البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

انقلاب موازين السياسة التقليدية السعودية… محاولة للفهم

كاتب المقال د. مثنى عبدالله - باريس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2939


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


على عجل التقى وزير الخارجية السعودي نظيره الأمريكي جون كيري في واشنطن الاسبوع الماضي، معلنا بعد هذا اللقاء عن وجود الخطة (ب) في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا.

الخطة المقترحة تتضمن، تزويد المعارضة السورية بأسلحة ضد الجو، وإنشاء مناطق آمنة في الشمال والجنوب السوري، والزج بقوات نخبة سعودية وعربية لدعم المعارضة على الارض. سبق ذلك إعلان المملكة استعدادها للتدخل العسكري البري مع حلفاء خليجيين، وربما من دول إسلامية أخرى، في المشهد العسكري السوري، وقبل ذلك كله تدخلت في اليمن ومازالت.

هنا لابد من الإشارة إلى أنها اليوم ترفع رايات ثلاثة أحلاف عسكرية. الحلف الدولي لمحاربة الدولة الاسلامية، والحلف العربي في اليمن، والحلف المقترح للتدخل في سوريا بريا. فهل دخلت السياسة السعودية عصر القوة الصلبة؟

على مدى سبعين عاما من عمر المملكة، كانت السياسة السعودية سياسة محافظة. كانت ضد كل تغير في الوضع القائم في المنطقة، حتى في موضوع الحق العربي في فلسطين اعتبرته أمرا واقعا، وكانت لا تحبذ الدخول في حروب مع إسرائيل، لذلك كرهت جمال عبدالناصر وصدام حسين، لأنهما حاولا استرجاع الحق العربي بالقوة. السبب هو أن أي تغير في الوضع القائم يؤثر على المعادلات في المنطقة ويضرب ما تريده المملكة. رغبتها في سكون الوضع الاقليمي، سمح بأن يكون للسياسة الامريكية القول الفصل حتى على حساب المصالح السعودية، على الرغم من أن حجم المصالح بينهما يرتب للمملكة موقع الندية للولايات المتحدة. وقد شهدت العقود المنصرمة عطاء سعوديا كبيرا في كافة المجالات، بدون الحصول على ما يقابله، وهذه خطيئة كبرى في العلاقات الدولية، لكن مبرر قبولهم ذلك، هو أن معادلة الأمن وطنيا وإقليميا، المستندة إلى مبدأ الأمن مقابل النفط، هي الحاكم في هذه اللعبة، وهي تلعب دورا مهما في رسم السياسة الخارجية السعودية، وأن الامريكان هم الحليف الإستراتيجي الذي يضمن هذه المعادلة، لكن غاب عن ذهن صانع القرار السعودي أن فهمهم هذا ليس بالضرورة هو فهم واشنطن في حال تبدلت الظروف.
وقد حدث هذا التحول بالفعل في الوضع الدولي والعلاقات الدولية، والوضع الاقتصادي لواشنطن والوضع الإستراتيجي لدول أخرى، وقيمة النفط، فوجدت المملكة أن المعادلة التي حرصت عليها مع واشنطن قد تغيرت من طرف واحد. هذا هو منطق السياسة الدولية والعلاقات بين الدول، وليس منطق شرف الكلمة، الذي يُعطى في دواوين العرب. فكل تحول يكون فيه تأقلم جديد، وفيه رابح وخاسر، وخطوط حمراء جديدة لهذا الطرف أو ذاك. وعليه اضطرت المملكة إلى القيام بحالة مراجعة، ساعدها في ذلك التغيير الذي حصل في قمة هرم العرش، فوجدت أن كل أفعال حليفها الامريكي تُعزز الشك وليس الاطمئنان، فهي لم تنفذ تهديداتها بضرب الاسد، وأنها أعطت العراق إلى إيران، وتركت حلفاءها في شرق آسيا تحت رحمة الصين، وصمتت عن قضم روسيا لجزيرة القرم، وتخلت عن الحليف حسني مبارك. كما أنها وجدت أن نموذج أوباما هو ليس نموذج جورج بوش.

أوباما حريص على عدم التدخل العسكري المباشر، الا إذا كان الأمن القومي الامريكي الحيوي مهددا، وعبر تحالف دولي وغطاء قانوني. كما وجدوا أن الامريكان يستثمرون التناقضات والصراعات بين قوى الإقليم، وأنهم يعملون على خلق حالة عدم استقرار، لأن ذلك يساعدهم على إيجاد التوازن في المنطقة، ولجوء المتصارعين إليهم. حينئذ حاولت السعودية اللعب بخيارات أخرى، مثل تسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية وليست أمريكية، والجيش المصري باسلحة روسية وليست أمريكية، ومع ذلك لم تنجح لان عينها على الحليف الاول، ولانها مازالت محسوبة عليه من قبل أطراف دولية أخرى. لكن متطلبات الظرف الذي تعيشه، وخياراتها الإستراتيجية بأن يبقى الداخل مستقرا، والمحيط المباشر، خاصة اليمن ودول الخليج، مسيطرا عليه، أجبرها على التحرك لاستغلال ما لديها من إمكانيات، فحدث تحول مهم في استراتيجية المملكة من السياسة الناعمة إلى الصلبة، بهدف تأمين الداخل اجتماعيا، وشراء تحالفات خارجية.

فكانت أول قرارات القمة الخليجية عام 2013 خلق قوة عسكرية موحدة، ثم تلا ذلك وبخطوات متسارعة السعي لتجميع قوى ذات وزن ديموغرافي وعسكري، كالاردن والمغرب ومصر وتركيا.

هذه التحركات السياسية والعسكرية، بغض النظر عن نجاحها أو فشلها، تدل على شعور المملكة بأن هنالك نظاما جديدا قد تشكل، وهي تحاول أن تكون جزءا منه، لأن قلقها كبير من تحولها إلى لاعب ثانوي، تحت ظل قـــــوة إقليمية تسيطر على الاقليم برضى دولي. السؤال الان هل تحقق هذا الظرف، وهو الذي قاد إلى هذا التغير في الموقف السعودي؟

يقينا هذه هي الحقيقة التي أدركتها المملكة بصورة متأخرة. صحيح أن السعودية لازالت حليفا مهما في نظر الولايات المتحدة وتتعهد بأمنها. وصحيح أيضا أن لها أهمية في السياسة الامريكية، باعتبارها المركز الروحي للمسلمين في العالم، وزاوية المثلث العربي الممتد من سوريا ومصر، وهي قلب المخزون النفطي العالمي, لكن الامريكان يقولون علنا للمملكة بأن هنالك تغييرا جذريا في قواعد لعبتهم في الإقليم، وأن على السعودية القبول بالوضع الجديد، بما فيه من خسارة لها. فالملفات المهمة بين واشنطن وطهران ليس كمثلها بين الرياض وواشنطن. وقد كان الامريكان صادقين في طرحهم هذا، لكن السعوديين انعدمت ثقتهم بالامريكان بعد الحوار مع طهران، وهم يشعرون بأن الامريكان فضلوا عدم التدخل في سوريا إكراما لعيون الايرانيين، وألقـــــوا وجـــهة النظر والمصالح السعودية في سوريا خلف ظهورهم، وبالتالي لابد من صنع إطار جديد للدور السعودي في المنطقة، قائم على أساس تلازم المسارين السياسي والعسكري، والابتعاد عن طريقة تهدئة المنطقة بتبويس اللحى. كما أن العامل الأبرز في نهوض دور سعودي حقيقي هو في بناء القدرة الذاتية لها، بما يتوافق مع حجمها الجغرافي ومركزها المادي والمعنوي. بهذه العوامل يمكن للمملكة محو النظرة السلبية التي تركتها في نفوس الغالبية العظمى من شعبنا العربي لها، والتي صنعتها لنفسها بسياسات كارثية، تراكمت عبور عقود طويلة من الزمن، كانت فيها مصالحها الوطنية ومصالح أمتنا العربية في أدنى سلم أولوياتها، وكان حرصها على الشريك الامريكي هو المتقدم دائما، بل إنها كانت العامل الرئيسي في التغول الإيراني في المنطقة، وهي من كسر البوابة العراقية، التي بعدها انداح الطوفان جارفا الامن القومي العربي إلى أبعاد سحيقة.

إن الارض والمياه والاجواء الاقليمية لدولة ما، تتسع إلى ابعد من الحدود المعترف بها دوليا، عندما تكون القدرات العسكرية موازية لحجم الدولة الجغرافي، وبالتالي تجد السياسة الخارجية مجالا رحبا في رسم أدوارها وتحقيق مصالحها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السعودية، سوريا، أمريكا، تركيا، التدخل السعودي بسوريا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-02-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحي الزغل، المولدي الفرجاني، د. أحمد محمد سليمان، محمد شمام ، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إياد محمود حسين ، أشرف إبراهيم حجاج، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله زيدان، د. عبد الآله المالكي، محمد اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، سعود السبعاني، د. عادل محمد عايش الأسطل، الناصر الرقيق، سلام الشماع، د- محمود علي عريقات، د- محمد رحال، ياسين أحمد، ماهر عدنان قنديل، د - الضاوي خوالدية، محمد عمر غرس الله، حسن الطرابلسي، فتحي العابد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - صالح المازقي، مراد قميزة، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، فهمي شراب، حميدة الطيلوش، سليمان أحمد أبو ستة، حاتم الصولي، صلاح المختار، أحمد بوادي، د. صلاح عودة الله ، سيد السباعي، علي عبد العال، عزيز العرباوي، عبد الرزاق قيراط ، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد ملحم، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، جاسم الرصيف، العادل السمعلي، مصطفي زهران، سامح لطف الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، إيمى الأشقر، محمد الطرابلسي، فتحـي قاره بيبـان، الهادي المثلوثي، رشيد السيد أحمد، د. خالد الطراولي ، أنس الشابي، محمود سلطان، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمود طرشوبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي الكاش، عمار غيلوفي، د- هاني ابوالفتوح، منجي باكير، د - مصطفى فهمي، د- جابر قميحة، د. طارق عبد الحليم، د - عادل رضا، أبو سمية، سلوى المغربي، ضحى عبد الرحمن، رمضان حينوني، مجدى داود، صفاء العراقي، صالح النعامي ، مصطفى منيغ، محمد العيادي، سفيان عبد الكافي، عبد الله الفقير، عبد الغني مزوز، د - محمد بنيعيش، حسن عثمان، أحمد الحباسي، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محرر "بوابتي"، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، عراق المطيري، صلاح الحريري، الهيثم زعفان، طلال قسومي، إسراء أبو رمان، رافد العزاوي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، فوزي مسعود ، د - محمد بن موسى الشريف ، كريم السليتي، وائل بنجدو، تونسي، محمد يحي، كريم فارق، يحيي البوليني، رضا الدبّابي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة