البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

اليمن في الربيع العربي

كاتب المقال محمد عمر غرس الله - كاتب ليبي / بريطانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5676


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في طريقها للثورة، لم تكن اليمن في حاجة سوى لعود ثقاب البوعزيزي - في قرية سيدي بوزيد التونسية - لتتلقف الشرارة التي أشعلت بننزين الثورة المسكوب بالظروف المأسوية للمجتمع اليمني، فعجت الساحات، وتوالى الحشد للجمع، جمعة بعد جمعة في حماس دفع فيه الشباب الثائر الارواح في سبيل تحقيق أهدافه، ورحل رأس النظام وبقى النظام أو ما تبقى منه في المشهد السياسي يلعب دوراً متمثلاً في الحزب الحاكم وأذرعه، ومقربيه، حتى من التيارات السياسية الاخرى، فكيف تميزت الحالة اليمنية في الربيع العربي عن اخواتها؟

لا تختلف أسباب الربيع العربي في بلدان المنطقة في الكثير حول أسبابها، رغم بعض التباينات هنا أوهناك، إلا إن القاسم المشترك بينها جميعا كان الواقع التنموي وغياب التحديث والعصرنة، حيث كان الواقع المعاش تنمويا - بإمتياز -الوقود الأكبر الذي حرك قاع المجتمع لتلك الهبة الملتهبة من حضرموت شمال أفريقيا( سوسة التونسية) الى حضرموت الربع الخالي( المكلاء) ببحر من البسطاء الذين أضناهم التخلف التنموي وتخشب الأنظمة المهترئة، غير إن مسيرة الثورة ونتائجها في بلدان الربيع الربيع العربي لم تكن متساوية او في نفس الإتجاه، حيث أفضت الثورة اليمنية إلى صفقة ومساومة - بمباركة إقليمية وقيادة أممية - أكثر منها إطاحة بنظام سياسي متكامل، وبقت مطالب الثورة الأساسية - معلقة - عبر التفاوض بين يدي (بن عمر وساعدة السفير) ومرهونة بالأيادِ الكثيرة المنغمسة في الطبخة اليمنية.

ولعل طبيعة اليمن الإجتماعية وطبيعة مراكز القوى، وطبيعة الإختناقات فيها، وواقع الفعل الثوري يمنياً - مثل بقية بلدان الربيع العربي بعدم وجود رؤية أو مشروع واضح للثورة بعد كلمة (إرحل) - ساقت الامور إلى ما سارت عليه، حيث قفزت من عمق الأزمة الإجتماعية إلى واجهت الثورة - في لحظة واحدة معا - ( قوى قبلية أسرية - الحوثيين - الحراك الجنوبي - تكتل اللقاء المشترك - وحدات عسكرية مُنشَقة) الذين صاروا فيما بعد هم المفاوض بإسم الثورة ومطالبها والمتحدث بإسمها كلاً بما لديه من نزعة ومطالب - تتقاطع مع بعضها البعض - فلم يعد للثورة يد ولسان ومطلب مشترك بعد رحيل رأس النظام، وصارت أقرب للتقاطع منها للإتفاق، من أجل تحقيق مطالب خاصة.

ولعله من المنصف القول إن الثورة اليمن ( بصفقتها) تفادت فداحة الفعل الثوري والتدخلات الخارجية فيه بالمقارنة بالنموذج الليبي الأكثر فداحة عربياً ( حجم الخسائر في الارواح والخسائر المادية)، ويمكن أن يحسب للصفقة تخفيف الأضرار على بلد هو في أمس الحاجة لتبقى فوهات البنادق والمدافع بعيدة عن التجاذبات رغم الحوادث المأسوية التي حدثت في عدن، والحصبة أو في الساحات، والتي تعد ضريبة مقبوله - ربما - لو حسبت في حساب الفعل الثوري الوطني وليس في حساب أحد الاطراف المطلة برأسها من وسط الثورة لتجني مطالبها الفئوية، رغم صدقية وموضوعية مطالبها ، ولعله من المنصف أن لا توضع جميعها في سلة واحدة من التقييم، فثمة تراكمات إجتماعية ومطلبية كبيرة وعميقة وحقيقية في مسيرة البلاد تاريخياً وخاصة في موضوع الحراك الجنوبي وأبعاده وأسبابه الجوهرية، وموضوع الحوثيين وأبعاده وأسبابه أيضاً.

إن عملية إسقاط النظام وصعود المعارضة ربما لا يعني إتصار الثورة بالمعنى الحقيقي - إلى الأن - الأمر الواضح جداً في بلدان الربيع العربي، حيث تم تبادل المواقع بين الحكم السابق والمعارضة السابقة، بل إن الامر في اليمن سار في إتجاه تقاسم المناصب مع الحزب الحاكم نفسه، وبقت الثورة تمور في الساحات والميادين وحناجر الشباب الثائر التواق للتنمية والعمل والبناء والحرية، وهذا الامر يبدو واضحاً في الحالة اليمنية التي قاد فيها ( أحزاب اللقاء المشترك) دفة الثورة السياسية مما جعل الثورة تكريس لتجاذبات قديمة أكثر منها حالة شعبية جارفة تطالب بالتغيير الكامل، فتم تثمير الفعل الثوري على صورة التي نراها، هذا على المستوى المحلي، أما الاقليمي فإن الثورة اليمنية - نتيجة لفقدان الرؤية - فوتت فرصة كبيرة في الضغط والمساومة بقبول التدخل الخليجي بثمن الإنظمام لمجلس التعاون الخليجي أو حتى جدولته زمنياً لمنطقيته، هذا الإنظمام الذي يعتبر طبيعياً ( ديموغرافياً وجغرافياً) بكل المعايير، خاصة بالمقارنة بما قيل عن مشروع إنظمام الأردن والمغرب الى مجلس التعاون.

إن الثورة اليمنية في تاريخيتها ليست مفصول عن التاريخ السياسي اليمني الزاخر جداً بالمفاوضات والتفاوض، بل وإن القوة الوطنية اليمنية تمتلك إرث كبير في التعامل مع الأزمات والإحتقانات وهو راجع الى خبرة القوة الوطنية وتجذرها وإلى الموروث القبلي وطبيعة العلاقات الاجتماعية وتراتبيتها ووطنيتها المتميزة، وهي من جهة أُخرى الأكثر سيلا في الإنتاج الفكري الناضج عبر وسائل الاتصال الحديثة والصحف الصادرة، ورغم كل حالات النشاز التي إعترت المسيرة الثورية وفتاوي التكفير للكثير من الكاتبات اليمنيات، إلا إن الثورة اليمنية تمتلك عمق شبابي ناضج له رؤية ونشاط وحيوية، الأمر الذي يعد بعبور واثق للازمة الحالية بأقل الخسائر الوطنية، خاصة وأن الدولة بمعناها المؤسسي قائمة بالمعني اليمني للمؤسسة، وأيضا القوة الأمنية والعسكرية متماسكة، مما حافظ على هيبة الدولة وإطارها العام وهي في حالة مخاضها التاريخي، فيبقى على القوة الوطنية اليمنية مطلب العمل على التنمية كهدف أول وأساس من اجل العصرنة والتحديث، فالتنمية هي الحرية، وهي الديمقراطية، وهي التقدم، وهي الوحدة، ولا يجب إغفال وإهمال السبب التنموي للثورة التي قام بها الفقراء المعدمين أكثر منها تعبير إنتلجنسيا سابحة في عالم المثل وتنميق العبارات.

إن الثورة وأهدافها ستبقى معلقة بين واقع الفقر والعوز والإقطاعية القبلية، وحلم التنمية والعصرنة والتحديث، فالمعنى العصري للثورة ليس فقط شعراً و نثراً و هتافات، أو شعارات خطابية صارخة، بل تنمية وبنية تحتية وتدفق أموال وإستثمارات ورخاء إقتصادي، والذي ينعكس على ألإنسان والأُسرة والارض(وهو ما تحتاجه اليمن) ألامر المطلوب اليوم العمل عليه وتثمير العلاقات الخارجية وتدخلاتها- خليجياُ وعربياً ودولياً - من أجله،ولعل اليمن أقرب إلى النموذج الخليجي التنموي المبهر - وخاصة في الإمارات العربية المتحدة - بما تملكه اليمن من موقع جغرافي وكفاية ديموغرافية،وخصوبة أرض وإرادة إنسان كادح لا تقهر، وتاريخ وموروث وإرث عميق من الحضارة ضاربة في جذور التاريخ منذ عصر أرض الجنتين.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

اليمن، الثورات العربية، الربيع العربي، ذكرى الثورة اليمينة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طلال قسومي، رضا الدبّابي، د - صالح المازقي، مراد قميزة، د - محمد بنيعيش، حسن عثمان، أحمد النعيمي، أحمد الحباسي، سفيان عبد الكافي، د. صلاح عودة الله ، أحمد ملحم، فتحي الزغل، كريم فارق، رمضان حينوني، د. عبد الآله المالكي، د. طارق عبد الحليم، أشرف إبراهيم حجاج، مجدى داود، محمد أحمد عزوز، سعود السبعاني، فتحي العابد، محمد اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، صالح النعامي ، وائل بنجدو، مصطفى منيغ، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، سلوى المغربي، د - عادل رضا، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- جابر قميحة، منجي باكير، تونسي، رشيد السيد أحمد، محمد الطرابلسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، أ.د. مصطفى رجب، رافد العزاوي، إياد محمود حسين ، فوزي مسعود ، جاسم الرصيف، محمد شمام ، د- هاني ابوالفتوح، سلام الشماع، خالد الجاف ، ضحى عبد الرحمن، العادل السمعلي، الهيثم زعفان، سامر أبو رمان ، محمد العيادي، محمود فاروق سيد شعبان، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، أبو سمية، محمود سلطان، علي عبد العال، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد بوادي، عبد الله زيدان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العراقي، عمار غيلوفي، كريم السليتي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحـي قاره بيبـان، عبد الرزاق قيراط ، عمر غازي، إسراء أبو رمان، علي الكاش، محرر "بوابتي"، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - شاكر الحوكي ، د - مصطفى فهمي، د. أحمد محمد سليمان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمود علي عريقات، سيد السباعي، عراق المطيري، سامح لطف الله، صلاح الحريري، د - الضاوي خوالدية، المولدي الفرجاني، حاتم الصولي، حميدة الطيلوش، إيمى الأشقر، الناصر الرقيق، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، عبد الغني مزوز، رافع القارصي، د- محمد رحال، نادية سعد، د. خالد الطراولي ، صلاح المختار، محمود طرشوبي، محمد الياسين، صباح الموسوي ، صفاء العربي، محمد يحي، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الله الفقير، فهمي شراب، يحيي البوليني، مصطفي زهران،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء