البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

الثرثرة الدستورية

كاتب المقال سفيان عبد الكافي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5424


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تعتبر اللغة العربية من أرقى اللغات في التعبير ومن أكثرها بلاغة، واعتنى العرب في مقالاتهم وكتاباتهم على الإختصار والبلاغة، بالقول القليل الذي يحتوي على المعاني عدة، وترجمت الحكمة في هذا الصدد حيث قالت العرب:" خير الكلام ما قل ودل..."

وليس هناك نص يستوجب هذه الحكمة وهذا التفعيل اللغوي كالنص الدستوري، الواجب أن يكون نصا عاما شاملا مختصرا وبليغا، ولكن "الثرثرة الدستورية" التي تعاني منها مسودة النص الحالي للدستور حالت دون التقدم والإنهاء، وقد يمتد امد الكتابة إلى ما لا نهاية إذا تواصلت هذه الثرثرة العقيمة، أو قد يأتي نصا ضعيفا تعتريه عاهة السفسطة التشريعية إن صح التعبير امام الاستسلام لنزعات الأحزاب والمنظمات كل منهم يريد ان يضيف نقطة أو فصل او صياغة، وهذا قد ينتج لنا دستورا مشوها لا طعم له ولا معنى.

لقد تناسى أعضاء المجلس التأسيسي ان هذا الدستور هو الأساس القانوني العام والشامل في بناء المجلات القانونية المفصلة لمعانيه والتي تتسم بالتعقيد والتفصيل والتحديد، وهذا يتطلب أخصائيين قانونيين للتعامل التعاقدي والعقابي وهذا ليس من شان العامة.

فمعرفة الدستور وفهمه هو فرض عين على العامة، اما معرف مجلات القانونية والتفصيلات هو فرض كفاية يقوم أهل القانون والإختصاص.

فالدستور يختلف عن المجلات القانونية بشموليته وعموميته التي يجب ان يعلمها ويعيها كل مواطن مهما كان مستواه وبامكانه استعابها وفهمها، فالدستور من الشعب وللشعب والقانون ومجلاته من القانونيين ولأهل القانون، وهذا التفصيل الذي نراه في مسودة الدستور يشكل نقطة ضعف أساسية، وجب تجاوزها لنحصل على دستور توافقي ومن ثم نفصل نقاطه دون الحاجة الى تغيير الدستور أن اردنا ان نغير نقطة قانونية فيه تعتبر فرعية لا تضر بالروح الدستورية العامة، خاصة وان التطور الحضاري السريع يجعل المجموعات البشرية في حاجة إلى تحيين موادها القانونية.

هناك دول متقدمة جدا في المجال الديمقراطي ودساتيرها لا تتعدى بعض الفصول، ولكن مجلاتها القانونية مفصلة ، لا تترك شاردة ولا واردة، فالدستور ينص على المبادئ الدستورية العامة من حقوق وواجبات ويكفي التنصيص على الكونية لتكون مرجعا عاما واساسيا.

وأما شكل الدولة ومنظومة الحكم عموما ومؤسساتها وإدارتها في عمومها نكتفي بالركائز العامة لها، اما إذا اردنا التعمق، نذكر بعض الهيئات المهمة في الرقابة وهذا نعتبره من باب الترف التشريعي الدستوري.
فنحن نقر مثلا بهيئة مستقلة للإنتخاب تشرف على العمليات الإنتخابية ولكن تشكلها ومهامها وسلطتها وتركيبتها نترك تفصيلها في المجلة الإنتخابية، ونقر بسلطات الرئيس عموما بكونها سلطات أمنية وتشريفية، وسلطات الحكومة الترتيبية، والسلطة النيابية التشريعية، وسلطة قضائية مستقلة تفصل بين السلط، والحديث عن كيفية التشكل والإجتماعات والهياكل كيف تمارس وكيف تعقد جلساتها وكيف يقع التصويت وغيرها من هذه المسائل ليس مجاله الدستور.

وأما مبدأ الإنتخاب فهو ثابث بعمومه وكونيته باعتباره انتخابا حرا ومباشرا وسريا وايجاد تفصيل اكثر في الدستور لا يضيف للقيم الدستورية شيئا.
إن الهياكل ومنظومات العمل تتغير بظهور دواع جديدة وتحديدها في الدستور يستوجب الإستفتاء إن اردنا تغييرها وهو خسارة في الوقت والمال وما يخلفه من تأخر او تناحر او يفوت علينا فرص التقدم والبناء لو لم يوافق على التغييرات.

كما ان الغوص في التفاصيل يزيد في اتساع هوة اللا وفاق ما بين الفصائل المشكلة للمجلس التاسيسي مما يحول دون اتمام الدستور.

لابد من القوى الوطنية ان تتفق على نقاط الثوابت في الركائز وتبتعد عن نقاط الخلاف في الثانويات فما يهمنا هو حصولنا على دستور مفهوم للعامة، ومعانيه واضحة، يستند إلى الكونية في المرجعية، ويحتوي على مجال تمططي شاسع في صنع القوانيين وراء الخطوط الحمراء التي يحددها الدستور ويمنع تجاوزها، مثل باب اجبارية التداول للسلطة وفترات الرئاسة وغيرها التي تمس جوهريا بالمنظومة الديمقراطية عند تجاوزها، فالتحديد والتنصيص على كل شيء سينقلب باثار سيئة على حكومات المستقبل في ممارسة حكمهم عندما يجدون الفسح التشريعية ضيقة وهو ما يؤسس لعدم الإستقرار السياسي وانهيار البناء التنموية ويدخل اضطربا على الإقتصاد العام.

انه من المهم ان تبقى مكونات المجتمع المدني قائمة وقوية، وهي وحدها القادرة على تفعيل القيم التي نطمح لدسترتها، فالكلمات في الدساتير لا سلطان لها بدون عين المجتمع المدني الرقيب، وكم من دساتير مثالية مكتوبة في بلدان عدة ولكن بقيت حبرا على ورق ولم تغادر اسطرها.

ولهذا تبقى الديمقراطية التشاركية هي خير امين على قيم الدساتير المكتوبة ولا قيمة لقانون او قيم دون العمل به ومراعاته وحمايته من التعدي بحرص جميع المواطنين مهما كان موقعهم .

ولهذا نرجو من نوابنا الكرام ان يبتعدوا على الثرثرة الدستورية ويرتفعوا بالنص الدستوري عن المزايدات لإعتبارات حزبية واديولوجية وينظرون دوما إلى ان هذا الدستور هو للشعب عامة ويجب ان يفهمه ويعيه كل فرد مهما كان مستواه، فليس كل الشعب من اهل القانون ومتضلع فيه ليقدموا في الدستور كل هذا التعقيد والتفصيل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الدستور، الدستور التونسي، مسودة الدستور،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-01-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، د- محمود علي عريقات، أ.د. مصطفى رجب، تونسي، الهيثم زعفان، فوزي مسعود ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. طارق عبد الحليم، إسراء أبو رمان، صفاء العراقي، إيمى الأشقر، محمد الياسين، محمد شمام ، حميدة الطيلوش، علي عبد العال، د - عادل رضا، صباح الموسوي ، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، سيد السباعي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد يحي، د - الضاوي خوالدية، عمر غازي، إياد محمود حسين ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صالح النعامي ، أبو سمية، سامح لطف الله، عزيز العرباوي، محرر "بوابتي"، فهمي شراب، فتحي العابد، د - مصطفى فهمي، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، محمد عمر غرس الله، د - شاكر الحوكي ، مجدى داود، عواطف منصور، الهادي المثلوثي، محمد الطرابلسي، خبَّاب بن مروان الحمد، يحيي البوليني، د.محمد فتحي عبد العال، حسني إبراهيم عبد العظيم، حسن عثمان، عراق المطيري، سعود السبعاني، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحـي قاره بيبـان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، المولدي الفرجاني، أحمد ملحم، رشيد السيد أحمد، ياسين أحمد، د- محمد رحال، محمود سلطان، عبد الرزاق قيراط ، سفيان عبد الكافي، وائل بنجدو، مصطفي زهران، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، محمد العيادي، د. عبد الآله المالكي، عمار غيلوفي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد الحباسي، د - المنجي الكعبي، د. أحمد محمد سليمان، فتحي الزغل، مراد قميزة، عبد الغني مزوز، أشرف إبراهيم حجاج، رحاب اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، حاتم الصولي، العادل السمعلي، د. صلاح عودة الله ، علي الكاش، حسن الطرابلسي، يزيد بن الحسين، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رمضان حينوني، عبد الله الفقير، ضحى عبد الرحمن، كريم فارق، د- جابر قميحة، منجي باكير، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، نادية سعد، ماهر عدنان قنديل، محمد اسعد بيوض التميمي، د - صالح المازقي، صلاح الحريري، محمود طرشوبي، أنس الشابي، الناصر الرقيق، طلال قسومي، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، كريم السليتي، رافع القارصي، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله زيدان، محمد أحمد عزوز، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد بشير، أحمد النعيمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء