البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فرنسا انتخبت "هولاند" رئيسا... هل تتغيّر السّياسات باختلاف الرّئيس؟

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4607


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أُسدل السّتار البارحة على الانتخابات الرّئاسة الفرنسية باختيار "فرانسوا هولاند" رئيسا سابعا للجمهوريّة الخامسة في هذا البلد، و بحكم العدد الكبير من العرب و المسلمين المقيمين بها، و بحكم قربها الشّديد لمنطقتنا المغاربية، و بحكم وزنها في السّياسة الدّولية العامّة ... تُعتبر فرنسا و ما سيحدث فيها محطّ أنظار العديد من المحلّلين عند تغيير رئيسها، خاصّة إذا ما أتى التّصويت برئيس من حزب يختلف راديكاليا مع حزب الرئيس المغادر.

و في عمليّة جرد بسيطة بين الرّجلين و من خلال ممارسات "ساركوزي" في الحكم، و خطابات "هولاند" الانتخابيّة، يمكن القول بأن سياسة فرنسا الاجتماعيّة و الاقتصاديّة في طريقها للتّعديل إن لم نقل للتّغيير... فالمدرسة اليمينيّة التي ينحدر منها الرّئيس المتخلّي تتمايز في هذين المجالين - بل و تتناقض أحيانا عند بعض المفاصل - عن المدرسة اليساريّة الاشتراكيّة القادم منها الرّئيس المنتَخب. و لعلّ ما يهمُّني كعربي مسلم مهتمّ بالشؤون الدّولية هو انعكاس السّياسات التي ينتهجها الرّئيس مهما يكن حزبه و توجّهه السياسي، على الإجراءات الخاصّة بالمهاجرين ووضعيّتهم في بلده، و مدى تمتّعهم هناك بحقوقهم الانسانيّة و الوطنيّة، و مدى إقرار تلك الإجراءات الخاصّة بالدّور الهـــام و المحوري لهذه الشّريحة الاجتماعية، الّتي تجد نفسها في أغلب الحالات ضيفة في بلد الهجرة و ضيفة في بلـــــــــدها، و ذلك لسوء حظّها لاقتصار وقت تواجدها بوطنها في أيّام العطل فقط. و من ثمّ فإن إجراءات الإدمــــاج و احترام الخصوصيّة هي من أولويّات اهتمامنا بأي رئيس أو سياسة في أيّ بلد في العالم.

و لعلّ ما شدّ انتباهي في صعود "هولاند" إلى الرّئاسة هو خلوّ الرّجل من تجربة الحكم أصلا... فقد صعد إلى الرئاسة عبر صعوده في حزبه. و شذّ بذلك عن قاعدة الارتقاء في المسؤوليات قبل الحلول بالرّئاسة. مع ما يثيره هذا الارتقاء من نقاط استفهام عن خبرته الإداريّة و التّرتيبية. و لعلّي أجد شبها هذه الأيام بينه و بين الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم في دول الرّبيع العربي بالانتخابات مثله... إلاّ أنّ تجربة الحكم تلك تعوزهم.
أمّا في السّياسة الخارجية ... فقد علّمتنا التّجارب مع البلدان العريقة في الدّيمقراطية، أن تغيّر شخص الرّئيس لا يغيّر سياستها الدّولية جذريّا... لأنّ الرّئيس في تلك النّظم، هو مؤسّسة متفاعلة مع مؤسّسات عديدة أخرى ينتهي أخذ القرار بينها بطريقة مركّبة تعتمد المصلحة الوطنيّة. و تختلف مع ما نعرفه – أو على الأقلّ ما عرفناه قبل الثورات - في نظمنا العربيّة المتخلّفة التي يعدّل فيها كل مسؤول داخل و خارج البلد تصرّفاته، و تصريحاته، و ما يحبّ، و ما يكره، على ساعة انفعالات الزّعيم و هواه.

و في نظري، بقدر ما يختلف الرئيسان في المدرسة السياسية فإنهم لن يتناقضا رأيا في أمّهات القضايا الدولية، فهكذا قضايا لن تعتمد على الانفعال و عن الواحديّة في الرأي... إلا أننا نستطيع أن نلمح تغييرا طفيفا في علاقة هذا البلد مع أوروبا مثلا، إذ كان "ساركوزي" أكبر سندا لهذا المشروع القارّي الضخم رغم بوادر فشله العديدة، لما يعطيه زخما قياديّا عالميّا يذكّي فيه روح الاستعراض التي تطبعه، و التي لا يغيب عن المحلّلين حبّه الشديد لها، رغم فراغ الرجل من مقومات الزعامة.
كما يمكن القول بأن السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – و هي السياسة التي تهمّنا قبل غيرها – هي سياسة يغلبُ عليها طابع الثبات، فمنحنى التغيير في هذه السياسة لم يشهد تحوّلا جذريّا أو انقلابا في البوصلة عبر الرؤساء الفرنسيين باختلاف مشاربهم الحزبية و الفكريّة. فهم إلى الكيان الإسرائيلي أقرب روحا و وجدانا منهم إلى العرب. رغم أنّ مصالح فرنسا مع العرب لا يمكن مقارنتها مع تلك التي تجمع هذا البلد الكبير بالكيان الإسرائيلي. إلاّ أنّ العرب هم الذين لم يُدركوا هذه المعادلة بعد، و أظنّهم لن يُدركوها في منظور العقد القادم من الزمن... الأمر الذي لن يؤثّر البتّة في السياسة الفرنسيّة نحو الكيان الصهيوني، إلاّ أنّي أعتقد أنّها ستشهدُ شيئا من التغيير، لأن الإسرائيليين خسروا "ساركوزي" لا شكّ في ذلك. حيثُ كان إيقاعه في شركهم لا يتطلّب منهم جهدا كبيرا. والرّجل قد ارتمى و انتهى في أحضـانهم حتى قبل ولوجه إلى الإيليزيه.... و تاريخ الاشتراكيين مع هذا الكيان أكثر استقلالا عن اليمينيين ممّن حكم فرنسا، رغم غياب المواقف الدّولية الشجاعة في هذا الصدد لدى الطّرفين.

و هنا نستطيع الجزم بأنّ أكبر الملفات التي تنتظر الرئيس "هولاند" في السياسة الخارجيّة، هو الملف السوري الذي أرّق المجتمع الدولي. و الملف الأفغاني و ما يحويه من تبعيّة فرنسا العمياء للولايات المتحدة الأمريكية. و الملف الإفريقي التي لم يعتن به "ساركوزي" العناية التي تستحقّ ، الشيء الذي أفقد فرنسا خلفيّتها التاريخيّة الإفريقيّة.لكن يبقى المُلاحظ بين الرئيسين، هو غياب القائد فيهما. القائدُ أو الزعيم الذي تعوّدنا عليه طيلة النصف الثاني من القرن العشرين. و لعلّي بفرنسا لم تشذّ بهذين الرجلين، عن موجة عالميّة ألمحها هذه الأيّام... إذ لم يصعد قائد - بمعنى القيادة الكلاسيكي للحكم - في جلّ البلدان في هذين العقدين. و أصبحنا نشاهد الجبّة أكبر من صاحب الجبّة... ففرنسا أكبر من "ساركوزي" حتما، و أراها أكبر من "هولاند" لا محالة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فرنسا، الإنتخابات الفرنسية، الإنتخابات الرئاسية، فرنسوا هولاند،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 8-05-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - عادل رضا، د. كاظم عبد الحسين عباس ، نادية سعد، عزيز العرباوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إيمى الأشقر، محمد الياسين، وائل بنجدو، رشيد السيد أحمد، فتحـي قاره بيبـان، يحيي البوليني، د. خالد الطراولي ، حسن عثمان، فتحي الزغل، محمود سلطان، د. طارق عبد الحليم، علي عبد العال، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، الهيثم زعفان، إسراء أبو رمان، جاسم الرصيف، طلال قسومي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد النعيمي، خبَّاب بن مروان الحمد، ماهر عدنان قنديل، ضحى عبد الرحمن، عواطف منصور، خالد الجاف ، فهمي شراب، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، أنس الشابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الغني مزوز، حسن الطرابلسي، د. أحمد بشير، د- هاني ابوالفتوح، مجدى داود، سلام الشماع، عبد الله الفقير، صلاح الحريري، المولدي الفرجاني، سعود السبعاني، الناصر الرقيق، كريم فارق، محمد الطرابلسي، محرر "بوابتي"، د.محمد فتحي عبد العال، محمد شمام ، د- محمود علي عريقات، مراد قميزة، محمد أحمد عزوز، أشرف إبراهيم حجاج، فوزي مسعود ، عراق المطيري، مصطفى منيغ، سيد السباعي، عبد الرزاق قيراط ، رضا الدبّابي، د - محمد بن موسى الشريف ، مصطفي زهران، رافع القارصي، فتحي العابد، د - شاكر الحوكي ، محمد عمر غرس الله، محمود فاروق سيد شعبان، صالح النعامي ، د. أحمد محمد سليمان، سفيان عبد الكافي، سامح لطف الله، رمضان حينوني، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، سليمان أحمد أبو ستة، تونسي، الهادي المثلوثي، سامر أبو رمان ، ياسين أحمد، علي الكاش، حميدة الطيلوش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، صلاح المختار، أبو سمية، محمد العيادي، عبد الله زيدان، العادل السمعلي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد اسعد بيوض التميمي، عمر غازي، د. صلاح عودة الله ، د- محمد رحال، يزيد بن الحسين، د- جابر قميحة، أحمد ملحم، منجي باكير، حسني إبراهيم عبد العظيم، صباح الموسوي ، صفاء العراقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سلوى المغربي، عمار غيلوفي، صفاء العربي، كريم السليتي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بوادي، أحمد الحباسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة