البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من قواعد النصر في القران الكريم – 8 - انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة

كاتب المقال أ. د/ احمد بشير - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4377


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


قال تعالى : {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ( هود : 123 )

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك وعظم وشرف على هذا النبي الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعــد :

لقد علمنا القرآن الكريم أن الله تعالى خلق الخلق، وبعث الرسل لغاية عظمى ومهمة كبرى أرادها الحق جل جلاله ألا وهي معرفته سبحانه حق المعرفة بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وتوحيده وعبادته على الوجه الذي حدده وأراده سبحانه، وهو ما يجليه قول الله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{58} }( الذاريات : 56 )، أي : وما خلقت الجن والإنس وبعثت جميع الرسل إلا لغاية سامية, هي عبادتي وحدي دون مَن سواي، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون, فأنا الرزاق المعطي، فهو سبحانه غير محتاج إلى الخلق, بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم, فهو خالقهم ورازقهم والغني عنهم، إن الله وحده هو الرزاق لخلقه , المتكفل بأقواتهم , ذو القوة المتين , لا يُقْهَر ولا يغالَب, فله القدرة والقوة كلها، ( التفسير الميسر )، ولقد أرسل الله الرسل بالمنهج الإلهي الذي ينبغي أن يعتمده الإنسان ويتبعه لضمان عمارة الكون واستقامة الحياة، وتحقيق السعادة والفوز في الدنيا والآخرة، فكان الرسل يبشرون من آمن بنعيم الجنة، وينذرون من كفر بعذاب جهنم وبئس المصير، فآمن من أقوام الرسل من آمن واعتمدوا المنهج الذي جاءتهم به رسلهم، وكذب من كذب، وتمرد على دعوة الرسل من تمرد،
ولقد تكفل الله تعالى بنصر رسله وأتباعهم من المؤمنين في الدنيا على من ناوأهم وآذاهم، وفي الآخرة بالفوز بما أعده الله لهم في جنات النعيم، وحول هذا الوعد الإلهي بنصر الرسل والمؤمنين من أقوامهم وأتباعهم جاءت القاعدة الثامنة من قواعد النصر كما جاءت في القرآن الكريم، ومؤدى هذه القاعدة : أن الله تعالى قد وعد – ووعد الله لا يخلف – وأكد الوعد تأكيدا حاسما أن ينصر رسله صلوات الله وسلامه عليهم أحمعين، وينصر الذين آمنوا من أتباع المرسلين، ينصرهم في الدارين في الحياة الدنيا والآخرة، تلك القاعدة التي حملها قول الله تعالى في قرآن يتلى إلى يوم القيامة : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ{51}( غافر )، والمعنى العام للآية كما جاء في التفسير : " إنَّا لننصر رسلنا ومَن تبعهم من المؤمنين , ونؤيدهم على مَن آذاهم في حياتهم الدنيا , ويوم القيامة , يوم تشهد فيه الملائكة والأنبياء والمؤمنون على الأمم التي كذَّبت رسلها , فتشهد بأن الرسل قد بلَّغوا رسالات ربهم , وأن الأمم كذَّبتهم " ( التفسير الميسر )، قال " ابن عاشور " (1) رحمه الله في تفسيره : " وهذا وعْد للمؤمنين بأن الله ناصرهم على من ظلمهم في الحياة الدنيا، بأن يوقع الظالم في سوء عاقبة، أو بأن يسلط عليه من ينتقم منه بنحوٍ أو أشدَّ مما ظلَم به مؤمناً، ...فنصر الرسل والمؤمنين عليهم في الدنيا بإظهارهم عليهم وإبادتهم، وفي الآخرة بنعيم الجنة لهم، وعذاب النار لأعدائهم، والتعبير بالمضارع في قوله : {لننصر } لما فيه من استحضار حالات النصر العجيبة التي وُصفَ بعضها في هذه السورة، ووصف بعضٌ آخر في سُور أخرى تقدم نزولها، وإلا فإن نصر الرسل الذين سبقوا محمداً صلى الله عليه وسلم قد مضى، ونصْرُ محمد صلى الله عليه وسلم مترقّب غير حاصل حين نزول الآية .
وثمة مجموعة من الحقائق التي نود التأكيد عليها في رحاب تلك القاعدة الذهبية تزيدها إيضاحا وبيانا من خلال السياق الذي وردت فيه، نوجزها فيما يلي :
- أن الله تعالى خُتِم الكلام عن قصة موسى ومؤمن آل فرعون (2) في سورة "غافر " بهذه الآية : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }، ولذا قال بعض أهل العلم أن هذا التعقيب جاء بهذه الكيفية لأن الله عز وجل قد أهلك فرعون وقومه في نهاية المطاف، ونصر موسى وقومه، ووقى الله سبحانه وتعالى ذلك الرجل المؤمن الموفَّق عقوبات مكر فرعون وآله , وحلَّ بهم سوء العذاب حيث أغرقهم الله عن آخرهم : {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ }( غافر : 45 )، فجاء هذا التعقيب كالفائدة والعبرة من هذه القصة،
حوار بين أهل النار من الكفار وخزنة جهنم من الملائكة يبين حال الكفار والمستكبرين والمعاندين في جهنم :
أن الآية التي تقرر لنا تلك القاعدة من قواعد النصر إنما جاءت تعقيبا على ذكر حال ومصير أهل النار، وبعد دخولهم النار، وذلك في قول الله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ{49} قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ{50}( غافر )، إنه مشهد مهيب من مشاهد يوم القيامة يعرضه القرآن الكريم كأننا نراه رأي العين، فهذه هي جنهم وأهلها من الفجرة والكافرين لعنهم الله، وهؤلاء هم خزنتها، وثمة حوار يدور بين الفريقين، فيقول الذين في النار من المستكبرين والضعفاء الذين اتبعوهم – مستجيرين مما يلاقونه من عذا جهنم - لخزنة جهنم : ادعوا ربكم يُخَفِّفْ عنا يومًا واحدًا من العذاب ؛ كي تحصل لنا بعض الراحة، فيأتيهم الجواب توبيخا من خزنة جهنم : هذا الدعاء لا ينفعكم في شيء , أولم تأتكم رسلكم بالحجج الواضحة من الله فكذبتموهم ؟ فاعترف الجاحدون بذلك، وقالوا : بلى، فتبرأ خزنة جهنم منهم وقالوا : نحن لا ندعو لكم , ولا نشفع فيكم , فادعوا أنتم , ولكن هذا الدعاء لا يغني شيئًا ؛ لأنكم كافرون، وما دعاء الكافرين إلا في ضياع لا يُقبل , ولا يُستجاب،
وبعقب هذا البيان لحال أهل النار ومعاناتهم، جاءت القاعدة التي نحن بصددها ليبيّن الله عز وجل لنا أن ذلك هو نصرٌ للمؤمنين، فقال عز وجل (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا)،
تأكيد القاعدة بالعديد من المؤكدات :
أن هذه الآية مليئة بالمؤكِّدات، فذِكر (إنّا) مع المُعظِّم نفسه، ودخول اللام (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا) كل هذه مؤكدات دالة على أن الله عز وجل وعد عباده بنصر رسله ونصر أتباعهم، تماما كما قال الحق جل جلاله في موضع آخر : {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) } ( الصافات)، فوعد الله عز وجل بنصر المؤمنين الرسل وأتباعهم فقال : {وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }،

ثمة إشكال يرد هنا فيما يتعلق وعد الله تعالى رسله والمؤمنين أتباعهم بنصره في الدنيا والآخرة والرد عليه :

أن الآية تؤكد على نصر الله للرسل والمؤمنين في الدنيا والآخرة، فأما في الآخرة ( يوم يقوم الأشهاد ) أي يوم القيامة فهذا النصر لرسل الله وللمؤمنين واضح لا يحتاج إلى نقاش أو بيان، لأن الله تعالى يُدخل المكذبين النار، ويدخل المؤمنين الجنة، وذلك غاية النصر والفوز والفلاح والنجاح والتأييد للمؤمنين بنعيم الله في الجنة، قال " الماجد " : لكن ثمة إشكال يرد في قضية النصر في الدنيا، فكيف يكون النصر في الدنيا وهناك من الأنبياء من قُتِل، وهناك من الأنبياء من أوذي، وهناك من المؤمنين من قُتِل وضُيِّق عليه وحورب بل وهزم ؟، ففي تاريخ المسلمين هزائم كثيرة، حيث هزموا من أعدائهم، ولهذا وقع إشكال عند بعض المفسرين في فهم معنى النصر هنا، فقال بعضهم : إن النصر جاء هنا بلفظ العموم، وأريد به البعض دون البعض، فقوله تعالى : { إنا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا } يعني بعضهم فيُنصر بعض، ولا يُنصر بعض، ويفند هذا الاشكال قائلا : لكن هذا الأمر يُشكل عليه قوله تعالى : {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} ففي الآخرة كل أهل العلم يتفق على أن كل أهل الإيمان منصورن، فكيف نفرق ونجعل النصر في الدنيا بعضهم، وفي الآخرة كلهم، مع أن الآية ليس فيها هذا التفريق؟ إن سبب هذ القول عدم فهم حقيقة النصر، فقد يكون النصر نصراً حسياً، وقد يكون نصراً معنوياً، فأما النصر الحسي فهو الظهور والغلبة على الأعداء بأن يظهر الدين، وأن يُتمّ، وأن يُغلب الأعداء ويقهروا، هذا نصر حسي، وأما النصر المعنوي فهو ظهور الحق والعلو على أهل الباطل فيه، واستبانته وظهور معالمه، ومعرفة الناس أن هذا حق، وهذا ضلال، عندئذ يكون هذا نوع من أنواع النصر، فقد يكون النصر حسياً، وقد يكون معنوياً، وكل منهما نصر، وأحدهما لم يخل منه نبي أو رسول، أو مؤمن لأننا إما أن نُنصر حسياً في ساحة الوغى، أو ننصر بأن يظهر الحق الذي معنا لأننا معنا الحق، ومهما جادلنا الناس وأرادوا الصدّ فإنهم لا يستطيعون لأن الحق أبلج والباطل لَجْلَج.(3)

- ولقد أكد القرآن الكريم في مواضع عديدة ما جاء في هذه القاعدة، وكيف أنه سبحانه تكفل بنصر الرسل، وبنصر عباده المؤمنين الذين آمنوا وصدقوا في إيمانهم واتبعوا ما جاءتهم به رسلهم، فقال تعالى : {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ، وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } ( الصافات : 171 – 173 )، أي ولقد سبقت كلمتنا - التي لا مردَّ لها - لعبادنا المرسلين , أن لهم النصرة على أعدائهم بالحجة والقوة , وأن جندنا المجاهدين في سبيلنا لهم الغالبون لأعدائهم في كل مقام باعتبار العاقبة والمآل،
وقال تعالى : {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ }( الأنعام : 34 )،
وقال عز من قائل : {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }( يوسف : 110 )،
وقال عن نوح عليه السلام : { وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ{76}وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }( الأنبياء : 76 – 77 )،
وفي موسى وهارون قال تعالى : {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } ( القصص : 35 )، أي قال الله لموسى عندما طلب من ربه أن يجعل له وزيرا من أهله وهو أخيه هارون، قال له : سنقوِّيك بأخيك , ونجعل لكما حجة على فرعون وقومه فلا يصلون إليكما بسوء، أنتما - يا موسى وهارون - ومَن آمن بكما المنتصرون على فرعون وقومه ; بسبب آياتنا وما دلَّتْ عليه من الحق.
وقال أيضا : { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ{114} وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ{115} وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{116} ( الصافات : 114 – 116 )، .......وغير ذلك من الآيات،
إنما العزة والنصر في الإيمان والاسلام :
إن من طبيعة البشر وفطرتهم التي فطرهم الله عليها أن يعتزوا دائما بنسب أو مال أو جاه أو غيره, فالإنسان مجبول على حب البحث عن العزة بأي سبب من الأسباب، والمؤمنون الصادقون الذين ارتضوا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، هم أولئك الذين علموا وتيقنوا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين , فشمروا عن ساعد الجد، وساروا طلبا للعزة والرفعة والاستعلاء بالإيمان، منطلقين من قوله تعالى : {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }( فاطر : 10 )، فالمؤمن الحق يعلم أن الله تعالى وحده هو مصدر العزة الحقيقية، والنصر الحقيقي، فهو وحده الذي يعز ويذل , وهو الذي يؤتي الملك وينزعه، ولا يقوم بذلك – ولا يستطيع - إنس ولا جن لا ملك، ولاحاكم ولا طاغوت ......ولا سواهم ؛ مصداقا لقوله تعالى :{ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير }.ومن هنا اعتز هؤلاء النفر بالله وبدينهم وبإسلامهم , لم يلتفتوا للباطل ولا لأهله , ولم ينظروا للظلم وجولته , ولم ينهزموا نفسيا وهم يرون أهل الباطل والكفر يتقلبون في البلاد، وإنما زرعوا في قلوبهم اليقين بقول الله تعالى :{ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون } .
نعم إن الاعتزاز بالإسلام والانتساب إليه إنما هو من أهم أسباب الرفعة للأمم , وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يسطر هذه القاعدة خالدة إلى يوم الدين فقال : " لقد كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلنا الله " ؛ فإلى اللاهثين وراء الطواغيت، وإلى المنبطحين والراكعين لأعدائهم، وإلى الراكضين وراء المال والجاه والسلطان الزائل، هلا تمعنتم في قول الفاروق عمر جبار الجاهلية وعملاق الاسلام، عمر الذي لم يكن في قومه في الجاهلية ذليلا، ولم يكن عبدا مهانا، وإنما كان سيدا مهابا، ورجلا عزيزا ومع ذلك يقول هذه المقولة عن تجربة وخبرة وعلم ؛ فيا ليت قومي يفقهون !!.
فمتى يعي المسلمون ويدركون أن العزة بالإسلام إنما هي تميز وتفرد واستقلالية عن كل قوى الأرض، قوة وشدة على أعداء الله، وجهادا لهم، وثباتا وصبرا على أذاهم، وإرغاما لأنوفهم بكل وسيلة شرعها الله و سنتها قوانين العدل , وهي في الوقت ذاته رحمة للمؤمنين ولين عليهم وألفة لهم وبهذا يقول الحق تعالى :{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم }( الفتح : 29 ) , ويقول تعالى : {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله}( المائدة : 54 ) , فالعزة طريق النصر، ولا يمكن لمرء يخجل من دينه وانتمائه لهذا الإسلام أن يكون قويا مدافعا عن فكرته ومبادئه لأن فاقد الشيء لا يعطيه , فالذي دخل الوهن والضعف في قلبه أنى له أن يقنع الآخرين بما يحمل من أمانة ورسالة !؟
- أن وعد الله تعالى حق لا يتغير ولا يتخلف، ويتأكد هذا في العديد من الآيات قال تعالى : {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }( الروم : 6 )، وقال سبحانه :{ .....وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ...} ( الحج : 47 )، وقال : { .......كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً }( المزمل : 18 )، وقال تعالى : { ......إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً }( مريم : 61 )، أي أنه آت لا محالة، وهكذا فإن وعده لرسله وللمؤمنين بالنصر في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ماض لا يخلف، رغم كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وحقد الحاقدين، ومحاولات المناوئين لدين الله تعالى ولرسله وللمؤمنين، قال تعالى : { وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)، فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) }( إبراهيم )، أي : وقد دبَّر المشركون الشرَّ للرسول صلى الله عليه وسلم بقتله , وعند الله مكرهم فهو محيط به, وقد عاد مكرهم عليهم, وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ولا غيرها لضعفه ووَهَنه , ولم يضرُّوا الله شيئًا, وإنما ضرُّوا أنفسهم، فلا تحسبن - أيها الرسول - أن الله يخلف رسله ما وعدهم به من النصر وإهلاك مكذبيهم. إن الله عزيز لا يمتنع عليه شيء , منتقم من أعدائه أشد انتقام. والخطاب وإن كان خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم , فهو موجَّه لعموم الأمة ( التفسير الميسر )، إذن: فوَعْد الله لرُسله لا يمكن أن يُخْلفَ،
وحول هذه القاعدة نشير إلى مجموعة من الحقائق والملاحظات التي نحسب أنها من الأهمية بمكان لكمال فهم القاعدة، تلك الحقائق تتمثل فيما يلي :
* أن واقع الأمة اليوم يفرض الكثير من العمل المصاحب للأمل :
- ونحن نتحدث عن هذا الوعد الإلهي الصادق الماضي الذي لا يتخلف بنصر رسله وأتباعهم من المؤمنين الصادقين سواء كان هذا النصر في الدنيا بأن تكون لهم الغلبة على أعدائهم بالحجة والقوة، أو كان هذا النصر في الآخرة بالنعيم المقيم في الجنة، فإننا لابد أن نشير ما تعانيه أمتنا الاسلامية في واقعنا المعاصر، من هزائم متتالية، وضربات مستمرة من أعدائها حتى أضحت الامة لا تكاد تخرج من أزمة حتى تدخل في أخرى،
إن القلب المسلم اليوم وهو يعاين ما مني به المسلمون ليذوب كمداً، ويتضاءل الجسم كبداً، وربما أظلمت الدنيا في وجوهنا ونحن نرى أمتنا تكبو بعد قوامة وقيادة، وتتعثر بعد كرامة وريادة، تتقاذفها أيادي الظالمين وتركلها أقدام المجرمين، ويسري في شرايينها لعاب المنية، ويصبغ جبينها غبار الدنية، وأبناؤها للأسف في لهوهم سادرون، وعن معين الإنقاذ شاردون، وإلى أوكار التفاهة سبّاقون، لا من قلة هانوا، ولا من ضعف لانوا، بل ينطبق عليهم قول جمال الدين الأفغاني رحمه الله للهنود يوم أن احتلتهم انجلترا : " لو كانت ملايينكم ذباباً يطنُّ في أذن الإنجليز لخرقتم آذانهم "، ولكن أين الخلل؟ وكيف نقيل العثرة، ونصوب الزلل؟ وإلى متى سنظل كماً مهملاً، وقطيعاً سادراً، وأضغاث أحلام؟، وهل نفيق من سكرة الخمول فتسطع شمسنا بعد الأفول؟ أم سوف تقرعنا أم عبد الله بن الأحمر يوم زجرت ولدها الذي سلم غرناطة للأسبان ثم بكى فقالت :
ابك مثل النساء ملكاً تولّى***لم تحافظ عليه مثل الرجال
إن هذه الأمة – والحق يقال – ما عقرت يوماً أن تنجب الجهابذة الأبطال، الذين يحملون مشاعل الأمل في دروب الصحراء المهلكة، ويبددون بنور الإيمان عتمة الليالي الحالكة، ويعيدون البسمة للثغور الذابلة، لا يعترفون بشرعية الذئاب، ولا بهيئة الظلم والإرهاب، قد جاءوا ليطببوا الآلام، ويزيحوا الركام، ويقشعوا الظلام، ليشرق فجر الأمن والسلام،
والأمة اليوم تنتظر بوله وشوق هذا الجيل القرآني الذي سينتشلها من أوهاق التلف والضلالة، إلى قبة الشرف والأصالة، باعثاً فيها روح عمر، وجرأة الصديق، وبسالة سعد وصولة خالد ........وغيرهم من هؤلاء الأبطال الذين شكلوا جيلا ما عرفت البشرية في تاريخها كله جيلا مثله، :
إن عُدَّ أهل التقى كانوا أئمتهم***أو قيل من خير أهل الأرض قيل همُ
ولعل المسلم يجلس أحياناً مطرقاً مقلِّباً منقِّباً معقود الجبين مقرون الحاجبين، يقلب كفه، ويخاطب نفسه : أوعائد سلطان الدين؟ وهل ستطبق أحكامه، وترفرف أعلامه، في ظل التآمرات الدولية، والتحالفات العدوانية؟ وكيف يكون ذلك والشعوب نائمة، وفي مسالك الضلال هائمة؟ حالها كقول القائل :
قطيع يساق إلى حتفه *** ويمشي ويهتف للجازرين
* أن من ثمرات هذه القاعدة إبراز حاجتنا الماسة إلى علو الهمة والتخلص من أوضار الهزيمة النفسية :
كل هذه التساؤلات ترد على ذهن المسلم العصري، فتحطم إن عُدم الثقة بربه عزيمته، وتضعف شكيمته، فينزوي بنفسه مستسلماً لليأس، نائياً عن الهمة والبأس، مع أن العلاج موجود، والمخرج غير مفقود، والآيات القرآنية التي تؤكد هذا المعنى أكثر من أن تحصى، وأبعد من أن تستقصى، وأنا أحيلك أيها القاريء إلى نموذج واحد فقط من تلك الآيات ففيه الكفاية والغنى لتغيير دفة حياتنا إذا ما استقر معناها في القلوب ونضح على الجوارح، أو ما قرأنا قول الله تعالى : {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } ( الزمر : 36 )، والمعنى كما جاء في التفسير : أليس الله بكاف عبده محمدًا وعيد المشركين وكيدهم من أن ينالوه بسوء؟ بلى إنه سيكفيه في أمر دينه ودنياه, ويدفع عنه مَن أراده بسوء, ويخوِّفونك -أيها الرسول- بآلهتهم التي زعموا أنها ستؤذيك. ومن يخذله الله فيضله عن طريق الحق, فما له مِن هاد يهديه إليه ( التفسير الميسر )،
وهكذا تبدأ الآية بصيغة الاستفهامٌ التقريري { أليس الله بكاف عبده }، والاستفهام التقريري يعني أن الله كافٍ عبده لاريب ولا محالة.. والمخاطب بهذا هو رسول الله ابتداء وهو يعلم ذلك علم اليقين ويقر به، وكذلك أصحاب النبي ومن تبعهم من المؤمنين ألى يوم القيامة فما من مؤمن إلا ويقر بهذا ولا ينكره وهذا هو معنى الاستفهام التقريري (4)،
فالله تعالى يكفي عبده، إنها حقيقة عقدية، وعبده هو الذي عرفه ؛ الذي عرف مقام الألوهيَّة، وعرف مقام العبوديَّة، عرف فقره وغنى ربًّه، عرف ضعفه وقوة ربه، عرف جهله وعِلم ربه، عرف حقيقة افتقار الإنسان إلى الله، وعرف عظمة الله عزَّ وجل، وعرف طلاقة القدرة، هذا العبد الذي عرف، وهذا العبد الذي أطاع، وهذا العبد الذي تقرَّب، هذا هو المقصود هنا،
يقول " النابلسي " : " فبعد أن تعرف، وبعد أن تستقيم على أمر الله، وبعد أن تتقرَّب إليه، الله جلَّ جلاله ألا يكفيك؟ ألا يكفيك أمر الدنيا؟ ألا يكفيك أمر خصومك؟ ألا يكفيك أمر أعدائك؟ ألا يوفِّقك إلى ما تحب وترضى؟ ألا ترى الأمور ميسَّرةً؟ هل يستطيع أحدٌ كائناً من كان أن ينال منك؟ كيف ينال منك وأنت مع الله، وكل من في الكون بأمر الله عزَّ وجل؟
هذه الآية تشمل كل مؤمن، لكنها تشمل - كما قال المفسِّرون - شمولاً أولياً النبي عليه الصلاة والسلام، فخصوم النبي، أعداء النبي، المشركون، الكفَّار لن ينالوا من النبي، لن يستطيعوا أن يطفئوا دعوة الله عزَّ وجل، لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً أمام هذا الدين العظيم، أمام هذا الطود الشامخ
لذلك هذه الآية إذا عقلها المؤمن تبثُّ في نفسه الطمأنينة، أنت مع من؟ أنت مع الخالِق وخصومك مع المخلوقين، أنت مع الرازق وخصومك مع المرزوقين، أنت مع من بيده ملكوت السماوات والأرض، أنت مع مَن كل من في الكون دونه، دونه في القوة، قوتهم من قوَّته، لا وجود لهم أمام وجوده (5)
قال ابن كثير : " فالله تعالى منيع الجناب لا يضام من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه، فإنه العزيز الذي لا أعز منه، ولا أشد انتقاما منه، ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله صلى الله عليه وسلم " (6)،
نعم الله تعالى يكفي عبده، فلماذا لا تكون همته في عنان السماء إذا أيقن بهذا المعنى واستقر في وجدانه وانعقد عليه قلبه، وجاءت كل أعماله وتصرفاته مترجمة لتلك العقيدة الراسخة، وهذه الآية تطمينٌ للنبي عليه الصلاة والسلام ولمن اتَّبع النبي، وتطمينٌ للمؤمنين إلى يوم الدين، هذه الآية لو عرفها المؤمنون حقَّ المعرفة، لو فهموا أبعادها، لو وضعوا أيديهم على مضمونها، لامتلأت قلوبهم طمأنينةً لا يعلمها إلا الله، وما المتاعب التي يعاني منها المؤمنون إلا بسبب تقصيرهم في عبوديَّتهم لله عزَّ وجل، هم يعبدون الله في بعض الأمور ولا يعبدونه في أمورٍ أخرى، هم لا يرون الله واحداً، لا يرون الله بيده كل شيء، يخافون من أشخاصٍ كثيرين، يرجون ما عند الناس ولا يرجون ما عند الله، فالضغوط التي يتحمَّلها المسلمون بسبب تقصيرهم في عبوديَّتهم لله عزَّ وجل، لو أنهم عبدوه لكفاهم كل مؤْنة، لكفاهم أمر دنياهم، لكفاهم أمر آخرتهم، لكفاهم خصومهم، لكفاهم هؤلاء الذين يكيدون لهم، ولكم في تاريخ المسلمين خير دليلٍ على هذه الآية، كلَّما كان المسلمون مع الله كان الله معهم، وكلَّما انحرفوا إلى الدنيا، وإلى الشهوات، وإلى حظوظهم، كلَّما قصَّروا في تطبيق أمر ربِّهم، كفاهم الله أمر أنفسهم بالتأديب، والتربية (7)
ونعود فنذكر بقول الله تعالى : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } ( غافر : 51 )، وقوله تعالى : { كتب الله لأغلبنّ أن ورسلي إن الله قوي عزيز} ( المجادلة : 21 )، وغيرها من الآيات التي تؤكد على ذات المعنى والمضمون، ولكن الأمر بحاجة إلى إيمان عميق، ويقين وثيق، ومثابرة دائبة، ونظرة للأمام صائبة، ونفس طويل، وحزم جليل، لأن الشرف يكون بالهمم العالية، لا بالرمم البالية، لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " لا تصغرن هممكم فإن القعود عن المكرمات من صغر الهمم، وكان يدعو في كل حين فيقول: اللهم إني أعوذ بك من عجز التقي وجلد الفاجر "،
فالهمم هي بذور النعم، وكاشفات النقم، ولا شك أن من كبرت همته، عظمت قيمته، ومن ركب جده، غلب ضده، والموت في دولة وعز خير من الحياة في ذلة وعجز، ولقد قالت العرب : " كلب جوال خير من أسد رابض "، ورحم الله ابن عقيل الحنبلي، بلغ ثمانين عاماً حتى شاب شعره، ومع ذلك يقول :
ما شاب حزمي ولا عزمي ولا خلقي***ولا ولائـــــي ولا دينـــــي ولا كرمــــي
وإنما اعتاض شعري غيــــر صبغته ***والشيب في الرأس غير الشيب في الهمم
ونحن اليوم بحاجة إلى جيل معطاء، يثابر ولا يكابر، يقاوم ولا يساوم، يخترق ولا يحترق، يوقع في العدو ولا يقع، يصنع لا يسمع الأخبار، حتى يتحقق الحلم المنتتظر، والوعد المرتقب، فيجلجل صوت حادينا في كل الارجاء هاتفا من الأعماق :
اللـــــــه أكرمني بظــــــل عقيدتي***هل يستطيع الخـــــــــــلق أن يشقوني
أبشر بنصر اللـــــــه وارقب عونه*** حق على الرحمن .. ربك بشّرا (8)
* أن العبرة بالايمان الحق وكمال الايمان :
وختاما فإننا نذكر بقاعدة جليلة ذكرها شيخ الاسلام " ابن تيمية " وتتعلق بباب الوعد والوعيد حيث يقول : " إن " باب الوعد والوعيد " هو في الكتاب بأسماء مطلقة للمؤمنين والصابرين والمجاهدين والمحسنين فما أكثر من يظن من الناس أنه من أهل الوعد، ويكون اللفظ في ظنه أنه متصف بما يدخل في الوعد لا في اعتقاد صدق الوعد في نفسه، وهذا كقوله : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد }، وقوله : { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } ..الآيتين، فقد يظن الإنسان في نفسه أو غيره كمال الإيمان المستحق للنصر وإن جند الله الغالبون ويكون الأمر بخلاف ذلك (9)،
* أن القرآن الكريم يثبت والتاريخ يشهد ويؤكد أن الله تعالى مع عباده المؤمنين :
وصفوة القول، فإن القاعدة التي سقناها هنا تشكل مع أخواتها اللاتي سبق لنا تناولها في الحلقات السابقة عقدا ناظما للمعاني والحقائق التي ينبغي أن تكون مركوزة في قلوب المسلمين وعقولهم، ومن تلك المعاني أن الله تعالى مع عباده المؤمنين، ينصرهم ويؤيد جهودهم ومساعيهم، ويثبت أقدامهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم سواء السبيل، والاعتقاد أن العاقبة للتقوى وللمتقين على الحقيقة، وأن الحق ثابت يعلو، وأن الباطل مدحور زاهق لا محالة، وبهذا جاءت النصوص القطعية الدلالة، كما أن التاريخ نفسه يشهد ويؤكد على تلك الحقائق، فلقد أصيبت الأمة الإسلامية بأدواء ونكبات متعددة منذ فجر تاريخها وإلى يوم الناس هذا، ولكنها استطاعت في مواقف ومراحل متعددة أن تتغلب على كل عوامل الضعف الداخلية، وعوامل الغزو الخارجية، واستطاعت أن تحول الهزائم إلى انتصارات، وأن تحول الضعف إلى قوة، والتفرق إلى وحدة…فهي أمة معصومة بفضل الله تعالى، بمعنى أنها لا تجتمع على ضلالة، فهي بمجموعها معصومة من الانحراف العام، ولا يستوعبها الخروج على أصل من أصول الدين، وهذا يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يجمع أمتي أو قال : أمة محمد على ضلالة، ويد الله مع الجماعة " ( أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي )، وهي امة باقية : فهي أمة خالدة إلى يوم القيامة، لن ينقطع وجودها حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فلن تستأصل بعذاب أو تستوعب بانحراف، بل تبقى طوائف منها تقاتل على الحق، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال قبيل قيام الساعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله يضرهم من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة " ( رواه الامام احمد في مسنده )، وهي امة ظاهرة : فالأصل أن تكون هذه الأمة ظاهرة ظافرة بعمومها، والاستثناء أن تستذل وتستضعف، قال تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } ( الأنبياء :105 )، وإذا لم يكن هذا الظهور عاماً في الأمة فلن يخلو زمان من طائفة من الأمة ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم (10)،
وبنظرة مدققة إلى تاريخ هذه الأمة نجد أن هذا التاريخ يثبت بوضوح أن الصحوات الكبرى في تاريخ هذه الأمة لم يصنعها إلا الإسلام العظيم، حين علت كلمته وتحرك الجند تحت رايته في مواطن كثيرة، لعلنا نذكر منها :
- حروب الردة : في عهد الخليفة الأول ،
- حروب الصليبيين : في عهود عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبي رحمهم الله تعالى،
- غزو التتار للعالم الإسلامي : فبعد أن دمروا بغداد وأسقطوا الخلافة العباسية… انتصر المسلمون على التتار مرتين :
الأولى : انتصروا عليهم عسكرياً في معركة حاسمة قادها سيف الدين قطز، في معركة عين جالوت في 25/رمضان/658هـ، أي بعد سنتين فقط من سقوط بغداد سنة 656هـ،
والثانية : انتصروا معنوياً، حين دخل التتار في الإسلام باختيارهم، وسجل التاريخ لأول مرة دخول الفاتحين الغالبين في دين المغلوبين، وتلك واحدة من معجزات الإسلام العظيم.
وأخيرا : لقد كان الإسلام، في ظروف تخلف المسلمين في عصرنا، هو المحرك للجماهير في معارك تحرير الأوطان الإسلامية من الاستعمار.(11)،
* أن الشك في وعد الله بالنصر لرسله وعباده المؤمنين هو من سوء الظن بالله :
فعلى المسلم أن يكون واعيا بأن الشك في وعد الله عزو وجل بنصر رسله ونصر المؤمنين هو من سوء الظن بالله تعالى، الذي ينافي التوحيد، وقد نهى الله عنه نهيا حاسما جازما كما جاء في قول الله تعالى : {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله }( آل عمران : 154 )، وقوله تعالى : {الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }( الفتح : 6 }،
قال الامام " ابن القيم " رحمه الله في الآية الأولى : " فسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة ؛ فـ { ....ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ }، وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده، فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت؛ لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة *** وإلا فـــــإني لا إخـــــالك ناجيــــا (12)
نسأل الله تعالى أن يأذن للاسلام أن يسود، وأن يأذن الله لدينه ولشريعته أن تحكم، فهو ولي ذلك والقادر عليه سبحانه،
وإلى اللقاء في حلقة قادة حول قاعدة أخرى من قواعد النصر في كتابه الكريم،
******************
الهوامش والاحالات :
============
(1) - الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " التحرير والتنوير "، الطبعة التونسية، دار سحنون للنشر والتوزيع - تونس - 1997 م، ج24، ص ص : 168 – 169،
(2) – مؤمن آل فرعون : هو الذي جاءت قصته في سورة غافر، في قول الله تعالى : { {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُومُسْرِفٌ كَذَّابٌ} ( غافر : 28 )، قال ابن كثير رحمه الله : المشهور أن هذا الرجل المؤمن كان قبطياً من آل فرعون، ... وقد كان هذا الرجل يكتم إيمانه عن قومه القبط فلم يظهر إلا هذا اليوم حين قال فرعون {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ} ( غافر: 26 )، فأخذت الرجل غضبة لله عز وجل ؛ وحاور فرعون في شأن موسى عليه السلام، وختم محاورته بقوله : {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. فَوَقَاهُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} ( غافر: 44 -45 )، فقد دلت هذه الآية الكريمة، على أن فرعون وقومه أرادوا أن يمكروا بهذا المؤمن الكريم وأن الله وقاه، أي حفظه ونجاه، من أضرار مكرهم وشدائده بسبب توكله على الله، وتفويضه أمره إليه، أنظر :
- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم "، تحقيق : سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ / 2000م، تفسير سورة غافر،
(3) - ناصر الماجد : " تفسير سورة غافر - المجلس الثالث "، دورة الأترجة القرآنية، المصدر : http://islamiyyat.3abber.com/post/308139
(4) – الاستفهام التقريري : هو حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه وإلجائه إليه، أي بما يعرفه ثبوتا أو نفيا، أنظر :
- عبد الكريم محمد يوسف : " أسلوب الإستفهام في القرآن الكريم: غرضه، إعرابه "، مكتبة الغزالي ، دمشق، ط1، 2000م،
(5) - محمد راتب النابلسي : " التفسير المطول - سورة الزمر، الدرس (13-20): تفسير الآيات 36-41، من كان مع الله كان الله معه "، بتاريخ :16 /4/ 1993م، المصدر : www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=1695
(6) - أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ( 700 -774 هـ ) : " تفسير القرآن العظيم "، تحقيق : سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ / 2000م، تفسير الآية،
(7) – محمد عبد السلام النابلسي : " مرجع سبق ذكره "،
(8) – " نحو جيل يستدرك الخلل " : المصدر :
site.iugaza.edu.ps/mjeledan/files/نحو-جيل-يستدرك-الخلل.doc
(9) - انظر : شيخ الإسلام أحمد بن تيمية : " مجموع الفتاوى "، جمع وترتيب : الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وابنه الشيخ محمد، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، المدينة النبوية، بدون تاريخ، ١٤١٢ هـ، ج ١٥، ص : 195،
(10) – أنظر : " صفحات مهمة من تاريخ الامة "، مجلة السنة، العدد : 40، المحرم : 1415م، ص ص : 101 - 103، المصدر على الشبكة العنكبوتية :
http://sunah.org/main/3291-4-
(11) - متولي موسى : " الجديد في العمل الاسلامي (2) "، مجلة الرائد، الدار الاسلامية للإعلام، ألمانيا، العدد : 188، أبريل : 1997م،
(12) - الشيخ صالح بن فوزان الفوزان : " إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد "، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1423هـ 2002م، ج 1، ص : 241،
*********************************

--------
أ.د/ أحمد بشير – جامعة حلوان، القاهرة


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تأملات، النصر الإلاهي، الفاعلية، العمل الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  محاضرة تمهيدية حول مقرر مجالات الخدمة الاجتماعية والرعاية الاجتماعية لمرحلة الدراسات العليا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -44- الميثاق الاخلاقي للخدمة الإجتماعية Social Work Code Of Ethics
  وقفات مع سورة يوسف - 5 - المشهد الأول - رؤيا يوسف – أحد عشر كوكبا
  من روائع مالك بن نبي -1- الهدف أن نعلم الناس كيف يتحضرون
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -43- خدمة الجماعة المجتمعية : Community Group Work
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -42- مفهوم البحث المقترن بالإصلاح والفعل Action Research
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -41- مفهوم التقويم Evaluation
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -40- مفهوم التجسيد – تجسيد المشاعر Acting out
  نفحات ودروس قرآنية (7) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 7 ثمان آيات في سورة النساء ....
  نفحات ودروس قرآنية (6) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 6 ثمان آيات في سورة النساء .... أ
  من عيون التراث -1- كيف تعصى الله تعالى وانت من أنت وهو من هو من نصائح ابراهيم ابن ادهم رحمه الله
  وقفات مع سورة يوسف - 4 - أحسن القصص
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 5 ثمان آيات في سورة النساء ....
  طريقتنا في التفكير تحتاج إلى مراجعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -39 - الانتقائية النظرية في الخدمة الاجتماعية Eclecticism
  قرأت لك - 1 - من روائع الإمام الشافعي
  نماذج من الرعاية الاجتماعية في الإسلام – إنصاف المظلوم
  وقفات مع سورة يوسف - 3 - قرآنا عربيا
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -38- مفهوم التقدير في التدخل المهني للخدمة الاجتماعية Assessment
  الشبكات الاجتماعية Social Network
  نفحات قرآنية ( 4 ) ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة 4 ثمان آيات في سورة النساء ....
  وقفات مع سورة يوسف - 2 - تلك آيات الكتاب المبين - فضل القرآن الكريم
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -36- مفهوم جماعة النشاط Activity Group
  رؤية تحليلية مختصرة حول الإطار النظري للخدمة الاجتماعية (9)
  وقفات مع سورة يوسف - 1 - مع مطلع سورة يوسف " الر " والحروف المقطعة
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -35- مفهوم الهندسة الاجتماعية Social Engineering
  نفحات قرآنية ابن عباس ونماذج من العطاءات القرآنية للأمة المحمدية 3 ثمان آيات في سورة النساء ....
  قائمة مختارة لمصطلحات الخدمة الاجتماعية -34- مفهوم التثاقف – او المثاقفة - التثقف Acculturation
  من عجائب القران – نماذج وضاءة لجماليات الأخلاق القرآنية
  من عجائب القرآن الكريم والقرآن كله عجائب –1- الأمر بالعدل والندب إلى الاحسان والفضل في مجال المعاملات

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
علي عبد العال، طلال قسومي، صلاح المختار، كريم السليتي، إيمى الأشقر، أبو سمية، مصطفى منيغ، علي الكاش، د. صلاح عودة الله ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد عمر غرس الله، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، د. أحمد محمد سليمان، د- جابر قميحة، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، عراق المطيري، أحمد ملحم، جاسم الرصيف، د - شاكر الحوكي ، د - مصطفى فهمي، أحمد بوادي، محمد اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، ياسين أحمد، صفاء العربي، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد يحي، رافد العزاوي، محمد أحمد عزوز، صفاء العراقي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد الطرابلسي، صباح الموسوي ، د. عبد الآله المالكي، د- محمود علي عريقات، فهمي شراب، سيد السباعي، د- هاني ابوالفتوح، سلوى المغربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، تونسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي الزغل، سفيان عبد الكافي، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، إياد محمود حسين ، رحاب اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، سامر أبو رمان ، عبد الغني مزوز، عزيز العرباوي، مجدى داود، محمود سلطان، عمار غيلوفي، العادل السمعلي، منجي باكير، الهيثم زعفان، حميدة الطيلوش، كريم فارق، د.محمد فتحي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، محرر "بوابتي"، نادية سعد، أ.د. مصطفى رجب، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، سامح لطف الله، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، يحيي البوليني، عبد الرزاق قيراط ، رضا الدبّابي، د- محمد رحال، د - صالح المازقي، محمد شمام ، يزيد بن الحسين، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، مراد قميزة، د - محمد بن موسى الشريف ، مصطفي زهران، المولدي الفرجاني، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، وائل بنجدو، د - عادل رضا، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، حسن عثمان، أحمد الحباسي، محمود طرشوبي، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، حاتم الصولي، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، رمضان حينوني، فوزي مسعود ، رافع القارصي، د. خالد الطراولي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صالح النعامي ، محمد العيادي، عمر غازي، الناصر الرقيق، د - الضاوي خوالدية،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة