البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإمارات والانقلاب الفاشل الآخر في تونس

كاتب المقال محمد هنيد - تونس   
 المشاهدات: 2121



مع إقالة مدير العلاقات الخارجية بوزارة الداخلية التونسية تكون كل الأدلة قد اكتملت لتؤكد أن انقلابا كان يطبخ في تونس وخارجها من أجل إيقاف المسار الديمقراطي والدفع بالبلاد نحو التقاتل والحرب الأهلية. فشل الانقلاب الأمني الذي كان يدار من داخل كواليس الغرف الخليجية المغلقة كالعادة بعد فشل منظومة الأحزاب والمنصات الإعلامية التي دعمتها الإمارات بسخاء خلال السنوات الماضية في تحقيق أهدافها.


في جزيرة جربة بجنوب تونس اجتمع وزير الداخلية التونسي برئيس المخابرات الإماراتية كما يذكر تقرير فرنسي ووضعا اللمسات الأخيرة للإطاحة بحكومة يوسف الشاهد وعزل رئيس الجمهورية ووضع كل الطيف المعارض في السجون. قبل ذلك كانت لزيارة وزير الداخلية التونسي للسعودية حيث التقى بملكها وبقيادات أمنية يرجح أنها مكنته من الضوء الأخضر لعملية الانقلاب خاصة أنه على خلاف البروتكول عاد إلى تونس في طائرة ملكية خاصة لا عبر الخطوط التونسية كما جرت عليه الأعراف. لكن معلومات وصلت إلى القيادات التونسية عبر الأجهزة الألمانية والجزائرية حول الخطة فسارع رئيس الوزراء إلى عزل وزير الداخلية والقيادات الأمنية المتورطة في الخطة وهو ما أجهض انقلابا آخر على التجربة التونسية الفتية من قبل محور الاستبداد العربي.


هذه المحاولة الانقلابية تصنف في خانة الجرائم البشعة لا ضد الأشخاص بل ضد الدول والشعوب وضد السلم الأهلي والسلم الدولي فهي بكل الصفات تدخل إجرامي في شأن خارجي وفي سيادة دولة عضو بالأمم المتحدة. لكن لا شك أن وراء الأكمة ما وراءها خاصة أن الدول المعادية لثورات الشعوب وأحلامها والمتشبثة حد الموت بكراسيها وعروشها مستعدة لكل الجرائم من أجل أن تبقي الجماهير داخل حظيرة الطاعة تنوء بفقرها وبسلب سيادتها وبيع أوطانها.


عدوان الإمارات لم يقتصر على ثورات ربيع الشعوب بل تجاوزها إلى ضرب خطوط إمداد الثورات وتهديد استقرار كل الدول التي وقفت إلى جانب الجماهير الثائرة ورفضت الانقلاب عليها مثل الانقلاب الفاشل ضد تركيا والانقلاب الأفشل ضد قطر. في مصر مولت الإمارات الانقلاب الدامي على الرئيس المنتخب ديمقراطيا وولغت في المجازر التي ارتكبها في حق شعبه وخاصة في مجزرة رابعة الرهيبة وهي المسؤولة عن كل الحملات الأمنية البشعة التي تمت في حق المدنيين والتي زجت بالآلاف منهم في السجون والمعتقلات والمنافي. في ليبيا وفي اليمن لاتزال الإمارات تدفع بالسلاح والعتاد لتدمير البلاد وللتمكين لكل مغامر من أجل أن يصل إلى الحكم ويصادر حرية شعبه كما يفعل الانقلابي حفتر ضد الثورة الليبية.


أما تونس فمشكلة أخرى كبيرة لأسباب عديدة تجعل من معركتها معركة تحد وعناد لكل أنياب الثورات المضادة ومخالبها. تونس هي مهد الربيع العربي وشرارته الأولى التي أوقدت النار في مزارع الحطب الجاف العربية وهي بهذه الرمزية والقدرة على الفعل صارت هدفا رمزيا لكل المنظومة الاستبدادية والقمعية العربية.


إن ذبح الربيع العربي في تونس يمثل أسمى وأغلى مطامح عصابات الثورة المضادة لأنه يجهز على مهد الثورات ونقطة انطلاقها. هذا الهدف يستمد قيمته من ثلاثة أسباب رئيسية:


أولها إلحاق التجربة التونسية الوليدة بمنوالات الفشل الأخرى في ليبيا ومصر وسوريا واليمن حتى يكتمل النصاب وتستوي النظرية الاستبدادية العربية التي توهم العرب والمسلمين بأن الاستبداد قدرهم وأن الديمقراطية والحرية وهم وسراب كبيران. هذا الهدف هو الركيزة الأساسية التي تتأسس عليها فرضية تأبيد الاستبداد والقمع والتسليم بأن العرب والمسلمين شعوب همجية لا يُحكمون إلا بالحديد والنار وأحذية العسكر.


بناء عليه فإن نجاح التجربة التونسية في إرساء نظام عادل ديمقراطي وتعددي يمثل صفعة كبيرة للمشروع الاستبدادي الذي تمثل دول الخليج رأس الحربة فيه وخاصة دولة الإمارات. وهو نظام قائم على منع الأحزاب السياسية والاستفراد بالحكم ورفض كل تشكيل برلماني قد يمكّن الشعب من المساهمة في صناعة القرار أو في صياغته بل ويقوم على تبديد الثروة ومنع قيام نهضة حقيقية ومحاربة كل التجارب الناجحة كما هو الحال مع تركيا أو مع قطر.


آخر الأسباب إنما يتمثل في تعبيد الطريق أمام الصفقات المرعبة التي يعتزم محور الاستبداد العربي إبرامها على حساب القضية الفلسطينية وخاصة صفقة القرن والتفريط في القدس وردم الحق الفلسطيني إلى الأبد. فالربيع العربي جدد أحلام الجماهير في الحرية والتحرر وأعاد الحياة لأم القضايا العربية وأهمها حيث جلب إلى الواجهة دور الجماهير في مقارعة الاستبداد بما هو أول حصون الاحتلال. لا يمكن إذن تمرير المشاريع الاستعمارية الجديدة دون إغلاق ملف الثورات العربية.


ليس العداء للإسلاميين ولحركة النهضة التونسية هو سبب دعم الانقلابات ولا هو سبب الانقلاب الدامي في مصر بل إن السبب الحقيقي هو منع الشعوب من التحرر ومن الخروج من أغلال القمع والوصاية ومصادرة إرادة الفرد والمجموعة. إن العدو الحقيقي لقوى الثورة المضادة هي الحرية بما تتضمنه من انعتاق للإنسان العربي المسلم ومدخل لبناء الإنسان السوي القادر على النهوض وعلى بناء مجده ومجد أمته.


لن تجدي الانقلابات نفعا ولن تذهب الأموال التي دفعت فيها إلا أدراج الرياح ولن تعود على أصحابها إلا بالخزي والعار لأن الحرية شرط وجود الإنسان وشرط إنسانيته. ثورات الربيع هي الموجة الأولى لرياح تغيير عاتية لن تترك مستبدا عربيا واحدا مهما حاول المجرمون دفنها أو تأجيلها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، لطفي إبراهم، الإنقلاب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-06-2018   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - مصطفى فهمي، د - عادل رضا، الهيثم زعفان، منجي باكير، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، سامر أبو رمان ، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحـي قاره بيبـان، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم فارق، ضحى عبد الرحمن، مصطفي زهران، فتحي العابد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، د - محمد بنيعيش، د- جابر قميحة، سعود السبعاني، د- محمد رحال، حسن عثمان، د - المنجي الكعبي، محمد عمر غرس الله، علي الكاش، الناصر الرقيق، سلام الشماع، صباح الموسوي ، نادية سعد، أحمد الحباسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامح لطف الله، عبد الغني مزوز، إيمى الأشقر، عمر غازي، فوزي مسعود ، المولدي الفرجاني، وائل بنجدو، عمار غيلوفي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد شمام ، د. صلاح عودة الله ، أحمد النعيمي، د. أحمد بشير، حاتم الصولي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، محمود فاروق سيد شعبان، مجدى داود، ماهر عدنان قنديل، د- هاني ابوالفتوح، د - الضاوي خوالدية، رافد العزاوي، محمد العيادي، تونسي، سيد السباعي، ياسين أحمد، طلال قسومي، مصطفى منيغ، محمد يحي، أبو سمية، عواطف منصور، محمد الطرابلسي، فهمي شراب، عبد الله الفقير، محرر "بوابتي"، د. خالد الطراولي ، د- محمود علي عريقات، سلوى المغربي، أنس الشابي، د.محمد فتحي عبد العال، محمود طرشوبي، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، عزيز العرباوي، صفاء العراقي، محمد الياسين، يحيي البوليني، أحمد ملحم، رشيد السيد أحمد، إياد محمود حسين ، د. أحمد محمد سليمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عراق المطيري، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أ.د. مصطفى رجب، علي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، حسن الطرابلسي، الهادي المثلوثي، محمد أحمد عزوز، حميدة الطيلوش، رحاب اسعد بيوض التميمي، رمضان حينوني، رضا الدبّابي، صالح النعامي ، صلاح المختار، مراد قميزة، العادل السمعلي، د. عبد الآله المالكي، كريم السليتي، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، عبد الله زيدان، رافع القارصي، د. طارق عبد الحليم، فتحي الزغل، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة