ملخص بحث: "سياسات رعاية الطفولة في المجتمع اليمني بين الواقع والمأمول" دراسة تكاملية من منظور الخدمة الاجتماعية
د. أحمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10435
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رغم أن رعاية الطفولة وحمايتها تعد اليوم من الأولويات المهمة والقضايا الحيوية والمصيرية التي توليها المجتمعات عامة والمجتمع اليمني بخاصة إهتماماً متزيداً، وبخاصة في العقود الأخيرة حيث اتخذ المجتمع اليمني العديد من التدابير والاستراتيجيات التي تعمل على ربط رعاية الطفولة بقضايا ومسائل التنمية البشرية Human Development ، وأوجد العديد من المؤسسات والهيئات والقطاعات الرسمية وغير الرسمية التي تعمل على تنفيذ البرامج والمشاريع المتعلقة بالطفولة وتنميتها، استناداً إلى مبررات هامة لعل من أبرزها أن الأطفال يشكلون ثقلاً مهماً في التركيبة السكانية بالمجتمع اليمني ويصلون إلى حوالي 48% من إجمالي السكان( 1)
إلا أن الدراسات والبحوث الميدانية تشير، والواقع يشهد ويؤكد أن الطفل اليمني ما زال يواجه العديد من المشكلات (التربوية، الإجتماعية، التعليمية والصحية ....وغيرها ) التي تعيق نموه الطبيعي، وتحد من إمكانية جعله فرداً سوياً، كنواه لجيل يمني سوى يصنع المستقبل الحضاري المنشود للمجتمع اليمني، ويحقق الآمال والطموحات التي يصبو إلى تحقيقها، وهو الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في السياسات والبرامج المعتمدة لرعاية الطفولة، وإلقاء الضوء على جوانب القصور فيها، والعمل على التوصل إلى سياسة متكاملة لتحقيق الأهداف المنشودة، وتلافي أوجه القصور في السياسات والبرامج والمشروعات القائمة حالياً.
وإسهاماً منا في تحقيق هذا الهدف جاءت هذه الورقة التي تستهدف في المقام الأول المراجعة النقدية للسياسات والجهود القائمة لرعاية الطفولة في المجتمع اليمني، ومن ثم اقتراح بعض المؤشرات التي نرى أهمية الأخذ بها في تصحيح الوضع الراهن، وتفعيل سياسات وبرامج الرعاية الموجهة لرعاية الطفل اليمني.
وفيما يلي موجزا للجوانب والنقاط التي تناولتها الورقه الراهنة :
1- الرعاية الاجتماعية وقضايا الطفولة:
- تنامي حجم الفئة العمرية التي تمثل مرحلة الطفولة في التركيب السكاني في المجتمعات العربية والإسلامية حتى بلغت (نصف عدد السكان تقريباً )،
- أن سياسات وبرامج رعاية الطفولة إنما تستهدف العمل على:
* إشباع إحتياجات الأطفال (على تنوعها وتعددها وتغيرها).
* التعامل مع المشكلات والصعوبات التي تعاني منها الطفولة في كل مكان وعلى كافة المستويات،
* تهيئة أنسب السبل للتنشئة السليمة للأطفال، وتنمية القدرات والملكات المختلفة لهم .
- أن تلك السياسات والبرامج ينبغي أن تغطي ثلاث مستويات:
* المستوى الوقائي.Preventive Level
* المستوى العلاجي. Theraputic Level
* المستوى التنموي. Developmental Level
- أن برامج رعاية الطفولة ينبغي أن تتضمن:
* الأساليب المباشرة للعمل مع الأطفال والأسر والمتعاملين معهم على مستوى الأفراد والجماعات.
* الأساليب غير المباشرة للعمل مع المنظمات والمجتمعات المحلية والمجتمع القومي(النظم الاجتماعية والتغيرالاجتماعي)، والسياسات- الخطط - وإدارة المؤسسات الاجتماعية.
- أن المشكلات التي يتعرض لها الطفلفي المجتمع اليمني أو يعاني منها خلال مراحل نموه المختلفة، هي مشكلات متعددة ومتنوعة منها : العنف الموجه ضد الأطفال، إساءة المعاملة، الإهمال، التسول، أطفال بلا مأوى(أطفال الشوارع)، مشكلات الأيتام، اللقطاء، المتاجرة بالأطفال، تشغيل الأطفال (عمالة الأطفال)، استغلال الأطفال في الحروب (تجنيد الأطفال)، الانعكاسات السلبية للحروب والنزاعات الأهلية والدولية على الأطفال، الأمراض والإعاقات، الفقر ونقص إشباع الاحتياجات، التسرب من التعليم، إنحراف الأحداث.
2- تحديد المفاهيم الرئيسة:
- مفهوم الطفولة في الدراسة الراهنة (الطرف المستجيب لعمليات التفاعل).
- مفهوم الخدمة الاجتماعية – كإحدى المهن الرئيسية العاملة في مجال رعاية الطفولة بالتعاون مع المهن الأخرى.
- مفهوم السياسة الاجتماعية.
- مفهوم التخطيط الاجتماعي.
3- الخدمة الاجتماعية وقضايا الطفولة :
- ميدان الطفولة ميدان هام ومتعدد التخصصات والمهن.
- ميدان الطفولة من الميادين الأساسية للممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية.
- هناك نموذجان لوظائف الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية الطفولة:
* الأول: نموذج الضبط الاجتماعي Social Control Model (خدمة الفرد وخدمة الجماعة خدمات مباشرة).
* الثاني: النموذج الإقتصادي والاجتماعي Social And Economic Model (تغيير النظم الاجتماعية وتعديلها).
- معالجة ظاهرة التفكك الاجتماعي الناجمة عن:
* عدم قدرة الأفراد والجماعات على الإستفادة من خدمات النظم الاجتماعية القائمة على إشباع احتياجاتها ومواجهة مشكلاتها.
* عجز النظم الاجتماعية عن تأدية وظائفها وتحقيق أهدافها على الوجه الأكمل.
- ومن ثم فإن جهود الخدمة الاجتماعية للحد من التفكك الاجتماعي تتمثل في:
* العمل المباشر مع الأفراد والأسر والجماعات بغرض تحقيق التكيف والتوافق مع النظم الاجتماعية.
* هذا التوافق مع النظم القائمة ليس كما هي وإنما كما ينبغي أن تكون(تعديلها وتغييرها).
* أن كلا الأمران يتطلبان عملاً ممنهجاً على مستوى السياسات والخطط والبرامج والمشروعات.
- الخدمة الاجتماعية تتميز عن غيرها من المهن العاملة في مجال رعاية الطفولة بأنها مهنة صانعة سياسة.
- الخدمة الاجتماعية تعمل على نطاق واسع في مجالات عديدة، الأمر الذي يجعلها أكثر قدرة على المساهمة الفاعلة في مجال رعاية الطفولة.
فالممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية ليست قاصرة على مجال رعاية الطفولة وإنما هناك مجالات أخرى وثيقة الصلة بمرحلة الطفولة ومن أهمها:
مجال رعاية الأسرة والأمومة.
المجال المدرسي والتعليمي
المجال الصحي والتأهيلي.
مجال الفئات الخاصة والمعاقين.
مجال انحراف الأحداث.
مجالات التنمية المحلية (الريفية والحضرية).
4- نظرة نقدية لواقع السياسة الاجتماعية لرعاية الطفولة في المجتمع اليمني :
- أن تقدير الموقف الراهن والمراجعة النقدية للجهود القائمة هي نقطة الإنطلاق نحو التغيير المنشود.
- فهم الطبيعة الإنسانية والإلمام بمكونات الإنسان هي الأساس لأية سياسات أو برامج للرعاية الاجتماعية، إذ أن نجاح وفاعلية تلك السياسات تتوقف على التصور الحقيقي للطبيعة الإنسانية.
- أن العلوم الاجتماعية والإنسانية الحديثة قائمة على تصور مادي للطبيعة الإنسانية، بينما يقوم التصور الإسلامي للطبيعة الإنسانية على البعد الروحي والبعد المادي معا،
- ومن هنا فإن التوجيه الإسلامي للعلوم الاجتماعية والإنسانية وهمن المساعدة الإنسانية، يصبح أمراً هاماً لتصحيح مسيرة تلك العلوم والمهن وتصويبها، ومن ثم تفعيل دورها في المجالات التطبيقية ومن بينها سياسات الرعاية الاجتماعية للطفولة، مع مراعاة البعد الغائب في السياسات والبرامج القائمة وهو البعد الروحي إلى جانب الأبعاد الأخرى، واعتماد الوحي كمصدر معتمد للمعرفة إلى جانب الحواس والعقل.
- أن المراجعة النقدية للسياسات المعتمدة لرعاية الطفولة كشفت عن :
* إغفال البعد الروحي في برامج وجهود الرعاية الإجتماعية للطفولة * التأثر بالنموذج الغربي الذي نشأ متأثراً بأيديولوجية محددة (النظرة المادية فقط)،
- النظر إلى الأطفال على إنهم فئة واحدة متجانسة،
- صعوبة وضع سياسات وبرامج ذات صبغة عامة.
- الاعتماد على النظرة الجزئية والإفتقار إلى الشمول والتوازن والتكامل، حيث :
* النظر إلى كل مشكلة باعتبارها منفصلة عن غيرها من المشكلات الأخرى.
* التعامل مع كل مشكلة بين سياسة رعاية الطفولة وسياسات الرعاية الاجتماعية للفئات الأخرى.
* التركيز على المؤسسات الإيوائية القائمة على عزل الأطفال.
* التركيز على البعد العلاجي وإغفال البعاد الوقائية والإنمائية.
* افتقاد التكامل بين التخصصات العلمية والمهنية.
5- السياسة المقترحة:
- أن هناك حاجة ماسة لسياسة اجتماعية جديدة ومتكاملة لرعاية الطفولة في المجتمع اليمني تقوم على كل ماسبق الإشارة إليه من حقائق واعتبارات،.
- أن هناك مجموعة من الأسس والركائز التي تستند إليها السياسة المقترحة وهي :
* أن المحور الديني والأخلاقي والقيمي هو الأساس الذي تنطلق منه وتبنى من خلاله السياسة المقترحة،
* التكامل والشمول،
* الواقعية،
* المرونة،
* الموضوعية،
* الأسلوب العلمي،
- أبعاد ومكونات السياسة المقترحة :
إعتبار البعد الديني والأخلاقي هو المحور الأساسي، وتنبثق منه وترتبط به مجموعة من الأبعاد الأخرى وهي:
1- البعد التربوي والأسري.
2- البعد التعليمي.
3- البحث العلمي
4- البعد التشريعي.
5- البعد الرعائي الخدمي.
6- البعد الاقتصادي.
7- البعد الإعلامي.
************
الهوامش :
=====
(1) - المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل، التقرير الاجتماعي السنوي، الإصدار السنوي الأول، 2007م، ص 48.
--------------- أ.د/ أحمد يوسف بشير
أستاذ ورئيس قسم الخدمة الاجتماعية – جامعة صنعاء
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: