البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (2)
فلسطين تتحد

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3585


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الانتفاضة دائماً، الأولى والثانية والثالثة اليوم، فعلٌ مباركٌ، وعملٌ عظيمٌ، ومقاومةٌ محمودة، وعطاءٌ موصول، وجهدٌ موفور، ونفيرٌ عامٌ، وقوةٌ كبيرة، وشجاعةٌ لافتة، وهي بالخير تأتي على الشعب والأمة، وعلى الوطن والبلاد، وعلى العامة والخاصة، إذ يفيض خيرها، ويعم فضلها، ويمتد ظلها، وتسود منجزاتها، وتتعاظم استحقاقاتها، وتتوالى نتائجها الطيبة، وما تأتِ به من خيرٍ شامل، وفضلٍ سابغٍ تعجز عن الإتيان به السياسة والمفاوضات، والسلطة والحكومة، والقوى والفصائل والأحزاب، التي تستظل بظل الانتفاضة، وتتفيأ تحت ظلالها الوارفة، تستفيد منها وتكسب، وتغنم منها وتتعلم، وتحاول أن تتقدمها وتسبق، أو تلحق بها ولا تتأخر، إذ أن الخاسر هو من فاتته الانتفاضة ولم يلحق بها ولم يشارك فيها.

الانتفاضة توحد الشعب، وتجمع الكلمة، وترطب القلوب، وتصفي النفوس، وتجمع الشتات، وتقرب البعيد، وتنسي الهموم، وتقضي على المشاكل وتستر العيوب، فهي ذات فعلٍ عجيبٍ وأثرٍ كالسحر، تجمع المتناقضات، وتوحد بين المتضادات، وترفع الصوت وتجعل منه صوتاً واحداً، قوياً مجلجلاً، يخيف ويرعد، ويدوي ويهدد، ويؤكد أن هذا الشعب بخيرٍ وإن أصابته هنات، أو قعد ولحقت به على مر الأيام سقطاتٌ، فإنه دوماً ينهض، وغالباً يستفيق، ويعود أقوى من ذي قبل، وأشد بأساً وأصعب مراساً مما كان، فلا يقوى عليه العدو ولا يلجمه، ولا يشكمه ولا يرعبه، بل يخافه ويتحسب منه.

الفلسطينيون في كل مكانٍ من أرض الوطن فلسطين وقفوا اليوم لأجل القدس، وهبوا لنصرتها، واتحدوا في الدفاع عنها، فلم يغضب لأجل القدس ساكنوها ومجاوروها في الضفة الغربية فقط، ولم تجد القدس وبلداتها القديمة الصامدة أنفسهم وحيدين في الميدان، ضعفاء في المواجهة، يواجهون صلف الاحتلال دون سندٍ أو نصير، وإن كانت هبتهم عظيمة، واستبسالهم مهول، وتحديهم كبير، وغضبهم جارف، واندفاعهم جريء، فكانوا جديرين بنسائهم ورجالهم، وشيبهم وشبابهم، أن يكونوا حماةً للأقصى، وحراساً للقدس.

بل هبت معهم وقبلهم جنين وطولكرم، ونابلس والخليل، وبيت لحم ورام الله، وقلقيلية وجنين، ومعهم كل المخيمات والبلدات والقرى، في هبةٍ جماهيريةٍ أعادت للفلسطينيين صور الانتفاضة الأولى الناصعة، التي كانت تنتضي في تظاهراتها كالسيوف اللامعة، تواجه بصدورها العارية الدبابة والبندقية، والجندي المدجج بالسلاح وكأنه في ميدان حربٍ أو ساحة قتال، فكانوا سباقين قبل غيرهم، ليقولوا للقدس وأهلها أننا معكم ومنكم، يدنا فوق أيديكم، وقلوبنا وسيوفنا معكم، وحجارتنا إلى العدو تسبقكم، ولن يمنعنا عن نصرتكم قتلٌ ولا قنصٌ، ولا إعدامٌ غادرٌ وتصفياتٌ جبانة.

أما غزة البعيدة عن القدس، والمعزولة عنها بأسوار الاحتلال العالية، وجدرانه السميكة، وسياساته الظالمة، التي تحرمهم من التواصل مع أهلهم، والصلاة في مسجدهم، والمشاركة في الرباط معهم، فإنها هبت من خلف الأسلاك الشائكة، التي تفصل بينها وبين جنود الاحتلال، وحمل شبابها الحجارة، وقذفوا به وجوه العدو، مستعيدين مجد آبائهم، وتضحيات إخوانهم، وهم في أغلبهم شبابٌ يافعٌ ما شهد الانتفاضة الأولى، ولا عاش أيامها الماجدات، ولا ناله شرف حمل حجارتها، والخوض في رماد شوارعها، ولا ذرفت عيونه الدموع من أثر قنابل الغاز المسيلة للدموع التي كان جيش الاحتلال يغرق غزة ويخنق سكانها به.

ولكن هذا الجيل من الشباب شهد حروباً ضروساً، ومعارك طاحنة، وصمد أمام القصف والغارات الجوية المهولة، وتحمل الحصار والحرمان والمعاناة، وثبت أمام همجية العدوان، ورسم لشعبه صوراً عظيمةً في المقاومة والهجوم والمباغتة، فكان خروجه في مواجهة جنود الاحتلال ولو من وراء الأسلاك الشائكة، نصرةً للقدس وأهلها، ودفاعاً عن المسجد الأقصى وحق المسلمين فيه، ورسالةً صارخةً قويةً مدويةً أن غزة جزءٌ من الوطن فلسطين، وأنه لا تنبت عن أهلها، ولا تنفصل عن وطنها، وأنها تهب نصرةً للقدس مع سكانها، وتضحي في سبيلها، لأنها تؤمن أن القضية واحدة، والوطن واحدٌ، كما أن العدو المحتل الغاصب واحدٌ.

أما الأهل في أرضنا المحتلة عام 48، في حيفا ويافا، وفي اللد والرملة، وفي النقب والناصرة وغيرها، فقد كانوا أسبق منا وأسرع، وهم الذين هبوا للرباط في المسجد الأقصى قبل أهله، والدفاع عنه قبل جيرانه، وسقط منهم فيه شهداء، وقتل على الطريق أثناء عودتهم في حوادث سيرٍ كثيرون، ولكن الموت لم يمنعهم من مواصلة الرباط، وممارسات الاحتلال واستدعاءات شرطته لم تخيفهم، ولم تقلل من أعداد الوافدين الراغبين في المشاركة ونيل فضل الرباط وبركة المقاومة، وقد شاركوا هبة القدس جميعاً، ليقولوا للمحتل الإسرائيلي، إننا عرب مسلمون، لغتنا عربية، وديننا الإسلام، وكتابنا القرآن، ما نسينا ولن ننسَ.

لا شئ كالانتفاضة يوحد فلسطين وأهلها، ويرسم لهم صورةً جميلةً براقة، ناصعةً زاهيةً، يتغنى بها أهلها ويفرحون، ويباهون بها ويتيهون، ويقولون لغيرهم هذه هي فلسطين الأصيلة، وهذا هو شعبها الكريم، وهذه هي حقيقتنا التي كنتم تعرفون وتدعمون، وهذه هي انتفاضتنا التي كنت تؤيدون وتساندون، وها هم اليوم صفاً واحداً، وجبهةً موحدةً، لا انقسام بينهم، ولا فرقةً تمزقهم، ولا اختلافات تباعد بينهم، فاللهم انصرهم وأيدهم، واحفظهم وبارك في جهدهم، واحفظ عطاءهم وتضحياتهم، واحم بدمائهم القدس والأقصى، وأعد إلينا الأسرى والمسرى.
----------
بيروت في 11/10/2015


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، إنتفاضة الأقصى، الإغتيالات بالقدس، المستوطنون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-10-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود فاروق سيد شعبان، د - محمد بنيعيش، سفيان عبد الكافي، تونسي، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مجدى داود، د. أحمد محمد سليمان، رافع القارصي، د - المنجي الكعبي، حميدة الطيلوش، أحمد النعيمي، د - عادل رضا، محمد يحي، محمد اسعد بيوض التميمي، علي الكاش، د- هاني ابوالفتوح، كريم السليتي، د. خالد الطراولي ، عبد الله زيدان، عمار غيلوفي، خبَّاب بن مروان الحمد، صباح الموسوي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، سليمان أحمد أبو ستة، علي عبد العال، صلاح المختار، د - الضاوي خوالدية، مصطفي زهران، صلاح الحريري، الهادي المثلوثي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إسراء أبو رمان، عراق المطيري، مراد قميزة، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، كريم فارق، فتحي العابد، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، محمد شمام ، منجي باكير، خالد الجاف ، فوزي مسعود ، صفاء العربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، إيمى الأشقر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، يحيي البوليني، أبو سمية، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد العيادي، د- محمود علي عريقات، محرر "بوابتي"، ياسين أحمد، عزيز العرباوي، رافد العزاوي، سامح لطف الله، صفاء العراقي، عبد الله الفقير، عبد الغني مزوز، عمر غازي، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، محمد أحمد عزوز، طلال قسومي، سلام الشماع، د - محمد بن موسى الشريف ، د - مصطفى فهمي، سامر أبو رمان ، أحمد ملحم، وائل بنجدو، فتحـي قاره بيبـان، ماهر عدنان قنديل، د - شاكر الحوكي ، أحمد بوادي، رشيد السيد أحمد، عبد الرزاق قيراط ، ضحى عبد الرحمن، حاتم الصولي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، نادية سعد، الهيثم زعفان، محمود سلطان، فهمي شراب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلوى المغربي، د - صالح المازقي، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، د. أحمد بشير، د. صلاح عودة الله ، صالح النعامي ، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، أ.د. مصطفى رجب، الناصر الرقيق، العادل السمعلي، د- جابر قميحة، رضا الدبّابي، رمضان حينوني، سعود السبعاني، محمد الياسين، فتحي الزغل، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، إياد محمود حسين ، مصطفى منيغ، محمد الطرابلسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة