البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

العاقل من يعرف أهون الشرين

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4757


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


اليوم 18 / تموز / 2012 بينما الأخبار في كافة المحطات تشير إلى التهاب الوضع في سورية، بلاد تحترق بدون أن يكون لذلك مصلحة حقيقية للبلاد أو للشعب فلماذا هذه الخسائر إذن ...؟ لماذا يعيش العراق أزمات لا نهاية لها، ألا يستحق الأمر منا البحث عن منبع الازمات، أو جوهر الأزمة وباعثها الحقيقي.

ترى أين يكمن جوهر الإشكالية، فالأمر وإن أختلف في العراق عن الموقف السوري، فهو اختلاف شكلي، ولكن الجوهر متشابه. إذ بتقديري أن الإشكالية الرئيسية العامة هي أن الشعوب في منطقتنا والعالم اليوم لم تعد تقبل بإرادة أجنبية في الحياة السياسية، ونحن لم نعد على أعتاب، بل في قلب ثورة مواطنية / ديمقراطية ستأخذ اقطارنا العربية ومنها العراق، وربما أقطار أخرى شرق أوسطية غير عربية إلى عصر جديد، ثم أن الموقف المعاصر والثقافة السياسية في العالم اليوم في مرحلة تداعت فيها امبراطوريات شمولية لم تعد تحتمل الاستئثار بالسلطة كيفما كان وأينما كان. هذه مرحلة جديدة ندعو جميع السياسيين المخضرمين منهم خاصة والشباب، والحركات السياسية أن تستوعب الدروس التاريخية والفلسفية البليغة للثورات العربية وأن تفعل ما يلزم للتلائم مع هذه المعطيات، وهي ليست مسألة مستحيلة، لا مراء ولا جدال ... العالم ومنه أقطارنا في قلب مرحلة تاريخية جديدة.

الاستئثار بالسلطة للفرد أو للحزب عصر أنتهى، سواء كان استئثاراً يجري تحت شعارات طبقية / اجتماعية أو قومية أو دينية أنتهى لأنه يخالف الحياة ويعاكس وعي الشعب وإرادته. فالاستئثار عدا كونه مدخلاً عريضاً رحباً للفساد المالي / الحكومي وللإثراء غير المشروع، فإنه يعني أن فئة معينة تتحكم بالحياة، وأنها تملي على المجتمع بأسره وجهة نظرها وتفرض طريقة حياة سياسية واجتماعية وهو لم يعد مقبولاً، وإن ما يجري هو املاء لسياسة القوة، سيان سواء بطريقة ناعمة مرنة أو فظة، قد تبدأ ناعمة تحت شعارات أئتلاف، جبهة، تحالف، ولكنها تنطوي في الحقيقة على رغبة في الاستئثار، والانفراد. ثم أن سياسة الاستئثار بالسلطة تقود كنتيجة حتمية إلى سياسة مواجهة الاحتجاج الشعبي بالقوة الأمنية أولاً ثم تصعيداً وصولاً إلى استخدام القوات المسلحة، وهي سياسة فاشلة بامتياز سقطت في كل المجتمعات، والباقي منها ينتظر السقوط، وإذا طال انتظار سقوطه فهذا لا يعني أنه سيستمر، بل سيكون سقوطه مدوياً أكثر.

حل الأزمة جوهرياً يكمن في قبول الانسحاب من مسرح السياسة، بل إذا تم الانسحاب اختيارياً فقد لا يكون انسحاب نهائي، بل يبقيه شخصاً كان أم حركة سياسية، لاعباً مهماً في الحياة السياسية، ولكن الاستئثار وبالتالي الدكتاتورية والطغيان تطرح حلولاً أقلها وأكثرها تواضعاً هو رحيل الطاغية. الحل الأفضل هو العودة للشعب. وهذا ليس بعيب، ولا عار، ونحن مواطنون عراقيون والعار هو أن ندع الأجنبي يتحكم في بلادنا، لنعد إلى الشعب، فعندما يقع الفاس بالراس لا يفيد الندم ولا المراجعة، والحكمة كل الحكمة في اختيار الحلول التي تستبعد الكارثة.

لا أعلق اهمية كبيرة على صفقات سياسية لا تعالج الوضع بصفة شاملة، أنا أدعو كل السياسيين العراقيين إلى التحلي بنظرة بعيدة عميقة الغور، وإلى العودة للجذور، أما المعالجات الوقتية السطحية فستخلق الحاجة إلى معالجات جديدة، لا أريد أن أقلل من أهمية أية شخصية سياسية عراقية، فنحن ننظر للمحتوى وإلى ركائز الحلول وآفاقها، ومن هنا ندرك أن الحلول السطحية ستخلق بالطبع نتائج سطحية، والتناقضات في العراق أعمق من أن تحلها صفقات أو تفاهمات كهذه، الأوضاع الداخلية إذا فكر أحد أو جهة بمعالجته بالوسائل السياسية وعبر تفاهمات وتوافقات، فينبغي أن يكون ذلك البحث جدياً، ومقنعاً وعميق الأثر بحيث لا يترك أي خلية مهما كانت صغيرة دون أن يعالجها بحكمة. الإبعاد والإقصاء والتهميش والاجتثاث، واستطراداً القمع الامني أو المسلح هو آخر ما يمكن أن ينفع في علاج إشكالية مزمنة كإشكالية الوضع في العراق كنتيجة للاحتلال وتواصل تعقيداته.

أي سياسي ذا خبرة بسيطة يدرك تماماً أن العراق سوف لن يشهد تقدماً في أي مجال، لا اليوم ولا بعد قرن، ما لم نتوصل إلى دولة تضمن ولاء جميع المواطنين لها، تضمن قناعتهم ومحبتهم وإخلاصهم، انطلاقاً من قناعة راسخة أن البلاد ملك الجميع بدرجة متساوية تماماً، سوف لن تحصل تنمية ولن نتوصل إلى تقدم علمي، دون زج كافة طاقاتنا لبناء الوطن الذي نحب.

الأفراد زائلون، سوف لن يبقى في النهاية سوى العراق، ومن أجله وله ينبغي أن تتجه الأنظار والعقول، وبالطبع الحلول. فالعاقل هو ليس من يعرف الخير من الشر، بل هو من يعرف أهون الشرين.

سوى ذلك قبض ريح وحرث في الماء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة تلفازية مع إحدى القنوات العربية بتاريخ 18: تموز / 2012



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، الثورة السورية، بشار الأسد، مقتل القيادة السورية، آصف شوكت،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-07-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سلام الشماع، حسن الطرابلسي، إياد محمود حسين ، رمضان حينوني، أنس الشابي، د - صالح المازقي، العادل السمعلي، رافد العزاوي، أحمد الحباسي، محمد شمام ، محرر "بوابتي"، د - مصطفى فهمي، عبد الرزاق قيراط ، تونسي، أبو سمية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حاتم الصولي، الناصر الرقيق، أحمد النعيمي، محمد الياسين، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، عزيز العرباوي، سامح لطف الله، عبد الله زيدان، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد يحي، رافع القارصي، سفيان عبد الكافي، خالد الجاف ، مراد قميزة، د. صلاح عودة الله ، محمود فاروق سيد شعبان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، إيمى الأشقر، ماهر عدنان قنديل، محمد اسعد بيوض التميمي، علي عبد العال، د- محمود علي عريقات، عواطف منصور، علي الكاش، محمد العيادي، محمد أحمد عزوز، أحمد ملحم، د. مصطفى يوسف اللداوي، يحيي البوليني، كريم السليتي، رشيد السيد أحمد، د.محمد فتحي عبد العال، صالح النعامي ، الهادي المثلوثي، سيد السباعي، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفى منيغ، أحمد بوادي، فتحي الزغل، د. عبد الآله المالكي، صفاء العربي، نادية سعد، محمد عمر غرس الله، د - عادل رضا، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود سلطان، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، إسراء أبو رمان، د- محمد رحال، فوزي مسعود ، خبَّاب بن مروان الحمد، يزيد بن الحسين، جاسم الرصيف، حميدة الطيلوش، وائل بنجدو، صفاء العراقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلوى المغربي، د - شاكر الحوكي ، فتحـي قاره بيبـان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح المختار، عبد الغني مزوز، د. أحمد محمد سليمان، د. أحمد بشير، المولدي الفرجاني، فتحي العابد، محمد الطرابلسي، أشرف إبراهيم حجاج، صباح الموسوي ، سامر أبو رمان ، أ.د. مصطفى رجب، مصطفي زهران، طلال قسومي، ياسين أحمد، د- جابر قميحة، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، عمر غازي، كريم فارق، حسن عثمان، الهيثم زعفان، مجدى داود، محمود طرشوبي، منجي باكير، رضا الدبّابي، فهمي شراب، عمار غيلوفي، سعود السبعاني، د - محمد بن موسى الشريف ، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة