البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الدعوشة إعاقة ذهنية

كاتب المقال فتحي العابد - تونس / إيطاليا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2775


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كثير مايتردد في ذهني السؤال التالي:
لماذا أنتج المجتمع التونسي ثاني أكبر نسبة من الدواعش في العالم وهو معروف عنه أنه شعب مسالم؟
هناك إجابة وحيدة جالت في مخي وهي: الإعاقة الذهنية، التي أصابت جزء من المجتمع التونسي، ويكفي أن ننظر للنقاشات في الشبكة ووسائل الإعلام، وكيف يُرد على أي نقد بأقذع الشتائم والإهانات، حيث لايسلم المستمع حتى ممن يعتبرون أنفسهم مبعوثي العناية الإلهية من العنف اللفظي، وبالتالي من كل عشرة عنيفين لفظيا يخرج إرهابي لو توفرت له الظروف!
والإعاقة الذهنية عند التونسي بشقيه العلماني والإسلامي أنتجت دعوشة.

والتأخر الذهني سببه توقف النمو العقلي والإدراكي في المرحلة البورقيبيّة الثانية، جراء الخلل الذي حصل في فكرنا واتسعت رقعته بتخطيط ومساهمة إعلام الحجامة ورموز النظام البائد.

واتسمت تلك المرحلة بشدة القيود التي أثرت على كل من الوظائف العقلية وسلوك التأقلم، مما جعل من التونسي كما يعبر عنه في سياق المفاهيم والمهارات الإجتماعية ومهارات التأقلم العملية أنه شخصية حادة، تخزن مخزونا هائلا من الغضب ومن عدم الإحترام للنفس وللآخر.
واجهت تونس مخططات إعاقة وتفتيت تحكمها إستراتجيتين متداخلتين استهدفا وحدة النسيج المجتمعي في بعدها المذهبي والثقافي، والعناصر المكونة للهوية التونسية المتميزة بالتعدد والإنفتاح. فالعداء العلماني للمجتمع وهويته بالتحالف مع النظام الدكتاتوري هما الذان استهدفا تونس في كيانها الحضاري والثقافي، وازداد هذا التهديد في الثلاث عقود التي سبقت الثورة، لأسباب يعرفها الجميع. بالأرقام تونس كانت في تلك الفترة في أسوإ حالاتها، ومازال النزيف مستمر إلى اليوم، بل لا توجد خطة لإيقافه..

وأجد دعما لهذا في أسطر كتاب منصف وناس "الشخصيّة التونسيّة: محاولة في فهم الشخصيّة العربيّة"، الذي يقول فيه: (الشخصيّة التونسية متأثّرة بالأنظمة السياسيّة المتعاقبة على حكم إفريقيّة، ولكنّها تأثّرت أيضاً بالأوبئة والمجاعات، ممّا ولّد حسب رأيه ميلاً إلى طقوس الإبتلاع في المناسبات الدّينيّة وهَوساً بالكنوز رسخت لديه عقليّة البحث عن الحلول الفرديّة. وقد كان الغذاء إجمالاً عاملاً أساسيّاً في رسم سمات الشخصّية التونسيّة، وولّد ظواهر مختلفة مثل حبّ الإثراء وشرعنة السلوك غير السويّ من أجل الوصول إلى الغايات المنشود.(
عامة الإعاقة الفكرية موجودة في كل الشعوب بنسب متفاوتة، لكنها توفرت بنسب أكبر في تونس وخصوصا في عهد المخلوع الذي أنتج جهازه الإعلامي والتربوي شبابا معاقا فكريا، إلا أقلية هي التي تجمل صورة البلد وتحمل أعباءه نظريا..
خطير أن تجد خريجي جامعة يحملون الفكر العدمي بأنواعه الديني والعلماني والذي يسمح بقتال جزء كبير من المجتمع وتكفيره أو تخوينه..

ماوجدت عليه التونسي بعد طول غياب قسري خارج حدود الوطن، هو اتسامه بسلوك غريب، فيه من اللامبالاة وعدم الإكتراث بالظواهر والتواطؤ مع السوء الكثير، وأن الإحساس بالمواطنة يحتاج إلى حزمة من الإجراءات الردعية ترد المواطن عن الإستقالة.. في تونس اليوم تجد المثقف الذي يطالب باحترام الإختلاف الذي لا يسمح به لغيره، ويرفض النقد حتى الأكاديمي منه، بينما تراه يتلذذ بنقد الآخرين، وحدث ولا حرج عن العنف اللفظي والمادي الذي تغلغل في شخصيتنا، وانعكس على مجتمعنا، إضافة إلى عدم إلمام المواطن بواجبات مواطنته وحقوقها وازدراءه أحيانا لها، والرغبة في التنحي عن حملها الثقيل، كما أننا ننصر أحيانا كثيرة الظالم على المظلوم ضعفا أو خيفة من قول الحق، أو رغبة في عدم تحمل أي نوع من المسؤولية، ومن المفارقات أننا دائما ما نطالب بحرية التعبير وديمقراطية الفكرة والممارسات، ولكننا متحفزون دوما لكل من يخالفنا الرأي نكيل له التهم والسباب.

مجتمعنا مصاب بعدة أمراض متراكمة، يبدو بعضها عضالا يطول وقت الشفاء منه دون قوة القانون وعدله، وهذا لن يحصل بدون مبادرة جادة وحقيقية سواء من المجتمع نفسه أو من طرف السلطة.
الرؤية والتفكير المعادي للدولة ولمنظومتها نابع، أساسا من قتل الأمل، واغتيال الحلم بـ "قاذفات" الحكم الفاسد واحتكار الثروة والوطن.
"الدعوشة" كما "الفاشية"، وغيرهما من مناحي الرفض المطلق للغير المخالف، هي ظواهر اجتماعية منتظرة، ما دام المواطن لايرى العدل، ولا يلمح سيادة وطنه، ولا يقف على موقع له في إدارة الشأن العام والمساهمة في وطنه، ما دام أصبح يفتقد معاني الإنتماء والصلة بدولته، ما دامت مواطنته مسلوبة، ما دام حلمه المستقبلي مجهضا.

الراديكالية في جزء منها هي اتجاه صوب المنحى المعاكس للدولة والنظام.
عندما تسيطر على الوطن اللوبيات المافيوزية، وتأسر القرار الوطني، وتستباح الثروات الداخلية، وتسلب أموال الشعب، فالتوجه لن يكون مهادنا، والسلم يصبح بعيد المنال.
المطلوب من كل المخلصين هو بناء جيل يمتلك القدرة الإبداعية التي شرطها الأساسي الحرية، رغم أن الحرية والقدرة على التفكير مازالتا غائبتين في تونس، نتيجة عقود من الإستبداد السياسي الذي تحالف مع العلماني الفاشي، وكرّس أنظمته الشمولية.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الحركات الإسلامية، الحركات الجهادية، داعش،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-05-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  بيع الجمل ياعلي
  الهدهد واللقاء الأول
  البغولية
  ابني بدأ يكبر
  ثروة العقول
  حتى لا ننسى..
  الدعوشة إعاقة ذهنية
  الجدية قيمة مفقودة في تونس
  بومباي Pompei عبرة التاريخ
  معنوية النضال
  علاقة النهضة بمنزل حشاد
  حنبعل القائد العظيم
   زرادشتية حزب الله
  بناء الإنسان
  تجديد الفهم الديني
  منزل حشاد
  لطفي العبدلي مثال الإنحدار الأخلاقي
  النهضة بين الفاعل والمفعول به
  حركة النهضة بين شرعية الحكم ومشرعتها الشعبية
  التمرد على اللغة العربية في تونس
  قرية ساراشينسكو “Saracinesco” صفحة من الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية
  هروب المغترب التونسي من واقعه
  سياسة إيران الإستفزازية
  محاصرة الدعاة والأئمة في تونس
  المعارضة الإنكشارية في تونس
  حجية الحج لوالديا هذا العام
  إعلام الغربان
  المسيرة المظفرة للمرأة التونسية عبر التاريخ
  رسالة إلى الشيخ راشد الغنوشي
  الدستور.. المستحيل ليس تونسيا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، د. عبد الآله المالكي، د- جابر قميحة، حاتم الصولي، عبد الله زيدان، سلام الشماع، محمد الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، أ.د. مصطفى رجب، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف، د - صالح المازقي، مصطفي زهران، خالد الجاف ، صلاح الحريري، محرر "بوابتي"، رشيد السيد أحمد، إيمى الأشقر، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، مجدى داود، عواطف منصور، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، منجي باكير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - الضاوي خوالدية، حسن عثمان، د. خالد الطراولي ، مراد قميزة، د. صلاح عودة الله ، سلوى المغربي، د- محمد رحال، عبد الرزاق قيراط ، محمد عمر غرس الله، تونسي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد العيادي، طلال قسومي، أنس الشابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، خبَّاب بن مروان الحمد، ماهر عدنان قنديل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، رمضان حينوني، ضحى عبد الرحمن، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، يزيد بن الحسين، علي الكاش، صباح الموسوي ، كريم السليتي، صالح النعامي ، د.محمد فتحي عبد العال، عزيز العرباوي، مصطفى منيغ، إسراء أبو رمان، الهادي المثلوثي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد ملحم، أبو سمية، د - مصطفى فهمي، عمر غازي، صفاء العراقي، فهمي شراب، سفيان عبد الكافي، عبد الغني مزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد بشير، سامر أبو رمان ، حسن الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، فتحي الزغل، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، سعود السبعاني، ياسين أحمد، عراق المطيري، د. طارق عبد الحليم، الناصر الرقيق، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، العادل السمعلي، فتحـي قاره بيبـان، رضا الدبّابي، محمود طرشوبي، محمد الياسين، أحمد الحباسي، عبد الله الفقير، رافع القارصي، سيد السباعي، يحيي البوليني، صلاح المختار، د. أحمد محمد سليمان، فتحي العابد، محمود سلطان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فوزي مسعود ، وائل بنجدو، عمار غيلوفي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، سليمان أحمد أبو ستة، حميدة الطيلوش، أحمد النعيمي، إياد محمود حسين ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة