البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من "الإسلام والدّيمقراطية"... الجزء السادس

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4821 groupfaz@yahoo.fr


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


...كما تكلّم الإسلام في الحرب، و جعل لها شرعة تقوم على فصل واضح بين الدّفاع و الهجوم. وحدّ بحدّ المنع القتلَ، إلّا في مواضع معيّنة. و حرّم الفتك بالحيوان و بالشّجر وبالطّفل و بالشّيخ و بالمرأة. و سنّ أحكامًا للغنيمة. و شرّع حدود استغلال خيرات و مقدّرات الشّعوب المنهزمة. درجةً يُمكن القولُ عندها أنّ ما أقرّه الإسلام في هذا المجال يُعتبرُ سابقةً في النّضج البشريّ لم تتجاوزه كل النُّظم و الدّول منذ بداية التاريخ إلى يومنا هذا.

فالإسلام حرّم الاستعمار كما وُجد في أواخر القرن التّاسع عشر إلى اليوم، وكما وُجد في الحقبات التّاريخية السّابقة. رغم أنّ جيوش الإسلام عاشت لفترات أكبر قوّة، دخلت بفضلها لعديد الأمصار و الأقطار. إلاّ أنها لم تستعبد شعوبَها، و لم تُصادر أموالَهم، و لم تُلزمهم بتغيير نهج حياتهم، و لم تُسخّر أهلها في حروبها. و لم تستجلب مصادر ثروتهم الطّبيعية لدولة المركز. بل فرضت على من يختار البقاء على دينه من تلك الشّعوب ضريبة تُعدّ زهيدة إذا ما قارنّاها بما تدفعه الشّعوب اليوم و قبل اليوم، نظير الحماية و الذّود عن محارمها، بما في ذلك دور العبادة فيها، و حقولها، وديارها، و مسالك إنتاجها. وأبقت على مجتمعات تلك الشّعوب دون إعمال التّغيير بالقوّة. فكان أن حصل تغيّرٌ في نمط عيشها بتأثير القدوة الحسنة، و التّقيّد بفكرة الحقّ و العدل في المعاملات، وصولا إلى الاقتناع التّدريجي بالدين الإسلامي المبني على المنطق و العقل، الذي و إن حصل فهو يُغيّر الفرد و المجتمع جذريّا لتكلّمه في كلّ مجالات الحياة الشّخصية و الجماعيّة بما نفصّله الآن.

و أحكام الإسلام في مجال الحرب و العلاقات الدّولية إنما تصبّ عمومها إلى تأسيس قيم كونيّة اصطبغت بطابع إنساني بمفهومها المعاصر، لم يُدركها الفكرُ البشريّ إلاّ بعد الحرب العالميّة الثّانية، أي بعد أكثر من ألف و أربع مائة سنة من أوّل نزول الوحي على الرّسول محمد صلى الله عليه و سلّم. و قد أثبتت عديد الدراسات المعاصرة هذه الفكرة، إلاّ أنّها لم تلق الاهتمام و الرّواج الذي تستحقّ. و أستطيع القول هنا أنّ الأحكام الإسلاميّة هذه، تتطابق تماما مع تلك القيم الإنسانيّة التي أفرزتها المعاهـدات والمنظّمات الدّوليّة في العقود الأخيرة من الحياة البشريّة. و التي تُعدُّ ركنا أساسًا في مفهوم الدّيمقراطية العام من حيث تأسيسها لحرّية الفرد، و منع الظّلم الفكري و البدني عليه، و اعتباره محور كلّ الفكر الإنساني... إلاّ أنّ الألفاظ اختلفت مثل اختلاف مواطن تطبيقها، ففي حين طبّق المجتمع المسلم تلك الأفكار على غيره قبل نفسه منذ قرون، لازلتُ أرى تطبيق هذه الأفكار منحصرا داخل المجتمعات الديمقراطيّة العريقة المعاصرة. و في نفس الوقت تُعــمِل الظّلــــــم و القــــــهر و الاستبداد على غيرها في خارج حدودها.

و سبقُ التشريع الإسلاميُّ للنظم القانونيّة الوضعيّة الحديثة و المعاصرة، يكمن حسب رأيي في أنّ البشريّة وصلت إلى قوانينها عبر قرون من التّجارب و ما تحويه من نجاح و فشلٍ لتلك القوانين، بالنّظر إلى أنّها تستنتج بنفسها مدى مُقايسة النّصوص لتعقيدات الحياة في تطوّرها، العمليّة التي تأخذ وقتا لا بأس به في الارتقاء من مستوى إلى مستوى آخر يليه. بينما الوتيرة السريعة لتشريعات الإسلام و قوانينُه كانت لأنّ مُصدرَها قوّة غيرِ بشريةٍ، لا تعتمد منهج الخطإ و الاستنتاج.
لكن يبقى السؤال - الإشكال في هذا الكتاب - هل تكلّم الإسلام في منظومة حكم الشعب؟ و هل سنّ ما يمكن اعتباره حكم الشعب نفسه؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإسلام، الديموقراطية، الإسلام والديموقراطية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-06-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سفيان عبد الكافي، رافع القارصي، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، د- محمود علي عريقات، محمد اسعد بيوض التميمي، عزيز العرباوي، سلوى المغربي، محمود سلطان، عبد الرزاق قيراط ، إيمى الأشقر، كريم فارق، كريم السليتي، إياد محمود حسين ، د - محمد بنيعيش، د - المنجي الكعبي، فوزي مسعود ، فتحي الزغل، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، محمد أحمد عزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الله زيدان، د.محمد فتحي عبد العال، يزيد بن الحسين، فتحي العابد، أحمد النعيمي، الهادي المثلوثي، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، أنس الشابي، سليمان أحمد أبو ستة، صفاء العراقي، سعود السبعاني، محمد شمام ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمود طرشوبي، د - مصطفى فهمي، د. خالد الطراولي ، د- جابر قميحة، وائل بنجدو، جاسم الرصيف، نادية سعد، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، عراق المطيري، صفاء العربي، محمد العيادي، حسن الطرابلسي، أحمد بوادي، د. عبد الآله المالكي، يحيي البوليني، محمد الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد بشير، خالد الجاف ، سامر أبو رمان ، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، أحمد ملحم، عبد الله الفقير، علي الكاش، صلاح الحريري، فهمي شراب، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، تونسي، سامح لطف الله، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، حسن عثمان، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، خبَّاب بن مروان الحمد، أبو سمية، محمود فاروق سيد شعبان، الهيثم زعفان، محمد الياسين، د- محمد رحال، مجدى داود، مصطفى منيغ، رمضان حينوني، د. أحمد محمد سليمان، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافد العزاوي، حاتم الصولي، حميدة الطيلوش، طلال قسومي، عواطف منصور، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، د. صلاح عودة الله ، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، محمد يحي، سيد السباعي، صلاح المختار، د. طارق عبد الحليم، علي عبد العال، د - الضاوي خوالدية، محرر "بوابتي"، العادل السمعلي، مراد قميزة، د - محمد بن موسى الشريف ، مصطفي زهران، د. ضرغام عبد الله الدباغ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة