البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

"استفتاء الخداع"

كاتب المقال وائل بنجدو - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9693


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بعد هروب الرئيس المخلوع من غضب الثورة ظهرت عديد المقترحات الساعية للتأسيس لمرحلة ما بعد "بن علي"، وكانت في أغلبها اقتراحات حاولت تحويل الثورة إلى مجرد انقلاب النظام على رأسه مع إدخال بعض التعديلات الشكلية عليه والتي لا تمس جوهره. فكان من بينها التوجه لانتخابات رئاسية في غضون ستة أشهر بنفس الدستور البالي الذي ميز نظام 7 نوفمبر، ومنها أيضا تعديل بعض الفصول في نفس الدستور وكذلك العودة لدستور 1959. لكن الشعب التونسي كان يعلم أن كل هذه الاقتراحات هي محاولات يائسة للنفخ في جثة هامدة، فتوجه الثوار إلى النضال من أجل فرض انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ونجحوا في ذلك إثر اعتصام القصبة 2، ولكن انطلقت حملة في الأوساط الرسمية تدعو إلى استفتاء حول تحديد مهمة المجلس التأسيسي في إعداد الدستور خلال مدة زمنية تتراوح بين 6 أشهر وسنة.
فما هي الغاية من الاستفتاء ؟

فلنتذكر جيدا أن هذا الاستفتاء كان اقتراح الأحزاب التجميعية في 1 جوان، الذين ليس من صالحهم القضاء النهائي على النظام السياسي الاستبدادي، لأن ذلك سيفقدهم بالتأكيد عديد الامتيازات.
إن هذا الاستفتاء هو في الأصل استفتاء حول التخلي عن خيار المجلس التأسيسي بطريقة ملتوية ومخادعة، ذلك أنه يتنافى مع المفهوم الأصلي لهذا المجلس من خلال حصر مهمته في كتابة الدستور.
إذا كانت مهمة المجلس التأسيسي هي القطع التام والنهائي مع النظام الاستبدادي، وإرساء أسس النظام الديمقراطي، فهل يمكن أن يتم ذلك فقط من خلال الدستور ؟

يعتبر الدستور "أبو القوانين" الذي تقوم عليه التشريعات المقبلة وهو الذي ينظم أسس إدارة الدولة، ولكن عديد البلدان تمتلك دساتير ديمقراطية، في حين ترزح تحت نيران الظلم والاستبداد، فالديمقراطية في الأساس نظام سياسي وثقافة وسلوك اجتماعي وقوانين ومؤسسات معا، بمعنى أنه لا يمكن تطبيق فصول الدستور – حتى إن كانت أكثر الدساتير ديمقراطية – إذا لم تتوفر الأرضية الملائمة لذلك :

•لا يختلف إثنان على أن استقلال القضاء هو إحدى أهم ضمانات الانتقال الديمقراطي، فكيف يمكن لمجلس تأسيسي مجرد من صلاحياته التأسيسية والتنفيذية أن يتخذ القرارات الأزمة خدمة لهذا البلد ؟ !
•من المسائل الأخرى التي ظلت عالقة بسبب عجز أو تواطئ الحكومة الحالية ملف القناصة والقتلة الذين وقعت ترقيتهم ومازالت وزارة الداخلية تتستر عليهم بكل السبل بما في ذلك المرد على أحكام القضاء !
•القضاء على كل الأجهزة القمعية السرية منها و العلنية وإعادة بناء المنظومة الأمنية التي كانت تمثل الذراع العسكرية بيد النظام وتحويلها إلى أمن جمهوري همه الأول أمن العباد والبلاد.
•مراجعة المديونية و الاتفاقيات الدولية السابقة...

من هنا فإن عملية الانتقال الديمقراطي لا ترتبط فقط بكتابة دستور يقر إرادة الشعب، بل أيضا ببناء المؤسسات وتوفير الشروط لتطبيقه، ولن يتم ذلك إلا عبر حكومة تعبر عن الثورة وتمثل مبادئها، وليس بحكومة "الباجي قائد السبسي" التي تنكرت حتى لجرحى الثورة (الذين يسقطون نتيجة الإهمال الصحي)، متناسية أن وجودها على سدة الحكم يعود الفضل فيه لكل فكرة دم سالت على أرض تونس.
مع كل هذه المفارقات يدافع دعاة هذا الاستفتاء عن بقاء هذه الحكومة حتى بعد انتخاب المجلس التأسيسي.

أما محسن مرزوق – المدافع الشرس عن هذا الخيار و نجم الإعلام في هده الفترة – وبعد أن بات مسلما أن الناس لن تقبل بتواصل الحكومة الحالية فيقول : "لم نستثن توجه تغيير الحكومة" ولكنه يستثني في ذات الوقت أن تعيين الحكومة من قبل المجلس التأسيسي أو تنبثق عنه، فمن سيعين هذه الحكومة؟
بالتأكيد سيكون (حسب هذا الاقتراح) السيد "فؤاد المبزع" – رئيس برلمان "بن علي" السابق – ومن ورائه حكومة الظل وبالتالي ستبقى السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة بيد أركان النظام النوفمبري، وهو ما لا يخدم الثورة بأي حال من الأحوال.
أكد "الباجي قايد السبسي" في أول ظهور له كرئيس للحكومة أن سيسلم الأمانة لأصحابها (أي السلطة التي لم يكن أمينا عليها) يوم 24 جويلية سواء وقعت الانتخابات أم لم تقع. وعاد ليؤكد في آخر خطاباته أن الحكومة سترحل بعد عقد أول اجتماع للمجلس التأسيسي ولكنه أطلق في ذات الوقت حملة إعلامية من أبواق السلطة لتمرير هذا الاستفتاء المهزلة !

يتضمن كذلك هذا الاقتراح دعوة إلى انتخاب رئيس جمهورية وبرلمان في ظرف عام : إن هذه الانتخابات التي تسبق بناء المؤسسات الديمقراطية هي عودة إلى نقطة البداية. أما في ظل نظام القانون المكتمل البناء على يد المجلس التأسيسي وحكومته فإن إعادة إنتاج الفساد والاستبداد هي ضرب من المستحيل حتى بوجود المستبدين والفاسدين.

يتساءل "بنو استفتاء" (كما سماهم منصف المرزوقي) : لماذا يخاف المعترضون على هذا الاستفتاء من قرار الشعب التونسي ؟ أما أنا فأسألهم : لماذا تخافون من إرادة الشعب التونسي المتمثلة في المجلس التأسيسي باعتباره منتخبا مباشرة من الشعب ؟ ! إنها السياسة الانتقائية وسياسة الكيل بمكيالين حتى في ما يخص إرادة الشعب.
نفس الذين كانوا ينادون بعدم الخروج عن "التوافق" والشرعية (بالنسبة لهم انقلاب 7 نوفمبر أسمى أنواع الشرعية) أيام بن علي أصبحوا اليوم يخافون من الشرعية الانتخابية ويحاولون محاصرتها والحد منها بمساعدة بعض أحزاب "المعارضة" التي لم تخفي دفاعها عن نظام بن علي منذ 13 جانفي حين خرجت مهللة بخطابه الأخير، وهي ذات القوى والشخصيات التي جعلت من نفسها الناطقة الرسمية باسم السلطة والتي عارضت منذ البداية خيار المجلس التأسيسي.

إن الاستفتاء المصاحب للانتخابات الذي ينادي به الناطقون الرسميون باسم السلطة، هو دعوة خبيثة لان يعلن الناخب عن ندمه على ما أقترفه من "ذنب" حين أختار مرشحيه و ذلك عبر القيام بتجريدهم من صلاحياتهم و انتخاب مجلس مبتور الأطراف و غير قادر على اتخاذ قرارات لصالح الثورة. لا بديل لإتمام مهام الثورة عن انتخاب مجلس تأسيسي لديه كل الصلوحيات وقادر على افتكاك السلطة من بقايا نظام بن علي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، المجلس التأسيسي، الإستفتاء، محسن مرزوق،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-09-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم السليتي، محمود سلطان، رشيد السيد أحمد، عبد الغني مزوز، د- محمود علي عريقات، د - المنجي الكعبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بوادي، صفاء العربي، أبو سمية، عزيز العرباوي، د. أحمد بشير، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الرزاق قيراط ، رمضان حينوني، حميدة الطيلوش، محمد شمام ، د. أحمد محمد سليمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إسراء أبو رمان، خالد الجاف ، أنس الشابي، حسن عثمان، العادل السمعلي، سلام الشماع، صفاء العراقي، تونسي، وائل بنجدو، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، علي عبد العال، صالح النعامي ، يزيد بن الحسين، د - محمد بنيعيش، منجي باكير، الهادي المثلوثي، د - محمد بن موسى الشريف ، يحيي البوليني، فتحي الزغل، د - صالح المازقي، صلاح المختار، مصطفي زهران، د- هاني ابوالفتوح، محمد عمر غرس الله، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، سامر أبو رمان ، د. عبد الآله المالكي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فهمي شراب، عواطف منصور، حسني إبراهيم عبد العظيم، إيمى الأشقر، محمود طرشوبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، رضا الدبّابي، عبد الله زيدان، عمار غيلوفي، عبد الله الفقير، د - مصطفى فهمي، فتحي العابد، محرر "بوابتي"، ضحى عبد الرحمن، أحمد الحباسي، جاسم الرصيف، أحمد النعيمي، الناصر الرقيق، د- جابر قميحة، مراد قميزة، حسن الطرابلسي، عراق المطيري، د - الضاوي خوالدية، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إياد محمود حسين ، حاتم الصولي، طلال قسومي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد أحمد عزوز، المولدي الفرجاني، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، د - عادل رضا، كريم فارق، سامح لطف الله، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، سيد السباعي، صباح الموسوي ، مجدى داود، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، ماهر عدنان قنديل، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، نادية سعد، د. طارق عبد الحليم، محمد الياسين، مصطفى منيغ، محمود فاروق سيد شعبان، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، محمد الطرابلسي، رافد العزاوي، سلوى المغربي، رافع القارصي، د- محمد رحال، د. صلاح عودة الله ، أحمد ملحم، فوزي مسعود ، صلاح الحريري، محمد يحي، د. خالد الطراولي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء