البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (1)
انتفاضة القدس الثانية

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3589


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


إن كانت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى التي أطلق عليها اسم "انتفاضة الحجر"، قد حققت الهوية الفلسطينية، وأجبرت الكيان الصهيوني والعالم على الاعتراف بالشعب الفلسطيني، والتعامل معه على قدم المساواة مع الشعوب الحرة الأخرى، والإقرار بحقه في أن تكون له دولةٌ ووطن، ووجودٌ على الأرض ورسمٌ على الخارطة، ومكنت الشعب الفلسطيني من أن تكون له كينونة حقيقية داخل الوطن، وصوتٌ عالٍ خارجه، وأن يرفع علم بلاده في سماء وطنه، وأن يصدح في أجوائه بالنشيد الوطني الفلسطيني، وأن يكون له هوية خاصة معترفٌ بها، وجواز سفرٍ محترم محترمٌ ومقدر، وأن تكون له مؤسسات خاصةٌ وهيئاتٌ وطنيةٌ مستقلة، لا تلتزم تعليمات الاحتلال ولا تخضع لإرادته.

وإن بدت هذه الإنجازات وغيرها وكأنها إنجازات اتفاقية أوسلو، فإنه ما كان لها أن تكون، ولا أن يصدق عليها ويوقع، وما كان لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن تعود إلى أرض الوطن، بصفاتها وأشخاصها، وقادتها ورموزها، وما كان العدو ليرضخ ويقبل، ويستسلم ويوقع، لولا انتفاضة الحجر، التي رفعت القضية الفلسطينية إلى مصاف القضايا الأممية الكبرى، وجعلت من الحجر رمزاً لكل ثورة، ومثالاً لكل الثائرين الغاضبين الساعين لنيل حقوقهم، والانتصار على أعدائهم، وجعلت من الأطفال أبطالاً، ومن تلاميذ المدارس رجالاً يخوضون الصعب ويصنعون المستحيل، ويواجهون الموت ويتحدون آلة القتل الهمجية، بقوةٍ جنانٍ لا يتردد، وبأسٍ لا يلين، رسمها وخلد صورتها فارس عودة وآخرون.

أما الانتفاضة الثانية التي جاءت انتصاراً للأقصى الشريف ومسرى رسول الله الكريم، والتي كانت غضباً من اليهود المحتلين، الغاصبين المعتدين، الذين دنس كبيرهم أرئيل شارون الحرم باقتحامه آنئذٍ، قبل أن يكون رئيساً للحكومة الإسرائيلية فيما بعد، فكانت انتفاضة الأقصى التي عمت فلسطين، وشملت الوطن، وطورت المقاومة، ونهضت بالإرادة، وصنعت المعجزات، وأرهبت العدو العالم بعملياتٍ استشهاديةٍ مروعة، وأخرى نوعية مرعبة، وشكلت سهماً من المقاومة صاعداً لا يتوقف، ونجماً في سماء فلسطين لا يغيب، وسباقاً محموماً بين القوى والشعب وأبنائه لا ينتهي، يبتدعون وسائل القتال ويبتكرون آلات المقاومة، وكثرت أوجاع العدو جراحه، وعلا صوته وطال نحيبه، وبات لا يعرف من أين تأتيه المفاجأة، وكيف يحل عليه الموت، وتنزل فوق رؤوس مستوطنيه الحمم، ومن تحت أقدامهم تتزلزل الأرض وتشتعل.

رغم أن العدو الصهيوني قد جن جنونه، واشتعل الشيب في رؤوس قادته، إلا أنه شيب رعب وليس شيب حكمةٍ، فقاموا بتدمير أجهزة السلطة ومؤسساتها، ومقراتها ومكاتبها، ووزارتها وهيئاتها، وقتلوا الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، واجتاحوا قطاع غزة مجدداً، وقسموه إلى مناطق وقطاعاتٍ عسكرية، ولكنهم فجأة من القطاع انسحبوا، وجروا أسلحتهم وحملوا متاعهم، ومن قبل فككوا مستوطناتهم ورحَّلوا مستوطنيهم، ولم يبقوا لهم في غزة على أثر، بل رحلوا كأن لم يكونوا، وانسحبوا وفي نياتهم أنهم لا يستطيعون أن يعودوا.

ما كان للعدو الصهيوني أن ينسحب من قطاع غزة مرغماً ذليلاً حسيراً وبأمرٍ من قائدٍ عسكري كبير، وجنرالٍ مشهودٍ له القسوة والشدة، لولا انتفاضة الأقصى التي أرغمته على اتخاذ قراراتٍ موجعة، والمضي في سياساتٍ مؤلمة، ومنها تفكيك مستوطناته في القطاع التي كان يسميها تارةً بأنها تاريخيةً، وتارةً بأنها أمنية ولا يمكن الاستغناء عنها أو التخلي عنها، فهي على الساحل تتحكم، وفي العمق تسيطر، وعلى الأطراف تراقب، ولكن انتفاضة الشعب العملاق، الثائر الحانق، بالصاروخ والقذيفة، والاستشهادي والمقاتل، والمدية والسكين، والبلطة والصاروط، أجبرهم على الرحيل والغروب إلى الأبد.

أما الانتفاضة الثالثة التي ما زالت برعماً يتشكل، ونواةً تكبر، وخليةً تتكاثر، ومارداً ينهض، فإنها ستكون هذه المرة مختلفة، وستكون ثمرتها مغايرة، ونتيجتها أعظم، وتداعياتها أفضل وأحسن، بما لا يجعلنا نندم أو نتراجع، لأنها انتفاضةٌ عن وعيٍ وفهمٍ، وإرادةٍ وتصميمٍ، ورؤيةٍ وبصيرة، وهي نتاج التطور والتقدم، والإيمان والعقيدة، والعمل والجهاد، وأبطالها الشعب كله، الرجال والنساء، والشباب والشابات، والصبية والأطفال، كلهم معاً، يلتحمون في أطراف الوطن كله، جنوباً في غزة الحرة، وشمالاً حيث الصمود والثبات، ووسطاً حيث القلب والجمرة التي تتقد دوماً ولا تنطفئ، وتتهيأ دائماً ولا تنخمد.

إنها انتفاضةٌ جديدة، مغايرة ومختلفة، وقودها الإيمان والعقيدة، ودافعها الغيرة والغضب، وتطلعاتها الحرية والوطن والاستقلال، فسيكون لرجالها ما يريدون، وستحقق ما تحب وتتمنى، ولن يقف في وجهها صلف الاحتلال ولا تطرف المستوطنين، ولا حقد الجيش وانتقام الجنود، فهذا لن يزيد الشعب المؤمن إلا إصراراً، والأمة إلا ثباتاً، فهي مع الشعب الفلسطيني اليوم تتطلع وترنو، وتأمل أن تكون ثورته اليوم انعتاق، وانتفاضته كرامه، وخروجه انتصاراً، وهذا ما يعلمه العدو ويدركه، ويخافه ويخشاه، ولكن المسير يلزمه خطة، والانطلاق يلزمه عزمٌ ونية، والعمل يباركه الصدق والإخلاص.

يتبع .....


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، إنتفاضة الأقصى، الإغتيالات بالقدس، قتل المستوطنين52،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-10-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إيمى الأشقر، الهيثم زعفان، محمد العيادي، أحمد بوادي، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، نادية سعد، سامح لطف الله، عزيز العرباوي، محمود سلطان، سليمان أحمد أبو ستة، مجدى داود، عمار غيلوفي، صباح الموسوي ، رمضان حينوني، د - عادل رضا، صفاء العراقي، الهادي المثلوثي، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله الفقير، د - المنجي الكعبي، د - صالح المازقي، ماهر عدنان قنديل، طلال قسومي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، منجي باكير، تونسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أبو سمية، د - مصطفى فهمي، د- جابر قميحة، عبد الغني مزوز، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفى منيغ، أحمد النعيمي، عبد الرزاق قيراط ، د. طارق عبد الحليم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فوزي مسعود ، محمد الطرابلسي، كريم فارق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد أحمد عزوز، د - محمد بنيعيش، العادل السمعلي، د. مصطفى يوسف اللداوي، فهمي شراب، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، وائل بنجدو، محمد شمام ، فتحي الزغل، إياد محمود حسين ، الناصر الرقيق، ياسين أحمد، صالح النعامي ، د. أحمد بشير، أنس الشابي، علي الكاش، فتحي العابد، رافع القارصي، حاتم الصولي، د. عبد الآله المالكي، صفاء العربي، سفيان عبد الكافي، عمر غازي، سلام الشماع، يحيي البوليني، أحمد الحباسي، محمد يحي، جاسم الرصيف، د.محمد فتحي عبد العال، حسن الطرابلسي، مصطفي زهران، صلاح المختار، عبد الله زيدان، د- محمود علي عريقات، سامر أبو رمان ، عراق المطيري، علي عبد العال، سيد السباعي، محمد الياسين، سلوى المغربي، د- محمد رحال، رافد العزاوي، صلاح الحريري، أحمد ملحم، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، حميدة الطيلوش، كريم السليتي، خالد الجاف ، د. أحمد محمد سليمان، محمد عمر غرس الله، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- هاني ابوالفتوح، عواطف منصور، محمود طرشوبي، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن، د - شاكر الحوكي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، رضا الدبّابي، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، محمود فاروق سيد شعبان، رشيد السيد أحمد، د - محمد بن موسى الشريف ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة