البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فلسفة العبور في المنظومة العالمية الرقمية

كاتب المقال سفيان عبد الكافي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3896


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


“الريفايون”، هذه الليلة الفاصلة التي دئبنا أن نحتفل فيها بدخول عام جديد ونودع فيها عاما رحل، قد نقف على أطلاله نستعرض ذكرياته المؤلمة فنقول للعام المنصرم ارحل غير مؤسوف عليك، وان وقفنا على ذكرياتنا الجميلة نقول رحلت وحملت معك أجمل أيامنا.

في منتصف الليل تدق الساعة لتعلن انتقالا جديدا أو عبورا آخر لتدوين زمني جديد، في كل عام نعبر، ليس كأشخاص فقط، بل كمؤسسات وشريكات، كل يعد التقرير المالي، والحكومات تعد ميزانياتها، وكل نواميس الحضارة في هذه الليلة تقف على اهبة الإستعداد للعبور.

مازلت اتذكر ليلة رعب عاشتها الإنسانية، قد تكون مرت على العديد من الناس في غفلة منهم، ولكنها كانت لحظة مفصلية في تاريخ الإنسانية، والتي انتجت هذه التداعيات التي عشناها في العقد الأخير، انها الليلة الفاصلة ما بين سنة 1999 و2000. حيث كان الكل ينظر بحذر وترقب كيف ستستجيب المنظومة الرقمية والإتصالية في لحظة المرور الي الألفية الموالية، انه رقم عادي في سلسلة العد، وقد لا يستدعي كل هذا القلق والرهاب، ولكن هذا الرقم كان مفصليا في مرحلة دخول الالفية، خاصة وان الشبكات كانت معدة على رقمين، في منظومة التعرف على العالم والتواصل، وبالتغير نحو اصفار قد تعود بنا إلى الوراء في تاريخ انقضى وتفقد المنظومة بوصلتها وتتيه اتجاهاتها الأربع بعد ان كنا وثقنا فيها وأمّناها على معطياتنا.

قد تبدو الأمور لا تكتسي هذه الجزع ولكن حقيقة كانت لحظة رعب، لأنه لو فشل الإنتقال ستكون كارثة على الأنسانية وتضيع كل المنظومات التعريفية والحسابات وكل البرمجيات تصبح لا تستجيب وستصاب هذه المنظومة بفقدان التوازن، كما لو ان انسانا اتلفت عنده عصب التوازن في اذنه، فكيف سيسير او يجد توازنه، او يصاب بفدان ذاكرة فلا يعرف احدا، كذلك هي المنظومة الرقمية كانت على قاب قوسين او أدنى من انهيار فضيع يهدد الحضارة الإنسانية والتكنولوجيا المتطورة وانظمة الدفاع الحربية وانظمة الدفاع المالية والبنية الإتصالية، وفي المقابل النجاح في العبور سيقلب العالم رأسا على عقب ويثبت ان هذه المنظومة اهل للثقة التي وضعت فيها وستولد مفاهيم وتقنيات جديدة في التحكم والحكم والتواصل تهدد المنظومات التقليدية التي تعتمدها الإنسانية في كامل أقطار هذه الأرض.

وعبرت المنظومة، ولم تفقد اتجاهاتها ولا بوصلتها، وحافظت على تماسكها وتواصلها واثبتت اهليتها، وكانت في مستوى ثقة الإنسانية بها، كان عبور مذهلا، فالقت بظلها على الإنسانية في تحول جذري في مفاهيم السلطة، اذ نقل الإنسانية من وضعية المحكوم إلى وضعية الحاكم، وها نحن اليوم بعد فترة قصير نجني حصاد هذه المنظومة بسقوط المنظومات الحكمية الدكتاتورية الواحد وراء الآخر، تتساقط كمكعبات الديمينو المصطفة، وليشمل مد هذا العبور وطننا العربي الذي يئسنا فيه من التغيير واصبحنا متأكدين ان هذا من المستحيلات السبع.

إننا نقوم اليوم كأفراد او كجماعات او منظمات تعمل داخل المجتمع المدني تحت لواء المواطنة والمبادرة الحرة في التعريف والتنظير وتقديم الأفكار والسبل لإرساء هذه المنظومة الجديدة في النظام الحكمي السياسي والمجتمعي التواصلي والإقتصادي المالي، انطلاقا من ثقتنا في هذه المنظومة بعد ان اثبتت جدارتها واستحقت ثقتنا بها، نطمح للحاق بركب الحضارة الإنسانية المتقدمة، حيث بان بالكاشف ان زمن الإيديولوجيات مر وانتهى والحكم بالإيديولوجيات تُخلّف الصراعات والحروب ولا تبني للمستقبل، وما حكمت ايديولجيا إلا واقصت التي هي ضدها، فمن الصعوبة بمكان ان نتحدث عن التداول السلمي على السلطة في ظل الإديولوجيات المتحكمة، وان تداولوا فمشروعهم الأول هو هدم ما بنته الأديولوجية السابقة وبناء ركائز اديولوجياتهم الحاكمة، وهذا دوما يكون على حساب الشعب والمواطن والبنية التنموية، ونبقى ندور في هذه الحلقة التي لا تنتهي، هدم واعادة بناء على حسب من يمسك بالسلطة، ليبقى مفهوم السلطة هو تصدق من الحاكم على شعبه تفضل عليه بان يسمع لمشاغلهم ويلبي بعض طلباتهم.

ان هذه المنظومة الرقمية التواصلية تعطينا نوعا جديدا من ثقافة الحكم والتسيير، حيث تؤكد على الضمان قبل الإئتمان، أي تطلب ضمانا علميا محسوسا، فلا معنى لأن يؤتمن اي فرد على مصير البلاد تحت ضمانات معنوية من نوع القسم والثقة والنزاهة والنضالية، فليس هناك ما يمنع الحالف من الحنث، وليس هناك ما يمنع من تحول الثقة الي غدر، والنزاهة إلى خديعة، اذا كان الضامن معنويا.

ان المنظومة تسعى إلى ادخال رقابة شعبية واسعة وتحافظ على سلطة المواطن من موقعه كي يمارس ويسهم في الحكم ويقرر مصيره، ويفكر ويعمل بعيدا عن امثولات "لِمَ تفكر ونحن نفكر بدلا عنك"، وتحافظ على صوته وتحمي الناخب من انقلاب النائب عليه وتغيير المسار الذي من اجله انتخب، والمواطن بالتالي يسحب الثقة منه متى زاغ عن وعود التكليف، فالانتخابات دون الضمانات العلمية الملموسة والتطبيقية تجعل من صناديق الإقتراع منفذا لدكتاتورية شرعية، فان تمكن من الحكم لا يتزحزح، ويطلق يده دون اي قيد او شرط.

ان العقل الإنساني وكل المباحث الحديثة تسير نحو تنظير جديد لسيادة الشعب ممارسة وفكرا، فالمستقبل سيكون لفعل المواطن ومبادرتة واسهامه من موقعه أو داخل المجتمع المدني معتمدا على هذه التقنيات الإلكترونية الحديثة وارشيفها الواسع والمتاح على الدوام، وفي المقابل هناك تراجع للنمطية التقليدية الحزبية كوسلية للحكم والوصول إلى السلطة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الفكر السياسي، دراسات سياسية، السيادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-02-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  القائمة السوداء "فيتو" المواطن
  الجمع ما بين القائمة والأفراد لتشكيل البرلمان: الشعب يرتب القوائم وليس الأحزاب
  مساوئ الانتخاب على القوائم
  إيجابيات الانتخاب على القوائم
  ايجابيات وسلبيات الانتخاب على الأفراد
  ديباجة في مفهوم الحوكمة المفتوحة في الديمقراطية التشاركية ذات البيانات المتاحة
  البيعة الإنتخابية
  ملخص منظومة الحوكمة التشاركية ذات البيانات المفتوحة
  القيم الإنتخابية في منظومة الحوكمة المفتوحة
  فلسفة العبور في المنظومة العالمية الرقمية
  السيادة للشعب... فتح البيان لوضع الميزان...
  القوائم والإنتخابات البرلمانية
  الديمقراطية التشاركية في البرلمان
  البرلمان المفتوح: كيف تصنع البرلمانات؟... هل نحن في حاجة لبرلمان؟
  الممارسة التنفيذية لرئيس الدولة
  شروط الترشح لإنتخابات رئيس الجمهورية
  التصفية الأولية في الترشاحات للرئاسية
  تصنيف في صلاحيات رئيس الجمهورية
  التعادلية أساس حكم الديمقراطية التشاركية
  الثرثرة الدستورية
  الديمقراطية التشاركية: مشروع مجتمعي الكل منخرط فيه
  مشروع دستور (2)
  مشروع دستور (1)
  أي نظام حكم يستوعب الحوكمة؟
  هل تتفاعل البرلمانية والحوكمة التشاركية؟
  حوكمة الحكم الرئاسي
  حوكمة المؤسسة الدينية
  تقنين وتأطير السلطة الدينية
  السلطة الدينية في منظومة الحوكمة الإلكترونية
  المنظومة التقنية العلمية في الدولة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، الهادي المثلوثي، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافد العزاوي، أحمد الحباسي، مجدى داود، د. خالد الطراولي ، سيد السباعي، رمضان حينوني، عراق المطيري، د. عادل محمد عايش الأسطل، طلال قسومي، حسني إبراهيم عبد العظيم، فهمي شراب، محمد الياسين، أحمد بوادي، د- هاني ابوالفتوح، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رضا الدبّابي، أبو سمية، حميدة الطيلوش، إيمى الأشقر، أحمد ملحم، وائل بنجدو، مصطفي زهران، د - المنجي الكعبي، كريم فارق، نادية سعد، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد محمد سليمان، محمد الطرابلسي، رافع القارصي، د - صالح المازقي، صلاح الحريري، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد شمام ، حسن الطرابلسي، عزيز العرباوي، صباح الموسوي ، د - الضاوي خوالدية، كريم السليتي، العادل السمعلي، أحمد النعيمي، مراد قميزة، إياد محمود حسين ، منجي باكير، عمار غيلوفي، د - عادل رضا، د- جابر قميحة، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، محمد عمر غرس الله، د. أحمد بشير، محمد يحي، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، د - مصطفى فهمي، تونسي، يحيي البوليني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أ.د. مصطفى رجب، محمود طرشوبي، د - محمد بن موسى الشريف ، خبَّاب بن مروان الحمد، صالح النعامي ، حسن عثمان، د. عبد الآله المالكي، ماهر عدنان قنديل، سامح لطف الله، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، صلاح المختار، محمد العيادي، صفاء العراقي، حاتم الصولي، محمود سلطان، عبد الله زيدان، محمد اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، محمد أحمد عزوز، أنس الشابي، سلام الشماع، د- محمد رحال، سلوى المغربي، عبد الله الفقير، إسراء أبو رمان، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، الناصر الرقيق، فتحي الزغل، ياسين أحمد، عمر غازي، سامر أبو رمان ، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، ضحى عبد الرحمن، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، سفيان عبد الكافي، علي الكاش، فتحي العابد، د - شاكر الحوكي ، فتحـي قاره بيبـان، محرر "بوابتي"،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة