البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الأفق السياسي التونسي ينغلق

كاتب المقال نور الدين العلوي   
 المشاهدات: 3934



سؤال ممض يخامر المراقب للمشهد السياسي التونسي قبل سنتين من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني القادم في 2019. الأكثر تشاؤما من التونسيين يتساءل: هل سنبلغ هذا الاستحقاق فعلا وننجز انتخابات أخرى تساهم في ترسيخ الانتقال الديمقراطي السلمي؟ والأقل تشاؤما يقول كيف سنبلغه بمشهد حزبي مفكك وباقتصاد منهار؟ يتركز النظر على حزب الرئيس فهو مدار الفعل السياسي الأهم باعتباره الحزب الحاكم والذي شكل الحكومات الثلاث منذ انتخابات 2014. لكن بقية المشهد تستحق لفتة فمصائب حزب النداء لا تعفيها من مسؤولية الاستعداد لما بعده.
هل انهار حزب النداء فعلا؟

قد يرى البعض أن هذا الاستنتاج سابق لأوانه بل إنه يدخل في باب التمني العاجز ويصدر عن محللين كسالى يريدون له أن ينهار دون أن يبذلوا في ذلك جهدا. فالحزب موجود في الواقع وإن لم يفلح في عقد مؤتمره الأول بل حكم دون أن تكون له هياكل ولا مؤسسات تنظيمية.بل إن أغلب تمثيلياته الجهوية أغلقت أبوابها ويشاهد أنصاره مجتمعين في المقاهي كركاب قطار تأخر موعده.

استطلاعات الرأي المنشورة لا تزال تعطيه المكانة الأولى في نوايا التصويت لكن مؤسسات السبر نفسها ليست محل ثقة وعملها مدخول بأسئلة موجهة لإجابة متفائلة بما يجعل نتائجها محل تندر.
يستشهد البعض بانتصار الحزب في انتخابات 2014 دون أن تكون له مؤسسات ويقول أن أنصاره موجودون على الأرض بدرجة لا يحتاجون فيها إلى دعاية انتخابية وتدريب انتخابي. ويكفيهم صفارة الزعيم ليهبوا.

لكن رغم ذلك نرى أن الحزب قد تحلل وفقد روابطه الماسكة لأطرافه، وأنصاره الآن في أسوأ حالاتهم النفسية ويعيشون فاقدين للأمل يسكنهم الرعب من فقدان السلطة نهائيا وظهرت مؤشرات هروبهم إلى ملاجئ سياسية أخرى تعصمهم من نتائج 2019.

التركيبة الأولى مغشوشة

لنعرف هذه النهاية الكارثية يجب أن نعود إلى البداية فهناك وضعت جرثومة فناء الحزب. قام الحزب على غاية أن يقطع الطريق على تحكم الإسلاميين ومن يحالفهم أي ممن لا يعيش بإقصائهم. هذه الغاية البسيطة والواضحة جمعت حولها كل عدو للإسلاميين وأهمهم اليسار الفرانكفوني وكذلك كل الخاسرين من فلول النظام السابق ممن كانت الدولة تمثل لهم ضرعا يحلب لغنائم خاصة. وقد رأوا أن الحزب الإسلامي الدخيل على المشهد يمكن أن يحرمهم إلى الأبد من ذلك.

تحالف نفعي براغماتي بلا برنامج حكم. فلا شيء يؤلف بين عناصره إلا تلك الرغبة وقد أفلحت في التجميع وفي وقت قياسي وكان لشخص الباجي قائد السبسي دور مهم خاصة لجهة تذويبه للطموحات الشخصانية لبعض القياديين فقد كان لا بد من شخصية جامعة وقابلة بمبدأ قطع الطريق. أفلح الحزب قبل أن يعقد أي مؤتمر في استعادة السلطة ومسك الرئاسات الثلاث. لكن حلت لحظة الحقيقة. الحزب غير قادر على الحكم وحده بل لابد له من شريك بغيض، ووجد نفسه يناقض أسباب تأسيسه ليقسم السلطة مع عدوه ولو دون مراعاة الوزن الانتخابي للشركاء.

القسمة قللت الغنائم

الداخلون من أجل الغنيمة قل حظهم منها، بل رأوها تذهب لغريمهم. والداخلون من أجل الاستئصال وجدوا غريمهم في السلطة، أي في منعة من القتل ولو بوزير وحيد. هنا بدأت الحرب الداخلية وانطلق التفكك وتفاقمت الكسور.

الكسر الأول كان بخروج الأمين العام والذي كانت عينه على كرسي الرئيس فحمل معه أغلب الوجوه الاستئصالية.

الكسر الثاني تجلي في عجز الحزب عن تقديم برنامج حكم مقنع لفئات واسعة صوتت له على طمع أن يوزع عليها مغانم السلطة (مناصب و أعطيات عينية).

الكسر الثالث تجلي في رغبة الرئيس أن يمكن لعائلته من الدولة والمغانم بما دفع بقية الطامعين في السلطة إلى التظلم ثم الشروع في تهرئة الحزب بالاستقالات فلم تبق فيه إلا الكتلة المحافظة من بقايا حزب التجمع وهي كتلة غبية بلا برنامج.

الكسر الرابع تمثل في إيقاظ أدواء قديمة حكمت السياسة التونسية منذ العهد البورقيبي هي الكسور الجهوية وخاصة بين منطقة الساحل (التي تعبر نفسها صاحبة حق مطلق في الحكم ومغانمه) وبين منطقة العاصمة ذات الأغلبية الحضرية التي ترى نفسها الوريثة الوحيدة للسلطة منذ عهد البايات والتي كان بورقيبة قد همّشها ووضعها في حجم ومكانة العبد التابع. ويعتبر فرض أحد أبنائها (يوسف الشاهد) على رئاسة الحكومة بعد رجل الساحل الأخير (الحبيب الصيد) الضربة التي دقت الإسفين الأخير بين بلدية (حضر) العاصمة وبين كتلة المال الساحلي ذات الثقل الانتخابي الكبير.

في الأثناء يرابط الشريك الإسلامي على مواقعه ثابتا لا يتفكك رغم التحريض اليومي واختلاق الزوابع داخله. ويبتعد الحزام المحايد بين الحزبين عن حياده ويؤلف احتمالا لطريق ثالث لا يزال جنينيا. الإعلان عن حزب جديد هو نعي صريح للنداء.

من العسير على أي محلل أن يفهم كيف يتقدم الحزب في نوايا التصويت في ذات الوقت الذي يعلن فيه مؤسسه على تأسيس حزب آخر بديل له. فأنصار الحزب وإن عرفوا بأنهم محافظون فإنهم ليسوا مريدي طريقة صوفية يحملهم شيخهم حيث يريد. لذلك لا بد أن يطرح سؤال مهم هنا والآن من سيلتحق بالحزب الجديد من داخل النداء؟ ومن سيأتيه من خارجه إذا قام؟ وكم يكيفه من الوقت ليكون حزبا قادرا على خوض الانتخابات القادمة؟

مازلنا في مرحلة التخمين فالفكرة تكبر في صمت إعلامي ولكن السؤال يطرح بمن سيؤلف الباجي حزبه وماذا سيكون طرحه؟

الذين لم يلتحقوا بالنداء ممن لم يكن متحزبا لا يتوفر لهم داعي اللحاق بالحزب الجديد وقد رأوا فشل النداء.. فكيف يتحمسون لماكينة فاشلة أو أسسها فاشلون؟

الذين خرجوا من النداء لفشله، ما الذي قد يعيدهم إلى توليفة جديدة يقدمها نفس الشخص؟ من يضمن لهم مثلا أن الرئيس لن يفرض أسرته على الحزب الجديد وقد كان ذلك أحد أسباب فشل النداء؟

بدون برنامج استئصالي وبضمانات قيادية لن يعود تحالف اليسار مع الباجي.. (الضمانة الوحيدة هي أن تكون قيادة الحزب الجديد يسارية بالكامل كما حاولت في أول تأسيس النداء لكن الباجي وكما قال أحدهم ليس طفلا يمتص إصبعه). اليسار غير قادر على التوليف الحزبي بدون الباجي فكيف يطمع أن يستخدم الباجي ليبني له حزبا ثم يركنه في صف خلفي؟ وهكذا إذا لم يتوفر شرط القطيعة من النهضة (الإسلاميون) فلن يعود اليسار إلى الباجي وحزبه الجديد. وما دامت النهضة في الصورة/ المشهد فالطامعون لن يأتوا لغنائم قليلة. نحن إذن أمام مشهد جامد. لم ينكسر بعد ولكنه لم يعد قادرا على التقدم فمن يمكن أن يكسر هذا الجمود؟

التيار الاجتماعي يتأخر في الظهور

على الأرض توجد أحزاب صغيرة ذات هوى اجتماعي لكنها أقرب إلى طيور القُبَّرة التي لا تحتمل العيش في أسراب. لذلك فهي قبرات منفوشة في فردانيتها وليس لها قدرة على أن تشكل بديلا للمشهد المتكلس. والمحاولات التي تجري الآن لتوحيدها تصطدم بنفس العائق الذي فرق بينها في انتخابات 2014 فتشتت حظوظها بين قائمات لم ترتق إلى أكبر البقايا التي يسمح بها القانون الانتخابي. ذلك الجمود في رأس المشهد السياسي وذلك التشتت في قاعه يحبط أمل التونسيين في الديمقراطية وينتج ردات فعل مرضية تطالب بالدكتاتورية وأميل إلى الاعتقاد أن هذا الاحتمال لم يعد مستبعدا وإن قال الجميع برفضه.. لكن الطبيعة تأبى الفراغ.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، الثورة المغدورة، نداء تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة، إنتخابات 2019 بتونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-11-2016   عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد أحمد عزوز، سليمان أحمد أبو ستة، فتحـي قاره بيبـان، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - عادل رضا، علي الكاش، د. عادل محمد عايش الأسطل، عزيز العرباوي، عبد الله زيدان، محمد عمر غرس الله، محمد اسعد بيوض التميمي، د. عبد الآله المالكي، فتحي العابد، سفيان عبد الكافي، د- محمود علي عريقات، إسراء أبو رمان، أ.د. مصطفى رجب، د- جابر قميحة، سيد السباعي، مصطفي زهران، عبد الرزاق قيراط ، د. طارق عبد الحليم، أحمد النعيمي، كريم فارق، فهمي شراب، سامر أبو رمان ، د- محمد رحال، ماهر عدنان قنديل، كريم السليتي، وائل بنجدو، أحمد الحباسي، حاتم الصولي، يحيي البوليني، عمار غيلوفي، جاسم الرصيف، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أنس الشابي، أحمد ملحم، د - شاكر الحوكي ، حميدة الطيلوش، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود فاروق سيد شعبان، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامح لطف الله، علي عبد العال، عواطف منصور، مجدى داود، محمود طرشوبي، صفاء العراقي، الهيثم زعفان، صلاح المختار، د. خالد الطراولي ، عراق المطيري، مصطفى منيغ، عمر غازي، الهادي المثلوثي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، رضا الدبّابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رمضان حينوني، د - الضاوي خوالدية، ضحى عبد الرحمن، حسن الطرابلسي، العادل السمعلي، د - محمد بنيعيش، سلام الشماع، مراد قميزة، عبد الغني مزوز، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العربي، صلاح الحريري، صباح الموسوي ، د - صالح المازقي، أبو سمية، إيمى الأشقر، محمد يحي، تونسي، منجي باكير، المولدي الفرجاني، رافد العزاوي، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، إياد محمود حسين ، د. أحمد محمد سليمان، محمد شمام ، د.محمد فتحي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، محمود سلطان، رافع القارصي، رشيد السيد أحمد، أحمد بوادي، د - المنجي الكعبي، محمد العيادي، الناصر الرقيق، د. صلاح عودة الله ، سلوى المغربي، يزيد بن الحسين، فوزي مسعود ، نادية سعد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحي الزغل، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، حسن عثمان، صالح النعامي ، عبد الله الفقير، د- هاني ابوالفتوح، ياسين أحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سعود السبعاني، محمد الطرابلسي، طلال قسومي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة