البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

في العراق : نسمع جعجعة ولا نرى طحينا

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5197


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


منذ عشرة سنوات تقريباً كان يعتقد بعض المتفائلين وفي بعض التفاؤل المؤسس على الوهم سذاجة، وصدق البعض أن الولايات المتحدة ستقيم نظاماً ديمقراطياً يجد فيه جميع العراقيين الملاذ الآمن في حماه وفي ربوعه، العراقيين أي كانت انتماءاتهم الدينية والعرقية، صدقوا أن تأتي الولايات المتحدة بكل صخبها وقرقعتها اتقتل وتدمر، لتقيم في النهاية نظاماً لا علاقة له بالديمقراطية ولا بالديكتاتورية ولا بأي مصطلح من مصطلحات النظم السياسية.

وفي الواقع، أن الولايات المتحدة لم يكن هدفها إزالة نظام وإقامة نظام غيره، بل كان إزالة نظام وإحلال الفوضى محله، بإدخال حليفين لها في ترتيبات العراق وغير العراق هما إيران وإسرائيل، بأتفاق على فقرة واحدة من صلب استراتيجية الحلفاء الثلاثة، هو إنهاء العراق ككيان سياسي مؤثر في قضايا الشرق الأوسط، ومن مفردات تلك الخطة السوداء، إعداد المسرح السياسي العراقي بطريقة لا ولن يتفق أطرافه على شيئ حتى على حاصل ضرب خمسة في خمسة.

وما يطلق عليها عملية سياسية هي مأساة ملهاة، لها نتيجة واحدة فقط، تتمثل بإبقاء العراق محطماً وخارج الحسابات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. ومن ذلك تأسيس وسط سياسي يجمع أطراف عملية لا مصلحة مشتركة لديهم في العمل المشترك، بمعنى آخر: كل يسحب الحبل بأتجاه عربته، والنتيجة العلمية المنطقية هي أن العربة المشتركة ستراوح محلها، هذا ما لم تغطس في المزيد من الرمال، ولا ينظر سوى المزيد من التحطيم للعربة المحطمة، بل تزيدها تحطيماً على تحطيم.

ما يطلق عليهم (أطراف العملية السياسية) هم ليسوا بأطراف في الواقع القانوني والسياسي العلمي. وبادئ ذي بدء فإن الفكر السياسي علمياً لا يعتبر كل من تزعم جماعة من الناس قائداً سياسياً، وبالتالي فهي ليست بالعملية السياسية إلا بقدر الكلمات فقط، ذلك أن العملية السياسية ومواقف الكتل وقادة المجموعات متفاوتة للغاية في أهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لدرجة يصعب وجود قاسم مشترك بينها، وهي بالتالي عملية لا يراد منها الوصول لنتيجة، فالعملية كما أسلفنا مصممة على أساس أن لا تلتقي هذه المجاميع أبداً، وإذا اتفقت يوماً، فما اتفاقها إلا لإلحاق المزيد من الضرر.

والكتل السياسية تتفاوض عادة، من أجل تشكيل حكومة، أما إذا كان الأمر خطير فتسمى حكومة إنقاذ، بوجود قاسم مشترك بين الكتل كما يتطلب الأمر قدراً معقولاً من التكافؤ في القيمة الاعتبارية، والقدرة على اتخاذ القرارات، ومن أولى شروط التفاوض هو قدرة وصلاحية المفاوض على اتخاذ القرار، بل وأن بروتكولات التفاوض تحتم أن يؤكد المتفاوضون على ما يثبت صلاحيتهم لإدارة المفاوضات والتوقيع على قرارات، وهذا شرط رئيسي لإدارة مفاوضات ناجحة تتوصل إلى نتائج، وهو ما لا يتوفر في كافة أطراف العملية السياسية، ففي نهاية المطاف ستعود الأطراف كل لاستلام التعليمات من الجهة التي ترتبط بها. وجهات الاحتلال الثلاث متفاهمة على أن لا يكون هناك حل جذري، ربما هناك تأجيل لاصطدام محتمل بوضع خطوط حمراء أو سوداء أو بنفسجية، ولكن ليس هناك ضوء أخضر لوضع الأسس في بناء دولة حديثة ديمقراطية، وإلا سيصح المثل في المحتلين: كأنك يا أبو زيد ما غزيت ..!

الامريكان يضعون خطوط حمر لرئيس الوزراء المالكي، وتضع إيران خطوط حمراء للسيد البرزاني، وخطوط أقل اشتداد في اللون للأطراف الأخرى على أساس أنها أطراف ثانوية، والتي تلعب دور المسهل أو المعرقل الشكلي، والأمر في نهاية المطاف لا يتقرر على طاولة مفاوضات أطراف العملية السياسية، بل في الكواليس وبين أطراف الاحتلال، وفي ذلك تتداخل خطوط وشخوط وخطط، الله يعلم أين تبدأ وأين تنتهي، ولكنها قطعاً ليست ضمن حدود العراق، وهكذا يتحول الوطن إلى ملعب مصالح ومندوبين لتلك المصالح، في بلد ينهشه الفساد يموت أبناؤه على حواجز الجيش الحكومي أو الشرطة الميليشاوية، أو عصابات تابعة لأطراف العملية السياسية، ثم يراد لعملية سياسية أن تنجز شيئاً لن يكون.

إذا كانت التنمية ملفاً يرفضه الجميع، والأمن شأن إيراني وإسرائيلي، والهاتف خط أحمر أمريكي، والكهرباء خط أحمر إيراني، وتوفير الماء الصالح لا يهتم به أحد، فماذا تبقى لقادة العملية السياسية ليتفاهموا عليه ..؟

نعم هناك حديث عن عراق جديد، وعن ديمقراطية، وعن أمن ولكننا كالمثل القائل: نسمع جعجعة ولا نرى طحين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المقالة جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 21 / نوفمبر / 2012


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الإحتلال الأمريكي، المقاومة، المالكي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-11-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سلوى المغربي، د- محمود علي عريقات، ضحى عبد الرحمن، سعود السبعاني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، علي الكاش، صفاء العراقي، جاسم الرصيف، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - محمد بن موسى الشريف ، سفيان عبد الكافي، يزيد بن الحسين، حسن عثمان، الهادي المثلوثي، رضا الدبّابي، أنس الشابي، د - محمد بنيعيش، ماهر عدنان قنديل، الهيثم زعفان، عمر غازي، كريم فارق، محمود فاروق سيد شعبان، محرر "بوابتي"، محمد العيادي، عبد الرزاق قيراط ، د- جابر قميحة، مجدى داود، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سليمان أحمد أبو ستة، د. عبد الآله المالكي، د - مصطفى فهمي، د. أحمد بشير، د - شاكر الحوكي ، مراد قميزة، أبو سمية، الناصر الرقيق، د. خالد الطراولي ، محمد شمام ، حسن الطرابلسي، د- هاني ابوالفتوح، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فوزي مسعود ، المولدي الفرجاني، إيمى الأشقر، إسراء أبو رمان، عواطف منصور، طلال قسومي، صلاح الحريري، صباح الموسوي ، فهمي شراب، رحاب اسعد بيوض التميمي، سامح لطف الله، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، عزيز العرباوي، سيد السباعي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - صالح المازقي، حاتم الصولي، رمضان حينوني، عمار غيلوفي، د.محمد فتحي عبد العال، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، د. طارق عبد الحليم، مصطفي زهران، خبَّاب بن مروان الحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، رشيد السيد أحمد، نادية سعد، كريم السليتي، عبد الله الفقير، فتحـي قاره بيبـان، د - عادل رضا، وائل بنجدو، يحيي البوليني، محمود سلطان، سامر أبو رمان ، فتحي الزغل، د. صلاح عودة الله ، رافد العزاوي، صفاء العربي، أحمد ملحم، محمد الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، صلاح المختار، فتحي العابد، محمد يحي، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد محمد سليمان، صالح النعامي ، د- محمد رحال، تونسي، رافع القارصي، عبد الله زيدان، عبد الغني مزوز، سلام الشماع، خالد الجاف ، العادل السمعلي، أحمد النعيمي، منجي باكير، أحمد الحباسي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، علي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، د - الضاوي خوالدية، محمود طرشوبي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة