البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بعض ما في الذاكرة: عن عبد الناصر والشهيد صدام

كاتب المقال نبيل أبو جعفر ــ باريس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2910


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


جوانب عديدة من حياة القادة والحكام لا نعرفها إلا بعد رحيلهم . منها ما يُدين أصحابها ويُسجّل عليهم وهُمْ كَثْرَة ، ومنها ما يعكس المعدن الأصيل لكل منهم وصدقية الإنسان المناضل حقا فيه وهُم قلّة نادرة .

في هذا اليوم الثامن والعشرين من أيلول / سبتمبر ذكرى رحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، لا يغيب عن ذاكرتي بعض ما سمعته عن تواضعه وصدقه الفطري . وقد سبق أن كتبت عن بعضها ولاسيما ما سمعته على لسان الرئيس الشهيد صدام حسين بكل المحبّة والتأثر ، وسآتي على ذكره في هذه المناسبة التي يتربّع فيها السيسي على عرش تغريب وتخريب هذا البلد العربي الأصيل..
.......................

لم يخطر ببالي يوما ولا ببال أحد ان يكون الرئيس عبد الناصر، بكل ثقله الداخلي والعربي والدولي ومسيرته النضالية غير قادر في كثير من الأحيان على نقل ضابط من مكان لآخر، إذا ما تعارض هذا النقل مع مصالح التكتل العسكري والمخابراتي الذي كان يتحكم في البلاد والعباد بقدرة خفيّة، مدعوماً من تجمع الضباط الموالين للمشير عبد الحكيم عامر كصلاح نصر وشمس بدران وغيرهما.

لم يكن مثل هذا الوضع مُصدّقاً من قِبل أحد ، ولا كان من الممكن التصوّر أن يصل الأمر إلى احتمال أن يكون هاتف عبد الناصر الشخصي مراقباً من قبل الأجهزة في عزّ سطوع نجمه وتعلّق الجماهير به. ولكن، كانت هذه هي الحقيقة المُرّة التي كُشِفَت لعامة الناس في مسلسل "العندليب" الذي عرض في شهر رمضان بعد ربع قرن من رحيله ، وتدور أحداثه حول ثورة 23 يوليو ومسيرة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ . وقد جاء هذا الكشف على لسان عبد الناصر نفسه عندما تعرّض عبد الحليم لغضب المشير ومضايقات رجاله. وأُخضِع هاتفه الشخصي للمراقبة، فاغتنم أول فرصة قابل فيها الرئيس ليشكو له من هذا الوضع قائلاً: "هل يُعقل ان يراقّب هاتف ابن الثورة يا سيادة الرئيس"؟! فرّد عليه عبد الناصر بألم: " وما أدراك ان لا يكون هاتفي الشخصي مراقباً أيضا؟" .

هذا الوضع الغريب لم يكن معروفاً إلاّ من قبل تكتل كبار القادة العسكريين في مصر، وبعض المقربين جداً من قائد ثورة 23 يوليو . ورغم هذا ، سمعنا بأذاننا جانباً منه لأول مرّة قبل أن يكشفه المسلسل التلفزيوني ، وتحديدا قبل ثمانية وثلاثين عاما من اليوم .
حصل ذلك في حفل عشاء أقامه الرئيس الشهيد صدام حسين أواخر السبعينات في القصر الجمهوري ببغداد، احتفاءً بإقرار "الميثاق القومي" الذي أبرم وقتها بين العراق وسورية ولم تُكتب له الحياة طويلاً. يومها استعرض الرئيس الشهيد الوضع القومي بمجمله، وتحَدّث بإيجابية عالية وتقدير كبير عن تجربة عبد الناصر وشخصيته ، ثم توقف للحظات قليلة وقد بدت علائم التأثّر على وجهه وأكمل قائلاً:

" ... ولكنكم قد لا تعلمون ان هذا الزعيم بثقله وحضوره الطاغي لم يكن يقوى في أحيان كثيرة على نقل ضابط من موقع لآخر، ولا إحداث تغيير إداري داخل المؤسسة العسكرية المُهَيْمَن عليها من البعض. كما أن الكثير من الأحداث والمجريات المتعلقة بالجيش والمخابرات تحديداً لم يكن على علم كاملٍ بها، فلقد كان هناك سدُّ منيع يحول بينه وبين معرفة الكثير مما يجري، رغم انه ابن الشعب الكادح، المتمتع بثقته المطلقة".

وعاد الرئيس صدام للصمت، ثم حّدق في جدران صالة الطعام الواسعة وعيناه تلمعان ببريق خاص اعتاد على ملاحظته المقربون منه، وتابع قائلاً: "جدران هذا القصر تبلغ سماكتها في حدود المتر، ونوافذه عالية وصغيرة كما ترون، لكنني أرجو الله ان لا تحجب هذه الجدران والنوافذ صوت الشعب عني" . ثم عاد وكّرر هذا الكلام بحرفيته بعد عشرين عاماً في روايته "زبيبة والملك"، التي نشرها باسم "رواية لكاتبها". وكتبتُ عنها يومها في " العرب " اللندنية تحت عنوان " أجزم أنها بقلم صدام حسين ".

هذا الرئيس الأنموذج في وقفته الاستشهادية ، أصبح نتيجة التزامه "وعناده"، وبفعل ماكينة إعلام الدولة الاكبر وكل المسخّرين لخدمتها، "الدكتاتور الأول" في نظر الإدارات الأميركية الثلاث المتعاقبة في ذلك الحين .ومع أن أحداً لم يُقسم أغلظ الأيْمان، بدءاً بأي واحدً منّا، وانتهاء بأعضاء القيادة العراقية انفسهم ان العراق كان "واحة الديمقراطية" الممّيزة في هذا العالم. إلاّ أن أحداً لم يُثبت في المقابلورغم كل ما فُبرِك ضده من إدعاءات وأكاذيب تم كشفها كلها أنه كان "غابة الدكتاتورية" القائمة وسط بحر الديمقراطية العربية الرسمية وحتى الشعبية الممتدة من المحيط إلى الخليج!

دليلنا الساطع على ذلك أن من اشترك أو ساعَدَ في أكثر من حرب ضد العراق ، عاد واكتشف بعد أن توحّش نظام الملالي وأصرّ على استمرار تدخلاته وأطماعه وجرائمه ، كم كان عراق صدام حسين السّدّ الحامي بدماء أبنائه كل إخوته ممن اصطف منهم معه أو حتى ضده . بينما نرى في المقابل ان الرئيس بشهادة بعض من كانوا في صف أعدائه ، كان حتى وهو في سجنه الوحيد القادر ـ إذا ما كُتِبت له الحياة ـ على انتشال الوضع العراقي من مأزقه، وإيقاف حمام الدم الطائفي والمذهبي والعرقي، وإعادة الأمن والأمان له، وضبط علاقاته مع الذين أخذوا حريتهم في التآمر عليه وتمزيقه من الشمال إلى الجنوب.

وها هو العالم بدوله وشعوبه يعترف بأنه كان الأصدق والأجرأ من كل رؤوس القوى "العظمى" التي استهدفته . وها هو أيضا يسخر من إصرار كونغرس الشيطان الأكبر على تنفيذ قراره بمحاسبة دول على ممارسات مُدانة ارتكبها أفراد أو تنظيمات لا علاقة لدولهم بما ارتكبوه . مع أن أولوية حق المحاسبة القانونية للمجرمين الحقيقيين من الدول والأفراد تعود لأمتنا ولكل من تضرّر من شعبنا العربي في فلسطين والعراق وسورية و سائر أقطار أمتنا .
...............

لست كافرا ولا ملحدا والحمد لله ، ولكنني أتساءل : هل حقا ما يُقال : " جولة الباطل ساعة .. وجولة الحق إلى قيام الساعة " ؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

صدام حسين، جمال عبد الناصر، مصر، العراق، الغرب، المقاومة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-09-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود سلطان، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، د - المنجي الكعبي، عبد الله الفقير، محمد الياسين، صباح الموسوي ، د. أحمد بشير، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، إسراء أبو رمان، عبد الرزاق قيراط ، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد النعيمي، ضحى عبد الرحمن، د- محمود علي عريقات، مجدى داود، عراق المطيري، د- محمد رحال، محمد يحي، حسن عثمان، أنس الشابي، حسن الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، مصطفى منيغ، عزيز العرباوي، تونسي، صفاء العراقي، د - صالح المازقي، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، أحمد ملحم، فهمي شراب، خالد الجاف ، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، جاسم الرصيف، سلام الشماع، أ.د. مصطفى رجب، مصطفي زهران، علي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، حميدة الطيلوش، إيمى الأشقر، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الطرابلسي، محمد شمام ، د - مصطفى فهمي، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، د- جابر قميحة، د. عادل محمد عايش الأسطل، عمار غيلوفي، كريم السليتي، محمود طرشوبي، سلوى المغربي، يزيد بن الحسين، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، رمضان حينوني، محمد أحمد عزوز، محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، فوزي مسعود ، عبد الله زيدان، محرر "بوابتي"، أبو سمية، سعود السبعاني، د - الضاوي خوالدية، فتحي العابد، محمد اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، عمر غازي، إياد محمود حسين ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رافد العزاوي، سامح لطف الله، المولدي الفرجاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافع القارصي، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، الهيثم زعفان، صلاح المختار، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، العادل السمعلي، صالح النعامي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سيد السباعي، عبد الغني مزوز، مراد قميزة، سفيان عبد الكافي، د. مصطفى يوسف اللداوي، يحيي البوليني، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، د - محمد بنيعيش، محمد العيادي، عواطف منصور، كريم فارق، الناصر الرقيق، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، فتحي الزغل، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حاتم الصولي، رضا الدبّابي، صفاء العربي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة