البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

شوط آخر من محاولات الإنقلاب على الثورة في تونس

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1609


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تتمايز الصفوف في تونس مرة أخرى بين منافح عن الحرية وبين مستظل بالفاشية. نكتب دفاعا عن الحرية، فلا مكسب لنا غيرها من ثورة باهرة لن ننكر فضلها.. نكتب منحازين ملتزمين، ونحتسب مصائرنا عند الله، فقد تمايزت الصفوف وصار الحياد نفاقا.

هل كان شهودنا معركة وأد الحريات زمن ابن علي مكرمة إلهية علمتنا دروسا عظيمة؟ سنراها كذلك، فقد تدربنا على بؤس الحياة بلا حرية، ولذلك فإن دفاعنا عنها الآن وهنا هو دفاع عن وجودنا الحر في ما تبقى من أيام وأبناء ووطن. سنفند بعض موقف أركسترا انطلق في الغناء السعيد بموت "الخوانجية".

الهدف ليس النهضة ولكن الحرية

ظاهر ما يجري من معارك سياسية في تونس هذه الأيام موجه ضد حزب النهضة، فقد حُصِر كل الشّر فيه، وقمة الشر شيخ الحزب؛ رئيس البرلمان الذي صار هدفا لكل متقوّل، وكل من لا يشارك في الهجوم عليه ويلعنه يصنف في القوادين.

لكن الأمر في تقديري يتجاوز الحزب وموقعه ودوره وشخصياته، إنها حرب على الحرية. فالحرية هي فاتحة باب الديمقراطية، وهي بوابة الدخول في الحرب على الفساد وبناء الدولة القوية والعادلة (الشعار ليس للنهضة بل لحزب التيار، ولكنه محل إجماع وطني).. والدولة القوية والعادلة هل تقوم بدون الحرية؟

زاوية النظر هذه تتعرض بدورها إلى تبكيت وتبخيس؛ لأن أعداء الحرية الذين تقودهم الفاشية التجمعية يرجمون القائلين بالدفاع عن الحرية بأن النهضة ليست ضمان حرية، وهذا اختصار معيب يهدم النقاش الديمقراطي. فلم يقل أحد إن النهضة هي من جاءت بالحرية أو هي ضمانتها.. الحرية جاءت بالنهضة وليس العكس، لذلك فثمرة الحرية لا تتجزأ، فيصبح وجود النهضة ضمن مناخ حريات ضمانة لبناء الحريات، ويصبح الهجوم في ظاهره على النهضة كمكوّن ضمن مشهد سياسي وطني حر، لكن باطنه كسر مناخ الحريات ليشرع من جديد وبالمنهج الفاشي نفسه في تفكيك الحرية. وقد كانت التجربة ماثلة ولا تزال دروسها حية، والأدلة عليها جثث في عَرَصات الإسمنت.

في غياب مناخ الحريات لن نعود إلى الحرب على الفساد، ولن نناقش النقابات في ما تفعل بالاقتصاد الوطني وبالمؤسسات الخربة. ودليلنا أن الذين زغردوا سابقا لوأد الحريات يصفقون الآن لبدء معركة استئصال جديدة لن يكون ثمنها كالعادة من لحم النهضويين فقط، بل من لحم الشعب التونسي الذي يرى البؤس يعود.

هل تصمد الحرية دون حزب النهضة في المشهد؟

اندثار حزب النهضة أمنية يتمناها كثيرون، ولكن ما زال من المبكر القول بانتهاء حزب النهضة فللحزب موقع لم يعد يسهل تذويبه كما فعل ابن علي، وسنوات المشاركة في السلطة سلّحت الحزب بأدوات دفاع عن وجوده. وهناك مكاسب قانونية لم يعد يسهل محوها؛ تمتع بها الجميع وأخذ منها حزب النهضة وسائله، ولكن العودة بالبلد إلى نقطة الصراع حول حق الوجود هو في ذاته تراجع عن المعارك المطلوبة ثوريا.

لقد تقدمت أحزاب بشعار محاربة الفساد وصوت لها الناس من أجل ذلك، بل إن اختيار الرئيس كان في جوهره اختيارا ضد الفساد، وقبول رئيس الحكومة الفاقد للسند السياسي من حزبه "التكتل" كان من أجل تاريخه النظيف. مقاومة الفساد مطلب وطني مجمع عليه شعبيا، لكن ماذا نفعل إذا توسمنا أن من انتخبناه سيقود الحرب فإذا هو مشبوه؟

الآن وعوض مواصلة تلك الحرب انحرف النقاش إلى مطاردة حزب النهضة ورئيسها. ويقود الحرب رئيس الحكومة، نفسه مستعينا بالرئيس ومستهينا بتصويت حزب النهضة له. وقد سمعنا من رئيس الحكومة ولدينا الدليل أنه لن يحكم دون حزب النهضة. أي نوع من أنواع الحكم يريد على ظهر النهضة؟ أن تقبل به وهو ذو شبهة يحارب الفساد في التلفزيون؟

هل هي صدفة أن يلتقي رئيس الحكومة الديمقراطي ورئيس الدولة الفقير وأحزاب مقاومة الفساد؛ خطابيا مع مشروع الفاشية القائم فقط على استعادة "سيستم" ابن علي، ثم نجد فرنسا في خلفية المشهد والرز الخليجي وعدا يسيل اللعاب؟

ليكن ولنضح بحزب النهضة، لكن ما هي ضمانات الشعب الأعزل أن يقاوم الباقون بعد النهضة مشروع الفاشية، وأن يعودوا ولو منفردين إلى مقاومة الفساد؟

نقرأ المشهد من نفس زاوية حرب ابن علي على الإسلاميين سنة 1990، ونجد تشابها كبيرا في النوايا وإن اختلفت بعض المعطيات على الأرض. فقد سلّم أعداء الإسلاميين له يومها بمحقهم وانتظروا الأسلاب والفيء، فإذا هم الضحايا على نفس الطريق، وإذا ربع قرن كامل يضيع من شعب أعزل بسبب نخبة مستشرفة وهو يراها تعيد إنتاج معاركها خوفا من حرية تسمح للجميع بالتعايش ضمن الاختلاف. إذا ضحوا بالنهضة مرة ثانية فسيبكون على الحرية ربع قرن آخر. هل كانوا فعلا يؤمنون بالحرية؟ هذا هو السؤال الملح الآن.

الحرية ليها ناسها

عشنا سنوات الجامعة وكل اليسار يرفع شعار "لا حرية لأعداء الحرية"، وهي دعوة إلى الاستئصال غطت سياسة ابن علي وبررت لها، الآن سنقول: "لا حرية لأعداء الحرية"؛ لا كدعوة إلى الاستئصال، ولكن بمعنى أن من لم يؤمن بالحرية لا يمكنه أن يرعاها ويدعمها ويكمل فعلها في الواقع، كأن نقول على سبيل الشرح والتبسيط: لا تقدم الفستق علفا للدواب، فهي لا تفرق بينه وبين أي نوع من أنواع العلف.

كثير من النخب تنكشف في هذه المعركة انكشاف دواب قدم لها الفستق في مذود من ذهب، فأكلت قشور بطيخ. لذلك فالحرية لها ناسها يحمونها ويرعونها ويدفعون ثمنها، وقد آن أوان الدفاع عن الحرية ودفع الثمن.

وددنا أن لا نعود إلى هنا، فقد راق لنا الطريق وسرنا في الحرية خطوات كبيرة، ولكن الردة ماثلة تتهدد كل مكسب، ونحن في لحظة حرجة من تاريخ بلدنا ونحلم بصوت عاقل يخرج من زاوية ما يهدئ النفوس ويعيد قطار السياسة إلى سكة الحرية ومناخاتها، فنتجاوز إلى مطالب شعبنا الحيوية، ومنها مقاومة الفساد. لكن الأمل يضعف في كل ساعة، غير أن إيماننا بالحرية يزداد، ولا باس أن ننتهي جثة في عَرَصة إسمنت، فنحن لسنا أفضل ممن سبقنا إلى قبر عمودي تسير عليه الفاشية وتضحك.

------------
وقع تغيير العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإمارات، عبير موسي، قيس سعيد، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-07-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، ماهر عدنان قنديل، العادل السمعلي، صفاء العربي، إياد محمود حسين ، فتحـي قاره بيبـان، محمد يحي، د - المنجي الكعبي، أبو سمية، د - محمد بن موسى الشريف ، سلام الشماع، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، يحيي البوليني، كريم فارق، مصطفى منيغ، فهمي شراب، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، ياسين أحمد، وائل بنجدو، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، صفاء العراقي، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح الحريري، د. عبد الآله المالكي، رمضان حينوني، د - شاكر الحوكي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، عواطف منصور، سفيان عبد الكافي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود سلطان، عبد الله الفقير، عراق المطيري، علي عبد العال، إيمى الأشقر، الهادي المثلوثي، محمود طرشوبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، صالح النعامي ، عزيز العرباوي، محمد شمام ، عمر غازي، محمد أحمد عزوز، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، حسن الطرابلسي، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، نادية سعد، مجدى داود، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سليمان أحمد أبو ستة، محمد عمر غرس الله، أحمد النعيمي، مراد قميزة، تونسي، فتحي الزغل، د- محمود علي عريقات، سلوى المغربي، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، علي الكاش، مصطفي زهران، رافد العزاوي، فوزي مسعود ، منجي باكير، د. أحمد بشير، أ.د. مصطفى رجب، ضحى عبد الرحمن، طلال قسومي، جاسم الرصيف، فتحي العابد، حميدة الطيلوش، د- محمد رحال، صلاح المختار، يزيد بن الحسين، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- جابر قميحة، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، سعود السبعاني، المولدي الفرجاني، د. صلاح عودة الله ، د. أحمد محمد سليمان، محمود فاروق سيد شعبان، خالد الجاف ، كريم السليتي، د - صالح المازقي، عبد الله زيدان، محمد الياسين، د.محمد فتحي عبد العال، محمد العيادي، حسن عثمان، حاتم الصولي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة