البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإنتاج الثقافي في تونس بين الندرة و التعارض مع الموروث الحضاري

كاتب المقال الناصر الرقيق - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6605


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تعتبر الثقافة المحرار الحقيقي لمدى تطور الشعوب فإذا أردت معرفة تقدم شعب ما، فأنظر إلى إنتاجه الثقافي و مدى تطابقه مع موروثه الحضاري.
لذلك إجتهد المفكرون في تعريف فئة المثقفين حيث يقول الشيخ راشد الغنوشي في كتابه "مقاربات في العلمانية و المجتمع المدني" صفحة 105 " نختار لتعريف فئة المثقفين في أمة ما أنهم القائمون على إنتاج عالم الأفكار و القيم و المروجين لها، المؤثرين في تصور الأمة لنفسها و لدورها و مكانتها و تاريخها و علاقتها بالأمم الأخرى و لتصور الإنسان عن نفسه و مكانته في المجتمع و الكون و معايير سلوكه و ذوقه "

و من خلال هذا التعريف يمكن أن نستنتج أن المعيار الذي يفصل بين المثقف و العامي، هو الإنتاج الفكري و الترويج له حيث تساهم هذه القيمة المنتجة في التأثير في الفرد و الأمة.

غير أن فئة المثقفين كثيرا ما عانت التهميش خصوصا إذا صادف تواجدها في وسط أمة متخلفة، لكن ما يلام عليه المثقف أنه في بعض الأحيان يترك الساحة فارغة أمام العامي الذي يرتدي جبة الثقافة و قد يتعلل المثقف بقلة الدعم و المساندة ( المثقف التونسي مثالا ) و حتى في صورة توفر الدعم فلن ترى إلا إنتاجا ثقافيا هزيلا لا يرقى إلى مستوى يمكنه من ولوج عقول أفراد الأمة لأنه ببساطة كل فرد يريد أن يرى نفسه في الإنتاج الثقافي لمثقفي أمته و هو ما لا يحدث إلا نادرا في تونس، فأغلب الإنتاج الثقافي لمثقفي بلادنا إذا ما أستثنينا البعض حتى أكون منصفا لا يشبه أفراد الشعب التونسي و لتنظروا لأغلب ما أنتج من كتب و روايات و أفلام سينمائية و مسلسلات و أغاني و أطرحوا سؤالين :
الأول هل يرقى هذا الانتاج إلى مستوى يمكن من إعتباره ثقافيا ؟
و الثاني ما مدى تطابق هذا الإنتاج مع الموروث الحضاري للشعب التونسي ما يجعله مرآة له ؟
لنبدأ بمحاولة الإجابة على السؤال الأول الذي يقودنا مباشرة لإعتبار ما ينتج في تونس الثقافية رغم الدعم المقدم من قبل الدولة لا يرقى إلى مستوى الإنتاج الثقافي الذي من شأنه أن يؤثر في المجتمع، و لا أدل على هذا الكلام الفشل المتكرر لأغلب ما يقدم من إنتاج في مختلف المسابقات سواء الإقليمية أو الدولية و حتى بعض المسابقات التي يتم تنظيمها وطنيا، لا يفوز بجوائزها الأولى مثقفونا.

لكن ربما يرد على هذا القول بقول أخر يحمل الفشل للجان التحكيم التي كانت متحاملة على الإنتاج الثقافي التونسي و إذا ما أفترضنا جدلا صحة هذا الإدعاء لماذا لم ينجح الإنتاج الثقافي التونسي في الترويج لنفسه شعبيا، و لننظر لما يتم إنتاجه من مسلسلات و أفلام و أغاني و ما يكتب من كتب و نقارن بمدى نجاحها في الوسط المجتمعي، نجد أن النتيجة تقارب الصفر مع بعض الإستثناء لبعض المفكرين الذين لا يعدون على أصابع اليد الواحدة و هذا خير دليل على الضعف الكبير في المادة المنتجة التي لم تنجح في الترسخ في العقل الجمعي للمجتمع الذي بدوره لم تنجح في التسلل إليه سوى بعض ما ينتج من ثقافة إستهلاكية إلى حد ما مثل أغاني المزود و هو ما يدعو للتساؤل أضف إلى ذلك نجاح أغاني الراب خلال الثورة في إيصال صوت الجماهير التي عجز المثقف على نصرتها و أكتفى بالفرجة في بداية الأمر ثم إنخرط في ما كان يسوقه النظام من تهم ضد الثورة والثوار عدا النزر القليل منهم الذين رفضوا ذلك و كخلاصة للقول يجب القيام بمراجعة دقيقة للواقع الثقافي في تونس خصوصا مسألة الدعم التي تكلف المجموعة الوطنية الكثير من الاموال.

أما بالنسبة للسؤال الثاني فالإجابة عليه تقتضي منا أن ندقق النظر قليلا في الإنتاج الثقافي في تونس و نقارن بينه و بين تطابقه مع الموروث الحضاري للشعب و نأخذ كمثال على ذلك السينما التونسية التي لم تتجاوز إلى حد الآن عتبة الحمام العربي و كأني بها في تعبيرة عن الثقافة التي مازلت في حمام السبات الفكري تحاول أن تتطهر من أدرانها و أوساخها. و قد عانت تونس خصوصا بعد الإستقلال من تعارض الإنتاج الثقافي لمثقفيها مع إرثها الثقافي الحضاري هذا الوضع أنتج شرخا بدأ يتعاظم شيئا فشيئا مع مرور الزمن بين المثقف و شعبه فأصبح المثقف يعيش في برجه العاجي الذي يرفض النزول منه ليستمع لهذا الشعب الذي رفض بدوره و لازال كل إنتاج يتعارض مع ما ورثه عن الأجداد من ثقافة و أؤتمن عليها و تعهد بحمايتها لتسليمها فيما بعد للأبناء و قد بدا هذا الإستقطاب بين النخبة و عموم الشعب جليا بعد الثورة خصوصا مع إرتفاع بعض الأصوات المنادية بهدم الأسس الحضارية للشعب التونسي و التخلي عنها نهائيا و تعويضها بأسس أخرى تم التحضير لها في مخابر الغرب الثقافية فيما يعبر عنه بالمبادىء الإنسانية العالمية و قد رد الشعب في العديد من المناسبات على هذه الأصوات خصوصا خلال الإنتخابات أين قام بإرسال رسالة مضمونة الوصول لهذه النخب التي راهنت جلها على مشاريع سقطت في الأخير من الغربال الثقافي للشعب التونسي لذا ما على هاته النخب إلا إعادة النظر في العديد من إنتاجها و مراجعة أفكارها التي قدمتها في مناسبات عدة و لفظها الشعب كما يجب عليها أن تتخلى عن معاملتها له على أساس أنه قاصر فكريا وجب توجيه و إرشاده حتى و إن أبى أن يتقبل ما يقدم له و أن تغير من طريقة توجيهها لخطابها بأن تتخلص من كبريائها الزائف و تعاليها عن عامة الشعب فالمثقف ليس بقدر ما يحتقر عامة الناس بل بقدر ما ينتج من أفكار تقود لنهضة المجتمع المتكون أساسا من هؤلاء الناس.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثقافة، الإنتاج الثقافي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-03-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المواقف
  «التكرار» وسلية للتضليل الاعلامي
  الثروة والسلطة في تونس
  هل كانت الحريّة مطلبا جماعيا في تونس؟
  واقع الاعلام التونسي
  الاعلام والخبراء وعصا البوليس
  دولة سعيّد البولسية
  تخريب العقول
  مواطنون ضدّ الانقلاب
  استئصال الإسلاميين
  المازوشية التونسية
  سكيزوفرينيا المثقف
  تونس: من يحكم فعلا ؟
  تونس: الإرهاب
  تونس: الوجه الحقيقي للنقابة
  تونس: عُقَدُ الرئيس و مكر الشعب
  من وحي إصابتها بالكورونا: هكذا عرفت الحامّة
  جمهورية البلاستيك
  هل آن للغنوشي أن يمدّ رجليه ؟
  تونس: الرابح و الخاسر من واقعة اللائحة
  و مازال خالي معتقلا !
  هل يتحطّم الإنسان كما الأشياء ؟
  ..و لكنّ الرئيس عار من المبادئ
  الإعلام التونسي المُنْتَهِي الصلوحية
  كلّما عَظُمَ الشعب، تصاغرت نخبته
  السبسي و أبوّة بن سلمان
  لا أهلا بقاتل الأطفال و الصحفيين
  الأمبوبة..
  سفيان و نذير و الرحلة الأخيرة
  المستشار الصغير يريد لعبة إعلام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محرر "بوابتي"، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. أحمد محمد سليمان، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، فتحـي قاره بيبـان، د - المنجي الكعبي، حسن عثمان، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد النعيمي، د - محمد بنيعيش، محمود طرشوبي، سلوى المغربي، سليمان أحمد أبو ستة، فهمي شراب، عراق المطيري، د- محمود علي عريقات، د.محمد فتحي عبد العال، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، د. صلاح عودة الله ، د - عادل رضا، خبَّاب بن مروان الحمد، د- هاني ابوالفتوح، علي الكاش، عمار غيلوفي، محمد يحي، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله زيدان، أ.د. مصطفى رجب، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - مصطفى فهمي، محمد الياسين، الهادي المثلوثي، الهيثم زعفان، صالح النعامي ، ماهر عدنان قنديل، عبد الغني مزوز، محمد أحمد عزوز، عواطف منصور، د - صالح المازقي، محمد عمر غرس الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحي الزغل، ياسين أحمد، العادل السمعلي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سامح لطف الله، فوزي مسعود ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- محمد رحال، حاتم الصولي، أبو سمية، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. أحمد بشير، مراد قميزة، محمد شمام ، رمضان حينوني، كريم السليتي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الطرابلسي، حميدة الطيلوش، كريم فارق، علي عبد العال، إياد محمود حسين ، وائل بنجدو، فتحي العابد، صلاح المختار، محمود سلطان، أحمد الحباسي، مجدى داود، جاسم الرصيف، سيد السباعي، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بوادي، سعود السبعاني، الناصر الرقيق، د. عادل محمد عايش الأسطل، يحيي البوليني، عمر غازي، إيمى الأشقر، محمد اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، مصطفى منيغ، حسن الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، خالد الجاف ، سلام الشماع، إسراء أبو رمان، صباح الموسوي ، تونسي، رضا الدبّابي، سفيان عبد الكافي، عزيز العرباوي، صفاء العربي، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، أحمد ملحم، يزيد بن الحسين، د - شاكر الحوكي ، مصطفي زهران، المولدي الفرجاني، طلال قسومي، صلاح الحريري، رشيد السيد أحمد، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، صفاء العراقي، أنس الشابي، نادية سعد، منجي باكير، أشرف إبراهيم حجاج،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة