البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإعلام البائس

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 908


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من يتمكن من مشاهدة وقراءة الإعلام الأوربي، وخاصة الإعلام المتقدم (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وأسكندنافيا)، وافترض أن وسائط البث والتقاط القنوات الكثيرة بواسطة الصحن تتيح ذلك اليوم بوفرة، فاليوم أجهزة صغيرة الحجم تلتقط ألاف من القنوات بلا صحن (دش)، ويقرأ الصحف بتفحص، يتعلم شيئاً مهماً : كيف تتشكل قناعات الناس ..؟ كيف يؤثر الإعلام على الرأي العام ...؟

الفرد الأوربي حتى الشبان اليافعين منهم، أو الأولاد والصبيان، يتمتعون بشخصية قوية، بقناعات راسخة، لا تتعرض للاهتزاز بسهولة، من خلال تغذية العقول بمواد صيغت بدقة، في المدرسة أولاً، ثم في الثقافة العامة، والإعلام، ثم حتى في البيت الذي لا يلعب إلا دوراً هامشياً، بعقلانية ومنطق محكم، فلا يستطيع مخرف أن يلعب بعقولهم، والإعلام قوي ولابد أن يكون قوياً لكي يتمكن من التأثير على متلقين أذكياء، معظم الجمهور ذكي، والثقافة متجذرة، يتقن أكثر من لغة، لذلك تعتبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بالغة التأثير على السواد الأعظم من المتلقين.

فالإعلام لكي يخلق جمهوراً متلقياً راقياً، لابد أن يتمتع بدرجة صدقية عالية، وبمستوى عال من الحيادية تقنع المتلقي أن الإعلام لا يحقن فكره بمواد مسمومة مصبوغة بالأوان خادعة، إعلام يريد أن يكسب المتلقي لجانبه، لا أن يغشه اليوم لتنكشف الخدعة غداً، وحينها يفقد المتلقي الثقة بأجهزة الإعلام، وهكذا نجد مجتمعات فيها ورق مطبوع يسمى صحافة، فيها الكثير من الضجيج والصياح والصراخ ويسمى هذا بالراديو، وبث تلفازي لا يستحق مجرد إلقاء نظرة عليه، مقدمين برامج هم أشبه بالمصارعين رياضة الزومو (أحد اللاعبين يقذف خصمه خارج الحلبة). وأحياناً يجاري الضيوف مقدمي البرنامج وينغمسون في حفلة التهريج، والمحصلة لا يمكن المتلقي أن يحصل منها على ثقافة نظيفة، بل دعاية رخيصة بطريقة التهريج.

أنا لا أشاهد التلفاز إلا قليلاً جداً، أجازف أحياناً وأتفرج على القنوات العربية (عبر الانترنيت)، القليل، القليل جداً منها يستحق المشاهدة، لدرجة تصاب باليأس، فخبر واحد تذيعه ثلاث قنوات كل بطريقتها، يستحيل معها أن تعرف الحقيقة كما حدثت، إلا إذا عملت بطريقة أستقرائية تجمع وتطرح وتقاطع، وتستنتج وتكتشف ربما الحقيقة. أما المقابلات ففي معظمها يريد فيها مدير الحوار أن يرغم الضيف ما ينبغي أن يقوله، ثم يريد أن يصبح هو نجم الحلقة، في زمن الظهور على الشاشة، يحاصر ضيفه من هنا، ويدفعه هناك، ويسحبه ثم يضغط عليه ... ما هذا ... حرب شعبية إعلامية .. مقدم البرنامج لا يدع ضيفه يقول رأيه ... بل يريد منه رأياً يتفق مع هواه .. أو مع هوى أصحاب القناة، وأحياناً يعتقد بعض مقدمي البرامج البدائيين أن من الشطارة الإعلامية الضغط على الضيف واستفزازه وإغضابه ليقول ما لا يريد قوله بقصد الإثارة، وتقديم فضائح وإثارات (من أي نوع) للمتلقين، وربما غاية مقدم البرامج هو التسلية وليس تقديم مادة إعلامية / ثقافية.

روي لي صديق إعلامي عمل عشرة سنوات في ال (BBC) التي تعتبر مدرسة إعلامية، والعامل فيها كالذي يتخرج من جامعة عريقة، قال لي، أن مدراء الاقسام يجتمعون بالعاملين يومياً و ويتبادلون وجهات النظر، وهناك قاعدة شهيرة في صياغة الخبر بحيث لا يدعك تعرف (لشدة الحيادية) من صياغة الخبر هوية الاذاعة..! حيادية إلى أقصى درجة، وشحنة عالية جداً من المصداقية والنزاهة. ولكن هل أن المحطات الشهيرة كا (BBC) لا تمارس الغش والكذب نهائياً ..؟

طبعاً هناك توجيه، وهناك لمسة مهنية راقية لا تبدو للمستمع أو المشاهد أو القارئ، بطريقة أنيقة جداً، تحترم ذكاء المتلقي، وتتقبل رفضه، وتواصل محاورته، ونادراً ما يلجأون إلى أكاذيب مبتذلة، ورجل الإعلام متعلم للمهنة وممارسها لفترة طويلة جداً ليصيح شيئاً مذكوراً، ومن بين مئات العاملين يبرز عدد قليل جداً هؤلاء استفادوا من تجاربهم، وتعلموا كثيراً، فصياغة الجملة الإعلامية فن، وكذلك صياغة الخبر الصحفي، وإذا كان مطلوب من الصحفي أو الإعلامي، أن يوجه ويثقف بأتجاه معين، فإنه يفعل ذلك بصبر وذكاء حاد، يحاول بعض كافة جوانب الأمر، ولكنه يركز على الجانب الذي ينبغي عليه الدفع بأتجاهه. لذلك فالإعلام في الدول المتقدمة ذكي، إن مارس الخداع، فيمارسه لطريقة فنية لا يعثر عليها المتلقي إلا الأذكياء المثقفون. فإذا كان الإعلامي مبتذلاً، فمادته ستكون كذلك أيضاً، ولك أن تتخيل نوع وطبيعة الجمهور الذي يتلقى إعلاماً مبتذلاً ... ولن تؤدي هذه العملية إلى ثقافة.....!

نعم هناك عمل دعائي وسياسة اعلامية في أوربا، وأحياناً غسل دماغ المتلقي، ولكن ذلك يجري بطريقة فنية دقيقة، وعلى مستوى عال من الحرفية. معظم مقدمي البرامج العربية، وتركيزاً العراقية بائسون حقاً، يريد أن "يسيطر" على الضيف، يريد أن " يستولي على الشاشة بفضاضة، وإن سمح للضيف بالحديث فيتدخل بصوته كل نصف دقيقة بصوت مجموج " أهة " كأنه يريد القول " أنا ما زلت هنا ". والمخاشنة بلا داعي، حتى تصل درجة استخدام الفاظ سوقية.

لا أدري أن كان إعلاميونا قد درسوا الإعلام، ولكنهم في جميع الاحوال يخضعون لسياسة صاحب المحطة، فلقاء الراتب الذي يتقاضاه، عليه أن يثبت كل دقيقة أن الأرض مسطحة، ولمن يشعر بالغبن، فإن المتلقي/ المشاهد / القارئ في بلادنا مظلوم، مظلوم جداً، لذلك يلجأ نكاية بقنواتنا الجادة إلى الإعجاب بأغاني هابطة وسخيفة، ورقص مبتذل، والمحصلة النهائية هي، أن من يحترم نفسه لا يشاهد هذه القنوات .. ولكن هناك على أية حال من يتابعها، ولذلك تجد الكثير... الكثير ممن يتحرك وينزل للشارع بإشارة وبغمزة عين .

وبكلمة واحدة، هذه القنوات (معظمها) لا تساهم في تثقيف المتلقي، ولا إثراء معلوماته .. وهي تدمر الأعصاب ...الله يعين الناس سوء الطقس (الحر) وجور الانظمة، وميليشيات ...قبضايات ...زعران ... شبيحة ...عصابات النظام أو زعماء الطوائف الوالغين بدماء الناس ... هذه جميعها تنتج سمفونية مرعبة من أبشع ما يكون ... وظيفتها الوحيدة هي اضطهاد الناس وتدمير أعصابهم بلا رحمة ..!


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإعلام، الغرب، الراي العام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-07-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله الفقير، سليمان أحمد أبو ستة، محمد أحمد عزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، المولدي الفرجاني، محمد عمر غرس الله، ياسين أحمد، سامح لطف الله، د - عادل رضا، صفاء العربي، سلام الشماع، عواطف منصور، ماهر عدنان قنديل، د - الضاوي خوالدية، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد بشير، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، أحمد ملحم، د. صلاح عودة الله ، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، إيمى الأشقر، علي عبد العال، حسن الطرابلسي، إسراء أبو رمان، أنس الشابي، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، منجي باكير، كريم السليتي، إياد محمود حسين ، د - شاكر الحوكي ، محمود سلطان، أحمد الحباسي، أبو سمية، صالح النعامي ، مراد قميزة، صباح الموسوي ، أحمد بوادي، محمد العيادي، عبد الله زيدان، عبد الرزاق قيراط ، حميدة الطيلوش، العادل السمعلي، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحـي قاره بيبـان، الهادي المثلوثي، صلاح المختار، د- جابر قميحة، د - محمد بنيعيش، عمار غيلوفي، محمد الطرابلسي، فتحي العابد، الهيثم زعفان، حسن عثمان، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، صفاء العراقي، عبد الغني مزوز، طلال قسومي، محمد يحي، د - مصطفى فهمي، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد شمام ، أحمد النعيمي، ضحى عبد الرحمن، سامر أبو رمان ، مجدى داود، خالد الجاف ، سعود السبعاني، فوزي مسعود ، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب، محمود فاروق سيد شعبان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح الحريري، د- هاني ابوالفتوح، الناصر الرقيق، رمضان حينوني، رافع القارصي، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، فهمي شراب، خبَّاب بن مروان الحمد، رشيد السيد أحمد، د- محمود علي عريقات، مصطفى منيغ، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحي الزغل، د - المنجي الكعبي، د. خالد الطراولي ، وائل بنجدو، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفي زهران، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، يحيي البوليني، عمر غازي، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، نادية سعد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عراق المطيري، تونسي، محمود طرشوبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد الياسين، عزيز العرباوي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة