسبة سكان قليل جدا ( 6 مليون ساكن ) - بالمقارنة بالموارد المأهولة للدولة- وكيف ايضا لنظام السياسي يملك ما يكفي من الوقت ( 42 عام ) لترتيب الاوضاع السياسية للبلاد وبناء مؤسسات حقيقية للدولة - تمكنها من التداول السياسي والسلمي للسلطة ويجنبها الازمات,و من جهة اخرى ايضا صبر غير مسبوق من الناس وانسياق وراء كل ما تقوله هذه القيادة السياسية - كيف له ان يدخل بالبلاد في هكذا وضع؟, الامر الذي يمثل خللا واضحا جليا في الادارة السياسة للسياسات الداخلية والخارجية التي كانت العامل المهم والاساسي الذي وصل بالبلاد الى خروج الناس للقتال وامتشاق السلاح.

اما المحور الثاني فهو يتعلق بوضع ليبيا عشية 17 فبراير 2011 , فليبيا كانت ترأس الجمعية العامة للامم المتحدة الى وقت قريب قبل بدء الاحداث, وهي ترأس القمة العربية في الجامعة العربية حتى وقت عزلها سياسيا وتعليق عضويتها, وهي ايضا ترأس اتحاد المغرب الغربي وتجمع س ص, وهي عضو فاعل في الاتحاد الافريقي, اذا كيف لبلد بهذا الوضع السياسي ان يقع تحت طائلة العقوبات الدولية ويوضع تحت البند السابع للمرة الثانية في غضون عشرون عاما (كانت المرة الاولى عام 1991 فيما يتعلق بقضية لوكربي), هذا الامر يدل على خلل واضح وبين في الادارة السياسية لسياسات البلاد وتوجهاتها وتعاطيها مع قضايا الداخل والخارج وعدم حسبانها لتكاليف التصريحات والممارسات السياسية, يضاف اليها ايضا الخلل الاهم في طريقة تعاطيها مع الاحداث منذ اليوم الاول لخروج الناس للشارع في 16 فبراير 2011 واتباع اسلوب الحملات العسكرية لمواجهة الاحتجاجات الشعبية المشروعة.

المحور الثالث هنا يتعلق بتحليل ما تقوله الالة الاعلامية الرسمية للقذافي من ان الموضوع لايعدو كونه مؤامرة فقط وليس ثورة شعب وعوامل اخرى مصاحبة, فمن هو المسؤل عن سقوط معسكرات القوات المسلحة ومخازنها وقواعدها وموانيها خلال 72 ساعة اليس القذافي قائدا اعلى للقوات المسلحة, و من ناحية اخرى ايضا من هو المسؤل الامني الاول في البلاد الذي يتحمل المسؤلية الكلية على هكذا فشل, وايضا من هو المسؤل السياسي الاول والمطلق والنافذ في البلاد الذي لم يقدر مشاعر شعبه واحتجاجاته ومطالبه.

اما المحور الرابع فهو موضوع التحرر العالمي ومكافحة الامبريالية الذي يتبناه القذافي ويواجه به الليبيون طيلة 42 عاما ,والذي سار من اجله بليبيا الى مشاكل وازمات مع الدول الكبرى في العالم وجر عليها كل نزاعاتها وخصوماتها المعروفة,وحرمها من الاستقرار والتنمية المنشودة بالنظر الى خيرات البلد وما تجنيه من نفطها, تلك السياسات التي صرف فيه القذافي المال الليبي - بما لا يحصى من الاموال طيلة 42 عاما - في ارجاء الدنيا الاربعة حول قضايا هي في الحقيقة بعيدة جدا عن ليبيا وغير حياتية للناس وغير ملامسة لحاجات الليبيين اليومية وحاجة البلاد للتطوير والتنمية (بالرغم من عدم الاختلاف عليها كفكرة مثالية),غير انها في الحقيقة ليست واقعية اوعقلانية في حسبان التكاليف النتائج والاضرار من حيث قيادة بلد نامي وصغير ومحدود الامكانيات مثل ليبيا كان يجب ان يحافظ على استقراره وتنميته بدلا عن صرف امواله خارج الحدود, والدخول في حروب دينكوشيتية.

ان نظرة تحليلية لهذا المفهوم - الذي تبناه القذافي - يمكن - من خلال استعراض تجربة نيلسون مانديلا - ان تعطينا صورة واضحة عن غرابة ما قاله القذافي( في خطاب السقوط) يوم 22 فبراير 2011 لليبيين ,بسؤاله الشهير (من انتم؟ انا دافع ثمن بقائي هنا ), فلو نظرنا الى التحرريين الكبار في العالم مثل نلسون مانديلا الذي عانى في السجن 27 عاما من اجل قضية شعبه نلاحظ انه بعد ان امضى فترته الرئاسية عاد الى بيته ولم يصرخ في مواطنيه ( من انتم؟ انا دافع ثمن بقائي هنا) رغم ما عاناه في السجن لمدة 27 سنة, ولم يأخذ معه جنوب افريقيا وارصدتها وامكانياتها ودخلها بحجة ممارسة الثورة العالمية, وايضا يمكننا ان نرى مثالا اخر هو تشيجيفارا الذي قاتل مع كاسترو حتى السيطرة على كوبا, لكنه حينما اراد ان يمارس قناعاته واحلامه في الثورة العالمية, سار هو ومناصريه الى الكونغو وعاد الى البيرو مقاتلا بجماعته ولم يستخدم كوبا وارضها وارصدتها وامكانياتها لتحقيق ما يعتقد او ما يقول وما يدعي, ولم يعرض كوبا واموالها ومستقبل ابنائها للمخاطر, ولم يصرخ في وجوههم (من انتم؟ انا دافع ثمن بقائي هنا).

ان سؤال المسؤلية السياسية في الحالة الليبية سؤال مهم في تحديد احد اهم الاسباب لسقوط القذافي, والاجابة عليه تتضح من خلال تشريح مهم لمجموعة السياسات والاوضاع الليبية, التي ادت الى ان تدفع ليبيا هذا الثمن الباهض بخروج ابنائها للقتال وان تسفك فيها كل هذه الدماء, وادت للاسف ان تتدخل الدول الكبرى بما لديها من مخططات وثارات امبريالية, لو ان القذافي نظر الى مجموعة من العوامل المهمة في قيادة الدول والمجتمعات في عالم تقوم فيه العلاقات على المصالح وحسبان النتائج وتقدير المسؤليات والقدرة على العبور من الازمة وحساب تكاليف السياسات والتصريحات, فالقيادة الحكيمة هي التي تحافظ على المستوى المعقول من التحرر وتجنب البلاد الازمات والدخول في المشاحنات غير المحسوبة مع قوى كبرى لها مطامعها ومخالبها, وهي ايضا بناء محلي تنموي لا يستهين بالداخل ومتطلباته وحقوقه ولا يهمله ولا يتجاوزه ولا يتكبر عليه او يقلل من شأنه, ولا يستهين بمشاعره فالشعوب هي الباقية ولها الكلمة العليا كما نرى.

محمد عمر غرس الله
كاتب ليبي مقيم ببريطانيا


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ليبيا، الثورة، ثورات شعبية، الثورة الليبية، القذافي، تحرير ليبيا، سقوط النظام الليبي، التدخل الغربي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-09-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم السليتي، عبد الرزاق قيراط ، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمار غيلوفي، محمود فاروق سيد شعبان، علي عبد العال، يحيي البوليني، أحمد الحباسي، أ.د. مصطفى رجب، عبد الغني مزوز، د - مصطفى فهمي، د. طارق عبد الحليم، مصطفى منيغ، أحمد بوادي، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، د - محمد بنيعيش، رمضان حينوني، سيد السباعي، مصطفي زهران، سلام الشماع، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد بشير، الناصر الرقيق، سامر أبو رمان ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بن موسى الشريف ، رافع القارصي، سعود السبعاني، أبو سمية، أشرف إبراهيم حجاج، منجي باكير، مجدى داود، د. صلاح عودة الله ، محمد شمام ، حسن عثمان، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، جاسم الرصيف، فتحـي قاره بيبـان، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، د - الضاوي خوالدية، طلال قسومي، إسراء أبو رمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - صالح المازقي، عواطف منصور، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، حميدة الطيلوش، صفاء العراقي، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، عبد الله الفقير، فتحي الزغل، صالح النعامي ، محمود سلطان، د. عبد الآله المالكي، محمد الياسين، كريم فارق، فهمي شراب، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، عراق المطيري، نادية سعد، تونسي، الهادي المثلوثي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد أحمد عزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، سفيان عبد الكافي، مراد قميزة، عمر غازي، د. خالد الطراولي ، محمد الطرابلسي، صلاح الحريري، محرر "بوابتي"، عزيز العرباوي، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، محمد اسعد بيوض التميمي، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح المختار، عبد الله زيدان، أنس الشابي، فتحي العابد، وائل بنجدو، أحمد ملحم، أحمد النعيمي، صفاء العربي، محمود طرشوبي، د - عادل رضا، محمد العيادي، د- محمد رحال، د - المنجي الكعبي، محمد يحي، ماهر عدنان قنديل، حاتم الصولي، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، علي الكاش، د- جابر قميحة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فوزي مسعود ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة