البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الجدية قيمة مفقودة في تونس

كاتب المقال فتحي العابد - تونس / إيطاليا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2190


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


"حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب" حكمة قديمة نتداولها مرارا، ونكررها على أسماع كل من يشكو شح فرص العمل، خاصة مع زيادة الضغوط، ولكن هذه الحكمة البسيطة ليست سهلة التنفيذ أبدا، ولا يفلح الكثيرون فى تطبيقها رغم إيمانهم الكامل بمنطقيتها، ما قد يدفعهم إذا تطور الأمر إلى عدم الرغبة فى الحياة.

التونسي معروف بكفاءته في الخارج، إلا أن الدراسات تقول أنه كسول، متقاعس لا يرغب في العمل، وأن مواطن التشغيل موجودة في تونس، لكن الشباب لا يقبل بها لأنها لا تلبي طموحاته.

لايمكن أن نحمل المسؤولية لغيرنا فقط، ونجلس نتفرج على الربوة. التونسي يغلب عليه الجلوس في المقاهي بل لا يمل منها ويحمل التعثر والتأخر لغيره، يرمي فضلاته في كل مكان ويلوم البلدية عن قلة التنظيف، يخالف قواعد المرور ويلوم الدولة أنها لا تقوم بواجبها، لذلك عادة ما يخرق القانون ولكن يريد أن يطبق على غيره، أو يطالب بتغييره قبل تطبيقه، لايريد أن يشتغل ولكنه لا يحب الخصاصة.

التونسي يغلبه النوم والكسل، يأتي للشغل متأخر ويهرب منه قبل انتهاء الوقت، يرغب في الراحة ويكره التعب. بخلاء ونماطل في مواعيدنا، كبيرنا وصغيرنا، نسهر حتى الساعة المتأخرة، مما يسبب لنا قلق نفسي وبدني يوثر على دراستنا وحياتنا، أفقنا ضيق، شهواتنا تتحكم فينا وتردنا استهلاكيين أكثر مما ندخر، دولة وشعبا.

التونسي يحب "الجو" و"الشيخات" ويكره التفكير والإلتزام، لذلك تجدنا نفشل كأحزاب ومنظمات رغم ما تتوفر لدينا من فرص، ودائما مانجد مبرر لرفض الإلتزام.

نتخطى من هو أمامنا في الصف، أو ندفع الرشوة لكي لا ننتظر دورنا لقضاء حوائجنا، لا نتحكم في انفعالاتنا، لانعطي قيمة لما عندنا، غير جادين في تعاملنا مع الناس. هناك أخطاء تعودنا عليها، وهي تتضارب مع الحياة أو تتناقض مع الواقعية، أهمها العجز على الوفاء، وانعدام المسؤولية. تغلبنا الأعذار، مدعمة بجميع أنواع الحجج، منها: النقل غير موجود، نسيت، عندي برشا قراية....

سهل جدا في تونس أن ترى نسبة نجاح مرتفعة لأي إضراب يقع، لأن التونسي يعتبره فرصة للراحة، وفسحة خارج العمل.

السلوك التونسي من جميع جوانبه: أخلاقي )آخر دراسة تقول أن 90% من التونسيين يتفوهون ببذيء الكلام ويسبون الجلالة(، سياسي )تردي أداء الأحزاب مما يغذي الخطابات المتشنجة، والتقيأ بما لايمكن أن يصدر من مجنون فمابالك من سياسي تحت قبة البرلمان(، إقتصادي )تجارة موازية تفوق التجارة المعلنة والمعلومة(، علمي )سرقة شهادات وغياب رقابة علمية في كل المجالات(، إداري )تشنج داخل الإدارة، و"ركشة" في المقاهي(، فني )توقف الفن ليأخذ مكانه التهريج المنحط( ورياضي )لاتوجد جدية حتى في الرياضة التي فيها شبه إجماع، أخذا بقاعدة العبرة بالمشاركة( تعاني من مرض عضال، هو الإخلال بالإلتزام، فأصبح المعروف عرفا كالمشروط شرطا.

تونس اليوم محتاجة أكثر من أي وقت مضى أن تسترجع أهمية الجدية وقيمة العمل قصد النهوض.. واعتبار الإنضباط وتقديس العمل شكلا من أشكال النضال، وتعبير الحب إلى تونس.. هناك غيابا للجدية ولثقافة العمل، تدعمها دراسة جديدة كشفنا من خلالها أن 53 % من الموظفين لا يحترمون التوقيت الإداري على كامل الفترة.. و18 % منهم متغيبون باستمرار، ويمكن تفصيل النتائج بالقول إن معدل عدد الساعات المقضّاة بالعمل يوميا لكل موظف على كامل الفترة هو 4 ساعات و34 دقيقة (يتقلص إلى أقل من 3 ساعات في اليومين الأولين من شهر رمضان) كما أن عدد مرات مغادرة مقر العمل لغرض غير مهني لكل موظف على كامل الفترة هو 0,86 مغادرة في اليوم، أما أسبابها فهي الإضرابات 31%، وخلاص الفواتير 28%، واستلام الأبناء من المدارس 26 %، الخروج إلى المقهى 12%، الذهاب للبنك 3%، دون اعتبار غيابات شهر رمضان، وفق ذات المصدر.

وفي السياق ذاته تؤكد دراسة أمريكية أن 50 % من الشعب التونسي لا يحبذ العمل، وفوضوي ولايحبذ الإلتزام، وهو ما يحيلنا مرة أخرى عن انتشار ثقافة الكسل في تونس بدرجة كبيرة، بينما ارتفع إنفاق التونسيون في المسكرات إلى 436 ألف دينار، وهي نسبة في ازدياد كل سنة بما يقارب 9.7 %..

إذا، الإلتزام سلوك ذاتي قائم على الوعي والإرادة الحرة، وأن الإخلال به ينم عن نقص ذاتي في الشخصية.

أي تقدم ونجاح يتطلب: الوفاء بإلتزامات معينة عن وعي وإرادة، وبالتالي الإخلال بها يعني الفشل. صحيح أن عجز التونسي على الإلتزام هو العائق الأول الذي يواجه الدولة.. لكن هناك من أبناء تونس من يقرن الليل بالنهار ليحمي مكتسباتها ويرفع عنها التحدي.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، العمل، ثقافة العمل، الكسل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-03-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  بيع الجمل ياعلي
  الهدهد واللقاء الأول
  البغولية
  ابني بدأ يكبر
  ثروة العقول
  حتى لا ننسى..
  الدعوشة إعاقة ذهنية
  الجدية قيمة مفقودة في تونس
  بومباي Pompei عبرة التاريخ
  معنوية النضال
  علاقة النهضة بمنزل حشاد
  حنبعل القائد العظيم
   زرادشتية حزب الله
  بناء الإنسان
  تجديد الفهم الديني
  منزل حشاد
  لطفي العبدلي مثال الإنحدار الأخلاقي
  النهضة بين الفاعل والمفعول به
  حركة النهضة بين شرعية الحكم ومشرعتها الشعبية
  التمرد على اللغة العربية في تونس
  قرية ساراشينسكو “Saracinesco” صفحة من الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية
  هروب المغترب التونسي من واقعه
  سياسة إيران الإستفزازية
  محاصرة الدعاة والأئمة في تونس
  المعارضة الإنكشارية في تونس
  حجية الحج لوالديا هذا العام
  إعلام الغربان
  المسيرة المظفرة للمرأة التونسية عبر التاريخ
  رسالة إلى الشيخ راشد الغنوشي
  الدستور.. المستحيل ليس تونسيا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
تونسي، عبد الله زيدان، عمر غازي، محمد الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، طلال قسومي، جاسم الرصيف، إسراء أبو رمان، محمد شمام ، أنس الشابي، الناصر الرقيق، أحمد بوادي، منجي باكير، علي الكاش، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، علي عبد العال، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، محمد الياسين، أحمد النعيمي، سلام الشماع، إياد محمود حسين ، رمضان حينوني، صلاح المختار، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، فوزي مسعود ، مجدى داود، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- جابر قميحة، سيد السباعي، د- محمود علي عريقات، مصطفي زهران، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د.محمد فتحي عبد العال، عراق المطيري، فتحي الزغل، د - المنجي الكعبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح الحريري، محمد اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، ياسين أحمد، صالح النعامي ، الهادي المثلوثي، سلوى المغربي، عبد الله الفقير، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، إيمى الأشقر، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. طارق عبد الحليم، فتحـي قاره بيبـان، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفى منيغ، يحيي البوليني، ماهر عدنان قنديل، سامح لطف الله، فهمي شراب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صباح الموسوي ، سامر أبو رمان ، فتحي العابد، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، محمود طرشوبي، عواطف منصور، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، أبو سمية، حميدة الطيلوش، العادل السمعلي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بنيعيش، الهيثم زعفان، د. خالد الطراولي ، د. أحمد بشير، سعود السبعاني، كريم السليتي، حسن الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، وائل بنجدو، كريم فارق، عبد الرزاق قيراط ، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، سفيان عبد الكافي، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، عمار غيلوفي، عزيز العرباوي، نادية سعد، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - عادل رضا، محمد العيادي، محرر "بوابتي"، حاتم الصولي، صفاء العراقي، حسن عثمان، محمد أحمد عزوز، د - مصطفى فهمي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد الحباسي، رضا الدبّابي، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، يزيد بن الحسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة