البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

العذراء والفيل الأبيض .. ملحمة العذراء الجميلة والتى أصبحت عاهرة متشردة

كاتب المقال ياسر سليمان - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1905


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هناك مشهد كوميدرامي ذو مغزى ورمزية فى الفيلم السينمائى المصرى الشهير "سى عمر" والأنتج منذ حوالى 78 عاماً وكان من بطولة الفنان عراقي الأصل مصري الجنسية شامي الهوى عالمى الفن "نجيب الريحانى" ..

ويبدأ هذا المشهد عندما أرادت الفنانة "ميمى شكيب" والتى كانت تؤدى دور "زوجة مجهولة" لإبن أحد الأسر الثرية أن تثبت وتؤكد لأسرة زوجها "عمر بك الألفى" بأنها زوجته وأنها تعرف جيداً تفاصيل حياته حتى ولو كان بالكذب والتضليل ، وذلك بناءاً على نصيحة محاميها المُتلاعب بالقانون ..

فأخذت فى الحديث والإستفاضة عن قصص ربما يقبل ببعضها العقل فى ذاك الوقت ، أما البعض الآخر فلا يقبله أى عقل أو منطق مثل الذئاب ذات الألوان الحمراء والخضراء والصفراء ، وبسبب ضآلة فكر ووعى أفراد الأسرة صدقوها ، وخصوصاً بعد حدوث هزة وجدانية بداخلهم عندما علموا بأن إبنهم ما زال على قيد الحياة ، فلم يعد لديهم مساحة أو وقت للتفكير فى أى شئ آخر ..

ومن ضمن القصص الكاذبة والمُلفقة والتى روتها لأسرة زوجها هى قصة "الفيل الأبيض" والذى أطلقت عليه إسم "جمعة" ، فكثير من مشاهدي الفيلم فى الوقت الحالى بيعتبروا هذا المشهد مثاراً للضحك والسخرية فقط ، وخصوصاً عندما أخبرت أسرة زوجها بأن "الفيل الأبيض" كان بيلعب الكوتشينة بزلومته ، فإعتبروه مشهد كوميدى فانتازى ليس أكثر ، بالرغم من أن هذا المشهد العبقرى والذى كتبه "بديع خيرى" كان فى زمنه ذو مغزى ورمزية ..

فأصل مصطلح "الفيل الأبيض" يرجع إلى منطقة شرق آسيا حيث عاشت قطعان من الفيلة الآسيوية قرب المستوطنات البشرية لمئات السنين ، وأعتبرت كثير من الممالك القديمة في شرق آسيا الفيلة البيضاء "حيوانات مُقدسة" وفرضت قوانين دينية وأمنية لحمايتها ، ولم يكن يقتنيها سوى الأثرياء ، لأن إمتلاك فيل أبيض كان بيعتبرمصدر للاحترام داخل المملكة ، وكان يتعين على ملاكها إنفاق الكثير من المال على رعايتها خاصة وأنها تحتاج كميات كبيرة من الغذاء وأفراد للخدمة ، لهذا كان إمتلاك "فيل أبيض" بيعتبر "هبة" و"ابتلاء" في آن واحد ، فكان "هبة للأغنياء" بسبب تميزهم على الفقراء بإمتلاكها ، و"إبتلاء على الفقراء" بسبب تكاليف رعايتها الباهظة والتى كان يتم جباياتها منهم بطرق غير إنسانية ، وهذا بخلاف إستغلال الفقراء بنظام العبودية لخدمة هذه الأفيال بحجة قداستها !! ..

وفى أواخر القرن التاسع عشر ظهر فى أوروبا وبعدها فى مصر مصطلح جديد إسمه "مشروع الفيل الأبيض" وكان هذا المصطلح يشير إلى المشاريع الفاشلة والغير مُكتملة والتى يتم إستخدامها للنصب على السذج وإيهامهم بعظمة الإنجازات لإحداث هزة فكرية وشعورية بداخلهم للتغاضى عن القصور والفشل وعدم الشعور أو الإحساس بهما ، وكان "المواطن المصرى" فى النصف الأول من القرن العشرين عندما يستشعر بأن من أمامه ينصب عليه فيردد العبارة الشهيرة باللهجة المصرية الدارجة : "أصل أنا رابط الفيل الأبيض بره" !! ..

وما حدث ويحدث فى "إحدى المدن الساحلية المصرية" هو مثال حى وواقعى لفكرة "مشروع الفيل الأبيض" بل قد تعداها حالياً لمستويات أكثر سخرية بنكهة "التراجيديا السوداء" والتى تستوجب الإدانة الإنسانية والقانونية والتاريخية من كل محبى البيئة والجمال والمهتمين بالحفاظ على التاريخ والهوية ..

فهذه المدينة قد قام ببنائها الفرنسيين فى أواخر القرن التاسع عشر وأشرف على تجميلها وتنسيقها والحفاظ على جمالها ورونقها "الإحتلال الإنجليز" حتى منتصف القرن العشرين ليتركوها كعروس عذراء فى أبهى وأجمل صورها وحللها ، وإستمرت تحتفظ بعذريتها وبكثير من بقايا جمالها حتى حقبة السبعينات من القرن العشرين برغم ظهور بعض التجاعيد على وجهها بسبب الحروب التى واجهتها صامدة ، وبسبب الهجرات العشوائية الغير مدروسة ..

وبدءاً من فترة أواخر السبعينات (عصر الإنفتاح) بدأت بعض أصابع كارهي روعة الجمال وقداسة العذرية من ممتهني قوادة ودعارة القبح فى العبث بها وبجمالها وعذريتها حتى أصبحت محجاً لكل راغبى المتعة من الربح الحرام والتلاعب بالقوانين ، حتى ولو كان هذا على حساب تدمير أيقونة من أيقونات الجمال والتى لن يتكرر وجودها مرة أخرى ..

وقد وصل بها الحال اليوم إلى أن تصبح مدينة للقبح والرعب واللاإنسانية بمشاهدها العشوائية المُقززة والمُرعبة بعدما فقدت كامل عذريتها وكل جمالها ، ومن ضمن هذه المشاهد على سبيل المثال لا الحصر والتى أصبح يشتكى منها القاصى والدانى : رائحة مياه الصرف الصحى والتى أصبحت مشهداً ورائحةً مُعتادة فى غالبية شوارعها حتى فى شوارعها الرئيسية والهامة ، ومشهد القمامة المتناثرة فى كل مكان ، ومشهد البلطجية الذين أصبحوا يحتلوا مراكز ومناصب مرموقة فى شوارعها وأزقتها ، ومشهد الكلاب البوليسية المسعورة الغير مُرخصة والتى أصبحت تنهش فى أجساد المواطنين وتروع الأطفال بصورة يومية ، ومشهد الأبراج السكنية الغير مطابقة للمواصفات الفنية أو الأخلاقية ، ومشهد العشوائيات وإحتلال الأرصفة بل وإحتلال الشوارع أيضاً من خلال المحلات والأكشاك الغير مرخصة ..

بالإضافة إلى مشاهد محاولات التجميل الفاشلة والعبثية من المسؤولين والتى تعمدت طمس ما تبقى من تاريخ وهوية هذه المدينة بألوان قبيحة وغير لائقة وبأساليب بدائية ، وهذا مع صمت المسؤولين وسلبيتهم تجاه شكاوى المواطنين العديدة ضد الجرائم البيئية والأمنية والإجتماعية السابق ذكرها والتى هى فى الأصل لا تحتاج لشكاوى لأنها واضحة للعيان !! ..

وفى وسط هذا المشهد العبثى واللاإنسانى أصبح خروج المواطن من منزله عبارة عن مُغامرة غير مأمونة الجوانب نفسياً وجسدياً وروحياً !! ..

وأحدث المشاهد العبثية الساخرة فى هذه المدينة البائسة سيئة الحظ هو ظهور جديد لـ"زلومة الفيل الأبيض" ليعلن "الفيل الأبيض" عن حضوره ليس للعب الكوتشينة ولكن للعب "كرة القدم" تحت مسمى "المهرجان الكروى للفيل الأبيض" وأقصد "مباريات كأس أفريقيا" ، مع العلم بأن فكرة "مشروع الفيل الأبيض" قد توقف إستخدامها فى غالبية "دول أفريقيا السوداء" منذ زمن بعيد ، وهذا بعدما وجدوا طريقهم الصحيح إلى النجاح الحقيقى والواقعى وليس "النجاح أبو زلومة" !! ..

عن مدينتى ومعشوقتى الجميلة "الإسماعيلية" والتى أختطفها "الفيل الأبيض" بزلومته كنت أتحدث !! .. وللحديث بقية ..


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الإسماعيلية، النظافة، الأوساخ، البيئة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-06-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، أ.د. مصطفى رجب، د. خالد الطراولي ، ضحى عبد الرحمن، كريم السليتي، محمد عمر غرس الله، محمد اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحـي قاره بيبـان، محمود فاروق سيد شعبان، د - شاكر الحوكي ، أنس الشابي، د - صالح المازقي، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، حسن الطرابلسي، صفاء العراقي، علي الكاش، د.محمد فتحي عبد العال، فوزي مسعود ، عبد الله زيدان، خالد الجاف ، عمر غازي، د- محمود علي عريقات، أحمد ملحم، عبد الرزاق قيراط ، صباح الموسوي ، سليمان أحمد أبو ستة، علي عبد العال، مجدى داود، ياسين أحمد، حاتم الصولي، نادية سعد، رضا الدبّابي، صلاح المختار، عزيز العرباوي، د - المنجي الكعبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سامر أبو رمان ، إيمى الأشقر، د- هاني ابوالفتوح، وائل بنجدو، سلوى المغربي، د - عادل رضا، صلاح الحريري، عمار غيلوفي، سامح لطف الله، سفيان عبد الكافي، تونسي، محرر "بوابتي"، الهادي المثلوثي، أحمد الحباسي، د. أحمد بشير، د - محمد بن موسى الشريف ، د - محمد بنيعيش، العادل السمعلي، يزيد بن الحسين، حسن عثمان، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، حميدة الطيلوش، ماهر عدنان قنديل، مراد قميزة، عبد الغني مزوز، صفاء العربي، صالح النعامي ، فهمي شراب، إسراء أبو رمان، يحيي البوليني، سيد السباعي، فتحي العابد، منجي باكير، طلال قسومي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد محمد سليمان، د - الضاوي خوالدية، أبو سمية، د. طارق عبد الحليم، خبَّاب بن مروان الحمد، رافع القارصي، د. عبد الآله المالكي، مصطفى منيغ، عواطف منصور، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد النعيمي، محمد يحي، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، محمد الياسين، محمد شمام ، مصطفي زهران، رافد العزاوي، محمود سلطان، الناصر الرقيق، رشيد السيد أحمد، محمد العيادي، إياد محمود حسين ، الهيثم زعفان، سعود السبعاني، جاسم الرصيف، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- جابر قميحة، محمود طرشوبي، كريم فارق، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحي الزغل،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة