البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

دموع وزير الصحة التونسي

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1853



الحدث في معركة تونس مع وباء كورونا ليوم السابع من نيسان/ أبريل هو بكاء وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي. لقد بكى بكاء مقهور، وهو يرى جهده وجهد فريقه العلمي والطبي والإداري يذهب سدى. لقد قاد الرجل معركته باقتدار وبث الطمأنينة في بلد مرعوب من موت مجهول. حاز الرجل ثقة الناس بعلمه وثقته في نفسه وخطابه المطمئن ووجهه الذي لم يفقد الابتسامة.. الشجاعة الواثقة المحفّزة. قبل ذلك حاز ثقة فريقه العلمي لما حشد حوله أكبر كفاءات البلد الطبية، ومكّن لهم في إدارة الأزمة بشكل علمي.. تواضع لهم فانسجموا وظهرت النتائج المشجعة على قرب الخلاص، ثم خرج الناس من الحجر كأنهم مدفوعون دفعا ضد الوزير وفريقه لتحصيل منحة قررتها الدولة.

الجنرال المكي

منذ بدء المعركة ظهرت خطة وزارة الصحة المبنية على العلم وحسن التوقع وقراءة تقدم الوباء. تم إغلاق الحدود تدريجيا فزال الخطر الوافد، ووضعت خطة الحجر التدريجي ثم الحجر الشامل في تناغم كامل بين الوزير وفريقه وبين رئيس الحكومة. وبدا كما لو أن كل شيء يسير على ما يرام، وبدأت نتائج التحليل على قلتها تؤشر إلى تراجع العدوى. وتحدث الناس البسطاء عن الجنرال عبد اللطف المكي، ومجّد الجمع فريقه، خاصة السيدة المكلفة بالمتابعة الرقمية (مسؤولة أكبر مخبر طبي للأمراض السارية والمنقولة والأوبئة).

تحرك الفريق الطبي تحت ضغط نقص المعدات، وخاصة أجهزة الدعم بالأكسجين (الأسرة المجهزة) وغياب الأمصال الأساسية في الكشف المخبري الاستباقي. لكن هذا النجاح بدأ يثير غيرة مرضية كنا نقرأها على صفحات اليسار التونسي؛ الذي تذكر من دون الشعب التونسي أن الوزير الناجح من حزب النهضة الإسلامي. تلك الصفحات كشفت نيتها بسرعة. لا يهم أن ينجح البلد في مقاومة الوباء، المهم أن لا ينجح وزير "خوانجي" في ذلك. لقد مروا من الغيرة إلى التخريب.

كلما كانت نتائج المقاومة تظهر في انخفاض أرقام العدوى والأموات، كلما كانت ثقة الناس في الفريق القائد تزيد، وحاز الوزير بين الناس لقب الجنرال مكي. لقد دخل بيوت التونسيين ودخل قلوبا كثيرة وجدت فيه الرجل الواثق ومصدر الطمأنينة. لكن التخريب بدأ، وسقط جهد كثير في الحضيض، لذلك بكى الجنرال قهرا يوم السابع من نيسان/ أبريل.

كسر الحجر يسقط جهد الوزارة والوزير

يتحدث كثيرون في انتظار تحقيق أمني عميق عن رسائل هاتفية مجهولة المصدر وصلت صباح الاثنين للناس ليخرجوا لقبض منحة دعم؛ بعضها لفئات هشة فقدت أجورها بسبب توقف النشاط الاقتصادي، فضلا عن المستحقين القدامى من العائلات المعوزة.

لماذا لم يتقن وزير الشؤون الاجتماعية تصريف المنحة بالمحافظة على الحجر الصحي، رغم أن الإمكانيات المادية والبشرية بين يديه؟ هل تواطأ ضد زميله أم كشف جهله وعجزه وفشله أمام نقابات اليسار المهيمنة على وزارته، والتي زيّنت له سهولة توزيع المنح عبر البريد في يوم واحد؟

كان رئيس الحكومة يتبجح بانسجام فريقه الحكومي وقدرته على إدارة الأزمة، لكنه رمى كرة الوعود للناس دون خطة تنفيذية، وزاد الطين بلة أن رئيس الدولة يزايد على حكومته بدعوة الناس إلى تحصيل حقوقهم دون نظام، كأنه زعيم شعبي يقود معركة استقلال ضد حكومة استعمارية.

النتيجة على الأرض خرج الناس وتكدسوا أمام شبابيك البريد في أغلب مناطق البلاد (باستثناء مناطق الجنوب، حيث أفلح متطوعون في تنظيم الناس وكسر الزحام والحفاظ على التباعد الاجتماعي الضروري للوقاية). وضعت نتائج الحجر كلها في الميزان الآن، وسننتظر أرقام العدوى الكارثية خلال الساعات القادمة (من 4 إلى 10 أيام لتفشي الفيروس). وحُق للجنرال أن يبكي، فقد سقط جهده وجهد فريقه في الماء، والبلد الآن مهدد بشهر آخر من الحجر الصحي الإجباري. (ولن نحسب كلفته الاقتصادية ولا النفسية على عتبات شهر الصيام).

لماذا لم يتدخل الأمن بحزم لردع الأفواج الهائجة؟ لقد كان الأمن يتفرج متظاهرا باللطف، وهو الذي لا تزال آثار عصيه على أجساد التونسيين. حيثما نتوقع وجود اليسار في مفاصل السيستم نجد سبب الكارثة. الكيد السياسي بوسائل خبيثة لا تهتم إذا مات تونسيون أو انهار بلدهم واقتصادهم، فالمهم والأولى أن يسقط الوزير النهضوي ويفشل. وقد صار عمله الآن مهددا إلا بمعجزة أن يكون التونسيون بصحة جيدة، ولن يضيرهم خروجهم خلال يومي 5 و 6 نيسان/ أبريل. حتى الآن ذهب جهد كثير هباء منثورا، ولذلك نفهم الحزم الفجائي الذي أظهره وزير الداخلية. كان عليه أن يجيب عما إذا كان أعوانه يلتزمون بأوامره أم بأوامر نقابات اليسار في الداخلية.

سيذكر التاريخ رجال المرحلة

نعم نحن ما زلنا تحت الحجر الصحي ونخشى قدوم الكارثة في شهر نيسان/ أبريل، ونتوسل معجزة إلهية. لكن الصورة تنكشف لكل ذي عقل وبيان. الحرب الأيديولوجية قائمة ووسائلها واضحة: التموقع القديم في الإدارة والنقابات، طبعا من أجل تخريب كل جهد وطني في معارك سياسية مفوتة تجاوزها التونسيون بعد أن ملوها وعافوها، لكن قوما منا ما زال همهم حرب التموقع والسياسة التي تقوم على الضرب تحت الحزام، وقد أفلحوا ولكن للتاريخ ذاكرة نعوّل عليها.

ما يزل الجنرال المكي وزيرا للصحة يقود معركتنا ضد الوباء، ونحن نكتشف فيه الإنسان الشفوق بعد أن عرفنا الطبيب الحكيم والإداري الفذ والزعيم الذي يحسن قيادة فريقه. للتاريخ سجلنا المواقف، وسجلنا أسماء الرجال، وسيكون لنا قرار.

نقول للجنرال دموعك غالية ونحن نجلّ عقلك وقلبك وجهدك، والأيام دول.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، كورونا، وزير الصحة، عبداللطيف المكي، حركة النهضة، اليسار الفرنكفوني، اليسار التونسي، اليسار،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-04-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سلام الشماع، عراق المطيري، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، فتحي الزغل، فوزي مسعود ، د. أحمد محمد سليمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن الطرابلسي، سعود السبعاني، د - محمد بن موسى الشريف ، د. خالد الطراولي ، إسراء أبو رمان، أنس الشابي، سليمان أحمد أبو ستة، عزيز العرباوي، مصطفي زهران، مجدى داود، حاتم الصولي، حسن عثمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد العيادي، منجي باكير، محمد يحي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د.محمد فتحي عبد العال، علي عبد العال، رافع القارصي، محمد الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صباح الموسوي ، سيد السباعي، يزيد بن الحسين، د- جابر قميحة، د - صالح المازقي، محمد عمر غرس الله، أحمد ملحم، نادية سعد، أحمد بوادي، سامح لطف الله، علي الكاش، حميدة الطيلوش، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، كريم السليتي، د- محمد رحال، ياسين أحمد، أبو سمية، محمد أحمد عزوز، عبد الله زيدان، صفاء العربي، رضا الدبّابي، صلاح المختار، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. صلاح عودة الله ، رمضان حينوني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، سامر أبو رمان ، صلاح الحريري، عمار غيلوفي، محمد الياسين، محمود سلطان، الهادي المثلوثي، يحيي البوليني، إياد محمود حسين ، صفاء العراقي، عبد الغني مزوز، أحمد الحباسي، فتحـي قاره بيبـان، العادل السمعلي، د- هاني ابوالفتوح، فهمي شراب، محمود طرشوبي، المولدي الفرجاني، د. أحمد بشير، د. طارق عبد الحليم، خالد الجاف ، د- محمود علي عريقات، د. عادل محمد عايش الأسطل، مصطفى منيغ، عمر غازي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رشيد السيد أحمد، د - الضاوي خوالدية، محمد شمام ، فتحي العابد، سفيان عبد الكافي، كريم فارق، تونسي، د - شاكر الحوكي ، طلال قسومي، ماهر عدنان قنديل، وائل بنجدو، د - محمد بنيعيش، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، صالح النعامي ، الهيثم زعفان، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، رافد العزاوي، أحمد النعيمي، ضحى عبد الرحمن، محمد اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، مراد قميزة، سلوى المغربي، جاسم الرصيف،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة