البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التهدئة بين الموجود والمفقود

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3456


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


منذ أن تم التوقيع على اتفاق التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل، ضمن وقف إطلاق نار ضمني في أواخر شهر أغسطس/آب الماضي بوساطة مصرية، فقد دأبتا على الحفاظ عليه على مدى الأيام، حتى في ظل مواصلتهما تهديداتهما المتبادلة، من أنهما مستعدتان لإشعال الحرب من جديد، وحتى في ضوء قيام جهات سلفيّة فلسطينية بمحاولة تكدير الوضع ضد حماس باعتبارها عدو، ومحاولة إسرائيل تحميلها المسؤولية، باعتبارها هي من تقوم بإدارة المكان.

ومن ناحيةٍ أخرى، وبرغم قيام كل منهما، بنفي الأنباء الواردة حول محاولتهما إنشاء تفاهمات لتهدئة مُزمنة، إلاّ أن نشاطاتهما وسواء التكتيكية أو الاستراتيجية، تقود إليها كحقيقية لا تحتاج إلى التخبئة، حيث أن نفيهما كان رقيقاً وغير كافياً لأن يقتنع به أحد، وفي ضوء كثرة من المتربصين الذين لم يسكتوا عن التفتيش برهة واحدة عمّا يدور خفيّة، والذي يجري بوساطة غربيّة، حيث أصبح بالوسع منذ الآن، الاستنتاج بحدوثها كحقيقة واقعة، وخاصةً في أعقاب قيام "أسامة حمدان" عٌضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات الخارجية التابع لحركة حماس، بأن الحركة تسلّمت أفكاراً مكتوبة تتعلق بملف التهدئة، وهي بصدد وضع اللمسات الأخيرة بشأن توقيع اتفاق.

في حالات كثيرة تتطلب المفاوضات بشأن أيّة مسألة على السرّية، لاعتبارات كثيرة ومختلفة، وهو ما حدث لهذه التفاوضات باعتبارها أكثر حسّاسة، ولا تقل صعوبة عن مفاوضات وقف الحرب، بسبب أنها مبنيّة أيضاً على حسابات (مكاسب – تكاليف) وباعتبار الوصول إليها بمثابة (إنجاز أو إخفاق)، ففي كل حالة مشابهة، تُجري الأطراف بطبيعتها حروباً تحاوريّة سرّية وخطِرة في ذات الوقت، وهي لذلك تستعمل جهات أخرى خارجيّة، وسواء كانت منتفعة أو مُحايدة، وتتبع سبُلاً ربما لا تخطر على بال أحد، وهي وإن أدّت إلى خلل أو إلى تعقيدات دبلوماسيّة، لكن في النهاية يكون اتفاق، وخاصة في حال وجود دوافع مركزيّة لإرسائه.

دوافع الركض نحو التهدئة، لدى كل من حماس وإسرائيل، علاوةً على أنها موجودة، فإنها مُتكافئة أيضاً، كما دلّت عليه وضمنته نتائج ليس عدوان (الجرف الصامد) في يوليو/تموز الماضي بمفرده فقط، بل ضمنته نتائج جملة العدوانات الإسرائيلية الفائتة، حين قيّمها الخبراء بأنها كذلك، بمعني أن هناك إنجازات وإخفاقات متبادلة ومتساوية تقريباً، وساوت بينهما تقارير محلية ودولية بشأن ارتكابهما جرائم حرب أيضاً.

تأتي الدوافع الإسرائيليّة، من ناحية أنها تريد وقف السّاعة، التي بدأت تدور ضدّ حساباتها، ففي العالم باتت تئن تحت وطأة تهديدات مختلفة، من المقاطعة والعزل، وتلك التي في النهاية تصبّ باتجاه نزع الشرعيّة عنها، كما أنها تبحث متلهفة، عن شيء من الاستقرار الداخلي بمستوياته المختلفة، ومن ناحيةٍ أخرى، فإنها تريد الحفاظ على الوضع الفلسطيني كما هو، من حيث الانقسام وإلى ما لا نهاية، إضافة إلى أن عدم موافقتها على كل اشتراطات حماس، وبما لا يجعلها تتخلّى عن فكرة التهدئة، هي من المحاسن التي تراها مناسبة، ويمكن إضافة أن التطورات الدبلوماسية الإيجابيّة مع بعضٍ من الدول العربية، وبخاصّة المملكة السعودية، باعتبارها إنجازاً خارقاً أيضاً.

وكان شدد الكثيرون داخل القيادة الإسرائيلية على الضرورة الماسّة، لتوقيع اتفاق تهدئة ولو ليومٍ واحدٍ فقط، وإن بحجّة إعادة إعمار القطاع كحجّة دامغة، وكان الرئيس الإسرائيلي "رؤوفين ريفلين"، قد صرّح بأن إعمار القطاع هو مصلحة إسرائيلية في الباب الأول، كما أن رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو" مقتنع بذلك، وإن استند على توصيات المؤسسة العسكرية، التي قالت بقبول التهدئة وإعادة الإعمار باعتبارهما الأساس لضمان الهدوء مستقبلاً.

دوافع حماس أيضاً، تبدو مناسبةً لها، تبعاً للواقع المُعاش بعامّته، وخاصةً في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير وما لحق به من تداعيات وتعقيدات مبرمة، فكما هي مهتمّة برفع الحصار والذي لا يغيب عنها في السر والعلن، باعتبار الحصول عليه يمثّل إنجازاً فخماً، فهي بحاجة إلى تقييم نفسها سياسياً وعسكريّاً من جديد أيضاً، كما ويفتح المجال أمامها، نحو إمكانية تعبيد منظومة دبلوماسيّة مع الخارج للبناء عليها من لحظة التوقيع عليه فصاعداً.

في نظر السلطة الفلسطينية، وبرغم دأبها طوال المدّة الفائتة، على نيّة التصدّي ومواجهة أيّة اتفاقات من هذا النوع، وفي ظل مطالباتها الفائتة بضرورة رفع الحصار، لتمكين السكان من استرجاع أنفاسهم، فإن ذلك الاتفاق يبدو حسناً لديها، وإن كان مشروطاً بأن لا يمس من قريبٍ أو بعيد وحدة الفلسطينيين، وأن لا يكون تمهيداً للقبول بدولة ذات حدود مؤقتة.

وإن كان هذا النظر مقبول لدى حماس، وبإضافة أنها- وحتى في ضوء سماعها بأن هناك فصائل فلسطينية مُعارضة- تأخذ على نفسها مراعاة أخذ رأي تلك الفصائل، قبل التوقيع على أي اتفاق، لكنها لن يكون بمقدورها، العودة إلى ما كانت عليه بشأن المصالحة الوطنيّة، وذلك في حال لم تكن هناك حوافز أفضل من ذي قبل، والتي تسعى إلى ضمانها، باعتبارها لديها تُمثّل الإنجاز التالي الكبير.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

التهدئة، إسرائيل، حماس، فلسطين، المقاومة الفلسطينية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-06-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، د. أحمد بشير، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بن موسى الشريف ، د. صلاح عودة الله ، محمود فاروق سيد شعبان، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، رافع القارصي، فوزي مسعود ، صفاء العراقي، منجي باكير، د- محمد رحال، محمد الطرابلسي، د - عادل رضا، ضحى عبد الرحمن، يحيي البوليني، د - شاكر الحوكي ، د. أحمد محمد سليمان، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سيد السباعي، عبد الله الفقير، رحاب اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، عبد الغني مزوز، د- هاني ابوالفتوح، سامر أبو رمان ، د. عبد الآله المالكي، تونسي، أحمد ملحم، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، علي عبد العال، محمد شمام ، مجدى داود، أحمد بوادي، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، سلام الشماع، صفاء العربي، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، وائل بنجدو، سامح لطف الله، محرر "بوابتي"، سفيان عبد الكافي، د. خالد الطراولي ، محمد عمر غرس الله، ماهر عدنان قنديل، صالح النعامي ، د - مصطفى فهمي، طلال قسومي، محمود سلطان، نادية سعد، مراد قميزة، أبو سمية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رمضان حينوني، سعود السبعاني، أحمد النعيمي، صباح الموسوي ، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عزيز العرباوي، فتحي العابد، يزيد بن الحسين، المولدي الفرجاني، أحمد الحباسي، جاسم الرصيف، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، الهيثم زعفان، حسني إبراهيم عبد العظيم، عراق المطيري، محمد الياسين، د- محمود علي عريقات، إيمى الأشقر، د.محمد فتحي عبد العال، الناصر الرقيق، عواطف منصور، رافد العزاوي، ياسين أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - صالح المازقي، عمر غازي، فتحـي قاره بيبـان، عبد الرزاق قيراط ، كريم السليتي، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، حاتم الصولي، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، حميدة الطيلوش، إسراء أبو رمان، كريم فارق، رضا الدبّابي، د- جابر قميحة، صلاح المختار، إياد محمود حسين ، مصطفى منيغ، فهمي شراب، أ.د. مصطفى رجب، خبَّاب بن مروان الحمد، علي الكاش، عمار غيلوفي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة