البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي الإدراجات
مقالات متعلقة بالكلمة : تونس

السلفيون في تونس: بين التكتيك العلماني والبعد عن القيادات

كاتب المقال عمّار عبيدي   
 المشاهدات: 7389



لا يختلف عاقلان مطّلعان على المشهد التونسي اليوم على أنّ كل الأعين مفتوحة أشدّ ما يمكن ومسلّطة كالظلّ على التيّار السلفي تصطاد هفواته... وإن لم توجد فهي تخلقها وتصنع الحدث، ويكفي أن تتابع أحداثا وقعت هنا وهناك لتدرك أن هذا التيار يسير على حبل فوق فوّهة التكتيك العلماني، لضربه أولا، ثمّ التفرّغ بعد ذلك لحركة النهضة.

كما لا يمكن لعاقل أيضا أن ينكر أن التيار أفصح عن « برنامجه» المستقبلي في تونس، من خلال تصريحات القيادات المتكررة، بأن تونس أرض دعوة بالنسبة للسلفيين. ولعل ما طالب به أبو عياض (سيف الله بن حسين) من أن يترك الساسة والإعلاميون المتحاملون أفراد التيار، كي يتواصلوا مع الشعب التونسي، حين قال: « خلّوا بيننا وبين شعبنا »، هو خير دليل على نيّة التيار التوجه مباشرة بالدعوة للمواطن التونسي، دون فرض ذلك بالسلاح، إلا أن تلك الدعوات تمت مواجهتها بكلمة واضحة « التهديد» ثم « التهديد» ...

التجريم ثمّ التجريم


وتأبى أطراف عديدة إلا أن تسير في الاتجاه المخالف، لهذا النسق السلفي، السلمي من خلال رصد التحركات السلفية وتجريمها، استفزازا وتحريضا، فوقفة السلفيين أمام سفارة أمريكا فتحت بابا من الهجوم على التيّار شتما وسبّا. وهنا لا يستوعب عاقل لماذا يهاجَم السلفيون في وقفة من أجل كتاب الله الذّي حرق في أفغانستان من طرف الاحتلال الأمريكي، حتى أن وقفتهم في شارع الحبيب بورقيبة جلبت لهم ذات المصير، من سب وشتم ومطالبة بالمحاسبة، من أجل تصريحات حول قتل اليهود، أو من أجل تعليق راية العقاب فوق الساعة الكبيرة وسط العاصمة التونسية.

لعل سيل التهم والإشاعات الذي يلاحق التيار لا يحصى ولا يعد، ولعل أبرزه تهمة إهانة علم تونس عندما أقدم شاب بصفة فردية بوضع علم الخلافة فوق علم تونس، والحال أنّ العلم دنّس ألف مرّة من طرف الذّين طلبوا تدّخل فرنسا في بلدهم لأن النهضة فازت، ومن الذّين فرّوا إلى الجزائر وتنكّروا لتونس بسبب بطونهم، ومن الذين رفعوا علم الاستقلال الرديّف من ولاية قفصة عن الجمهورية التونسية، ومن الذّين زاروا السفارات الأوروبية في تونس ليسقطوا الحكومة فأسقطتهم المخابرات التركية متلبسين في هذه السفارات، لكن الجميع تذّكر الوطنية على حين غرّة عندما تعلّق الأمر بالطرف الأضعف إعلاميا ألا هو الطرف السلفي .. عندها تذكّر الجميع الوطنية، وعزفوا على وتر التهديد السلفي.

في الحقيقة هذه الاستراتيجية التي انتهجها الطرف العلماني في تونس، أملا في ضرب «عصفورين بحجر واحد»؛ أوّلهما: الوقيعة بين السلطة الإسلامية الممثلّة في حركة النهضة والسلفيين وبالتالي سجنهم فرادى وجماعات كما فعل بن علي، وثانيهما: نزع تلك الصورة عن حركة النهضة التي ارتبطت بالإسلام في أوساط العامة لتخسر هذه الحركة أهم سبب جعلها تكسب الانتخابات وهو صورة الحزب الذي يمثّل الإسلام.

ولعل ما لا يستطيع أحد تفسيره هو انخراط بعض رموز الحركة الحاكمة اليوم في تونس في دائرة الوعيد للتيار السلفي، ولعل أقرب تفسير لتصريحات مثل التي «جادت» بها قريحة وزير الداخلية الإسلامي حول قرب المواجهة مع التيار السلفي، وقرب عزله وسجن أفراده، هو ما أشرنا إليه سابقا من انخراط النهضة في ما سمّي الحرب العالمية على الإرهاب، التي أطلقتها أمريكا، وانخرطت فيها الدكتاتوريات العربية، طلبا للبقاء في السلطة. ولعل الفشل النسبي لحركة النهضة في الاستجابة لمتطلبات الثورة هو السبب في انسياقها وراء نمط التفكير الذي أخذ الدكتاتوريات إلى الهاوية، وهو كسب العلاقة مع الغرب، للبقاء في السلطة في مقابل هرسلة الإسلاميين المتمسّكين بمبدأ الحاكمية.

المشاكل ستتواصل


للأسف نقول إنّ مشاكل التيّار السلفي ستتواصل لأسباب عديدة لعلّ أبرزها ما أسلفناه من استراتيجية علمانية محورها الأساس الإطاحة بالسلفيين، عاجلا أو آجلا، قبل التفرغ للنهضة وعزلها، ولعل السبب الأبرز في تواصل الهجوم على التيار ينطلق من داخل التيّار نفسه وهو « الشطحات» اللامسؤولة من بعض الأفراد الذّين تأخذهم نشوة المظاهرات، ويتناسون لدقائق بأنّ ألف كاميرا هنا وهناك تترصدّ الزلّة، صغيرة أو كبيرة، وإن لم توجد فهي تخلقها، ولعلّ ما قامت به القناة الرئيسية « تونس 7»، في الوقفة المطالبة بتطبيق الشريعة، خير دليل على ما أسلفنا، فلقد تركت عدسة القناة المظاهرة، ولم تتحدث عنها، بل ترصدت وراء الفخ الذي نصب للسلفيين، المتمثّل في تظاهرة مسرحية، تزامنت مع الوقفة، لتصطاد صيدا ثمينا، وهو تلاسن بين مشاركين في التظاهرتين، لتتحدث على أن السلفيين « خطر» على تونس، والسلفيون يقعون في مثل هذه الأفخاخ، جهلا أو تقصيرا، وذلك سيعمّق معاناة التيار، إن لم يلتزم بأوامر قيادته، ويتخلى عن عنتريات، قد يتحمّل وزرها مستقبل دعوتهم في تونس.

أبو عياض وتشكلّ الشخصية القيادية


بدا المشهد السلفي إلى حدود السنة الأولى بعد الثورة متفتّتا، لا يلتزم برؤية واضحة، إلى غاية ما يمكن أن يطلق عليه بيان تاريخي للسلفية في تونس ألا وهي الكلمة التّي قالها أبو عياض في جامع الفتح، منذ أشهر، والتّي وردت في طيّاتها نقاطا مهمّة كشفت عن شخصيّة جديدة لأبي عياض التونسي الذّي بدا ملمّا بالواقع التونسي، بل قد لا نبالغ لو قلنا أنّه أحدث انقلابا واضحا في خطاب التيّار السلفي. فجمع ما هو مطلوب في مقوّمات الخطاب الإسلامي الحقيقي في رسائل، أوّلها كان لأفراد التيّار حين خاطبهم بمنطق الواعظ، حاثّا إيّاهم على الرجوع للعبادات والتمسّك بالقرآن، والخطاب الثاني كان للحكومة التّي طالبها في جملة: « خلّو بيننا وبين شعبنا»، ثمّ خاطب الإعلام أيضا لتهافت الإعلاميين على قادة التيّار من أجل أخذ تصريحات وتحقيق « صفقات إعلامية رابحة».
ولعلّنا إنْ حلّلنا معالم الخطاب لما اكتفينا مما أظهرته الرسائل، لكلّ الأطراف، من قدرة نوعية لدى الرجل في تمثّل الخطاب الإسلامي الرابط بين الواقع والمأمول، كما أنها أظهرت أيضا قدرة أبي عياض على كسب احترام أغلب القواعد.

بقيّة القيادات ..


لا يوجد جدل بين السلفيين، كما في خارج التيّار، لدى الأوسط المطّلعة على أنّ الشيخ الخطيب الإدريسي قيمة علمية ثابتة، لكن الرجل لأسباب عديدة لا يستطيع أن يكون قيادة للتيّار السلفي، بل من المرجّح أن يبقى ذلك المرجع العلمي، الذّي لا يستطيع حتّى أبو عياض أن يتخلّى عنه، لذلك لا يمكن القول بأن الشيخ الإدريسي هو القيادة السياسية إن صحّ التعبير للسلفية.
ومن جهة أخرى بدأ نجم أبو أيّوب التونسي بالأفول والانسحاب بهدوء من محاولات القيادة، ربّما يقينا منه بأنّ المجال بات مفتوحا أكثر لأبي عياض لقيادة المرحلة.

القواعد تائهة..


قد يكون الحديث عن أبي عياض لقيادة التيار السلفي واردا بالنظر إلى وضوح الأفكار والرؤيا لديه، لكن « المخيف» ليست القيادة بل افراد التيار وعدم الانصياع الى توجيهات القيادة التّي تتصرف برصانة أكبر وحرفية سياسية استطاعت سكب الماء على ما أشعله الإعلام من نار في مناسبات كثيرة.
العناصر السلفية مطالبة بالالتفاف وراء هذه القيادة التي بدأت في تشكيل معالم واضحة للعمل الدعوي في تونس غايته دولة اسلامية، ومنهجه لا يتعارض أبدا مع متطّلبات مرحلة شائكة ومفصلية، تتطلّب الدقّة كالعملية القيصرية، فهل ستستجيب القواعد؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، السلفية، أبو عياض،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-04-2012   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خالد الجاف ، محمد الياسين، سلام الشماع، عبد الله الفقير، محمد اسعد بيوض التميمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - عادل رضا، صفاء العربي، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، إياد محمود حسين ، عبد الله زيدان، محمد عمر غرس الله، فتحي العابد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رشيد السيد أحمد، خبَّاب بن مروان الحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ماهر عدنان قنديل، محمود فاروق سيد شعبان، طلال قسومي، الهيثم زعفان، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- محمد رحال، صلاح الحريري، أحمد النعيمي، سامح لطف الله، أحمد الحباسي، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د. مصطفى رجب، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، رمضان حينوني، رافع القارصي، سلوى المغربي، جاسم الرصيف، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، رضا الدبّابي، د. أحمد بشير، محمد شمام ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بنيعيش، د. صلاح عودة الله ، عزيز العرباوي، د. خالد الطراولي ، سيد السباعي، محرر "بوابتي"، د. مصطفى يوسف اللداوي، سعود السبعاني، محمود طرشوبي، د. طارق عبد الحليم، أحمد ملحم، حسن عثمان، حسن الطرابلسي، وائل بنجدو، إسراء أبو رمان، فوزي مسعود ، إيمى الأشقر، علي الكاش، رافد العزاوي، صباح الموسوي ، محمود سلطان، صلاح المختار، فهمي شراب، مراد قميزة، أحمد بوادي، يحيي البوليني، محمد يحي، يزيد بن الحسين، د - المنجي الكعبي، حميدة الطيلوش، عمر غازي، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، نادية سعد، عراق المطيري، فتحي الزغل، د- محمود علي عريقات، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، كريم فارق، د.محمد فتحي عبد العال، تونسي، العادل السمعلي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، سفيان عبد الكافي، صالح النعامي ، د- هاني ابوالفتوح، د - صالح المازقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، مجدى داود، علي عبد العال، أبو سمية، عبد الرزاق قيراط ، د. عبد الآله المالكي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - شاكر الحوكي ، محمد العيادي، مصطفى منيغ، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفي زهران، كريم السليتي، د. أحمد محمد سليمان، حاتم الصولي، صفاء العراقي، الهادي المثلوثي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء