البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ليبيا: المصير على رأس الحراب

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4003


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ليبيا، محل أطماع الطامعين وما أكثرهم لعظيم ثرواتها وقلة عدد شعبها، تعاني اليوم بل ومن قديم الزمان من جيران الكفر والنفاق وأدعياء الصداقة والتعاون، حتى تكاد تَعدم من يكون لها صديق وشقيق في الملمات. وبالأخص منذ انبثاق البترول على أراضيها. فلم تمض عشر سنوات على اكتشافه حتى قلبت الثورة كرسي العرش على مليكها، بقيادة ضباط شباب من الجيش الأكثر تأثراً بريح القومية والاشتراكية لتحرير بلدانهم من الاستلاب. فلم يكد يظهر ظلهم أول الصباح حتى تسارعت العواصم الى الاعتراف بهم كربيع الثورات العربية، كمقدمة للتحكم في مصائر بلدانهم. وليس أية عواصم، ولكن العواصم التي راودت فيما بعد لاستنزاف طاقاتها وخيراتها، وظلت ترصُدها وتترصد لها قبل تفقيس البيض، لإفشال كل مبادراتها للوحدة والتعاون حتى مع أقرب جيرانها وأشقائها. وهذا دأب الدول بين ضعيف وقوي، وإلا لما قامت عصبة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لجمع الدول في حظيرتها وممارسة الضعيف على الأضعف نفوذه تحت جناح القوي فالأقوى.

وظل الأمر على ذلك تقريباً مع تغير المسميات والمجالس المستحدثة المتفرعة عنها والوكالات والمنظمات المتولدة على غرارها وتحت رُقْبتها. ولم تكن هذه المنظمة العتيدة التي يقبع لعهود طويلة على رأس جهازها التنفيذي "مجلس الأمن" ليفكر أصحاب القول الفصل فيها لتعديل تركيبته بوزن أمم العالم وليس بوزن الأقوى فيها وغير المغلوب.

ولذلك رأينا "الأمم المتحدة" ومجلسها للأمن لا يقوى إلا على المستضعفين، فيصدِّر الحلول التقسيمية والتضعيفية لطائفة من الدول تشكّل - للمفارقة - الشطر الأعظم من أعضاء المنظمة المائتين تقريباً. وفي مقدمة هؤلاء المستضعفين الدول العربية والإسلامية، حتى لا نذكر إلا من يخصّهم ويشبِه ليبيا في الوضعية، وكذلك سوريا والعراق واليمن وغيرهم.. وبالأمس شاهدنا الحلول التقسيمية التي توسّط لها أو تدّخل فيها مجلس الأمن، وهي تيمور الشرقية والبوسنة والهرسك، وما قراره بتقسيم فلسطين بغائب عن الاعتبار كذلك.

وليبيا اليوم في الخشية الكبرى بتدخل الاتحاد الأوروبي ودوله الأقوى للإجهاز على ثورة الأربعين عاماً للقذافي في ليبيا، لعودة الكرة اليها كالمساعد على فض مخلّفات حكمه الاستبدادي، الفريد من نوعه في الحوليات الحديثة للتاريخ المعاصر، وامتداداته بالتأثير المالي والإيديولوجي في إفريقيا وآسيا والأمريكيتين، وحتى في أوروبا نفسها. فالفصائل التي تتنازع الحكم بالحراب الآن، كلها تحمل مصير ليبيا على رأس حرابها.

وبما أنْ لا أحد يمكن له أن يتربع على عرش ليبيا بالكامل في وحدة كالسابق أو فيدرالية إلا بسند خارجي؛ لأنك تجد بعدد مليشياتها أعواناً لهم من الأشقاء والأصدقاء بالمرْقبة منهم لمدّهم بالعون والسلاح إذا اقتضى الحال، لارتباط المصالح وتقاسم المصير في حال الربح والخسارة. فقط سوف لا يحترم المواثيق والعهود إلا من يخشى العاقبة أن تدور عليه من الذين حركتهم ثورة الشعب الليبي للعودة إليه كالمستعمر في ظل تقسيمه أو وضعه في معاهدات مذلة تحت جناحه. ولذلك فشلت كل محاولات الحل السلمي لوجود كل الأطراف تحمل السلاح متهمة بكونها تستند الى دعم من الخارج للغلبة على غيرها.

وبما أن الأمم المتحدة، وهي تسعى لجمع الأطراف كلها الى جانب مائدة واحدة للتفتيش عن حل مرض للجميع يحقن الدماء ويحفظ الأرواح ويجنب البلاد مزيداً من الخسائر، متهمة بوقوعها تحت تأثير الدول الأوروبية والغربية عامة القيّمة على الموضوع الليبي، باعتبار تدخّلها في النزاع التدخلَ الحاسم الذي تدّعيه لنفسها دون كل فصائل المقاومة أو مليشيات الثورة، فإنها، أي الأمم المتحدة وإن أرخت الحبل للمفاوضات المسوغة للقرار، تبقى عاجزة عن فرض حل يراه الشعب معيباً لكرامته ووحدته وثورته وتراه الأطراف الموالية للخارج غير معيب. وإنما هو معيب، لأنها أي ثورته وبعد كل حديث هي ثورة للنهوض بنفسه من كبوة الحكم الاستبدادي الذي كان جاثماً على صدره كالمنغلق على نفسه ضد كل تفتح يفضي الى ابتزاز ثرواته وإن سقط في إهدار ثرواته تحت الحكم نفسه وبالحجة نفسها؛ فلا يمكن له أن يقبل بكل حال أن لا يرعى الخارج قوة الحق الى جانبه، وهي الحفاظ على مقوماته الدنيا، الذي هو أدرى داخلياً برعايتها عن ثقافة أصيلة لم تزل تفعل في ضميره وتقود خطوات إلهامه منذ مئات السنين..

قليلاً عدده ضعيفاً سنده، ولكنه قوي بنفسه وبإيمانه وبماضيه الجهادي للذود دونها وإن أعوزت الوسائل وطالت السنين. وله، عبر امتداده الروحي والمعنوي والجغرافي في دفء أشقائه وأصدقائه عبر الصحراء وعبر المتوسط وأبعد من ذلك، كل أواصر القربى والتآسي والمؤاثرة. ويَعرف أن وحْدته بمصر أو تونس أو التشاد أو السودان لم تحصل لا لأسباب ذاتية بينه وبين هذه الشعوب ولكن بينها وبين حكوماتها للضغوط الأجنبية عليها وارتهان قرارتها في الأكثر لرضاء الخارج لا لرضى الداخل. ولذلك كانت ثورته وثورة أشقائه في تونس مثلاً إنما كانت لتفتح على شيء أهم بينهما هو الوحدة، التي طالما أعوزتها إرادات الأنظمة الفاشلة التي ميزت تاريخهما بعد الاستقلال.

-------
تونس في ٢١ جانفي ٢٠١٦


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ليبيا، الفوضى الليبية، الحرب الأهلية بليبيا، الفصائل الليبية، الإتفاق الليبي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- هاني ابوالفتوح، ياسين أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمر غازي، د. خالد الطراولي ، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، مصطفي زهران، سامح لطف الله، يزيد بن الحسين، د - عادل رضا، الهادي المثلوثي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، العادل السمعلي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، أنس الشابي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رشيد السيد أحمد، إيمى الأشقر، كريم فارق، صباح الموسوي ، تونسي، سلام الشماع، أحمد النعيمي، محمد أحمد عزوز، منجي باكير، عبد الله الفقير، د. أحمد بشير، علي عبد العال، علي الكاش، سفيان عبد الكافي، صفاء العراقي، خالد الجاف ، حميدة الطيلوش، محمد يحي، رمضان حينوني، محمود طرشوبي، أحمد بوادي، فتحي العابد، عواطف منصور، محمد العيادي، الهيثم زعفان، محمد عمر غرس الله، صالح النعامي ، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، أحمد ملحم، عراق المطيري، مصطفى منيغ، د. صلاح عودة الله ، محمد الياسين، إياد محمود حسين ، د - شاكر الحوكي ، د - محمد بنيعيش، فوزي مسعود ، عمار غيلوفي، د - محمد بن موسى الشريف ، أبو سمية، د. أحمد محمد سليمان، سعود السبعاني، عبد الله زيدان، د. عبد الآله المالكي، الناصر الرقيق، فهمي شراب، حاتم الصولي، مراد قميزة، فتحي الزغل، محمود فاروق سيد شعبان، د - الضاوي خوالدية، سلوى المغربي، المولدي الفرجاني، حسن عثمان، سيد السباعي، د - صالح المازقي، محرر "بوابتي"، د. طارق عبد الحليم، يحيي البوليني، جاسم الرصيف، محمد شمام ، د- محمد رحال، نادية سعد، د - مصطفى فهمي، حسن الطرابلسي، رافع القارصي، سليمان أحمد أبو ستة، طلال قسومي، د- محمود علي عريقات، د.محمد فتحي عبد العال، إسراء أبو رمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ضحى عبد الرحمن، سامر أبو رمان ، كريم السليتي، صلاح الحريري، محمود سلطان، مجدى داود، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الرزاق قيراط ، فتحـي قاره بيبـان، ماهر عدنان قنديل، رضا الدبّابي، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، عزيز العرباوي، محمد اسعد بيوض التميمي، صلاح المختار، أشرف إبراهيم حجاج،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة