البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 554


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كانت لي معرفة بالمراسلة مع أحد كبار المستشرقين الإنجليز الراحل ادمونت كليفورد بوزوورث، في آخر سنواتي للحصول على الدكتوراه من جامعة باريس - السربون وبالتحديد في سنة ١٩٧٠.

ربطتني به في الأصل صداقته بأستاذي الفرنسي البروفسور كلود كاهان بمناسبة إشرافه على الجانب التاريخي من رسالتي للدكتوراه بطلب من زميله البروفسور شارل بيللا المدير المشرف بالأساس على موضوعي «الدولة الطاهرية في العراق وخراسان، تاريخها وأدبها». وهي دولة وراثية قامت في عهد المأمون وامتدت بعده الى أكثر من قرن في شرق الخلافة العباسية، كالأغالبة في إفيقية والمغرب.

وكانت المناسبة تكليفي من طرف الأستاذ كاهان بكتابة بحث عن أصول الطاهرين في الدعوة العباسية، لنشره في مجلة «أرابيكا» الاستشراقية للتعريف بنفسي وباختصاصي قبل أن أمر الى مرحلة الحصول على الدكتوراه، باعتبار تلك الأصول التي وجدني في مقدمة عملي كشفت عنها كانت مجهولة قبلي. ولقي هذا المقال قبل نشره صدى لدى زميله بوزوورث المختص في الإسلاميات وصاحب الأطروحة المنشورة عن الدولة الغزنوية وهي دولة وريثة للطاهرية والدويلات اللاحقة في منطقة خراسان وما والاها (أفغانستان حالياً).
فأثار هذا المقال قبل نشره في المجلة تطلع الأستاذ بوزوورث إليّ فالتمس من الأستاذ كاهان أن يوجه اليه إذا وافقت بنسخة من عملي قبل المناقشة.

فوافقت طبعاً وكانت بداية التعارف.
ووقع أولاً في عملي على النص الكامل لوصية طاهر بن الحسين - مؤسس الدولة - لابنه عبد الله بن طاهر، محققة من مصادر عديدة وأصول نادرة، فترجمها الى الانقليزية ونشرها استناداً إليّ، وأرسل لي بنسخة منها شاكراً جهودي في العثور على ما يوثق هذه الوصية المعتبرة الأطول والأشمل من نوعها في باب الحكم والسياسة الرشيدة في الإسلام.

وأما رسالته هذه المبكرة فكانت للتهنئة بنجاحي في الحصول على الدكتوراه والتطلع إلى النسخة النهائية منها بعد صدورها - كما يتوقع - مطبوعة عن طريق جامعة ليل بفرنسا، في نسخ محدودة لتعريف عالم الاستشراق بها، حتى لا يتأخر ظهورها بسبب ظروف الطبع المتعذرة أحيانا أمام بعض الناجحين.

والذي أريد أن أطلع القارئ عليه بمناسبة نشري لهذه الرسالة هو لفت النظر الى بعض وجوه الخلاف بين قراءة المستشرقين عامة لتراثنا وبين قراءة غيرهم من أبناء اللغة نفسها والحضارة نفسها، التي هي غير حضارتهم ودينهم.

فهو هنا يؤكد على نقطتين هامتين بالنسبة اليه هما انتساب الأقوام غير العربية في الدول التي أسس قوادها حكمهم لها انتقاضا على الخلافة أو بولاية منها، انتسابهم بأحد أجدادهم في دخول الإسلام على يد الخليفة عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وبالولاء للعرب في بعض قبائلهم، كالطاهريين في خزاعة، فيقال في نسب طاهر بن الحسين، الخزاعي، ومثله الوالي علي بن عيسى بن ماهان الفارسي الأصل هو كذلك، والذي كان قائد الرشيد وواليه في خراسان ثم أصبح أحد كبار قادة ابنه الأمين الذي قتله طاهر بن الحسين قبل دخول بغداد وانتصار المأمون بفضله فولاه خراسان، وهي نصف الخلافة العباسية تقريباً شرق بغداد.

واستند بوزوورث الى أن هذه النسبة الى الإسلام متأخرة، وآلية من آليات الحكم، وقد لا تكون حقيقية، وإن ذكرها أكثر من مصدر، لتكررها في صورة الحال وبالمماثلة في حالات أخرى كنسب الغوريين الذين درس دولتهم.

وهذا ليس برأي حاسم في قضية اتصال نسب كل هذه الدويلات التي قامت في الإسلام وانتسبت أصحابها الى العرب ودخول الإسلام علي يد علي لأسباب اجتماعية ودينية. ولا ينفي هذه النسبة مجرّد التشكيك في روايتها، كما زعم بوزوورث هنا، حتى وكأنه يريد أن يبعث الشك فيّ لإسقاط هذه النسبة القائمة بالولاء في القبائل العربية التي حملت الإسلام الى الأقوام الأخرى والتحمت بالعروبة ولغتها المشرفة وبالأخوة الدينية، كالطاهريين في خزاعة.

والأمر الثاني تشكيكه المطلق في المصادر المتأخرة كعامة المستشرقين في القضايا الدينية لزرع الفتنة وإثارة النعرات بين القبائل والشعوب التي آخى بين بعضها الإسلام وبين بعض وأسلمت لحكامها الأصليين المقاد باعتبارهم دخلوا الإسلام.

ومن لطيف انتظاراته في هذه الرسالة المؤرخة بعد أسابيع قليلة من حصولي على الدكتوراه، في غرة مارس من العام نفسه، سؤاله لي هل تسلمت الآن وظيفتك في التدريس بتونس، وكأنه يستشعر ما يعترض مثلي في الدول غير المتقيدة أنظمتها بالضوابط القانونية الأصيلة في التعامل مع أبنائها، أو يكون قد بلغته أصداء الاعتراض على دخولي أصلاً للجامعة التونسية، لمنافسات شخصية، حتى أن المسؤولين فيها وجهوا بموفد من قبلهم بمهمة رسمية الى باريس للتدخل لدى المشرف بيللا لتأجيل المناقشة التي تقرر تاريخها دون علمهم بانتظار الإذن للطالب بذلك، فكان الرد، ومتى كانت جامعة تونس تشرف على جامعة باريس؟

لقد أثارت هذه الرسالة بعض الذكريات والمواقف، لم أترددد في كتابتها لما سمحت لنفسي بنشرها كوثيقة تاريخية.

ومن باب التقدير والمودة وتوطيد الصلات العلمية تمنى الراحل العزيز في آخر رسالته أن نلتقي، وبكل تأكيد ويقول إنه وإن كان لم يزر تونس ولا طبعاً أي جزء من بلاد المغرب ولكن بالإمكان اللقاء معاً بالقاهرة التي سبق له أن قضى بها وقتاً طيباً وألقى بها جملة محاضرات ثلاث بجامعة القاهرة وبالجامعة الأمريكية هناك. لكن حالت الظروف دون اللقاء وتوفاه الله الى رحمته وغفرانه عام ٢٠١٥ عن عمر يناهز ٨٧ عاماً وتراث بعشرات الدراسات والمقالات.

------------
تونس في ٣ جمادى الثانية ١٤٤٤ه‍‍ / ٣/ ١/ ٢٠٢٣م


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الاستشراق، بحوث، الإسلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 3-01-2023  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر
  مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رافد العزاوي، خبَّاب بن مروان الحمد، عواطف منصور، أحمد الحباسي، عبد الله الفقير، أ.د. مصطفى رجب، أبو سمية، حاتم الصولي، حسن عثمان، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، عراق المطيري، المولدي الفرجاني، عمر غازي، وائل بنجدو، مراد قميزة، نادية سعد، عبد الله زيدان، محمد الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، الناصر الرقيق، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن الطرابلسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، مجدى داود، طلال قسومي، محمد عمر غرس الله، أحمد ملحم، صفاء العربي، د - محمد بن موسى الشريف ، رمضان حينوني، جاسم الرصيف، د. مصطفى يوسف اللداوي، إسراء أبو رمان، د- محمد رحال، سعود السبعاني، رافع القارصي، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بوادي، إياد محمود حسين ، إيمى الأشقر، كريم فارق، كريم السليتي، فتحي الزغل، خالد الجاف ، فتحي العابد، الهيثم زعفان، عبد الغني مزوز، علي الكاش، د.محمد فتحي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عبد الآله المالكي، أنس الشابي، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح الحريري، د - عادل رضا، محمود سلطان، تونسي، محمد العيادي، علي عبد العال، د - مصطفى فهمي، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، الهادي المثلوثي، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد محمد سليمان، حميدة الطيلوش، مصطفي زهران، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سليمان أحمد أبو ستة، سامح لطف الله، رضا الدبّابي، صلاح المختار، فوزي مسعود ، محمد شمام ، صفاء العراقي، محمد أحمد عزوز، ضحى عبد الرحمن، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، منجي باكير، د - المنجي الكعبي، محمد يحي، صباح الموسوي ، د - صالح المازقي، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، عبد الرزاق قيراط ، د- محمود علي عريقات، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد النعيمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد اسعد بيوض التميمي، رشيد السيد أحمد، صالح النعامي ، د- هاني ابوالفتوح، د - الضاوي خوالدية، سلوى المغربي، سامر أبو رمان ، يزيد بن الحسين، سلام الشماع، محمد الياسين، محرر "بوابتي"، يحيي البوليني، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، سيد السباعي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة