مفاهيم قرآنية - 2 - مفهوم المعية الإلهية في القرآن الكريم
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 12917
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
- قال تعالى : َ{......عْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }( الحديد : 4 ) ،
- " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني " ( متفق عليه عن أبي هريرة ) ،
الحمد لله وحده ، هو الحميد المجيد ، منه العون وبه التوفيق ، ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم اهدنا سبلنا وألهمنا رشدنا ، وارنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه نواهيه ،
جاء مصطلح المعية الإلهية للإنسان كثيرا في القرآن الكريم ، ويأتي بمعاني متعددة ، فلقد وردت صفة المعية في القرآن لمعنيين هما :
أولا : المعية العامة :
وهذا النوع من أنواع المعية المراد به أن الله مع جميع الخلق بعلمه ، أي بمعنى الإحاطة و الشمول و القيمومة ، فهو مطلع على خلقه شهيد عليهم وعالم بهم ، وسميت عامة لأنها تعم جميع الخلق ، ولقد وردت في مواضع من القرآن الكريم وهي :
- قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ( المجادلة : 7 ) ، والمعنى كما جاء في التفسير الميسر : " ......ما يتناجى ثلاثة مِن خلقه بحديث سرٍّ إلا هو رابعهم بعلمه وإحاطته, ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أقلُّ من هذه الأعداد المذكورة ولا أكثرُ منها إلا هو معهم بعلمه في أيِّ مكان كانوا, لا يخفى عليه شيء من أمرهم, ثم يخبرهم تعالى يوم القيامة بما عملوا من خير وشر ويجازيهم عليه. إن الله بكل شيء عليم (1) ،
ونفس المعنى نجده في قول الله تعالى : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً }( النساء : 108 ) ، أي أنهم يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة, ولا يستترون من الله تعالى ولا يستحيون منه, وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه, مطلع عليهم حين يدبِّرون - ليلا - ما لا يرضى من القول ,
وتكرر هذا المعنى في القرآن الكريم :
- {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى }( طه : 46 ) ، أي قال الله لموسى وهارون: لا تخافا من فرعون; فإنني معكما أسمع كلامكما وأرى أفعالكما ,
- {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }( الحديد : 4 ) ، أي وهو سبحانه معكم بعلمه أينما كنتم, والله بصير بأعمالكم التي تعملونها, وسيجازيكم عليها ،
الثاني : المعية الخاصة :
وهي معية الإطلاع والنصرة والتأييد الإعانة ، والمساعدة والتوفيق ، وسميت خاصة لأنها تخص أنبياء الله وأولياءه دون غيرهم من الخلق ،
وقد وردت بهذا المعنى في القرآن الكريم في مواطن كثيرة نورد منها على سبيل المثال لا الحصر الآيات التالية:
- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } ( البقرة : 153) ، جاء في التفسير الميسر : " إن الله مع الصابرين بعونه وتوفيقه وتسديده ، وفي الآية : إثبات معيَّة الله الخاصة بالمؤمنين , المقتضية لما سلف ذكره ، أما المعية العامة , المقتضية للعلم والإحاطة فهي لجميع الخلق " ،
ففي هذه الآيات الشريفة إيماء إلى أن للصبر فوائد عظيمة ، وهي إعانة الله لمن صبر امتثالا لأمره, فإن المرادَ بذلك معيّةُ نصرِه وتوفيقِه سبحانه وتعالى للمؤمنين الصابرين, فالمؤمنون الصابرون هم المباشرون للصبر ، ومعيَّتُه تعالى إنما هي من حيث الإمدادُ والإعانة .
- {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }( النحل : 128 ) ، أي إن الله سبحانه وتعالى مع الذين اتقوه بامتثال ما أمر واجتناب ما نهى بالنصر والتأييد, ومع الذين يحسنون أداء فرائضه والقيام بحقوقه ولزوم طاعته, بعونه وتوفيقه ونصره ،
- {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ }( الشعراء : 15 ) ، أي قال الله لموسى: كلا لن يقتلوك, وقد أجبت طلبك في هارون, فاذهبا بالمعجزات الدالة على صدقكما، إنا معكم بالعلم والحفظ والنصرة مستمعون ،
- {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }( محمد : 35 ) ، أي والله تعالى معكم بنصره وتأييده ،
- {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }( الشعراء : 62 ) ، أي إن معي ربي بالنصر، سيهديني لما فيه نجاتي ونجاتكم ،
ومما ورد في السنة بهذا الخصوص حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني" (رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وصححه الألباني ) (2) ،
وفي الحديث الشريف : " احفظ الله تجده تجاهك " (3) ، قال ( الحوالي ) (4) : " حدود الله التي أمر بحفظها : هي كل ما شرعه الله... وحفظ حدود الله يكون بامتثال أوامر الله ، واجتناب نواهيه ، والصبر على طاعته والصبر عن معصيته ، والصبر على قضائه وقدره ، فهذا كله من حفظ الله ومن حفظ حدوده ، أما معنى " احفظ الله تجده تجاهك " فهي تعني المعية الخاصة ، " إحفظ الله تجده تجاهك " أي: معك معية خاصة ، لأن من الصفات الثابتة لله المعية ، وهي نوعان :
المعية العامة : وهي معيته للخلق أجمعين ، كما قال تعالى : { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } ( المجادلة:7 ) ، فهذه لكل الناس فهو معهم كلهم ،
وقال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ }( ق :16-17 ) ،
فهذه معية عامة لله تعالى ، فهو مع كل الناس بعلمه ، وهو تبارك وتعالى مُطِّلعٌ على أحوالهم ، ولا تخفى عليه منهم خافية ،
والمعية الخاصة : وهي المقصودة في الحديث ، وهي مثل قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ( النحل:128 ) ، وقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }( البقرة:153 ) ،
هذه هي المعية الخاصة كما قال الله تعالى لموسى وهارون : { إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } ( طه :46 ) ، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في الغار : {....لا تحزن إن الله معنا } أي: يحفظنا وينصرنا ويرعانا ويوفقنا.
وهنا نشير إشارة فاتتنا من قبل، فنقول : إن من أعظم نصر الله ، وتوفيقه ومعيته ، وحفظه لك أن يحفظك عن الذنوب والمعاصي ، ولهذا قال ( الحسن البصري ) ، وقال ( أبو سليمان الداراني ) ، وغيرهما من الأئمة الذين تكلموا في هذا الموضوع العظيم ، " موضوع الإيمانيات والرقائق" : " إنما عصوه لهوانهم عليه – أي : أن أهل المعاصي هؤلاء ، إنما عصوه لهوانهم عليه - ولو كرموا عليه لحجزهم " أي : لو كانوا كرماء على الله لمنعهم من الوقوع في المعاصي ، لكن من هوانهم على الله تركهم يقعون في الذنوب والمعاصي ، كما قال تعالى: { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } ( الحج :18 ) ،
وهذا يعني أن كل من عصى الله فلهوانه على الله عز وجل ، ولو كرم عليه لحجزه ولعرَّفه به تبارك وتعالى ، وإذا عرف الله وعظَّم الله لم يعصِ الله عز وجل ، فهذا من أعظم ما يجده العبد من أنواع المعية الخاصة ،
وقد فصل بعضهم فقال إن أنواع المعية الإلهية متعددة :
1) عامة : قال تعالى : { ..وهو معكم أينما كنتم }، ( لجميع الخلق ).
2) خاصة مقيدة بوصف : قال تعالى : { إن الله مع الذين اتقوا} ، ( وهي للمؤمنين )
3) خاصة مقيدة بشخص : قال تعالى : { لا تحزن إن الله معنا } ( وهي للرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر )
* بعض القضايا المتعلقة بالمعية الإلهية :
- أن معية الله سبحانه معية حقيقية ، وليست مجازية وذلك في إطار { .....لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }( الشورى : 11 ) ،
- أن من مقتضى المعية العامة : العلم والسمع والبصر والقدرة والسلطان ........وغير ذلك ، ومن مقتضى الخاصة النصر والتأييد ،
- سؤال هام : هل يصح أن نقول : الله معنا بذاته ؟
قال أهل العلم : " هذا اللفظ يجب أن يبعد عنه ، لأنه يوهم معنى فاسدا يحتج به من يقول بالحلول ، ولا حاجة إليه ، لأن الأصل أن كل شئ أضافه الله إلى نفسه ، فهو له نفسه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً }( الفجر :22 ) ، هل يحتاج أن نقول جاء بذاته ؟ ! وإلى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " (5) ، هل يحتاج أن نقول : ينزل بذاته ؟ ! إننا لا نحتاج إلى ذلك ، اللهم إلا في مجادلة من يدعي أنه جاء أمره ، أو ينزل أمره ، لرد تحريفه ، ولقد كتب حمود بن عبدا لله التو يجري رسالة في ذلك بعنوان : " إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية " ، فليرجع إليها من أراد ،
- وثمة سؤال يتردد على ألسنة البعض مؤداه : هل صفة " المعية " حقيقية أوهي كناية عن علمه تعالى وسمعه وبصره . . . الخ ، أجاب بعض أهل العلم على هذا السؤال بقوله : (6) ، أن أكثر عبارات السلف يقولون أنها كناية عن علمه تعالى وسمعه وبصره ، واختيار شيخ الإسلام رحمه الله : أنها على حقيقتها , وأن كونه معنا حق على حقيقته , لكن ليست معيته كمعية الإنسان للإنسان التي تكون بنفس المكان , لأن معيتة ثابتة له وهو في علوه ،
والخلاصة : أن المعية حق على حقيقتها لكنها ليست على المفهوم الذي فهمه الجهمية ونحوهم , بأنه مع الناس في كل مكان وتفسير بعض السلف لها بالعلم ونحوه تفسير باللازم .
- وثمة سؤال آخر يقول : هل المعية ذاتية أم فعلية ؟ (7) ،
والجواب فيه تفصيل :
- المعية العامة ذاتية : لأنه تعالى لم يزل ولا يزال محيطاً بالخلق ،
- المعية الخاصة فعلية : لأنها تابعة لمشيئته سبحانه وتعالى ،
- قال العلامة " بن باز " يرحمه الله : " والذي عليه أهل السنة في ذلك أن الله سبحانه موصوف بالمعية على الوجه الذي يليق بجلاله مع إثبات استوائه على عرشه وعلوه فوق جميع خلقه وتنزيهه عن مخالطته للخلق فهو سبحانه عليٌّ في دنوه قريب في علوِّه فوصفه بالمعية لا ينافي وصفه بالعلو على الوجه الذي يليق به من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته ولما كانت الجهمية والمعتزلة يحتجون بآيات المعية على إنكار العلو ويزعمون أنه سبحانه بكل مكان أنكر عليهم السلف ذلك وقالوا: إن هذه المعية تقتضي علمه بأحوال عباده واطلاعه عليهم مع كونه فوق العرش، ولهذا بدأ آيات المعية العامة بالعلم وختمها بالعلم ؛ تنبيهاً لعباده على أن مراده سبحانه من إخباره بالمعية إشعار عباده بأنه يعلم أحوالهم ويطلع عليهم، ولهذا فسر أكثر السلف آيات المعية بالعلم، وحكى بعض أهل العلم إجماع أهل السنة على تفسير آيات المعية بالعلم وإبطال رأي الجهمية والمعتزلة في تفسيرها بأنه في كل مكان، وإنكارهم العلو والاستواء - قاتلهم الله أنى يؤفكون - وبهذا تعلم أن تفسير المعية بالعلم ليس هو قول الشيخ تقي الدين وحده بل هو قول أهل السنة، وقد ذكر رحمه الله في الواسطية ما يدل على وجوب الإيمان بأن وصف الله سبحانه بالعلو والمعية حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة إلى آخره فراجعه إن شئت، ومراده رحمه الله أنه يجب إثبات المعية والعلو فوق العرش على وجه يليق بالله لا يشابه فيه خلقه " (8)
- وعن " المعية " في القرآن الكريم قال الإمام ( ابن القيم ) رحمه الله : ". . . فمعية الله تعالى مع عبده نوعان : عامة وخاصة ، وقد اشتمل القرآن على النوعين ، وليس ذلك بطريق الاشتراك اللفظي بل حقيقتها ما تقدم من الصحبة اللائقة " (9) ،
وقال – رحمه الله - في موضع آخر : " . . . فمن المعية الخاصة قوله { إن الله مع الصابرين } ، وقوله : { إن الله يحب المحسنين } ، وقوله : { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } ، وقوله تعالى : { واعلموا أن الله مع المتقين } ، وقوله سبحانه : { لا تحزن إن الله معنا } ، ومن المعية العامة قوله عز من قائل :{ وهو معكم أين ما كنتم } ، وقوله :{ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ..... الآية }(10)
وقال ( الحافظ ابن رجب الحنبلي ) رحمه الله : ومعيته مع أهل طاعته خاصة فهو سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، فالمعية العامة تقتضي التحذير من علمه واطلاعه وقدرته وبطشه وانتقامه ، والمعية الخاصة تقتضي حسن الظن بإجابته ورضاه وحفظه وصيانته " (11)
وقال الشوكاني رحمه الله في شرح حديث : " أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني " ، قال : فيه تصريح بأن الله تعالى مع عباده عند ذكرهم له ، ومن مقتضى ذلك أن ينظر إليه برحمته ، ويمده بتوفيقه وتسديده ، فإن قلت : هو مع جميع عباده كما قال سبحانه وتعالى { وهو معكم أين ما كنتم } ، وقوله جل ذكره { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } الآية ، قلت : هذه معية عامة ، وتلك معية خاصة حاصلة للذاكر على الخصوص بعد دخوله مع أهل المعية العامة ، وذلك يقتضي مزيد العناية ، ووفور الإكرام له والتفضل عليه ، ومن هذه المعية الخاصة ما ورد في كتابه العزيز من كونه مع الصابرين ، وكونه مع الذين اتقوا ، وما ورد هذا المورد في الكتاب العزيز أو السنة ، فلا منافاة بين إثبات المعية الخاصة وإثبات المعية العامة " (12)
- قال الإمام ابن القيم : " أن لفظ : " المعية " استعمل في الكتاب والسنة في مواضع عدة ، يقتضي في كل موضع أموراً لا يقتضيها في الموضع الآخر، فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع ، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها - وإن امتاز كل موضع بخاصية - فعلى التقدير ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق ، حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها (13) ،
الهوامش والإحالات :
(1) – عبد الله بن عبد المحسن التركي (إشراف ) : " التفسير الميسر " ، إعداد : مجموعة من العلماء ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، تفسير الآيى : 7 المجادلة ، المصدر : موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
http://www.qurancomplex.com
(2) - محمد ناصر الدين الألباني : " صحيح الترغيب والترهيب " ، مكتبة المعارف ، الرياض ، ط5 ، ج2 ، ص : 95
(3) – الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " يا غلام ! إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك جفت الأقلام و رفعت الصحف " ( صححه الألباني : أنظر : - محمد ناصر الدين الألباني : " صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته " ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ج1 ، ص : 1392،
(4) - الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي : " من محاضرة : احفظ الله يحفظك " ، المصدر :
http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentid=1010
(5) – كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل ربنا تبارك و تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له " ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 8168 في صحيح الجامع ) ،
(6) - http://7awa.roro44.com/vb/90683.html
(7) – أنظر:
http://alfrasha.maktoob.com/alfrasha136/thread1737947-2/
(8) - محمد بن خليفة بن علي التميمي : " الآثار المروية في صفة المعية " ، أضواء السلف، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، الطبعة : الأولى ، 1422هـ ، 2002م ،
(9) – عبد العزيز بن عبد الله : " معنى المعية والقيام " ، أنظر : http://www.binbaz.org.sa/mat/8219
(10) - أنظر : ابن القيم : " مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة " ، تحقيق: الحسن بن عبد الرحمن العلوي ، مطبعة أضواء السلف ، 1425 هـ - 2004م ، ج2 ، ص : 266 ،
(11) – ابن القيم : " مختصر الصواعق " ، مرجع سبق ذكره ، ج2 ، ص ص : 266 - 267 . ،
(12) - أنظر : - ابن رجب الحنبلي : " فتح الباري شرح صحيح البخاري " ، دار الحرمين ، مكتب تحقيق دار الحرمين ، 2008 م ، ج 2 ، ص : 334 ،
(13) - أنظر : - محمد بن علي الشوكاني : " تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين " ، مؤسسة الكتب الثقافية ، 1408 هـ – 1988م ، ص : 11 ،
(14) - الإمام ابن القيم : " مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة " ، تحقيق : الحسن العلوي ، أضواء السلف ، 200م ، ج2- ص : 266 ،
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: