البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الاتفاق الجنائي

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 994


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لست ضليعاً بالقانون لأتفلسف بموضوعاته وفروعه، ولكني درست القانون بدرجة جيدة في الكلية على أيدي أساتذة أفاضل، وأعتقد أنهم بذلوا جهداً طيبا معنا، بدرجة صار بوسعنا التعامل مع قضايا قانونية، وبالنسبة لي، أظن أنه صار بمقدوري أن أستخدم فهمي للقانون فيما أريد استخدامه في مجالات السياسة والعلوم السياسية. وأريد بهذه المداخلة أن ألقي الضوء وأشعل مصباح التنبيه ...!

أخ وزميل بل هو صديق العمر، (اللواء الدكتور حكمت موسى) أنجز أطروحة دكتوراه رائعة قرأتها بدقة تامة، وتولى هو مشكوراً إيضاح فقرات منها لي، والأطروحة كانت بعنوان " موانع المسؤولية الجنائية " وحضرت دفاعه في جامعة بغداد ونال الدكتوراه بأستحقاقه وتميزه بدرجة الأمتياز حقاً وفعلاً، ومما يفيدني الآن ذكره واقتباسه، هو أن موانع المسؤولية عديدة منها: فقدان المتهم الأهلية العقلية (لأي سبب من الأسباب العديدة)، ومن مباحث موانع المسؤولية، أن يزعم موظف حكومي (جندي، شرطي، موظف حكومي) الدفع عن مسؤوليته بجريمة ارتكبها، أن " قادتي / مدرائي/ المسؤولين الكبار، أمروني بالقيام بهذا الفعل ". على أساس دفع مسؤوليته عن الجريمة التي ارتكبها.

وهذه الذريعة (أمرني رؤسائي) تذرع بها مجرموا حرب ممن أتهموا بأعمال قتل منظمة، أو إبادة للسكان، أو تصفيات سياسية وعرقية، خلال الحرب العالمية الثانية، وأثارت هذه مناقشات عميقة في فقه القانون لدى محاكمة هؤلاء المجرمين أمام المحكمة الدولية في نورنبرغ في أعقاب الحرب العالمية الثانية / 1945. وتوصل مشرعون وفقهاء من عدة دول عدم اعتبار مقولة " أمرني رؤسائي " ذريعة، ودفعاً غير مقبول عن إسناد الجريمة والتجريم، باعتبار ليست هناك سلطة قانونية تتيح فعل مخالف للقوانين، وبالفعل أدين عدد من هؤلاء ومنهم مدراء سجون وآمري وقادة تشكيلات قامت بتصفيات بشرية على أساس العرق، وأطباء أجروا تجارب طبية على أسرى حرب وسجناء، أو منعوا عن السجناء المرضى العلاج ليموتوا ببطء. فهؤلاء الأشخاص ومن يماثلهم بالفعل تنطبق عليه بدقة تامة جرائم القتل والإبادة. وأن هذا الصنف من الجرائم لا تسقط بالتقادم. بل ويمكن إثارة الدعوى على من قام بها حتى بعد وفاته ومقاضاته وتجريمه.

كنت قد كتبت غير مرة عن هذا الموضوع، ولكن ما أريد إليه الإشارة اليوم، هو مسؤولية، ليس من يصدر الأوامر فحسب (القائد، الآمر، رؤساء الهيئات)، بل ومن معه ممن يشترك في القرار بحكم المسؤولية الجماعية للقيادات السياسية والحكومية بالتكافل والتضامن، ولا ينفعه قوله ودفعه أني لم أكن أعلم ما يدور، أو لم أكن أعلم أنها جريمة فهناك قاعدة فقهية معروفة " لا يجوز الدفع بجهل القانون " فعلى سبيل المثال أن أعضاء أي حكومة هم في الواقع متضامنون متكافلون، في الأعمال والنتائج خيرها وشرها. وهنا أريد التنويه، أن الموافقون على القرارات في معرض الحاجة إليه، يشتركون في المسؤولية الجنائية بحكم الاتفاق الجنائي كفريق واحد وتحملون تبعات قاراتهم وما ينجم عنها.

ويسري في هذه الحالات أحكام وتفاسير الاتفاق الجنائي:

ــ إذا أتفق شخصان أو أكثر على ارتكاب مخالفة للقانون، جناية كانت أو جنحة، واتخذوا العدة على وجه لا يتوقع معه أن يعدلوا عما اتفقوا عليه، ويعد كل منهم مسئولاً عن اتفاق جنائي ولو لم تقع الجريمة موضوع الاتفاق، أو خاب أثره .

ــ إن الاتفاق الجنائي، او كما يسمي الاتفاق علي إتيان جريمة معينة، إنما هو عبارة عن تلاقي إرادتين بين شخصين أو أكثر علي ارتكاب جريمة معينه، علي ان تكون لكلا منهما مصلحه فيها، ويقوم كلا منهما بارتكاب فعل او جزء من الركن المادي المكون للجريمة، وفي تلك الحالة، ويعد من اتفق علي أن يقوم بإتيان الجريمة، شريكا في الجريمة، أو شريكا في الركن المادي للجريمة وبالتالي فأنه ينال عقوبة الفاعل الأصيل، إلا إذا نص القانون علي عقوبة اخري للشريك في الجريمة.

ــ الاتفاق الجنائي هو اتفاق بعض الأشخاص على القيام بجريمة للوصول إلى هدف معين .سواء نفذ هذا الاتفاق أو لم ينفذوا وسواء أن وقع الفعل أم لم يقع .ومجرد الاتفاق على تلك الفعلة لا يعفي المتفقين من العقوبة، لأن ركن الجريمة قد تم اكتمل حتى ولو كان المتفقون يجهلون القانون الجهات المعنية لا تنتظر وقوع الجريمة لكنها تسعى لمنع وقوعها.

هذه مداخلة قانونية أعتقد أنها تصلح لسوق كل من ساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بحكم وجوده ضمن مجموعة الاتفاق بالنتائج ومستحقاتها. وبتقديري من يمارس مسؤولية تنطوي على أفعال وإجراءات ينبغي عليه أن يتأكد سلامة هذه الأعمال وعدم تعارضها مع القانون بما لا يضعه تحت طائلته، لا سيما .. وهنا يستحق التأكيد أن :
• جرائم الإبادة والمنافية للحقوق الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وشخصيا شهدت محاكمات على جرائم مر أكثر من 30 عاماً على حدوثها،
• وليس بوسع جهة أو دولة أن تمتنع من تسليم مدان بواحدة من هذه الجرائم.

أفترض أن هذه المداخلة ستثير العديد من ردود الأفعال، وهي غاية البحث وهدفه، إشاعة وعي قانوني بين الناس، وأعتقد أن ملاحظات ومداخلات الزملاء القانونيين ستكون ذا أهمية وفائدة خاصة.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

القانون، العقاب، الأحكام، الجزاء،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-04-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سلوى المغربي، العادل السمعلي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، د. أحمد بشير، صلاح الحريري، د. خالد الطراولي ، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح المختار، فوزي مسعود ، د. صلاح عودة الله ، المولدي الفرجاني، عمار غيلوفي، إسراء أبو رمان، سيد السباعي، سامح لطف الله، د - صالح المازقي، د - محمد بنيعيش، ضحى عبد الرحمن، حاتم الصولي، محمد عمر غرس الله، د - محمد بن موسى الشريف ، إيمى الأشقر، كريم السليتي، د - الضاوي خوالدية، الناصر الرقيق، عزيز العرباوي، سلام الشماع، حسن الطرابلسي، مصطفى منيغ، علي الكاش، فتحي العابد، محمود سلطان، صباح الموسوي ، محمود طرشوبي، يزيد بن الحسين، د - المنجي الكعبي، أبو سمية، إياد محمود حسين ، طلال قسومي، خالد الجاف ، د - عادل رضا، جاسم الرصيف، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، منجي باكير، محمد الطرابلسي، ياسين أحمد، سعود السبعاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العراقي، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله الفقير، صفاء العربي، أحمد ملحم، أحمد النعيمي، ماهر عدنان قنديل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - مصطفى فهمي، يحيي البوليني، فهمي شراب، محمد شمام ، حميدة الطيلوش، أشرف إبراهيم حجاج، رافع القارصي، عواطف منصور، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله زيدان، فتحـي قاره بيبـان، مراد قميزة، وائل بنجدو، صالح النعامي ، د.محمد فتحي عبد العال، أ.د. مصطفى رجب، رمضان حينوني، سفيان عبد الكافي، أحمد الحباسي، مصطفي زهران، أنس الشابي، محرر "بوابتي"، مجدى داود، عراق المطيري، محمد أحمد عزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، تونسي، عبد الرزاق قيراط ، د- محمد رحال، د- محمود علي عريقات، د - شاكر الحوكي ، د- جابر قميحة، الهيثم زعفان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، رضا الدبّابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد بوادي، محمد الياسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامر أبو رمان ، عمر غازي، د. عادل محمد عايش الأسطل، علي عبد العال، كريم فارق، د. طارق عبد الحليم، محمد العيادي، عبد الغني مزوز، فتحي الزغل، محمد يحي، نادية سعد،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة