البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حصاد الربيع: لمَ معاداة الإسلاميين؟

كاتب المقال محمد هنيد - تونس   
 المشاهدات: 2561



تتنزل هذه القراءة الموجزة في إطار ما حققته ثورات الربيع العربي من كشف وما أنجزته من تعرية لمختلف المكونات التي تؤلّف المشهد العربي وخاصة الطيف الفكري السياسي منه.

يمكن الجزم بأن هذا الكشف هو أخطر وأعمق ما أحدثه الزلزال العنيف الذي ضرب القواعد الصلبة للبناء الفكري في المنطقة العربية ورفع الغبار عن الوزن الحقيقي لكل مكون ولمختلف الأدوار التي ينهض بها في بنية المشهد وفي توجهاته.

أول النتائج هي العجز الكبير الذي أظهرته النخب السياسية والفكرية في إنجاح ثورات الربيع وفي دعم مسارها الانتقالي خاصة وهو الأمر الذي عرفته كل الدول التي عرفت ثورات شعبية.

بل الأدهى والأمرّ من ذلك هو أن النخب العربية الفكرية شاركت وبقوة في إجهاض تجربة الربيع وفي إعادة منظومة الاستبداد إلى الواجهة من جديد فأعلنت العداء لحرية الشعوب التي طالما تشدقت بأنها تناضل من أجلها.

لكن أهم ما يلاحظ في حصاد المشهد الثوري اليوم هو موجة الشيطنة والعداء المعلن للمكون الإسلامي. وتشمل تسمية "المكون الإسلامي" الحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية وخاصة منها حركة الإخوان المسلمين.

حيث يمثل الإخوان دون شك أهم مكونات الطيف السياسي العربي في كافة الدول وخاصة مصر وذلك منذ منتصف القرن الماضي وحتى قبل ذلك.

لكن رغم الوزن التاريخي والسياسي والاجتماعي للحركة وامتدادها الأفقي والعمودي فإنها تشهد منذ سبع سنوات موجة من الشيطنة غير المسبوقة وهي موجة تسمح بإبداء الملاحظات التالية:

لم يشفع الوزن التاريخي للحركة في تخطي الامتحان الكبير الذي فرضه الربيع العربي وثوراته المفاجأة ولم تمكنه خبرته التاريخية في التعامل مع السلطة من اجتياز التحديات التي فرضتها آليات الدولة العميقة فرضا وخاصة في مصر.

فقد نجحت الدول العميقة ممثلة بالنظام العسكري في الإطاحة بأول تجربة ديمقراطية مدنية داخل أهم الدول العربية وأثقلها ديمغرافيا واستراتيجيا. لكن من جهة أخرى أظهرت حركة الإخوان المسلمين عجزا كبيرا وتخبطا أكبر في الكثير من الملفات والقضايا سواء منها المتعلقة بالثورة نفسها أو بالسياق الانتخابي ما بعد الثورة في مصر أو في تونس أو في ليبيا.

هذا التخبط والفشل الذريع ـ المصحوب دائما بخطاب الضحية التاريخية ـ هو الذي وجّه أخطر الضربات إلى الثورات وهو الذي عجّل بانتكاستها بل ودفع كثيرين من أعداء الثورة إلى الاصطفاف مع القوى الانقلابية.

ثم إن مجموعة الذرائع التي قدمها الإخوان المسلمون لتفسير فشل ممارستهم السياسية خلال الثورة وبعدها لا تبدو مقنعة خاصة وأنها تسعى في أغلبها إلى استعادة خطاب الضحية التاريخية من ناحية وإلى وضع أسباب الفشل دائما على الخارج وعلى الآخرين.

تتمثل الملاحظة الثانية في العداء المفاجئ الذي أظهرته قوى مدنية وسياسية وفكرية لجماعة الإخوان ولفترة حكمهم. هذا العداء المعلن طرح منذ بداية الثورات جملة من نقاط الاستفهام حول السبب العميق لحالة عداء المجاني التي ترتقي إلى الحقد الأعمى والكره المرضي لجماعة الإخوان.

قد نختلف معهم ومع خياراتهم السياسية والفكرية بشكل كبير لكن هذا الاختلاف لا يفسر موضوعيا حالة العداء التي شهدناها مؤخرا في خطابات أغلب الطيف السياسي والفكري العربي.

لقد أجمعت التيارات القومية واليسارية الشيوعية الماركسية واللبرالية على شيطنة الإخوان وعلى ربطهم بالعنف والتطرف وحتى بالإرهاب. بل إن حركات تنتمي إلى الطيف الإسلامي من الاتجاهات السلفية أو الأصولية أو غيرها من حلقات الطيف الإسلامي أعلنت هي الأخرى العداء خطابا وممارسة لحركة الإخوان المسلمين.

صحيح أن نقد الأداء السياسي للحركة يمثل واجبا فكريا على النخب العربية لكن ارتقاءه السريع إلى مطاف العداء والشيطنة لا يجعل منه عملا فكريا نقديا بقدر ما يحيل بأغلبه على خانة الفعل الاستخباراتي تارة أو ردّة الفعل المرضية البائسة تارة أخرى. كيف يمكن مثلا أن نفهم اصطفاف القوى السياسية العربية إلى جانب أطروحات الأنظمة وخياراتها ـ الدموية غالبا ـ ورفض التعاطف أو حتى احترام الاختلاف مع قوى كانت إلى زمن قريب مصطفة معها في نفس خندق المعارضة ؟ لماذا تنجز التيارات الفكرية العربية اليوم نفس الفعل الذي كان ينجزه النظام الدموي العربي منذ فترة الاستقلال المزيف عن الاحتلال الأجنبي ؟

آخر الملاحظات تدور حول الأدوار الخارجية لمجال الربيع العربي سواء عربيا أو دوليا ودورها في شيطنة المكون الإسلامي. فقد أجمعت القوى الدولية على تفعيل العداء التاريخي القديم لكل ما هو إسلامي أو مرتبط بالإسلام ووجدت ضالتها في حركة الإخوان المسلمين أو من تسميهم بالإسلام السياسي أو الإسلاميون

تاريخيا ما كان يمكن للقمع والتعذيب والقتل الذي تعرض له أعضاء الحركة وأفرادها ولا يزالون إلى اليوم ليكون لولا الضوء الأخضر الدولي. وليس الإطراء الكبير الذي يحظى به الجنرال الدموي في مصر من قبل الأبواق الدولية وخاصة الصهيونية الرسمية إلا تأكيدا على الدعم الدولي الذي يحظى به رغم كل المجازر والمذابح التي ارتكبها.

أما الدول العربية والدولية التي لم تشارك في شيطنة الجماعة بل دافعت عنها واعترفت بها إقليميا مثل تركيا أو عربيا مثل قطر فإنها دول تعرضت إلى محاولتين انقلابيتين تهدفان إلى تغيير نظام الحكم. إن شيطنة دولة تركيا رغم نجاحها الاقتصادي والاجتماعي الكبير وكذلك شيطنة قطر رغم كل إنجازاتها الإقليمية والعربية لا تخرجان عن المشهد العام المعادي للمكون الإسلامي وحقه في الممارسة السياسية التي أوصلته إليها صناديق الانتخاب في تونس وفي مصر.

لا يمثل مشهد الحصاد هذا غير واحد من الدروس المستخلصة من ثورات الربيع العظيمة وهي خلاصات تفرض على الجميع مراجعات عاجلة من أجل إيقاف النزيف الحاد الذي يعرفه البناء الحضاري للأمة بشكل عام. إن الاختلاف الفكري والثقافي وتباين الرؤى السياسية بل وتناقضها يشكل ضرورة من ضرورات البناء والفعل عملا بحتمية مبدأ التنوع.

أما رفض الآخر وإقصاؤه وشيطنته فإنها لا تصب في غير صالح أعداء الأمة ممن يخافون نهضتها ويعملون على تمزيق أوصالها بكل الطرق والوسائل والأساليب المتاحة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الربيع العربي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-02-2018   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
يزيد بن الحسين، محرر "بوابتي"، أحمد النعيمي، محمود سلطان، صلاح الحريري، حاتم الصولي، كريم فارق، د - محمد بنيعيش، أحمد بوادي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حميدة الطيلوش، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي الزغل، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، أحمد الحباسي، د. صلاح عودة الله ، إياد محمود حسين ، كريم السليتي، نادية سعد، مصطفي زهران، أبو سمية، ماهر عدنان قنديل، محمد شمام ، المولدي الفرجاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. عادل محمد عايش الأسطل، رافد العزاوي، عبد الرزاق قيراط ، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، مراد قميزة، فوزي مسعود ، د - عادل رضا، فهمي شراب، علي الكاش، طلال قسومي، صالح النعامي ، وائل بنجدو، محمود طرشوبي، صباح الموسوي ، د - محمد بن موسى الشريف ، منجي باكير، ضحى عبد الرحمن، رحاب اسعد بيوض التميمي، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، د - شاكر الحوكي ، رافع القارصي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد العيادي، د - صالح المازقي، حسن الطرابلسي، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، إيمى الأشقر، تونسي، صلاح المختار، إسراء أبو رمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مصطفى منيغ، علي عبد العال، محمد الياسين، العادل السمعلي، محمد عمر غرس الله، عراق المطيري، عواطف منصور، د. أحمد بشير، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الغني مزوز، عبد الله الفقير، مجدى داود، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، سامر أبو رمان ، سعود السبعاني، خالد الجاف ، الهادي المثلوثي، رشيد السيد أحمد، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال، أنس الشابي، صفاء العراقي، د. عبد الآله المالكي، محمد أحمد عزوز، د. أحمد محمد سليمان، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، ياسين أحمد، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، عزيز العرباوي، سامح لطف الله، د- جابر قميحة، د- محمد رحال، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، سلام الشماع، محمد يحي، فتحـي قاره بيبـان، أحمد ملحم، د- محمود علي عريقات، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. خالد الطراولي ، فتحي العابد،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة