البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ورحلت خنساء فلسطين بعدما رسمت طريق العزة

كاتب المقال مجدي داود - مصر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4389


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


رحلت عن دنيانا اليوم خنساء فلسطين، مريم فرحات أم نضال، رحلت بعد عناء مع المرض طويل، رحلت وتركت وراءها قلوبا تبكي ألما وعيونا تبكي دمعا، رحلت أم نضال عن دنيا العبيد، لتلحق بأولادها الثلاثة الشهداء، رحلت أم نضال بعدما سطرت بكلمات من نور سجلا أبيضا في جبين فلسطين، وفي جبين الأمة كلها، تتفاخر به الأجيال تلو الأجيال، وتهتدي به من أرادت أن تعز دينها في الدنيا، وتسعد بنعيم الآخرة.

أم نضال هي إحدى نساء فلسطين، ولدت بعد النكبة في 24 ديسمبر 1949م لأسرة بسيطة من قطاع غزة، لديها 10 من الإخوة و5 من الأخوت، تفوقت في دراستها حتى تزوجت بفتحي فرحات، وهي في بداية الثانوية العامة, لكن لم يمنعها الزواج عن إكمال دراستها، فواصلت، وقدمت الامتحانات الثانوية وهي حامل بمولودها الأول، وحصلت على 80%، وأنجيب 6 من البنين و4 من البنات.

قامت أم نضال بدور جهادي عظيم خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ففتحت أبواب بيتها للمجاهدين يختبئون فيه، حينما كانت غزة ملآى بالعملاء والخونة، وكانت شوارعها لا تكاد تخلو من جنود الاحتلال، والدوريات العسكرية المستمرة.

إيواء المجاهدين

وظل بيتها مأوى للمجاهدين، إلى أن اختبأ فيه القائد الشهيد "عماد عقل" أحد قادة كتائب القسام، وأخطرهم على الاحتلال الصهيوني، وكان "عقل" على رأس قائمة المطلوبين للاحتلال الصهيوني حيا أو ميتا، حتى أطلق عليه "ذو الأرواح السبعة"، وأمر الاحتلال عملاءه في غزة بتكثيف جهدهم فقط لمعرفة مكان عماد عقل.

اختبأ عقل في منزل أم نضال بدءا من عام 1992، وكان يخرج لتنفيذ عملياته ضد الاحتلال، فيقتل ويصيب ويبث الرعب في قلوبهم، ثم يعود إلى منزلها ليختبئ فيه، إلى أن وشى به الخونة والعملاء، فحاصر الاحتلال المنزل، واشتبك عقل مع جنود الاحتلال حتى قتلوه على باب المنزل.

لم يتوقف دور أم نضال الجهادي عند هذا الحد، بل ربت أبناءها الستة على حب الجهاد في سبيل الله، فانضموا جميعا إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين.

استشهاد الأبناء

كانت لحظة فارقة في حياة أم نضال، يوم أن ودعت ولدها وزفته بنفسها إلى جنان الخلد والحور العين، فقد ظهرت مع ابنها "محمد" الاستشهادي القسامي في مطلع عام 2002، وهي تقبله قبلات الوداع، وهي تعلم أنه ذاهب بلا رجعة فحتى جسده قد لا تراه مرة أخرى، ورحل محمد وفجر نفسه في جنود الاحتلال ليقتل من يقتل ويصيب من يصيب، بينما جسده الطاهر قد تمزق وصار أشلاء.

يا لتلك الأم المؤمنة، التي وصلت إلى مرحلة اليقين التام بربها والثقة اللا نهائية في صحة عقيدتها، وثباتها على منهجها، فقدمت أبناءها واحدا تلو الآخر، فبعد عام واحد أي في 2003 استشهد نجلها البكر "نضال" وكان أحد قادة كتائب القسام، وأحد المهندسين الأوائل الذي شكلوا وحدة الصواريخ، في كتائب القسام، ولم يمر عامين حتى استشهد ولدها الثالث "رواد" بعدما قصف الاحتلال سيارته في قطاع غزة في عام 2005، كما قضى ولدها الرابع 11 عاما أسيرا في سجون الاحتلال الصهيوني، كما قصف العدو بيتها أربعة مرات بالصواريخ، قدر الله أن تنجو منها جميعا.

العمل السياسي

خنساء فلسطين التي قدمت أولادها شهداء أكملت عملها ومسيرتها ورسالتها في الحياة، حينما ترشحت على قائمة حركة حماس للمجلس التشريعي الفلسطيني، وسافرت ضمن وفود الحركة إلى بعض الدول، لتجذب المساعدات لبني جلدتها بعدما فرض عليهم العدو وحلفاءه حصارا خانقا حتى يركعوا ويطأطئوا الرؤوس، لم تكل ولم تمل، بينما كان آخرون يحرضون الاحتلال على مزيد من الحصار وتضييق الخناق.

أم نضال هي امرأة عاشت في دنيانا، رأيناها والتقينا بها، سمعناها تتحدث ورأيناها تودع ولدها، فهي ليست من عصور مضت ولا من أسلافنا ممن نقرأ سيرهم في الكتب، أفلا تخجل بعض نسائنا من أنهن لسن سوى أرقاما في سجلات المواطنين، لا يقدمن ولا يؤخرن وليس لهن في الحياة إلا اللهو واللغو واللعب؟، أفلا تخجل بعض الأمهات ممن لا يعرف أبناؤهن شيئا عن دين الله، حتى الصلاة لا يقربونها؟، بل أفلا يخجل بعض الرجال أنه وقد بلغ من العمر ثلاثين أو أربعين سنة وهو لا يركع لله ركعة؟ وإذا ما ذكرت أمامه أهل الرباط تأفف واشمأز؟!.

ها هي خنساء فلسطين تفارق الحياة وهي طريحة الفراش في أحد مشافي غزة، لكنها ضربت أروع المثل للمرأة المسلمة المؤمنة، التي تحمل هم أمتها ودينها، وتقدم الغالي والنفيس في سبيل عزة دينها، ضربت خنساء فلسطين لنساء فلسطين ونساء الأمة كلها أروع المثل في تربية الأبناء على الصلاح والتقوى، وحب الجهاد والموت في سبيل الله.

قدمت أم نضال القدوة الحسنة إلى نساء الأمة كيف يكونوا في خدمة أهليهم وذويهم، كيف يكون لهن دورهن الاجتماعي الرائد والمتميز، الذي يجعل الجماهير تلتف حول أهل الصلاح والتقوى ويكونوا محل ثقتهم، بدلا من أن يذهبوا إلى أهل الفساد والبدع فيلبسوا على الناس دينهم ويفسدوا عليهم دنياهم.

رحم الله خنساء فلسطين، ولكأني بأبي الطيب المتنبي يعنيها بأبياته الرائعة، التي قال فيها:

------------

ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضلت النساء على الرجال

وما التأنيث لاسم الشمس عيب *** ولا التذكير فخر للهلال

وأفجع من فقدنا من وجدنا *** قبيل الفقد مفقود المثال


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مريم فرحات، أم نضال، خنساء فلسطين، فلسطين، المقاومة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-03-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  من يحرك الصراع بين أردوغان وكولن؟ ولماذا الآن؟
  أردوغان وكولن .. صراع الدولة والدولة العميقة
  خطاب هنية.. تجاهل لأزمة حماس أم إدارتها
  صفقة الكيماوي.. أمريكا وروسيا يتبادلان الصفعات في سوريا
  ملامح التدخل العسكري في سوريا وأهدافه
  سيناريوهات 30 يونيو .. مصر نحو المجهول
  الهيئة الشرعية بين الواقع والمأمول
  ورحلت خنساء فلسطين بعدما رسمت طريق العزة
  وثيقة العنف ضد المرأة .. كارثة يجب التصدي لها
  ربيع تونس.. هل استحال خريفا؟
  ربيع العراق..السُّنَّةُ ينتفضون والمالكي يترنح
  الحرب على الدين في مالي
  الأزمة الاقتصادية.. سلاح المعارضة المصرية لإسقاط الإسلاميين
  مقتل "وسام الحسن".. نيران سوريا تشعل لبنان
  المتاجرون بحقوق المرأة في الدستور المصري
  الفتاة المسلمة في "سنة أولى جامعة"
  حرائر سوريا .. زوجات لا سبايا
  الدولة العلوية.. ما بين الحلم والكابوس
  ما هي نقاط الضعف الأبرز لدى الإسلاميين؟
  المراهقة وجيل الفيس بوك
  التحرش .. أزمة مجتمع
  هجمات سيناء .. كيف نفهمها؟!
  شروط تجار الثورة لإنقاذ ما تبقى منها
  خطة عنان لسوريا.. إحياء لنظام أوشك على السقوط
  وفاة شنودة وأثره على مصر والكنيسة الأرثوذكسية
  يا معشر العلمانيين .. من أنتم؟!
  يا فاطمة الشام .. إنما النصر قاب قوسين أو أدنى
  فشل الإضراب ولكن .. رسالة لمن عارضه
  الانتخابات وتناقضات القوى الليبرالية العلمانية
  هل تغير الموقف الروسي من نظام الأسد؟!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الناصر الرقيق، حسن عثمان، أ.د. مصطفى رجب، عمار غيلوفي، إيمى الأشقر، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، إياد محمود حسين ، د - شاكر الحوكي ، رضا الدبّابي، طلال قسومي، كريم فارق، علي الكاش، عزيز العرباوي، يزيد بن الحسين، مصطفى منيغ، مجدى داود، د- جابر قميحة، عبد الله زيدان، أشرف إبراهيم حجاج، محمد الياسين، د. خالد الطراولي ، د - عادل رضا، تونسي، كريم السليتي، صلاح الحريري، فتحـي قاره بيبـان، د- هاني ابوالفتوح، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، رافع القارصي، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمود علي عريقات، إسراء أبو رمان، حميدة الطيلوش، ماهر عدنان قنديل، ياسين أحمد، أحمد النعيمي، منجي باكير، فوزي مسعود ، عراق المطيري، سلوى المغربي، د- محمد رحال، صفاء العربي، د. طارق عبد الحليم، صباح الموسوي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد محمد سليمان، عمر غازي، د - الضاوي خوالدية، أحمد الحباسي، أبو سمية، المولدي الفرجاني، مراد قميزة، د. عبد الآله المالكي، صالح النعامي ، عواطف منصور، رافد العزاوي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بوادي، رمضان حينوني، سامح لطف الله، أحمد ملحم، محمد شمام ، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ضحى عبد الرحمن، حسن الطرابلسي، الهادي المثلوثي، الهيثم زعفان، حاتم الصولي، محمد الطرابلسي، فتحي العابد، محمد عمر غرس الله، د - صالح المازقي، محمد أحمد عزوز، د - المنجي الكعبي، جاسم الرصيف، سلام الشماع، محمود سلطان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد بشير، محمد العيادي، عبد الرزاق قيراط ، سليمان أحمد أبو ستة، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسني إبراهيم عبد العظيم، صلاح المختار، صفاء العراقي، د - مصطفى فهمي، علي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، سامر أبو رمان ، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني، محمود طرشوبي، د - محمد بن موسى الشريف ، د - محمد بنيعيش، أنس الشابي، د. صلاح عودة الله ، مصطفي زهران، محمد يحي، فتحي الزغل، د. عادل محمد عايش الأسطل، فهمي شراب، د.محمد فتحي عبد العال، يحيي البوليني، خالد الجاف ، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، وائل بنجدو، رشيد السيد أحمد، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة