البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"الشيوعي" السوداني.. الحاكم الخفي المتلون

كاتب المقال ياسر محجوب الحسين - السودان   
 المشاهدات: 1446



لم يعد الشك يساور كل مراقب حصيف للوضع السياسي السوداني أن الحزب الشيوعي السوداني يتحكم بشكل خفي في حكومة قوى الحرية والتغيير التي يرأسها عبد الله حمدوك وهو عضو سابق في الحزب الشيوعي، كما أعلن ذلك صديق يوسف عضو اللجنة المركزية للحزب والقيادي البارز بتحالف قوة الحرية والتغيير. وما لم يعلنه الحزب أن حمدوك حاليا عضو ظل في الحزب الشيوعي ويأتمر بأمره بيد أن التكتيك التقليدي الذي يتأبطه الحزب تاريخيا هو التخفي والعمل السري وهو الذي اقتضى إخفاء التزام حمدوك وانتماءه العضوي للحزب.


ولعل إخفاء علاقة الحزب الشيوعي بحمدوك وحكومته يرجع لسببين رئيسيين: أولهما أن الحزب يناصب العداء ما يعرف بالمكون العسكري وهي المؤسسات العسكرية كالجيش وقوات الدعم السريع وجهاز الأمن ولا يريد مواجهتها بشكل مباشر في الوقت الحالي على الأقل إلا من بعض التناوش الإعلامي، إذ إنها تتحكم بمفاصل القوة وفي الوقت ذاته يحاربها بوسائل وأدوات تعمل على زرع الفتنة بينها، حتى تأتي الفرصة المناسبة بعد إكمال تجهيز أذرعه المسلحة، فضلا عن زرع كوادره في الأجهزة العسكرية والأمنية، حيث ظهرت إعلانات تجنيد جديدة لضباط وضباط الصف. وقد سبق التحقيق مع عضو بارز في اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي بسبب قضية رفعتها ضده قوات الدعم السريع، التي يقودها النائب الأول لمجلس السيادة الجنرال محمد دلقو المشهور بحميدتي. واتهم الحزب الشيوعي قوات الدعم السريع في تصريحات صحفية بارتكاب جرائم في إقليم دارفور وفض الاعتصام في محيط قيادة الجيش رمضان الماضي.


والسبب الآخر لتخفي الحزب الشيوعي أن نجاح حكومة حمدوك، وهي حكومة انتقالية قصيرة الأجل، في مهامها لا يبدو نجاحا مأمولا، ولا يرغب الحزب الشيوعي في تحمل فاتورة فشلها أو سقوطها ربما الوشيك. ولذا يتبع الحزب الشيوعي نهجا سياسيا وإعلاميا مزدوجا؛ فهو يبدو حزبا معارضا بينما كوادره تمارس الحكم، بل لديه عضوان معروفان في مجلس السيادة الذي يضم المجلس العسكري السابق برئاسة الجنرال عبد الفتاح البرهان.


وكان سكرتير الحزب الشيوعي محمد الخطيب قد اعتبر أن حكومة حمدوك الحالية منقوصة المهام، ولا تملك ركائز وعناصر القوة التي تدير بها العمل، وقال ما كان لنا في الحزب الشيوعي أن نرضى بقوات الدعم السريع وما كان لنا أن نرضى أن يظل الجيش دون إعادة هيكلته.


ومعلوم أن الحزب الشيوعي حزب منبوذ مجتمعيّا، ولا يملك رصيدا جماهيريّا حقيقيّا. وأكدت كل الانتخابات البرلمانية النزيهة خلال تاريخ السودان السياسي الفقر الجماهيري لهذا الحزب، وربما هذا سبب محوري لاعتماده العمل في الخفاء من خلال عدد من الواجهات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، مثل تجمع المهنيين السودانيين الذي ساهم في تجيير الثورة لصالح قوى اليسار عموما. ولذلك لا يؤمن الحزب الشيوعي بالديمقراطية التعددية، ولذلك تظل هياكله الحزبية سرية وغير معلنة حتى في فترات الديمقراطية، وارتفعت أصوات من داخل الحزب في مؤتمره الخامس يناير 2009 محتجة على ضعف الديمقراطية الداخلية وبسيادة المركزية المطلقة في إدارة شؤون الحزب، وحزب هذا حاله في الداخل فكيف مع الآخرين؟ ففاقد الشيء لا يعطيه البتة.


ورغم موافقة الحزب الشيوعي المرحلية على ما ترتب من أوضاع سياسية عقب توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري السابق وقوى الحرية والتغيير التي يمثل فيها الحزب ضلعا مهما، وباعتبار ذلك أفضل المتاح إلا أنه كان يرغب في تكوين مجلس سيادة له سلطات محددة ومحدودة تكبح سلطات العسكر. ولم يخف الحزب امتعاضه من ما أسماه بتآمر قوى دولية وإقليمية فرضت مساومة حول السلطة بإشراك العسكر، وفتحوا الطريق لسيطرة المكون العسكري على مفاصل الدولة.


ويرى الحزب الشيوعي أن مكاسبه في الوضع السياسي كانت ضعيفة وكانت المحصلة دون المأمول؛ وذلك بسبب الإفراط في حسن الظن في التحالفات ويقصد شركاءه في الحرية والتغيير وأن ذلك أيضا بسبب تغاضيه عن أخطاء عدم التزامها بالمواثيق. بل شكك الحزب في بيان له في وعي ما أسماه بجماهير الأحزاب التقليدية بما وصفه بالنهج الثوري، ويقصد الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية المحافظة مثل حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي، وهذه محاولة تبريرية للعزلة المجتمعية التي يعيشها الحزب، بل حتى شكك في عضوية الأحزاب الأخرى التي وصفها بالحديثة مثل حزب المؤتمر السوداني، وقال إنها غير متجانسة الرؤى ومتأرجحة القناعة وتتبع قيادات براغماتية تحمل جلها مشاريع تتعارض مع مشروع التغيير الراديكالي. ويرى فيها أحزابا انتهازية، والانتهازية عند الحزب الشيوعي في المفهوم الماركسي هي البرجوازية التي تنكر دور الصراع الطبقي، وإنكار دور حزب الطبقة العاملة أي الحزب الشيوعي.


ورفض الحزب الشيوعي مطلقا أي عملية ترمي لهيكلة قوى الحرية والتغيير تؤدي إلى قيادة هرمية قد تفقده سيطرته على التحالف، وظل عدد من مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير بينها كتلة "نداء السودان" التي تضم حزب الأمة برئاسة الصادق المهدي، تطالب بضرورة هيكلة التحالف وإيجاد جسم قيادي يتولى عملية اتخاذ القرارات.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السودان، حمدوك، الحزب الشيوعي السوداني، الانتفاضة السودانية، الانقلاب في السودان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-01-2020   الشرق القطرية / عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- جابر قميحة، علي عبد العال، تونسي، فتحـي قاره بيبـان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صلاح المختار، مجدى داود، كريم السليتي، ضحى عبد الرحمن، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الرزاق قيراط ، رافع القارصي، وائل بنجدو، خبَّاب بن مروان الحمد، د - المنجي الكعبي، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، حاتم الصولي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد شمام ، يزيد بن الحسين، عواطف منصور، صباح الموسوي ، عزيز العرباوي، محرر "بوابتي"، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد النعيمي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الله زيدان، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، الناصر الرقيق، عراق المطيري، محمد العيادي، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، سيد السباعي، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، د. عبد الآله المالكي، د - عادل رضا، د. أحمد بشير، سعود السبعاني، طلال قسومي، أشرف إبراهيم حجاج، فتحي العابد، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الياسين، د. صلاح عودة الله ، محمد يحي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إسراء أبو رمان، أنس الشابي، فهمي شراب، خالد الجاف ، رمضان حينوني، فوزي مسعود ، محمود طرشوبي، منجي باكير، د. خالد الطراولي ، أحمد الحباسي، أحمد ملحم، فتحي الزغل، إياد محمود حسين ، د- محمد رحال، د- محمود علي عريقات، جاسم الرصيف، مراد قميزة، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، العادل السمعلي، أحمد بوادي، صالح النعامي ، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صفاء العراقي، عبد الله الفقير، سلوى المغربي، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، رشيد السيد أحمد، أبو سمية، محمد عمر غرس الله، حميدة الطيلوش، رضا الدبّابي، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، د - صالح المازقي، عمر غازي، إيمى الأشقر، مصطفي زهران، علي الكاش، د. أحمد محمد سليمان، حسن الطرابلسي، نادية سعد، د - مصطفى فهمي، الهيثم زعفان، مصطفى منيغ، ماهر عدنان قنديل، الهادي المثلوثي، حسن عثمان، سلام الشماع، أ.د. مصطفى رجب، محمود سلطان، يحيي البوليني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد أحمد عزوز، عبد الغني مزوز،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة