د.أحمد محمد سليمان - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 12160 Mr.solyman@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الصلاة والسلام على الهادي الأمين، المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله، بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرا، وداعيًا إلى الله وسراجًا منيرا، ونسأل الله منزل الغيث، مخرج اللبن من الفرث، موزع للناس الإرث، واهب الإناث والذكور، جاعل من شاء عقيمًا أن يرحمنا ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وبعد :
بدايةً أريد أن أوضح معنى حسن السمت كما ورد في كتب اللغة حتى يتيسر لنا أن نعرف مغزى الكتاب من عنوانه، كما أريد أن أوضح ثناء الله على من يتحلى بحسن السمت من الناس، وكيف وصف الله تعالى نبيه محمدًا بأنه حسن السمت، ووٌصف نبي الله يوسف بحسن السمت كما ورد في بعض كتب التفاسير وكذلك توضيح معنى الصمت
يقول ابن منظور : " السَّمْتُ: حُسْنُ النَّحْو في مَذْهَبِ الدِّينِ، والفعلُ سَمَتَ يَسْمُتُ سَمْتاً، وإِنه لحَسَنُ السَّمْت أَي حَسَنُ القَصْدِ والمَذْهَب في دينه ودنْياه"(2).
يقول الصاحب ابن عباد في معنى السمت : " السمْتُ: فِعْلُ الخَيْرِ وحُسْنُ النَحْوِ، سَمَتَ يَسْمُت ويَسْمِتُ سَمْتاً. وهو - أيضاً -: السيْرُ بالحَدْسِ والظَّنِّ. وسَمَتَ الطرِيْقَ: لَزِمَه. وتَسَمتَه: تَعَمدَه. والتسْمِيْتُ: ذِكْرُ اللّهِ على الشيءِ. وسَمتَ لهم شيئاً: أي بَينَ. وفي الحَدِيث: "سَموا وسَمتُوا" أي ادْعُوا وصَلُّوا. وسَمَت الحَق : قَصَدْته(3).
يقول الزمخشري : " خذ في هذا السمت وهو النحو والطريق، وما أحسن سمته، وقد سمت نحوه يسمت سمتاً.
قال:
خواضع بالركبان خوضاً عيونها*** وهن إلى البيت العتيق سوامت
وسامته مسامتة. وتسمته : تعمده وقصد نحوه " (4)
يقول الجوهري : " السَمْتُ : الطريق. وسَمَتَ يَسْمُت بالضم، أي قصد. والسَمْتُ : هيئة أهل الخير؛ يقال:ما أحسن سَمْتَه، أي هَدْيه. والسَمْتُ : السير بالظنّ والحدس. وقال :
ليس بها رِيعٌ لِسَمْت السامت وتَسَمَّتَهُ، أي قَصَدَهُ "(5)
هذا ما ورد في كتب اللغة من معنى للسمت أما ما ورد في الكتب التي وضحت غريب الحديث وبينت ما اشتبه علينا من ألفاظ، " يقول الهروي أن السمت له معنيين : ألا وأن أولهما : أن يكون الإنسان حسن الهيئة في مذهب دينه، وليس بأن يكون حسن الهيئة في جمال شكله وحسن زينته، فحسن السمت أن يكون له هيئة أهل الخير ومنظرهم والمعنى الآخر أن السمت يعني الطريق، يقال : الزم هذا السمت، فمعنى السمت أن تلتزم طريقة أهل الإسلام وهيئتهم "(5)
* هذا وقد أثنى الله تبارك وتعالى على السمت الحسن وعلى أهله في غيرما آية، يقول تعالى:
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(الأعراف/26).
روى الطبري في تفسيره عن ابن عباس – رضي الله عنهما – بعد أن ذكر معانٍ كثيرة لمعنى قوله تعالى : " وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ".
" وقال آخرون : بل ذلك هو السمت الحسن. ذكر من قال ذلك : حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال : حدثنا عبد الله بن داود، عن محمد بن موسى، عن الزباء بن عمرو، عن ابن عباس : وَلِباسُ التّقْوَى قال : السمت الحسن في الوجه "(6)
وروى القرطبي _ رحمه الله _هذا القول أيضًا عن ابن عباس :" وقال ابن عباس : "لباس التقوى" هو العمل الصالح. وعنه أيضا : السمت الحسن في الوجه ".
فالسمت الحسن من التقوى وخشية الله فاللهم ألبسنا لباس التقوى في الدنيا واجعله سببًا من أسباب السعادة لنا في الآخرة، اللهم آمين آمين.
ووصف الله سبحانه وتعالى نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – ومن معه من الصحابة بأنهم أشداء أقوياء على الكفار رحماء مع بعضهم بعضا، ووصفهم بأنهم يكثرون الركوع والسجود لله، كما وصف نبيه ووصف من معه بأنهم ممن حسُن سمتهم يقول تعالى:
* قال الطبري في تفسيره : " وقال ابن عباس ومجاهد : السيما في الدنيا وهو السمت الحسن "(7).
* ونقل ابن كثير هذا القول عن ابن عباس أيضًا قال :
" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : سيماهم في وجوههم يعني السمت الحسن "(8).
* كما وصف الله سبحانه وتعالى نبيه يوسف بحسن السمت كما ورد عن ابن كثير في تفسيره للآية ( 36 ) من سورة يوسف، يقول تعالى :
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
* يقول ابن كثير في تفسيره : " قال السدي : كان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالاَ على سمه في طعامه وشرابه، وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث، وحسن السمت، وكثرة العبادة، صلوات الله عليه وسلامه "(9).
-------------
(1)هذا المقال وما سيليه بإذن الله استقطعته من مقدمة تحقيقي لكتاب الإمام جلال الدين السيوطي – رحمه الله- وهو حسن السمت في الصمت, وقد طُبع هذا الكتاب قبل عامين, في جمهورية مصر العربية .
(2) انظر لسان العرب لابن منظور مادة " سمت " ( 2 / 46 ) , ط : دار صادر – بيروت لبنان الطبعة الأولى ( 1 – 15 ) .
(3) انظر المحيط في اللغة مادة " سمت " .
(4) انظر أساس البلاغة .
(5) انظر الصحاح للجوهري .
(5) انظر غريب الحديث لأبي عبيد الهروي : ( 3 / 384 ) , تحقيق : د . محمد عبد المعيد خان , ط : دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان , الطبعة الأولى 1396هـ , ( 1 – 4 ) , وانظر : " غريب الحديث " لابن الجوزي: ( 1 / 495 ) , تحقيق : د . عبد المعطي أمين قلعجي , ط : دار الكتب العلمية – بيروت , الطبعة الأولى 1985م (1 – 2 ) .
(6) " جامع البيان في تأويل القرآن " محمد بن جرير الطبري : ( 12 / 367 ) , تحقيق : أحمد محمد شاكر , ط : مؤسسة الرسالة , الطبعة الأولى , 1420هـ - 2000م , ( 1 – 24 ) .
(7) " تفسير الطبري " ( 22 / 264 ) , تحقيق : شاكر .
(8) تفسير القرآن العظيم " ابن كثير : ( 3 / 401 ) , تحقيق : سامي بن محمد سلامة , ط : دار طيبة للنشر والتوزيع , الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م .
(9) تفسير القرآن العظيم " ابن كثير : ( 4 / 387 ) .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: