البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الكوليرا ...المرض الفتاك

كاتب المقال د.محمد فتحي عبد العال - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3045


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الكوليرا مرض فتاك و معدي نتيجة لعدوى بكتيرية معوية حادة تنشأ بسبب تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا تسمي الضمة الكوليرية (Vibrio Cholerae) ويرجع الفضل في اكتشاف هذه البكتيريا المسببة للكوليرا للعالم الايطالي فليبو باسيني عام 1854 ، وقد وصف العالم الألماني المشهور روبرت كوخ، هذه البكتيريا المسببة للكوليرا للمرة الأولي في التاريخ ، بأنها بكتيريا تتحرك عن طريق أسواط، وتهتز باستمرار في مكانها و تصيب هذه العدوى الجهاز الهضمى خاصة الأمعاء الدقيقة وعلى الرغم من أن بكتريا الكوليرا هى مصدر العدوى، فإن التأثير المميت للمرض يأتى من السم الذي يُعرف باسم (CTX) الذي تفرزه البكتريا فى الأمعاء الدقيقة حيث يلتصق هذا السم بجدار الأمعاء، ويؤثر على التدفق الطبيعي للصوديوم والكلوريد، مما ينتج عنه إفراز الجسم لكم هائل من الماء مسببا الاسهال المائي الحاد ؛ غير المصحوب بمغص أو آلام في البطن، وهذا الإسهال يكون مفاجئا وغزيرا ويشبه كثيرا ماء الأرز المطبوخ، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من سوائل الجسم في مدة قصيرة ، والذي يمكن أن يؤدي إلى الجفاف نتيجة للفقدان السريع لسوائل الجسم بعد الإسهال والقيء مما يؤدي إلى هبوط في الدورة الدموية .والكوليرا مرض لا يتورع عن حصد الأرواح مجتاحا الدول دون حواجز أو قيود ولقد كان يعتقد لفترة طويلة أن الإنسان هو المستودع الرئيسي للكوليرا، كما كان يسود الاعتقاد بانتقال عدوى بكتيريا الكوليرا عن طريق الروائح الكريهة ولكن في القرن التاسع عشر استطاع عالم الوبائيات البريطاني جون سنو، الربط بين انتقال العدوى بالكوليرا ومياه الشرب الملوثة بالبكتيريا ومن ثم أصبحت أصابع الاتهام تتجه الي البيئات المائية التي يمكنها العمل كمستودعات للبكتيريا.

تنتشر الكوليرا في المناطق التي لا تعالج فيها مياه المجاري ، محدثة مخاطر جمة في البيئات الفقيرة المكتظة بالسكان و وسط اللاجئين حيث سوء المرافق الصحية و مياه الشرب غير النقية ، لذلك تتحول الكوليرا الي وباء حينما تأتي قرينة للفقر أو الحروب أو الكوارث الطبيعية.و يتم التأكد من الإصابة بالكوليرا عن طريق فحص عينة من براز المريض و الكشف عن وجود البكتيريا المسببة للمرض بها.

كان اسم الكوليرا في الماضي كفيلا أن يثير الرعب والهلع في النفوس وقد كان أول ظهور لوباء الكوليرا بمصر عام 1830 حيث بذل الطبيب الفرنسي كلوت بك وتلاميذه جهودا مضنية للتصدي له حتي أن محمد علي والي مصر أنعم عليه في نفس العام بالبكوية ومن وقتها صار كلوت بك الا أنه في العام التالي تفشي المرض عن طريق الحجاج والذي انتقل اليهم من حجاج الهند مما دعا محمد علي الي إدخال نظام الحجر الصحي المعمول به في أوروبا فأنشيء أول محجر صحي بجانب الميناء الشرقي الذي ترسو به سفن الجاليات الأوروبية والأجنبية . وقد أطلق عليه اسم ( لازاريت) ولفظ لازاريت ذات أصل لاتيني معناها الأبرص أو المجزوم والطريف أن تحريفات الاهالي حولتها بعد ذلك الي الازاريطة والتي أصبحت من اهم احياء الاسكندرية ودخلت التاريخ مؤخرا ببرجها المائل !!!!.

هناك العديد من النّصائح للوقاية من الإصابة بمرض الكوليرا، منها: غلي الماء مدّةِ دقيقةٍ إلى ثلاث دقائقٍ على حرارةٍ مُرتفعةٍ، تجنّب الأطعمة النّيئة مثل: الفواكه والخضروات غير المُقشّرة، والحليب، ومنتجات الألبان غير المُبسترة، واللحوم النّيئة أو غير المطبوخة، تجنّب تناول الأسماك والتي قد تكون مُلوّثةً بمياه الصّرف الصحيّ كذلك ضرورة غسل اليدين بالصابون على نحو منتظم بعد الإبراز و قبل مسك الأطعمة أو تناولها، إضافة إلى إتباع الممارسات السليمة في تحضير الأطعمة وحفظها. ومن أطرف سبل مقاومة المرض ما ساقه الطبيب الامريكي (بول هاريسون) في كتابه ( رحلة طبيب في الجزيرة العربية) في وصفه لرحلته إلى سلطنة عمان في عام1926 في وقت كان مرض الكوليرا مستشريا الي الحد الذي يهدد بإفناء سكان عمان مما دعى الحاكم وقتها ان يصدر تهديدا لسكان عمان اذا تم ضبط أي شخص يشرب ماء غير مغلي معرضا حاله والآخرين للمرض فانه يعدم رميا بالرصاص عند شروق الشمس !!!وبذلك توقف الوباء في السلطنة كما لو كان قد استؤصل بفأس، ولم تظهر أية حالة جديدة أخرى.

تعزيز الترصد والإنذار المبكرمن الامور الهامة التي تساعد الي حدّ كبير في الكشف المبكر واتخاذ كافة تدابير المكافحة, وعلى العكس، فمعالجة المجتمع على نحو روتيني بالمضادات الحيوية، لا يؤثر في كبح انتشار الكوليرا، بل قد يؤدي إلى آثار عكسية من خلال تزايد مقاومة مضادات الميكروبات ومنح شعور كاذب بالأمان.

يرتكز علاج هذا المرض علي شرب كميات كبيرة من الماء والسوائل فهما الدُّعامة الأساسيّة لمرض الكوليرا اعتماداً على مدى شدّة الإسهال؛ حيث يكون العلاج عن طريقِ الفم، أو عن طريق الحقن بالوريدِ بمحاليل معالجة الجفاف في الحالات شديدة الخطورة لتعويضِ الجسم عن السّوائل المفقودة وكذلك إعطاء بعض المضادات الحيوية التي تقتل البكتيريا (مثل التتراسيكلين أو الدوكسيسيكلين أو ازيثروميسين كبسولات ) أحيانا إلى جانب المحاليل والسوائل والمُضادّات الحيوية لا تُعتبر جزءاً من العلاجِ الطارئ في الحالاتِ الخفيفة، ولكنها يُمكن أن تُقلّل من مُدّة الإسهال بمُعدّل النّصف، كذلك تُقلّل إفراز البكتيريا، ممّا يساعد على منع انتشار المرض. فضلا عن أخذ الأدوية المُضادّة للأعراض المُصاحبة ، مثل أدوية القيء، والإسهال، وخافضات الحرارة وقديما كان الثوم يستخدم في القضاء على مرض الكوليرا كما يعتقد أن زيت القرنفل مفيد جدا لعلاج الكوليرا والحماية منها كما أظهرت الأبحاث أن الزنك قد يساعد فى تقليل مدة الإسهال وفى كمه عند الأطفال التي تعانى من الكوليرا.

----------
د.محمد فتحي عبد العال
صيدلي وماجستير في الكيمياء الحيوية
كاتب وباحث


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الكوليرا، الأمراض، مقالات طبية، مقالات علمية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-06-2017  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صفحات من التاريخ الأخلاقي بمصر (2) قم للمعلم
  صفحات من التاريخ الأخلاقي بمصر (1) المواطن والكمسري
  الجديد حول كوفيد 19 : تجارب علاجية تنبئ بالنهاية
  رجل بأمة
  المفكر المستنير
  النحو الواضح
  جزاء الإحسان
  دستور الأخلاق
  كورونا حديث الساعة سين وجيم (4)
  كورونا حديث الساعة... سين وجيم (3)
  كورونا حديث الساعة... سين وجيم الحلقة الثانية
  كورونا.... حديث الساعة سين وجيم
  شهر رمضان وصناعة الأخلاق
  عبقرية الإسلام
  التعديل الجيني... مستقبل مرتقب لنهاية الفيروسات التاجية
  كورونا: أفيجان Avigan، الدواء الواعد
  هل يغدو اكسيد النيتريك طوق النجاة لتعويض النقص في أجهزة التنفس الصناعي؟
  الإعجاز الديني فيما يخص فيروس كورونا
  مضاد الطفيليات والكورونا
  عقار التهاب المفاصل وفيروس كورونا
  هل يتحول دواء التهاب البنكرياس القديم إلى طاقة أمل؟
  هل ينجح دواء الضغط الشهير في التصدي لمضاعفات كورونا؟
  كورونا.. حديث الساعة - سين وجيم
  متحف طوب قابي
  حرب القهوة
  تاريخ سطره ضريح الحب قبر الرومية
  مكتبة مكة المكرمة
  الميثولوجيا بين الأدب وحقائق الدين وحصاد العلم. قصة الطوفان أنموذجا
  قراءة في رواية سوناتا لاشباح القدس
  مسجد لا بالله

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، سامر أبو رمان ، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد بشير، صلاح المختار، محمد العيادي، رافع القارصي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. عبد الآله المالكي، د. طارق عبد الحليم، مصطفى منيغ، سفيان عبد الكافي، عواطف منصور، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سيد السباعي، فهمي شراب، محمد عمر غرس الله، فتحي الزغل، أشرف إبراهيم حجاج، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، فتحـي قاره بيبـان، محمود طرشوبي، رشيد السيد أحمد، عبد الله الفقير، ياسين أحمد، د. أحمد محمد سليمان، الهادي المثلوثي، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، عراق المطيري، د- هاني ابوالفتوح، د. مصطفى يوسف اللداوي، علي الكاش، الهيثم زعفان، حاتم الصولي، يزيد بن الحسين، محمد يحي، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، محمد أحمد عزوز، وائل بنجدو، عبد الله زيدان، سلام الشماع، عزيز العرباوي، د - صالح المازقي، طلال قسومي، أحمد ملحم، صفاء العربي، رافد العزاوي، حسن عثمان، صفاء العراقي، د. خالد الطراولي ، د- محمود علي عريقات، د - مصطفى فهمي، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، تونسي، د.محمد فتحي عبد العال، سامح لطف الله، أنس الشابي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، منجي باكير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، كريم فارق، علي عبد العال، الناصر الرقيق، د - محمد بنيعيش، ضحى عبد الرحمن، المولدي الفرجاني، مجدى داود، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، د - عادل رضا، سعود السبعاني، أحمد الحباسي، كريم السليتي، د - المنجي الكعبي، صباح الموسوي ، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، أبو سمية، حسن الطرابلسي، فوزي مسعود ، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، د - الضاوي خوالدية، محمود فاروق سيد شعبان، حميدة الطيلوش، مراد قميزة، د- جابر قميحة، محرر "بوابتي"، د- محمد رحال، محمود سلطان، أحمد النعيمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي العابد، عمار غيلوفي، محمد شمام ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الرزاق قيراط ، إسراء أبو رمان، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة