البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"العدناني" جدل في الحياة والموت

كاتب المقال حسن أبو هنية   
 المشاهدات: 3181



حياة مثيرة وموت أشد إثارة لمنجنيق الدولة الإسلامية أبو محمد العدناني؛ إذ تلخص سيرته الجهادية مسارات الجهادية العالمية وجدالاتها وانقساماتها وصراعاتها وتوجهاتها ومآلاتها فقد عايش العدناني تحولات الجهادية من المحلية إلى الإقليمية فالعالمية وصولا لاندماج الأبعاد الجهادية وكان شاهدا وصانعا ولسانا يتمثل تطور الحالة الإيديولوجية والقتالية للجماعات الجهادية من النكاية إلى التمكين مرورا بالتوحش ولا يمكن لمن أراد فهم الجهادية بأطوارها تجاوز خطاباته النظرية وممارساته العملية فقد حفلت مسيرته بتجارب ومنعرجات وتحديات حيث تدرج في حياته من الجندية إلى الإمارة واختبر السجون والاعتقال وجمع بين المعرفة والخبرة في شتى المجالات الحربية والإعلامية والشرعية.

لا أحد يجادل حول أهمية العدناني وموقعه الاستثنائي في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية؛ نظرا لمواهبه المتعددة وشخصيته الكارزمية وقدراته الخطابية الفائقة، ولا عجب أن تتسابق وتتنافس الدول والجماعات على نيل شرف قتله وكان الجيش العراقي قد أقرّ بفشله باغتيال العدناني بعد استهدافه بغارة جوية في مدينة حديثة في محافظة الأنبار في السابع من يناير/كانون الثاني 2016 وأعلن مجلس محافظة الأنبار وكذلك "هيئة الحشد الشعبي" وفاته في تلك الغارة.

عقب إعلان "وكالة أعماق" التابعة لتنظيم الدولة في30 آب/ أغسطس 2016 أن "الشيخ أبو محمد العدناني المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية قتل خلال متابعته للعمليات العسكرية لصد الهجمات على حلب" أكدت الولايات المتحدة أنها استهدفت سيارته بواسطة طائرة من دون طيار في محيط مدينة الباب من دون أن تؤكد مقتله ثم سارعت موسكو إلى القول إن طائراتها هي التي قتلت الرجل عبر غارة جوية، الأمر الذي وصفه البيت الأبيض بالقول "هي مزحة"، ولم تقتصر مزاعم قتل العدناني على الدول فقد ادعت مجموعة من الفصائل المسلحة في شمال حلب مسؤوليتها عن مقتل العدناني أثناء الاشتباكات في محيط جرابلس أمثال "قوات سوريا الديموقراطية"، كما ادعت مصادر في قوات "درع الفرت" مسؤوليتها عن قتله.

لكن التكهنات لم تقف عند ذلك فقد ادعت مصادر بعض الفصائل المسلحة أمثال "الأصالة والتنمية" أن العدناني قتل بعملية اغتيال ضمن تصفيات داخل التنظيم على يد أمير الرقة أبي لقمان علي موسى الشواخ من خلال عبوة لاصقة وهي رواية يؤيدها الباحث تشارلز ليستر بل إن أبو محمد المقدسي المنظر الجهادي العالمي الأبرز يقترب من هذا السيناريو من خلال تعبيره عن الخشية من تولي أبي لقمان لمنصب العدناني حيث وصف المقدسي هذه الشخصية بأنه "المسيّر الفعلي للدولة في الشام وهو رأس الغلو وصاحب كل السياسات الفاسدة مثل طمس الرموز وإسقاط القاعدة وتكفير الفصائل".

أهمية العدناني ودوره البالغ في صعود تنظيم الدولة الإسلامية برزت من خلال إعلان فصائل وشخصيات جهادية فرحها بمقتله فقد أعلن شيخ الفصائل السورية في "جيش الفتح" السعودي عبد الله المحيسني فرحه بمقتل أبو محمد العدناني وقال في سلسلة تغريدات: "الحمد لله الذي أهلك قائدا من قادة خوارج العصر، المسمى أبو محمد العدناني ناطق تنظيم الدولة وأحد أبرز قادة التنظيم الكبار"، كما عبرت حسابات لقيادات معروفة في التنظيمات السورية وشيوخ وإعلاميين معروفين عن شماتتها بمقتل العدناني.

نظرا لأهمية العدناني وتصدره المشهد الإعلامي لتنظيم الدولة الإسلامية عكف أحد كبار شرعيي التنظيم البحريني أبو سفيان تركي بن مبارك البنعلي على كتابة سيرة شخصية موجزة للعدناني بعنوان "اللفظ الساني في ترجمة العدناني" بتاريخ 26 أيار/ مايو 2014 حيث سيصبح اللقب الذي أطلقه عليه "منجنيق الدولة الإسلامية" من أشهر ألقابه على الإطلاق، وقد أورد البنعلي في سيرته أهم مراحل حياته وكيفية انتسابه إلى التنظيم والمناصب التي شغلها فيه وتناول أهم مؤلفاته.

بايع العدناني أبو مصعب الزرقاوي عام 2000 قبل الاحتلال الأميركي للعراق بثلاث سنوات وكان عمره لا يتجاوز اثنين وعشرين عاما فهومن مواليد سوريا عام 1977 في بلدة بنش قرب مدينة سراقب في محافظة إدلب واسمه طه صبحي فلاحة وكان له عدة أسماء مستعارة منها طه البنشي وياسر خلاف حسين نزال الراوي وجابر طه فلاح وأبو بكر الخطاب وأبو صادق الراوي، وبحسب البنعلي، فإن العدناني نشأ في صغره على حب المساجد والمطالعة وأنه "كان يقرأ كل ما يقع في يده بما فيها من كتب لغة وفلسفة وغيرهما وحفظ القرآن الكريم في أقل من عام"، وقد استدعي العدناني من جهاز أمن الدولة السوري مرارا وخضع للتحقيق وسجن ثلاث مرات بسوريا "على خلفيات دعوية وجهادية" ويذكر البنعلي أن للعدناني عددا قليلا من الكتب في شكل شعر منظوم أو نثر منها كتاب ومنظومة شعرية حول فقه الجهاد، وكتاب "السلسلة الذهبية في الأعمال القلبية" و"معينة الحفاظ" الموجه لحافظي القرآن وقصيدة "القاعدي" للرد على بعض منتقدي القاعدة إبان وجوده ضمن صفوفها، وبحسب البنعلي فإن العدناني درّس كتب العلوم الشرعية لأعضاء تنظيمي القاعدة والدولة خلال وجوده بهما، ومنها كتابه "في فقه الجهاد ومسائله"، واهتم بتدريس كتب حول قواعد الإيمان والكفر واللغة والنحو.

اكتشفت المخابرات الأميركية أنها اعتقلت العدناني وزجت به في سجن "بوكا" المخصص للمعتقلين الإسلاميين المتشددين وذلك في 31 أيار/ مايو 2005 في محافظة الأنبار العراقية لكنه نجح في خديعة القوات باستخدامه اسما مزورا، وهو ياسر خلف حسين نزال الراوي، ولعدم إدراك قوات التحالف أهميته قامت بالإفراج عنه عام 2010، ومن أهم المناصب التي شغرها العدناني العمل كمدرب في معسكر حديثة أيام التوحيد والجهاد، ثم أمير حديثة بتنصيب الزرقاوي، ثم مدربا في معسكر الجزيرة، وشرعي القاطع الغربي في الأنبار، والمتحدث الرسمي لدولة العراق الإسلامية ثم للدولة الإسلامية في العراق والشام المتحدث الرسمي للدولة الإسلامية، وهو أول من بدأ العمل الجهادي في حديثة هو وثلاثة عشر شخصا، إلى أن استقلت حديثة على أيديهم، وكان تحت إمرته آنذاك أبو عمر البغدادي أول أمير لدولة العراق الإسلامية، وقد أصدر العدناني منذ توليه منصب المتحدث الرسمي للدولة الإسلامية 22 تسجيلا صوتيا كان آخرها في العدناني في أيار/ مايو 2016 بعنوان " وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَة والذي حرّض فيها على التوسع في العمليات الخارجية وتفعيل الذئاب المنفردة باستهداف الدول الغربية.

صنفته الولايات المتحدة الأمريكية لاحقا كـ"إرهابي عالمي" وقالت إنه أحد المقاتلين الأجانب الأوائل الذين يعارضون قوات التحالف الذي تقوده في العراق منذ عام 2003 وكشفت الاستخبارات الأميركية أن اعتداءات باريس التي وقعت في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 وتفجيرات برج البراجنة في ضاحية بيروت خضعت لإشراف مباشر من العدناني وفي الخامس من أيار/ مايو 2015، أعلنت الخارجية الأميركية أنها ستمنح مكافأة يبلغ قدرها خمسة ملايين دولار مقابل معلومات عن العدناني.

لعل السؤال الأهم الذي شغل العالم هل سيؤثر غياب العدناني على تماسك تنظيم الدولة الإسلامية ومن الذي سيخلف العدناني كناطق باسم التنظيم ويبدو أن الجميع يقر بأن العدناني خسارة كبيرة لكن يمكن تعويضها فقد برهن التنظيم على قدرته على الاستمرار والتطور رغم خسارته قيادات لا تقل أهمية عن العدناني أمثال حجي بكر والبيلاوي وأبي علي الأنباري وأبي مهند السويداوي وأبي مسلم التركماني وعمر الشيشاني وغيرهم أما خلافة العدناني كناطق باسم الدولة وترجيح تعيين تركي البنعلي أو أبي لقمان فهي ممكنة لكنها ضعيفة.

خلاصة القول أن تنظيم الدولة الإسلامية مني بخسارة كبيرة بغياب العدناني لكنه قادر على تعويضه بعشرات من تلاميذ العدناني فالخبرات التراكمية لتنظيم الدولة الإسلامية برهنت على مدى سنوات على قدرتها على التكيّف والانبعاث من جديد وإذا تمكن التنظيم من الصمود في وجه التحالف الكوني بالحفاظ على بعض الملاذات الآمنة فنحن بصدد جيل جهادي يصعب التنبؤ بطموحاته ومدى عنفه على صعيد الخطاب والممارسة الجهادية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العدناني، تنظيم الدولة، الجهاديون، داعش،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-09-2016   عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بن عبد المحسن العساف ، الهيثم زعفان، محمود طرشوبي، فهمي شراب، رضا الدبّابي، د- جابر قميحة، رمضان حينوني، صلاح المختار، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رشيد السيد أحمد، أحمد ملحم، العادل السمعلي، د- محمود علي عريقات، عبد الله زيدان، منجي باكير، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، عراق المطيري، عمر غازي، الناصر الرقيق، محمود سلطان، محمود فاروق سيد شعبان، ضحى عبد الرحمن، محمد الياسين، سلوى المغربي، تونسي، عبد الرزاق قيراط ، رحاب اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، عبد الله الفقير، محمد يحي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، يحيي البوليني، كريم السليتي، سليمان أحمد أبو ستة، فتحـي قاره بيبـان، محرر "بوابتي"، حسن عثمان، علي عبد العال، عواطف منصور، عمار غيلوفي، محمد أحمد عزوز، رافد العزاوي، علي الكاش، صلاح الحريري، خبَّاب بن مروان الحمد، مراد قميزة، مصطفى منيغ، فتحي العابد، محمد العيادي، حميدة الطيلوش، د- محمد رحال، سفيان عبد الكافي، جاسم الرصيف، د - شاكر الحوكي ، د - مصطفى فهمي، فتحي الزغل، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. خالد الطراولي ، د - صالح المازقي، محمد شمام ، د - المنجي الكعبي، محمد الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، د. مصطفى يوسف اللداوي، إياد محمود حسين ، أبو سمية، سامح لطف الله، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، د. أحمد بشير، المولدي الفرجاني، وائل بنجدو، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، محمد عمر غرس الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم فارق، فوزي مسعود ، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العربي، أحمد بوادي، نادية سعد، ياسين أحمد، إيمى الأشقر، صباح الموسوي ، مجدى داود، صالح النعامي ، رافع القارصي، سعود السبعاني، طلال قسومي، ماهر عدنان قنديل، عزيز العرباوي، سلام الشماع، صفاء العراقي، عبد الغني مزوز، أحمد الحباسي، أحمد النعيمي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. طارق عبد الحليم، مصطفي زهران، سامر أبو رمان ، إسراء أبو رمان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسن الطرابلسي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة