البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من قواعد النصر في القرآن الكريم – 18 – بل الله مولاكم وهو خير الناصرين

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3909


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


"من كان الله مولاه وناصره فحسبه، ومن لم يكن الله مولاه فلا مولى له، ولو اتخذ الإنس والجن كلهم أولياء " ( سيد قطب )
*********
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا،
أمــــا بعد :
كان مما علمنا من الحلقات السابقة من هذه السلسلة المباركة بإذن الله جملة من الحقائق القرآنية نذكر منها :
- أن الله تعالى ولي المؤمنين ومولاهم،
- أن النصر من عند الله عز وجل،
- أن نصر الله لا يكون إلا للمؤمنين،
- أن نصر الله لا يكون إلا بالمؤمنين،
................وغير ذلك من الحقائق التي ذكرت ويمكن الرجوع إليها فيما سبق من الحلقات، والتي تشكل فواعد هامة للنصر المرتقب،
وثمة قاعدة أخرى من قواعد النصر في القرآن الكريم تؤكد تلك الحقائق، في حس المسلمين ووعيهم، ليعوا حقيقة النصر الإلهي ولمن يكون في التصور الاسلامي، وما هي شروطه ومتطلباته،
تلك القاعدة تقول : " إن الله مولى المؤمنين وحده، وهو خير الناصرين "، وجاءت في قول الله تعالى : {بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ } ( آل عمران : 150 )، والمعنى : إنهم لن ينصروكم , بل الله ناصركم , وهو خير ناصر, فلا يحتاج معه إلى نصرة أحد ( التفسير الميسر )،

السياق
ولقد جاءت تلك الآية المتضمنة للقاعدة التي نحن بصددها في السياق القرآني التالي : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ{149} بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ{150} سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ{151}( آل عمران )،
إنها ثلاث آيات وردت حول فترة أحد تضمنت نهيا وتحذيرا، وسبعة أخبار :

- أما النهي والتحذير : فنهاهم عن طاعة الذين كفروا به (1)، وجحدوا ألوهيته ولم يؤمنوا برسله ولم يتبعوا منهجه من اليهود والنصارى، والمنافقين والمشركين، وحذرهم من الاستجابة لهم ومن اتباعهم فيما يأمرونهم به، وينهونهم عنه،
وأما الأخبار :
- الخبر الأول : أنهم إن أطاعوا هؤلاء الكفار والمتمردين، فإنهم يضلونهم عن طريق الحق، بما يؤدي إلى أن يرتدوا عن دينهم فيبوءوا بالخسران المبين والهلاك المحقق، قال " ابن عاشور" : أراد من هذا الكلام تحذير المؤمنين من أن يُخامرهم خاطر الدخول في صلح المشركين وأمانهم، لأنّ في ذلك إظهار الضّعف أمامهم، والحاجة إليهم، فإذا مالوا إليهم استدرجوهم رويداً رويداً، بإظهار عدم كراهية دينهم المخالف لهم، حتَّى يردّوهم عن دينهم لأنَّهم لن يرضوا عنهم حتَّى يرجعوا إلى ملّتهم،(2)، وفي هذا تحذير شديد للمسلمين من اتباع مناهج غير المسلمين، فإن في طاعتهم واتباعهم والسير على منهاجهم الخسارة المحققة، والنهاية الوخيمة، والمآل السيء، في الدنيا والآخرة، ولقد رأينا هذه الخسارة في الدنيا مما نراه من حال المسلمين اليوم وهم مبهورون مما وصل إليه الغرب من حضارة وتقدم فانطلقوا يقلدونهم في كل شيء،

- الخبر الثاني : أن الله مولى المؤمنين وسندهم، وأن هؤلاء الكفار لن ينصروهم، بل الله تعالى هو ناصرهم، فإن كان الموقف يحتاج إلى ناصر فنهى الله المؤمنين أن يطلبوا النصير من الكافرين، ولكن اطلبوه ممن آمنتم به سبحانه، وعليكم أيها المؤمنون بطاعة الله ربكم ووليكم ومولاكم فإنه خير من يطاع، وأحق من يطاع.

- الخبر الثالث : أن الله تعالى هو خير الناصرين، فلا يحتاج معه إلى نصرة أحد، يقول الشعراوي " في قوله تعالى : { وهو خير الناصرين }: " أي يجوز ان يوجد الله بشراً كافرين أو غير كافرين وينصروكم نصراً سطحياً، لا نقول ان هذا نصر، انما النصر الحقيقي هو النصر الذي ياتي من الله، لماذا؟ لأن النصر أول ما يأتي من ناحية الله فاطمئن على أنك خالص ومخلص لله، والا ما جاءك نصره، فساعة يأتيك نصر الله، فاطمئن على نفسك الايمانية وانك مع الله.(3)، وقال " ابن عاشور " : {خير النَّاصرين } : هو أفضل الموصوفين بالوصف، فيما يراد منه، وفي موقعه، وفائدته، فالنصر يقصد منه دفع الغلب عن المغلوب، فمتى كان الدفع أقطع للغالب كان النصر أفضل، ويقصد منه دفع الظلم فمتى كان النصر قاطعاً لظلم الظالم كان موقعه أفضل، وفائدته أكمل، فالنصر لا يخلو من مدحة لأنّ فيه ظهور الشَّجاعة وإباء الضيم والنجدة، ولكنّه إذا كان تأييداً لظالم أو قاطع طريق، كان فيه دَخَل ومذمّة، فإذا كان إظهاراً لحقِّ المحقّ وإبطاللِ الباطل، استكمل المحمدة، ولذلك فَسّر النَّبي صلى الله عليه وسلم نصر الظالم بما يناسب خُلُق الإسلام لمّا قال : " انصر أخاك ظالماً ومظلوماً "، فقال بعض القوم : هذا أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً ؟ فقال : " أنْ تنصره على نفسه فتكفّه عن ظلمه " (4) .

- الخبر الرابع : أن حال الكفار في الدنيا أن الله تعالى سيلقي في قلوبهم الرعب والهلع من المؤمنين – أي أشد الخوف والفزع والتخوف من كل شيء – فيفعل فيها مفعوله من الخور والخذلان، وذلك بسبب إشراكهم بالله آلهة مزعومة ليس له أي دليل أو برهان على استحقاقها للعبادة مع الله تعالى، فهو المعبود وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، فإذا ألقى الرعب في قلوب الكافرين، فماذا يفيدهم من عَدَدِهم؟! عددهم وأموالهم تصير ملكا لكم وتكون في السَلَب والغنيمة، ونلاحظ أنه قال " سنلقي " بما يفيد التجدد والاستمرار، وقال " سنلقي "، ولم يقل " سألقي " وإنما جاء بنون العظمة، العظمة الجامعة لكل صفات الكمال التي يتطلبها أي فعل من الأفعال، قال " الشعراوي " : " وهو سبحانه لا يتجنى عليهم بالقاء الرعب، ولكن هم الذين استحقوا أن يلقى في قلوبهم الرعب، لماذا؟ " بما أشركوا ". إن الإشراك بالله هو الذي جاء لهم بالرعب؛ لأن الله يفعل، والشركاء لا يفعلون. ولو أن شركاءهم حق لما تخلوا عنهم. فلماذا لم يأتوا بشركائهم لينصروهم؟ لقد جاءهم الرعب لأنهم ليس لهم مولى، ولو كان لهم آلهة قادرة - كما يدعون - لقالوا لتلك الآلهة: رب محمد يعمل معنا هكذا فلماذا لا تقفون له يا أربابنا؟ لكنهم أشركوا بالله ما لا يضر ولا ينفع، بل ضره أقرب من نفعه " (5)، وفي هذا تسلية للمؤمنين، وتطْمينهم، ووعدهم بالنَّصر على العدوّ .

- الخبر الخامس : أن هؤلاء مأواهم ومثواهم ومرجعهم الذي يأوون إليه في الدار الآخرة هو النار بسبب ظلمهم وعدوانهم، وساء هذا المقام مقاما لهم،

وتأسيسا على ذلك نقول :
- أن الله تعالى قد بين لنا بالنص الصريح أن طاعة الكفار مهما كانت سببٌ للهلاك والخسارة في الدنيا والآخرة، وأن طاعته سبحانه هي سبيل العز والنصر والتمكين، وجميع الكفار من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين كلهم أعداء للمسلمين فلا يجوز الاعتماد عليهم، أو الركون إليهم كما قال سبحانه : { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون } ( هود : 113 )،
- أن من كان الله مولاه، فما حاجته بولاية أحد من خلقه ؟! ومن كان الله ناصره فما حاجته بنصرة أحد من العبيد؟
- أن على المسلمين أن يعتصموا بالله تعالى، وأن يحققوا التوكل على الله، وأن يلتزموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،

- لقد دأب الكافرون - علي مر التاريخ – على تثبيط عزيمة المسلمين، وزرع الوهن والهزيمة النفسية في قلوبهم، والتشكيك في قدرتهم علي مواجهة الأعداء، وتزيين الانسحاب والتراجع أمام الكافرين، ولكن ثمة حقيقة قرآنية غفلنا عنها كثيرا، إذا أدركتها الأمة، ووعتها الأجيال المسلمة
حق الوعي، { بل الله مولاكم }، فلن يصبح لهذا المكر مكان، ولن يكون له تأثير، ولعل بين أيدينا من دروس الماضي ما نتأكد به من هذه الحقيقة، فكم من مرة وقفت قوة قليلة العدد ضعيفة التسليح أمام الجيوش الجرارة وكان النصر حليف المؤمنين، ففي المعركة هناك أسلحة لو استخدمت غيرت موازين القوي، وعلي رأسها هذا السلاح الشديد الفعالية، إنه سلاح الرعب الذي حدثنا عنه القرآن الكريم : { سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب } وغير ذلك من الأسلحة التي قد لا نعلم عنها شيئاً، وصدق الله إذ يقول : { ما يعلم جنود ربك إلا هو }،

- أن الإسلام لا يقبل ان يكون الولاء لغير الله تعالى، فالله تعالى يقول : { يا ايها الذين امنو ان تطيعو الذين كفروا يردوكم على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين}، فإن مجرد طاعة الكفار فى النهاية وراءها الخسران والخيبة والهزيمة ، وليس وراءها مكسب بأي حال من الأحوال، هذا حكم الله تعالى، يقول " بن عثيمين " رحمه الله فى تفسير هذه الآية فى سورة ( ال عمران )، ايا كانت الطاعة سواء حلف مع الكفار أو غيره، فى النهاية يؤدى الى خسران الامه، والامه الاسلامية لم تتعظ من وقائع التاريخ، فبعد الحربة العالمية الاولى اغرى الحلفاء شريف مكة بأن يخرج على الدولة العثمانية، حتى يعطونه الاستقلال، وهو اول من اطلق النار على القلعة التركية ايذانا بخروج العرب من الخلافة العثمانية، وبعد هزيمه تركيا، فإن الحلفاء لم يوفوا بوعودهم مع العرب، واتت اتفاقية " سايكس بيكو "، وقسمت الدول العربية الى دويلات، كانت هذه اكبر خسارة عندما خرجوا على الخلافة العثمانية التى كانت تحمى فلسطين، ثم فيما بعد سعت الدول الاوربية لتهجير اليهود الى ارض المقدس، وحاولوا ان يغروا السلطان عبد الحميد الذى رفض، هذا دليل على ان العرب لم يتعظوا من التاريخ لطاعتهم للكفار.(6)

- وبعــــد : فيا أمة الإسلام، يا معشر المسلمين في كل مكان، أما آن الأوان لنعلنها بلسان الحال والمقال حسبنا الله ناصراً و معيناً، ومؤيدا وحافظا وأمينا، فشتان شتان بين من كان الله مولاه وبين من كانت أمريكا والغرب وكل قوى الأرض مولاه.. فهل يتنبّه ويستفيق المنخدعون قبل فوات الأوان، وهل يرعوون وهل يُنيبون..؟! {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ } (الاحقاف: 31- 32).
ألا فلتعلم الدنيا كلها أن إسلامنا منتصر وقادم، وليظهرن الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وأهله وذلاً يذل الله به الشرك وأهله.. فرغم الحرب المعلنة والصريحة على هذا الدين وأهله، وكيد العالم كله له ولبنيه، ورغم حملات الطعن والتشويه فهاهي صحافة أعدائنا وإحصاءاتهم تتحدث عن انتصارات ديننا، وترصد اندحار ثقافتهم وقيمهم أمامه..
فها هي (الصندي تايمز) البريطانية في (22/2/2004م) تذكر في دراسة نشرتها أن " صفوة البريطانيين اعتنقوا الإسلام بعدما خيّبت القيم الغربية آمالهم وأن الإسلام ينتشر بينهم بشكل ملحوظ ومتزايد "، كما ذكرت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية أن نسبة الإقبال على الإسلام والاهتمام به وبدراسته قد ازدادت بعد أحداث 11 أيلول..
وتطالعنا صحيفة (حريات) التركية العلمانية (20/2/2004م) تحت عنوان " رغم كل قوانين منع ارتداء الحجاب 65% من نساء تركيا يرتدين الحجاب "، هذا على الرغم من كل محاولات العلمنة التي جرت على قدم وساق على مدى عقود ممتدة،
ورغم أن ثقافة أعدائنا وقيمهم تدعمها وكالات الأنباء والفضائيات، وتساندها الدبابات والطائرات والأساطيل والمدمرات.. ومع ذلك فهي مأزومة مهزومة.. وما لنا نذهب بعيدا وأمامنا قول الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } (لأنفال:36).

- يا أمة الإسلام ألا فلتعلمي إن لم تكوني تعلمي أن الانهزام أمام الباطل، والموالاة التي يحتاجها الباطل حتى وهو قوي لابد من الامتناع عنها، وهذا هو جهاد القلب، والله سبحانه يقول للمؤمنين بعد وقعة أحد : (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين * يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين * بل الله مولاكم وهو خير الناصرين }( آل عمران : 146-150 )،

- إن من كان الله مولاه فلا يذل ولا يخزى.. ومن كانت أمريكا وقوى الاستكبار العالمي مولاه فما أسرع أن يذل ويسقط ويهان، ويرمى في مزبلة التاريخ.. وهاهي مصارع عملائهم ونهايات أذنابهم الحقيرة شاهدة على هذا..

- الإسلام منتصر نعم، الاسلام قادم نعم، نقول هذا مع أن أهل الإسلام في ظل موازين القوى المادية اليوم في أهزل قوة وأضعف حال، وقد جُردوا من كل شوكة، ويتآمر عليهم طواغيت بلادهم ليل نهار، يظاهرون عليهم أعدائهم ويتربصون بهم الدوائر ويتخطفهم الناس بين طريد وقتيل وأسير.. حتى إن المنبهرين بآلة أعدائنا العسكرية المندحرين أمام إمكاناتهم ليقولون عن أنصار هذا الدين المتصدّين لهذه الآلة وتلكم الإمكانات : { غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ }، ولكن فلنعلم ولننتبه إلى قوله تعالى : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (لأنفال: 49).
وحال هؤلاء المندحرين والمنهزمين نفسيا – والعياذ بالله - كحال الذين قال الله عنهم : {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً } (الأحزاب:12)، وقوله جل جلاله : { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة:52).

الفتح قادم، وديننا ظاهر، وحضارتنا منتصرة ومهيمنة، بإذن الله تعالى، وسيمكن لها في الأرض وستخفق رايتنا في الآفاق وعداً غير مكذوب، وما على المسلم في هذه الغربة إلا اللحاق بقافلة الأنصار، { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } (التوبة:33).
وهذا والله ما يتراءى لنا ونستروحه ونستنشق عبيره وسط هذه الحرب العالمية على الإسلام.. { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (النور:55).هذا ما نوقن به ونبشر أمتنا دوما به في كل حال في الأسر خلف القضبان وفي أقسى المحن وأحلك الظروف وقد تخطفنا الناس وتآمرت علينا أنظمة الكفر وتحزّبت علينا الأحزاب، لا يتبادر إلى قلوبنا في هذا الوعد أدنى شك.. بل لا يزيدنا ذلك كله إلا ثقة فيه.. فهذا التآمر وتلك الحرب وذلك التحزّب من إرهاصاته وعلاماته.. وصدق الله إذ يقول : { وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } (الأحزاب:22)، { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } (يوسف: من الآية21).(7)،

وختاما : فإن المسلمين مطالبون بموجب هذه القاعدة أن يوطنوا أنفسهم على الاستغناء عن موالاة أهل الكفر، فالله وحده هو ناصرهم وهو خير الناصرين، فالكفار والمنافقون أعداء للإسلام وللمسلمين ولا تؤمن غائلتهم، لن تعود للأمة الإسلامية مكانتها، ولن تعود للشعوب كرامتها، ولن يتحقق لها ما وعدها ربها من الرفعة والتمكين في الدنيا والارتقاء في الآخرة إلا إذا تصحح فهم " الموالاة في الله والمعاداة في الله" وتجسد ذلك في علاقات المسلمين بعضهم مع بعض، وفيما بينهم وبين غير المسلمين، فالمسلمون فيما بينهم كالجسد الواحد وكالبنيان يشد بعضهم بعضاً متناصرين متعاونين متناصحين، وهم يد على من سواهم بالعدل .
{ بل الله مولاكم، وهو خير الناصرين }،
وإلى قاعدة أخرى بإذن الله،،،،،،،،،،،،،،،،

*****************


الهوامش والاحالات :
===========
(1) – قال ابن عاشور في تفسيره : {الَّذين كفروا } شائع في اصطلاح القرآن أن يراد به المشركون، واللفظ صالح بالوضع لكلّ كافر من مشرك وكتابي، مظهر أو منافق .
أنظر : - الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور : " التحرير والتنوير "، الطبعة التونسية، دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - 1997 م، ج4، ص 122،
(2) - الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " نفس المرجع السابق " ج4، ص 122،
(3) - محمد متولي الشعراوي : " تفسير الشعراوي "، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، ج 1، ص : 543،
(4) – الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " مرجع سبق ذكره " ج4، ص : 123،
(5) – محمد متولي الشعراوي : " مرجع سبق ذكره "، ج1، ص : 543،
(6) - عبد العزيز النقر : " الداعية السلفي عثمان بابا في حوار مع (الوان)"، المصدر : http://alwandaily.com/?p=8523
(7) - أبو محمد المقدسي : " مشروع الشرق الأوسط الكبير "، المصدر :
http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_26239.html

------------
أ.د/ أحمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

بحوث إسلامية، النصر الإلاهي، الفاعلية، العمل الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رافع القارصي، د. صلاح عودة الله ، د. مصطفى يوسف اللداوي، ياسين أحمد، عواطف منصور، حسن الطرابلسي، عبد الله زيدان، علي الكاش، وائل بنجدو، محمد شمام ، د.محمد فتحي عبد العال، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد الياسين، محمود سلطان، محمد أحمد عزوز، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، يزيد بن الحسين، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، سامح لطف الله، أحمد ملحم، عزيز العرباوي، د - صالح المازقي، سيد السباعي، علي عبد العال، فوزي مسعود ، إسراء أبو رمان، صفاء العراقي، نادية سعد، أبو سمية، صالح النعامي ، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، أحمد بوادي، طلال قسومي، جاسم الرصيف، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، ماهر عدنان قنديل، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد النعيمي، رشيد السيد أحمد، صباح الموسوي ، فتحي العابد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الطرابلسي، د - عادل رضا، صلاح المختار، د - محمد بنيعيش، حاتم الصولي، فهمي شراب، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحي الزغل، محمود طرشوبي، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، د. أحمد بشير، محمد يحي، رضا الدبّابي، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، كريم السليتي، يحيي البوليني، رمضان حينوني، د- جابر قميحة، سلام الشماع، د - محمد بن موسى الشريف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله الفقير، أنس الشابي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، د - شاكر الحوكي ، مصطفي زهران، د - مصطفى فهمي، أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، الناصر الرقيق، العادل السمعلي، خبَّاب بن مروان الحمد، د- هاني ابوالفتوح، رافد العزاوي، إيمى الأشقر، سلوى المغربي، سليمان أحمد أبو ستة، الهيثم زعفان، سفيان عبد الكافي، صلاح الحريري، د. عبد الآله المالكي، مجدى داود، محرر "بوابتي"، سامر أبو رمان ، محمد عمر غرس الله، عراق المطيري، مراد قميزة، أحمد الحباسي، صفاء العربي، ضحى عبد الرحمن، د. طارق عبد الحليم، خالد الجاف ، د. خالد الطراولي ، سعود السبعاني، مصطفى منيغ، د- محمد رحال، د. عادل محمد عايش الأسطل، تونسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة