البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإقلاع عن الفتنة

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3958


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في وقت ينصرف فيه الانتباه إلى دول عربية تسود فيها التوترات السياسية والأمنية، تجري في لبنان معاناة جديدة تحمل في جعبتها تداعيات مخيفة ربما تمتد – لا سمح الله- إلى ما أبعد من الحدود التي من الممكن السيطرة عليها مع ما يترتب عليها من آثار استراتيجية من شأنها أن تمس بلبنان أولاً وبعموم الوطن العربي بشكلٍ عام.

الأحداث المؤلمة اللبنانية الحالية لم تكن وليدة اللحظة، أو لها ارتباطات بما أُطلق عليه بالربيع العربي الذي انطلق قطاره منذ أواخر 2010، بل هي أحداث مترتبة على أزمات سابقة مختلفة ومعقدة في ذات الوقت، حيث شملت جميع المستويات داخل الدولة، سياسية وأمنية وطائفية وغيرها، واشتغلت بها جميع الجهات داخلية، فصائلية وحزبية، وخارجية أيضاً، من حيث التدخلات الواضحة من قِبل دول عربية وأجنبية في إدارة هذه الأزمات على حساب الإنسان اللبناني والجيب العربي.

منذ أن بدأت الحرب الأهلية اللبنانية في منتصف أبريل/نيسان 1975، واستمرّت لأكثر من 16 عاماً متواصلة، تكبّد لبنان خلالها كل مقوماته، وخسر خلالها مجموع مكتسباته، وانتسخ الكثير مما حازه من تقدم وثقافة وحضارة، التي كانت فاقت في أحايين كثيرة حضارة الغرب وثقافته. وعلى الرغم من اتفاق الطائف، وهو الاتفاق الذي غيّر ما قبله من مفاهيم الحقبة الفرنسية وتم التوصل من خلاله إلى إنهاء الحرب برعاية الملك "فهد بن عبدالعزيز" ملك السعودية في الآخر من أغسطس/سبتمبر 1989، لم تشهد لبنان ساعة من الوفاق السياسي الحقيقي أو لحظة أمنية يمكن الركون إليها وإلى الآن، بغض النظر عن وجود بعضاً من حالات الهدوء في أوقات معينة متصلة بتفاهمات آنيّة تكتيكية، غالباً ما كانت الأطراف تتنصّل منها على عجل، بحجة أنها غير متوازنة، أو انتهاء مدّتها، أو بسبب - وهو الأهم - عدم وجود ثقة كافية فيما بينها.

ولا شك كانت الأزمات قائمة بالدرجة الأولى على قضايا متعلقة بنظام الحكم في الدولة التي فرضت نفسها بسبب المتغيرات والمستجدات التي طرأت على الساحة اللبنانية مع مرور الوقت، وخاصةً فيما يتعلق بالتغيرات السكانيّة الديمغرافية بالنسبة للطوائف الرئيسية الثلاث (الإسلامية – المسيحية- الدرزية) التي كان من شأنها أن خلّفت نزاعاً خانقاً، وترتب عليها، استعانة أطرافاً في الأزمة بجهاتٍ خارجية، وأطرافاً أخرى آثرت الاعتماد على إسرائيل.

منذ ذلك الوقت، لم يجدّ جديد بشأن الصراعات السياسية بين الأفرقاء المتخاصمين والمتقاتلين، بشأن إيجاد نقاط ذات معنى (ديني أو أدبي وأحلاقي)، يمكن التلاقي حولها بينهم كافة، بل زادت الأزمات بواحدة، اعتُبرت من أكثر الأزمات وأشدها سخونةً والتهاباً، وهي ظهور تنظيم حزب الله منذ العام 1982 الذي كان محل جدلٍ واسع بشأن تبنّيه لأفكار وعقائد عير معتادة لدى المجتمع السياسي اللبناني في ذلك الوقت والتي كانت توحي بشكلٍ واضح وصريح إلي مبايعته للنظام الإسلامي في إيران، حيث كان قيام الثورة الإسلامية هناك عام 1979 بقيادة "آية الله الخميني" دافعاً قوياً لنمو التنظيم وعلى كافة مستوياته السياسية والعسكرية والاقتصادية، وذلك للارتباط المذهبي والسياسي بين الطرفين، على الرغم من إعلان أمينه العام "حسن نصر الله" صراحةً فيما بعد، عن (لبننة) الحزب واعتبار سلاحه سلاح مقاومة. لكن لم يشفع ذلك الإعلان أمام الأطراف المقابلة وخاصةً قوى 14 آذار، التي يصب اهتمامها نحو ضرورة نزغ السلاح، مبررةً ذلك، بأن هناك دولة وهي وحدها المسؤولة عن حماية لبنان.

خلال الربع الأول من العام الفائت ارتفعت التوترات السياسية والأمنية معاً على نحوٍ أوسع، والخاصة بتشكيل الوزارة، والأمنية المتعلقة بأحداث العنف، وبالتالي اشتداد حِدّة الاتهامات المتبادلة بين الأطراف المتصارعة. وكانت انفجرت حالة من الاحتقان السياسي والمذهبي في أنحاء متفرقة من المناطق اللبنانية، وكان هناك ضحايا، وتعطلت برامج تنمويّة، وتشاحنت على درجةٍ أعلى فصائل وتنظيمات سياسية ودينية أخرى. واستمر التوتر، رغم التهدئة التي دعى إليها سياسيين وعلماء دين، بسبب قلّة حيلة الحكومة من أن تقوم بدورها في بسط سيطرتها وتفعيل القانون. إلى أن وصلت الأمور بنا إلى هذه الأحداث الدامية الأخيرة والمتبادلة في طرابلس والضاحية الجنوبية اللبنانية والتي طالت قياديين من السنّة وآخرين تابعين لحزب الله.

المناكفات السياسية من كافة الأطراف والقيام بنشاطات أمنية مضادة، والاتهامات المتبادلة وخاصةً بين 8، 14 آذار في أن الآخر هو السبب في عرقلة الوصول إلى اتفاقات سياسية لجل الأزمات وعلى رأسها تشكيل الحكومة، هي كلّها أعمال غير مسؤولة، ولا تهدف إلاّ لدفع البلاد إلى أتون الحرب التي لا يستفيد منها سوى إسرائيل وكل من له مصلحة في تفجير الأمن اللبناني، ولا شك فهناك متآمرون.

وفي إطار عدم تواجد عيون متفتحة وآذان صاغية لِما يُحاك ضد لبنان وشعبه سواء كان في الداخل أو الخارج، فإنه يبدو بأنهم يريدون العودة رويداً رويداً إلى مواجهة حربٍ أهلية جديدة، بالرغم من عدم نسيانهم أيام الحرب الأهلية، حينما قُتل ألاف الناس فرادى ومجموعات، ونال منها جميع الأطراف المتحاربة، من خلال عمليات رد متبادلة كل ساعة وكل دقيقة. ناهيكم عن ظاهرة النزوح الجماعي إلى خارج لبنان، وما تبعها من انعكاسات وتداعيات امتدّت آثارها وإلى ما بعد الآن.
لذلك فإن من الأجدى والأنفع ليس للبنان وحدها، بل للعامة من الدول العربية، الإصغاء إلى ما يُمليه العقل ويحض عليه الدين والمنطق، والتيقن من أن لا سبيل في الأمام، سوى الحوار السياسي، الهادف إلى تطويق الصراعات والخلافات السياسية القائمة، والتمسك بالسلم الاجتماعي، والعمل من باب أولى على تشكيل حكومة جديدة فاعلة على وزن المتحاورين، وتكون قادرة على طمأنة الوضع الداخلي، ولجم الخارجي، من خلال العمل مع مؤسسات قوية من أجل إيجاد حل يؤمن الاستقرار للبنان والمنطقة، قبل فوات الأوان ووقوع البلاد في موبقات الفتنة، التي من شأنها أن تمحق البلاد والعباد.

--------
خانيونس/فلسطين
4/1/2014


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

لبنان، العنف بلبنان، التفجيرات بلبنان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-01-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رضا الدبّابي، د. طارق عبد الحليم، عراق المطيري، أنس الشابي، محمد العيادي، فتحي الزغل، فتحي العابد، صلاح المختار، إياد محمود حسين ، سلام الشماع، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، كريم السليتي، أحمد الحباسي، سفيان عبد الكافي، حاتم الصولي، محمد الياسين، الهيثم زعفان، إسراء أبو رمان، كريم فارق، محمود فاروق سيد شعبان، محمود طرشوبي، مصطفي زهران، علي عبد العال، عواطف منصور، أشرف إبراهيم حجاج، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد بوادي، مراد قميزة، الناصر الرقيق، مصطفى منيغ، رافع القارصي، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، صالح النعامي ، محمد اسعد بيوض التميمي، جاسم الرصيف، د- محمد رحال، د - المنجي الكعبي، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، د - شاكر الحوكي ، سامح لطف الله، د - صالح المازقي، د- محمود علي عريقات، رشيد السيد أحمد، حسن الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، صلاح الحريري، سعود السبعاني، عبد الغني مزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد الطرابلسي، خالد الجاف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. صلاح عودة الله ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إيمى الأشقر، عمر غازي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد عمر غرس الله، حسن عثمان، فهمي شراب، عبد الرزاق قيراط ، عزيز العرباوي، ماهر عدنان قنديل، صفاء العربي، محمد شمام ، أحمد النعيمي، د. أحمد محمد سليمان، عمار غيلوفي، رمضان حينوني، د. خالد الطراولي ، د. عبد الآله المالكي، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د. مصطفى رجب، مجدى داود، صفاء العراقي، رحاب اسعد بيوض التميمي، طلال قسومي، د - الضاوي خوالدية، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، د. أحمد بشير، فوزي مسعود ، نادية سعد، عبد الله الفقير، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهادي المثلوثي، علي الكاش، حميدة الطيلوش، ضحى عبد الرحمن، صباح الموسوي ، تونسي، د - عادل رضا، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد أحمد عزوز، أبو سمية، العادل السمعلي، سيد السباعي، عبد الله زيدان، منجي باكير، المولدي الفرجاني، وائل بنجدو، محمود سلطان، يزيد بن الحسين، يحيي البوليني، أحمد ملحم، ياسين أحمد، سامر أبو رمان ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة