البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

محاولة الاغتيال الرمزي للزواري وتهرب السبسي من مهامه كرئيس جمهورية

كاتب المقال طارق الكحلاوي - تونس   
 المشاهدات: 3285



يقول البعض إن هناك اغتيالين حصلا في علاقة بالشهيد محمد الزواري، الاغتيال الإسرائيلي، ثم الاغتيال الرمزي الذي ساهمت فيه السلطة على مستوى أعلى مسؤول فيها، محاطا ببعض الأصوات الهستيرية في الإعلام. ولولا الهبة العفوية التي انبثقت تقريبا من كل العائلات الفكرية التونسية، وتقريبا كلها لديها عبر عقود شهداء بين فلسطين وجنوب لبنان، لولا ذلك وتبني حماس للزواري لتم دفن رمزي آخر للزواري. يعرف الرأي العام ما يكفي من المعطيات حول الاغتيال الإسرائيلي، لكنه يحتاج أيضا للتركيز على الاغتيال الرمزي.

مر أكثر من أسبوع بعد الاغتيال الإسرائيلي لمحمد الزواري. وإلى هذه اللحظة لا يوجد أي رد فعل من أي نوع كان على هذه الجريمة الإرهابية من رئيس الجمهورية، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، المسؤول عن حماية السيادة التونسية، والمشرف على سياسة الدولة تجاه الخارج. بما في ذلك أول الأسبوع في البلاغ الرسمي لاجتماع "المجلس الأعلى للجيوش"، حيث تجاهل الموضوع كأنه في كوكب آخر. هذا الشخص نفسه الذي زايد على الجميع بشعار "تحيا تونس". سلوك لا يعبر عن الإرادة الحرة للشعب التونسي وهو يحتفل بذكرى ثورته.

أكثر من أسبوع ولا تزال السلطة التونسية تختفي وراء التفاصيل التقنية الأمنية وتكرار شعارات عامة حول ان السيادة التونسية "خط أحمر"، دون أي إشارة بأي شكل كان لإسرائيل. هذا عدا عن التحرك ديبلوماسيا ضد الاعتداء.

والأدهى أن هذا الموقف أسوأ حتى من ابن علي، فعندما قامت إسرائيل باغتيال خليل الوزير (أبو جهاد) في 16 إفريل 1988 لم تعلن مسؤوليتها عن العملية، ورغم ذلك سارعت تونس مباشرة في اليوم نفسه إلى طلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن، وخاض وزير الخارجية التونسي آنذاك محمود المستيري معركة مع القوى الدولية الكبرى التي تذرعت ب"عدم وجود ادلة قاطعة على تورط اسرائيل." نفس الذريعة التي يتذرع بها الآن السبسي وأعوانه. وفي النهاية تحصلت تونس على الحد الأدنى أي القرار 611 الذي يشجب "العدوان الذي ارتكب ضد السيادة وسلامة الأراضي التونسية"، دون أن يخص إسرائيل بالذكر.

حينها لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن العملية، وعندما فعلت كان ذلك بشكل غير رسمي فقط بعد حوالي 25 سنة من العملية، أي سنة 2013 في سياق حديث صحفي لضابط في وحدة الاستطلاع التي قامت بالعملية. وبالمناسبة كل المؤشرات والقرائن (خاصة التعليمات والسلوكات الأمنية في محيط الجريمة ليلة وقوعها)، التي احاطت باغتيال أبو جهاد سنة 1988 تحيل على تورط ابن علي إما مباشرة أو بالتواطؤ مع إسرائيل.

يختفي السبسي، دون الحديث عن وزيره الأول ضخم الجثة بلا فائدة، وراء مقاربة أمنية لاغتيال محمد الزواري. الندوة الصحفية لوزير الداخلية بعد عرض كل المعطيات التي تشير بوضوح إلى عملية مخابراتية إسرائيلية بتعاون تونسي، يتحدث عن "إمكانية ضلوع جهاز أجنبي" وأنه لا يمكن له تأكيد أي شيء.

طبعا في كل العمليات التي قامت بها إسرائيل في تونس من حمام الشط إلى اغتيال أبو جهاد، في جميعها لم تصدر إسرائيل تبنيا رسميا لعملياتها، وكان علينا الانتظار لسنوات قبل التعرف على الرواية الإسرائيلية. ورغم ذلك اتخذت تونس موقفا رسميا واضحا وتتبعت إسرائيل في الهيئات الدولية. الآن لدينا ولأول مرة مسارعة قناة إسرائيلية قريبة من الأجهزة الاستعلاماتية بإعداد تقرير بشكل استعلاماتي (عملية إخفاء ومواراة هوية الصحفي)، تتحدث بافتخار عن العملية. والأهم تبن ضمني من قبل أفيغدور ليبرمان المسؤول الثاني في حكومة نتنياهو معتبرا، أن "إسرائيل تعرف ماذا تفعل". ورغم ذلك تتهرب الدولة التونسية من أي سعي ولو شكلي لاتخاذ موقف سياسي واضح. يتهربون وراء "الرواية والتفاصيل الأمنية" حتى تضيع بينها المسؤولية السياسية.

الحقيقة أن هناك تاريخا للمقاولات المحلية تونسيا بمسألة الصراع العربي الإسرائيلي؛ حيث كانت هناك تقاليد في ذلك أرساها الرئيس الراحل بورقيبة، وهو ما كتبت عنه منذ سنوات في إطار مسألة التطبيع في المغرب العربي باسم مستعار آنذاك (الطاهر الأسود). وهذا التساهل هو الذي خلق الأجواء حتى لوجود تواطؤ في عملية اغتيال أبو جهاد مثلما نقلت مصادر إسرائيلية.

وقد وصل النشاط المخابراتي الإسرائيلي في تونس حسب هذه المصادر إلى مستوى قياسي منذ وصول منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس سنة 1982، ولا يتعلق ذلك بوجود بعض العملاء من الأوساط الفلسطينية للموساد مثل (نائب السفير الفلسطيني في تونس عدنان ياسين وابنه هاني) فحسب، بل شمل أيضا - حسب تصريحات مصادر مخابراتية إسرائيلية نقلتها عنها صحف أمريكية - "مسؤولين تونسيين رفيعي المستوى"، بالإضافة إلى عناصر من الأمن التونسي ساهمت مثلا بعلم ومن دون علم (معتقدة أنها تعمل مع مخابرات أوروبية) في التحضير الإسرائيلي لعملية اغتيال أبو جهاد. وصدر ذلك خاصة في كتاب Black, I. and Benny, M. Israel’s Secret Wars الصادر سنة 1991.

نحن إزاء سلطة تعاني من انفصام حاد. فقط بعد مرور ستة أيام كاملة يعتبر الوزير الأول المعين من السبسي أن محمد الزواري شهيد، وترسل الحكومة أخيرا أحد أعضائها لتعزية عائلته. لكنها لا تستطيع أن تعلن هوية الجاني وتدينه سياسيا (مختفية وراء تفاصيل أمنية). السبسي في الأثناء يواصل حالة الإنكار والسبات في غرفة نوم بورقيبة.

إذا لم يكن محمد الزواري قتيلا بل شهيدا، بالمعنى السياسي البديهي للكلمة في سياق انتمائه لكتائب القسام، هو شهيد من أنه كان شهيد الاغتيال الإسرائيلي؟! هل هناك شكوك مثلا أن يكون شهيد اغتيال ناميبي أو سلوفاكي؟!

الوقت يمر ومع كل يوم تخسر هذه السلطة فرصة أخرى لكي تكون سوية نفسيا على الأقل، بينما لم يعد من الممكن أن نتوقع منها أن تكون وطنية، في المقابل يوجد قرار إسرائيلي استثنائي بالتبني المبكر غير المباشر على غير ما جرت به العادة. يرجع هذا على الأرجح لضعف ردة الفعل الرسمية التونسية "اللينة" و"المائعة" التي يمثلها تحديدا رئيس الجمهورية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، محمد الزواري، الموساد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-12-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العربي، سيد السباعي، عمار غيلوفي، محمد شمام ، يزيد بن الحسين، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد أحمد عزوز، كريم السليتي، تونسي، محرر "بوابتي"، طلال قسومي، خالد الجاف ، إياد محمود حسين ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، خبَّاب بن مروان الحمد، د- هاني ابوالفتوح، سفيان عبد الكافي، أبو سمية، مراد قميزة، منجي باكير، عبد الله الفقير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سامح لطف الله، ضحى عبد الرحمن، رمضان حينوني، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. أحمد محمد سليمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد العيادي، صالح النعامي ، رافع القارصي، حميدة الطيلوش، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفي زهران، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، حسن الطرابلسي، د. أحمد بشير، حسني إبراهيم عبد العظيم، ماهر عدنان قنديل، العادل السمعلي، عبد الله زيدان، صباح الموسوي ، سلام الشماع، رحاب اسعد بيوض التميمي، يحيي البوليني، د- محمود علي عريقات، فتحي الزغل، علي الكاش، محمد يحي، د- محمد رحال، محمد اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، الناصر الرقيق، د - مصطفى فهمي، أنس الشابي، صفاء العراقي، رشيد السيد أحمد، محمد عمر غرس الله، الهادي المثلوثي، فتحي العابد، ياسين أحمد، د - الضاوي خوالدية، إيمى الأشقر، فوزي مسعود ، نادية سعد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، الهيثم زعفان، حاتم الصولي، صلاح المختار، د - عادل رضا، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، صلاح الحريري، محمود سلطان، سلوى المغربي، د. صلاح عودة الله ، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، د. طارق عبد الحليم، د. عبد الآله المالكي، أحمد الحباسي، حسن عثمان، سعود السبعاني، د.محمد فتحي عبد العال، د - شاكر الحوكي ، علي عبد العال، فهمي شراب، رضا الدبّابي، محمود طرشوبي، كريم فارق، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، د - محمد بنيعيش، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، سامر أبو رمان ، عزيز العرباوي، مصطفى منيغ، وائل بنجدو، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، مجدى داود، د- جابر قميحة، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، عبد الغني مزوز، أشرف إبراهيم حجاج، عراق المطيري،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة