البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فن إدارة الأزمة في إيران

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4990


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أتابع منذ سنوات عديدة الشؤون الإيرانية، وكلما تأملت ملفاً من الملفات الإيرانية، أكاد أصل دائماً إلى نتيجة واحدة أو متشابهة، أن الأزمات، تدار وكأنها لعبة بلاي ستيشن، مع الفارق أنها لمعارك تدور رحاها في صفحات الصحف فقط، فقد تلقيت مرات عديدة تفاصيل خطط هجوم دقيقة على إيران، ولطالما استلمت في بريدي تفاصيل قصف المنشئات النووية، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث بالطبع .

هناك العديد من الملفات بين إيران والولايات المتحدة، ومن أهم تلك: الملف النووي، ملف التصادمات المتعمدة والعفوية في ساحات التعاون والعمل المشترك كحلفاء وهي العراق وأفغانستان، وربما ساحات محتملة أخرى، وملف اغتيال السفير السعودي في واشنطن، واليوم ملف الملاحة في الخليج العربي، (وهي مياه دولية خارج نطاق السيادة الإيرانية)، هذا غير العديد من الملفات الصغيرة حول حقوق الإنسان وغيرها، وهي ملفات لا تثيرها الولايات المتحدة مع إيران، وهذه ليست مصادفات.

يلاحظ أن القاسم المشترك الأعظم في مسارات كل أزمة قي هذه الملفات، أن الأزمات عندما تتصاعد ويخيل للمتابع أن الانفجار قادم لا محالة، والمسألة هذه المرة جادة، فجأة نلاحظ انفراجاً سحرياً وكأن هناك إشارة من عصا المايسترو تخفض من حدة الصخب لدرجة الهمس الودي، كأن المايسترو يقول للعازفين كفى ليس لهذه الدرجة...!.

في السياسة ليست هناك ألعاب سحرية ولا طلاسم، والأمر وما فيه، أن هناك حلفاً سرياً، فضحته الأحداث الكثيرة على مدى العقود الثلاثة المنصرمة، بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وهذا هو في الواقع سر عدم حصول ليس انفجار، ولا اصطدام، بل ولا حتى احتكاك بين هذه الأطراف على الرغم من تشابك المصالح في المنطقة المليئة بالمتناقضات والمفاجئات، ففي هذه المنطقة تفجرت التناقضات أكثر من مرة بين أطراف حلف استراتيجي (الولايات المتحدة/ بريطانيا وفرنسا)، بل وحدثت تناقضات ظاهرة أو خفية حتى بين الولايات المتحدة وحليفتها المدللة لإسرائيل. لماذا إذن صمد حلف الولايات المتحدة من إيران رغم هذه الملفات التي تنطوي كل منها على تناقضات متفجرة ....؟

أبسط تحليل سياسي بهذا الصدد هو أن الأطراف الثلاثة ما زالت مقتنعة بقوة بجدوى التحالف وضرورته وأهمية استمراره، وأن التناقض بين أطراف تحالف ما، أي تحالف، لابد أن ينطوي في بعض صفحاته على تخالف في المصالح، وهذه تناقضات ظهرت حتى بين الدول الشيوعية رغم الالتزام الأيديولوجي الموحد بينها، فحصل أن تناقضت الصين والاتحاد السوفيت، ثم الصين مع سائر الدول الشيوعية عدا ألبانيا، ثم بين يوغسلافيا والاتحاد السوفيتي، ثم بين رومانيا والاتحاد السوفيتي، وبين ألبانيا والصين الشعبية، ناهيك عن خلافات أمكن تداركها وإبقاءها ضمن الأروقة السرية.

رغم كل هذه الشواهد التي نسوقها، في احتمال نشوب تناقضات بين أطراف أي تحالف بين دول، ووجود تناقض بين أطراف التحالف الثلاثي: الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، إلا قوة التفاهم على توافق المصالح في أفقه الاستراتيجي يرجأ دائماً تطور التناقض إلى أكثر من تصريحات حتى في حال بلوغها درجة الانفجار، أو هكذا يخيل، واللعبة مكشوفة النوايا، فالأمريكان يدركون أن الإيرانييون كعادتهم عبر التاريخ يبالغون ويتدللون عليهم وفق نظرية عرف الحبيب مقامه فتدلل، فتعود اللهجة الناعمة الرقيقة بين الأحباب.

أحدى صحف المقدمة في ألمانيا وصفت قبل أيام الأزمة الأخيرة بأنها عاصفة في فنجان، فالتهديد مثير للتساؤل والدهشة، أن تهدد سفن وزوارق بعضها مطاطي والآخر فايبر كلاس، هي في مواجهة محتملة كهذه، تعد من صنف ألعاب الشباب من الهواة، مسلحة برشاش من طراز دوشكا 12,7 ملم، تهدد حاملات طائرات والسفن المرافقة لها والقادرة على إحالة أي مزحة من هذا القبيل إلى دراما / كوميدي في مياه البحر.

أقصى ما يمكن أن تفعله إيران، هذا إذا غامرت وفعلت ذلك، أن تبث ألغاماً على الأرجح من النوع البسيط في الخليج، أو أن تغرق قطعة بحرية في المضيق، قال الأمريكيون أن إيران لا يعقل أن تكون جادة، لكن بوسعها أن تفعل ذلك، ولكن بوسعنا أيضاً أن نفعل ما نريد وبسهولة ونعيد فتح الممر البحري.

العقل السياسي / العسكري الإيراني يخلط المبالغة بالقدرات الحقيقية، الواقع بالخيال، والمغامرة بالمجازفة، والتراجيديا بالكوميديا، فينجم عن ذلك كله خلطة إيرانية بامتياز، غالباً ما بالعودة للمربع الأول، وبالفعل تراجع المسئولون الإيرانيون بعد أيام معدودة ومسحوا تصريحاتهم النارية، بكلمات ودية، عن مضيق هرمز، وضرورة بقاء الملاحة فيه مفتوحة، بل أن إيران هي من تضمن بقاؤه مفتوحاً للملاحة الدولية ..؟

أغلب الظن أن القيادة الروحية / السياسية الإيرانية قد قررت إجراء مناورات سياسية بالدرجة الأولى، وإبداء ما يمكن إبداؤه للمساهمة في السجال الدائر حول سوريا ولتخفيف الضغط عنها، وعن هذا بالضبط عبر أحد المسئولين الإيرانيين بقوله، ربما نستطيع إبداء العون لسوريا عن بعد ولكننا لا يمكننا إنقاذ النظام.

وفي هذا السياق أيضاً قرأت اليوم أن الإيرانيون يتفاوضون عن النظام السوري، وتلك مفارقة أخرى، والسعي لعقد صفقات مع المعارضة السورية، ولكن مقترحاتهم وحلولهم للأزمة قوبلت برفض المعارضة.

إذن فالمؤشرات تشير على أن هذه التحركات هي استعراضات سياسية لتخفيف الضغط عن واحدة من الملفات، يراد منها القول أن لدينا إمكانيات وقدرات نحن قادرون على تحريكها وقت نشاء.

الأمريكان لهم خبرة قديمة في التعامل مع العقلية السياسية الإيرانية، وخبرتهم طويلة تعود إلى فجر تاريخ إيران السياسي الحديث، فالإيراني هو إيراني في نهاية المطاف، إن كان ملكاً قاجارياً، أو شاهنشاه آريا مهر، أو آية الله عظمى، السياسي الإيراني يبدأ بطرح الموقف في حدوده العليا، كأي بائع سجاد في بازار طهران، ثم ما يلبث بعد المساومة معه أن يتراجع في سعره، حتى ليكاد يبكي بالقول أن هذا هو سعر التكلفة، فيضحك المشتري الأمريكي المتخمة جيوبه بالدولارات، وهو يعلم أن البائع الإيراني يغشه، ولكن بخفة دم مقبولة ومحبوبة، تآلف معها وتآلفت معه، وصار أحدهما يفهم الآخر على الطاير .

ولكن ليس دائماً تأتي حسابات الحقل مطابقة لحسابات البيدر.

ـــــــــــــــــــــــ
المقال جزء من مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية العربية بتاريخ 18/ كانون الثاني ـ يناير / 2012


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إيران، الأزمةا لإيرانية الغربية، النظام السوري، الثورة السورية، إدارة الأزمات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-01-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا
  من معارك العرب الكبرى : معركة أنوال المجيدة
  نظرية المؤامرة Conspiracy Theory
  نوع جديد من الحروب
  نبوءة دقيقة
  الولايات المتحدة منزعجة من السياسة المصرية ...!
  لماذا أنهار الغرب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أبو سمية، أحمد ملحم، أ.د. مصطفى رجب، عبد الغني مزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، د - صالح المازقي، إيمى الأشقر، كريم فارق، صفاء العربي، سامح لطف الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - شاكر الحوكي ، علي عبد العال، رافع القارصي، د - محمد بنيعيش، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحي الزغل، محمد أحمد عزوز، علي الكاش، فتحـي قاره بيبـان، عمار غيلوفي، صباح الموسوي ، نادية سعد، د. أحمد محمد سليمان، د - المنجي الكعبي، عبد الرزاق قيراط ، أشرف إبراهيم حجاج، سعود السبعاني، عبد الله زيدان، وائل بنجدو، مجدى داود، العادل السمعلي، مراد قميزة، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- هاني ابوالفتوح، د.محمد فتحي عبد العال، يزيد بن الحسين، صفاء العراقي، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفى منيغ، حسن الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، سلام الشماع، طلال قسومي، مصطفي زهران، محمد يحي، د. أحمد بشير، الهادي المثلوثي، ياسين أحمد، د- محمود علي عريقات، د - عادل رضا، محمد الياسين، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، سلوى المغربي، فتحي العابد، د - مصطفى فهمي، عبد الله الفقير، أنس الشابي، جاسم الرصيف، يحيي البوليني، صالح النعامي ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صلاح الحريري، د. عبد الآله المالكي، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، د - الضاوي خوالدية، خبَّاب بن مروان الحمد، حميدة الطيلوش، محمود طرشوبي، خالد الجاف ، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، الناصر الرقيق، صلاح المختار، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، منجي باكير، حاتم الصولي، عراق المطيري، محمد اسعد بيوض التميمي، فهمي شراب، د - محمد بن موسى الشريف ، المولدي الفرجاني، د- محمد رحال، سفيان عبد الكافي، أحمد الحباسي، أحمد بوادي، د. طارق عبد الحليم، د. خالد الطراولي ، سيد السباعي، تونسي، رمضان حينوني، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمر غازي، محرر "بوابتي"، محمود سلطان، الهيثم زعفان، عزيز العرباوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رحاب اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، محمد شمام ، سليمان أحمد أبو ستة،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة