البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لائحة "روتانا" ضد "الجزيرة"

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2419



قرأت لائحة المطالب، أعقبت ذلك لحظة من البهتة وفقدان التركيز ثم موجة من الضحك الأصفر الساخر، أهذا ما يمكن أن تطلبه دولة ذات سيادة من جارتها ذات السيادة، بل من جارتها الشقيقة التي جمعها معها التاريخ والثقافة ويجمعهما بعد المصير الاستراتيجي؟ شيء ما يشبه مطالب زوجة نكدية من زوجها الذي يعاني القرف، اختلاق مطالب من فراغ الوقت لغاية التنكيد ليس أكثر، لكن هل الغاية التنكيد؟ بعد تأمل في المطلب الأهم أصل إلى قناعة ثابتة أن الأنظمة التي وضعت لائحة المطالب على قطر أنظمة ميتة وإن ما زالت تتنفس.

الحرية قتلت هذه الأنظمة، الحد الأدنى منها الذي يُبث من قطر أو تموله قطر قضى على هؤلاء، قطع العلاقات العسكرية مع تركيا أو تقليص العلاقات التجارية مع إيران تغطية غير سميكة بل مفضوحة للمطلب الأهم، قطع لسان الحرية الذي ينطق من الجزيرة ومواقع أخرى تتنفس حرية وتروج للحرية وتبني عليها مشروع الوطن العربي القادم، معركة ضد الحرية تقودها أشد الأنظمة تنكيلًا بشعوبها وقهرها وحرمانها من حقها في الحياة الكريمة.

الإعلام وما خلفه

نحتاج إلى نظرة قصيرة للوراء لنتذكر التطور الإعلامي الكبير الذي انطلق من بلدان الخليج العربي في أول سنوات التسعينيات، عبر باقات من القنوات التليفزيونية كانت فاتحتها الإم بي سي ثم روتانا، وكرّت السبحة بعدد لم نعد نحصيه من القنوات لمعت من بينها قناة الجزيرة الإخبارية، فتبين أن هناك خطان يقودان الثورة الإعلامية في المنطقة خط روتانا يقابله خط الجزيرة، ويبدو أن عجز روتانا عن المنافسة الحقيقية أثبت أن خط الجزيرة الأبقى والأكثر دوامًا تأثيرًا، لذلك من يملك روتانا يعمل على قتل من يملك الجزيرة، فكأن الأمر في ظاهره لعبة خرجت عن قانونها وأحد اللاعبين فقد أعصابه، لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير.

خط روتانا وأعني به كل قنوات السينما المدبجلة والغناء والطرب والمنوعات المستوردة والمفبركة والمروجة لنوع واحد ووحيد من الإعلام، إلهاء الشعوب بالطرب عن همومها وقضاياها، وأولها عبث أهل السياسة بالمال العام، ومنع تطور تعبيرات الحرية التي تراها شعوب المنطقة نعمة تتمتع بها الشعوب من حولها وتحرم هي منها بدعوى طاعة أولي الأمر، وطبعًا هذا الخط مسلح بشيوخ الطاعة بحيث ليس للمتفرج إلا أن يأكل وينام ويتغوط أحيانًا.


خط الجزيرة خط الالتزام السياسي بقضايا الأمة لذلك عرفنا منها ما يجري حولنا في العراق ولبنان وغزة، وفي الربيع العربي كانت كاميرا الجزيرة ورجالها في ميادين الثروة تنقل أخبارها وتروج لشعاراتها منحازة بكل طاقتها إلى ثورة الحرية والكرامة، وهنا غضب خط روتانا، لقد بدأ يخسر، كلما اتسع هامش الحرية خسر خط روتانا، الإعلامي في الظاهر ولكن السياسي في الباطن، وتقلص تأثيره على العقول، لقد اتضحت المقارنات وبدأ جمهور عريض في كل المنطقة العربية وفي العالم ينتبه إلى فعل الجزيرة في العقول والنفوس.

لقد عرف الجمهور العربي أهم مفكريه وعلمائه ونخبته المناضلة عبر الجزيرة، ففتحت القناة الباب لكل النخبة المناضلة والملتزمة بقضايا أمتها وأعطتها المصدح، وما كنا لنعرف هؤلاء اللهم إلا من كتب كتبوها ولم تروج بما فيه الكفاية.

في الجزيرة عرف العرب غزة بتفاصيلها وعرفوا ناسها وعرفوا خونة غزة وتجار القضية، كما عرفوا المقاومة المسلحة في لبنان وعبر الجزيرة تضامنوا معها، فقد كانت كاميراتها الأقرب إلى المعركة وإلى قيادتها.

لقد صارت الجزيرة ومن سار في فلكها صوت الحرية في الوطن العربي، وكان هذا قاتلًا ومدمرًا لخط روتانا اللاهي الذي يصرف الناس عن قضاياهم الحيوية وينومهم بفتاوى طاعة السلطان، لذلك نفهم لائحة روتانا ضد الجزيرة، فالمعركة معركة حرية ومن لم يرها من هذه الزاوية فقد ذهب ضحية روتانا.

أفق المعركة الآن؟

وقد وضعت اللائحة على الطاولة هل ستصمد الجزيرة أم تتراجع أمام روتانا؟ الإيمان بدور الجزيرة هو إيمان بدور الحرية في تطوير قدرات الشعوب على الفعل السياسي والثقافي وعلى التغيير نحو الأفضل، ولذلك فإن المعركة هنا هي معركة تقدم وتطوير تقوده الجزيرة ضد تخلف وقهر واستيلاب ثقافي تقوده روتانا، في مطلق القول فإن معارك الحرية تنتهي دوما بالانتصار على القهر، هذا قانون تاريخي ولكن هل تملك الجهة المسؤولة عن الجزيرة أو التي تقود بها معركة حريات في الوطن العربي القدرة على الصمود وما الثمن الذي ستدفعه لتبقى حية وقادرة على فرض صوتها أو بتدقيق أكثر ماذا ستلقي من المركب لتخفيف الحمولة ليستمر حتى ميناء ما ذات يوم؟

اللائحة على سخافتها لائحة كسر عظم فليس مطلوبًا من قطر تحقيق كل ما فيها ولكن تحقيق الأهم أن تقطع قطر لسانها بيدها لتظل حية ولكن خرساء، هل تملك قطر رفض كل اللائحة والعمل على أنها نكد زوجة يرد عليه بالخروج إلى المقهى؟


ليس أمام قطر إلا خوض حرب استشهادية، رفض كل اللائحة والخروج من وضع الشقيق الأصغر المكلف بحسب جوهر اللائحة بتلميع أحذية إخوته الكبار، في معركة الحرية إما أن تكون صادقًا حتى النهاية أو لا تكون، غير مسموح بنصف الموقف أو المناورة بمبدأ الحرية.

هذه معركة حريات ويفترض الآن أن كل من غنم حريته من صوت الجزيرة، أن يتضامن معها في كل مكان، فقد حان أوان دفع ثمن الحرية ليستمر صوتها أمام صوت القهر القادم من ظلام الدهور السحيقة.

معركة حريات نعم، وإلى ذلك فهي تأتي في قلب مواقف دولية وتحالفات ورؤى سياسية مستقبلية، وهنا وجبت المناورة ضد لائحة روتانا وفلسفتها وقوتها المالية والعسكرية، بدفع قيم الربيع العربي أي قيمة الحرية إلى أعلى سقوفها، فالحرية الوحيدة هي من أخرجت تنانين الشر من جحورها وجعلتها تضع لوائحها العدوانية، والرد عليها إما أن يكون بالمزيد من الحرية أو أن كل تراجع أو مناورة مجاملة ستؤدي إلى قطع اللسان ثم قطع الرزق ثم قطع العنق.

فمن وضع اللائحة لا يقدس الحياة لأنه لا يقدس الحرية، وسنراقب خط الجزيرة التحريري في قادم الأيام وكل إمعان في الحرية سيكون خطوة في الطريق الصحيح.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

قطر، السعودية، آل سعود، الإمارات العربية، الثورة المضادة، حصار قطر،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 25-06-2017   موقع نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
يزيد بن الحسين، المولدي الفرجاني، محمود سلطان، سعود السبعاني، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله زيدان، جاسم الرصيف، رمضان حينوني، حميدة الطيلوش، فتحي العابد، حسن عثمان، حاتم الصولي، مراد قميزة، أحمد الحباسي، سلوى المغربي، الهادي المثلوثي، صفاء العربي، د - صالح المازقي، رضا الدبّابي، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، محمد شمام ، د - شاكر الحوكي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، فوزي مسعود ، رافع القارصي، أنس الشابي، الهيثم زعفان، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله الفقير، عمر غازي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد العيادي، عبد الرزاق قيراط ، د - المنجي الكعبي، د. أحمد بشير، صلاح المختار، د. خالد الطراولي ، أحمد بوادي، صفاء العراقي، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، ضحى عبد الرحمن، د - عادل رضا، علي الكاش، أحمد النعيمي، إيمى الأشقر، طلال قسومي، عراق المطيري، محمد يحي، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمد رحال، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سيد السباعي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، د - محمد بنيعيش، كريم فارق، يحيي البوليني، الناصر الرقيق، سامر أبو رمان ، إسراء أبو رمان، علي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد أحمد عزوز، وائل بنجدو، أشرف إبراهيم حجاج، فتحي الزغل، د - مصطفى فهمي، د. طارق عبد الحليم، فتحـي قاره بيبـان، عزيز العرباوي، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، محمد الياسين، نادية سعد، محرر "بوابتي"، تونسي، سفيان عبد الكافي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سامح لطف الله، أ.د. مصطفى رجب، إياد محمود حسين ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، د- جابر قميحة، صباح الموسوي ، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، مصطفي زهران، عواطف منصور، د. عبد الآله المالكي، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد محمد سليمان، سلام الشماع، ياسين أحمد، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، مجدى داود، العادل السمعلي، محمود طرشوبي، د.محمد فتحي عبد العال، منجي باكير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة