البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ليبيا بين معركتين .. الهوية والتحرير

كاتب المقال مجدي داود    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5544


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لم ينته الثوار الليبيون بعد من معركتهم ضد نظام معمر القذافي، ولم ينجحوا في إحكام سيطرتهم على كامل الأراضي، والقضاء على كافة الجماعات المسلحة الموالية للقذافي وتفكيكها، وإلقاء القبض على زعماء النظام السابق ومسؤوليه المتهمين بارتكاب الجرائم البشعة بحق الشعب الليبي طيلة أربعين سنة، حتى بدؤوا حربا أخرى فيما بينهم.

المعركة التي استعجلها الليبيون قد تمنعهم إن لم يتمكنوا سريعا من إيقافها لتحقيق الأولويات المطروحة أمامهم، أتحدث هنا بالطبع عن معركة هوية الدولة، أهي إسلامية أم علمانية؟!

معركة هوية ليبيا بعد الثورة بدأت مبكرا جدا، حتى قبل دخول الثوار طرابلس بأسابيع حينما تحدثت التقارير الصحفية عن تذمر عدد من العلمانيين والليبراليين من طغيان المظهر الإسلامي على الثورة، وأنهم يخشون من سيطرة الإسلاميين على الحكم في ليبيا بعد سقوط معمر القذافي.

ومع سقوط القذافي وهروبه من طرابلس بدأت شخصيات إسلامية في البروز بقوة، مما يقوي المخاوف العلمانية والليبرالية من صعود التيار الإسلامي، حيث ظهر عبد الحكيم بلحاج قائد عملية تحرير طرابلس، وأحد المسؤولين العسكريين للثوار، والذي كان عضوا بالجماعة الليبية المقاتلة والذي اعتقلته الشرطة البريطانية وسلمته للقذافي وأفرج عنه بعد ذلك.

الدكتور علي الصلابي من جانبه طالب محمود جبريل رئيسَ المكتب التنفيذي بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى المبادرة بتقديم استقالته، مبررا ذلك بأنه ليس عليه إجماع في الشارع الليبي، وغالبية الليبيين يرفضونه ويرفضون من يدورون في فلكه، وأكد أن هناك حربًا منظمة من بعض أعضاء المكتب التنفيذي مثل محمود شمام ومحمود جبريل وعلي الترهوني وناجي بركات، الذين يسعون لتغييب الوطنيين والثوار الحقيقيين.

هذه التصريحات والهجوم الذي شنه الصلابي على جبريل على الرغم من وجاهة وصحة مبرراته، إلا أنها اعتبرت فقط جزءا من الصراع الإسلامي العلماني، لأن محمود جبريل علماني متشدد بينما الصلابي يعتبر الأب الروحي للإسلاميين في ليبيا.

صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية اهتمت بالصراع حول هوية ليبيا بعد القذافي، وأكدت أن الصراع سيشعل ليبيا بعد موافقة الحكومة المؤقتة الأحد الماضي على إخضاع الثوار للسلطة المدنية، وهو ما أثار غضب عبد الحكيم بلحاج، وزعمت أن تحالفًا يربط بين بلحاج والصلابي، كما أن جبريل لم يصل إلى طرابلس إلا بعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع على سقوط طرابلس في قبضة الثوار.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن محمود جبريل يهاجم الإسلاميين بشكل غير مباشر، إلا أنه يتجنب توجيه انتقادات مباشرة لهم، مشيرة إلى أن محاولات التوفيق بين هذه القوى سيكون تحديًا كبيرًا يواجه الحكومة الجديدة في بلد لم يعرف الديمقراطية من قبل.

صحيفة الفاينانشيال تايمز أيضا اهتمت بالخلاف بين الإسلاميين والليبراليين العلمانيين، وأوضحت أن هناك انشقاق بين القيادة حيث يتهم الإسلاميون العلمانيين بأنهم مجرد طلاب سلطة ولهم علاقات سابقة بنظام القذافي، مشيرة إلى أن شخصية محمود جبريل مثيرة للجدل وتواجه انتقادا من فصائل عدة باعتباره عاش معظم عمره وتعلم في الغرب وطريقة تفكيره غربية، بخلاف رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل الذي وصفته بأنه شخصية توافقية، وتشير الصحيفة إلى أن الشيخ علي الصلابي يمثل تيارا إسلاميا أوسع من الأعضاء السابقين بالجماعة الليبية المقاتلة.

إن خطورة الاندماج السريع في معركة الهوية قبل السيطرة على كامل الأراضي الليبية تكمن في إمكانية حدوث انشقاقات في صفوف المقاتلين، وعرقلة السيطرة على بقية المدن مثل بني وليد وسبها وسرت، لأنه إذا استفحل الصراع وخرج للعلن بشكل أكثر منه الآن فسنرى التمرد، فلا العلماني سيقبل أن يكون قائده العسكري إسلامي ولا العكس حينها تكون المشكلة.

كما أن مرتزقة القذافي والموالين له من المرجح أنهم يدخلون بقوة في تأجيج هذا الصراع، ليس اقتناعاً ولا جنحا منهم إلى أحد التيارين، ولكن رغبة في تقسيم الثوار وتفتيتهم، ودفعهم للصدام مع بعضهم البعض، وبما أن السلاح متواجد بكثرة في الشارع الليبي، فقد يتطور الأمر في حال وصل الصراع السياسي على الهوية إلى صدام مسلح وهنا تكون المشكلة الحقيقية والمأزق الذي يكون من الصعب الخروج منه.

إن العالم الغربي سيسعى إلى دعم التيار العلماني، ليس حبا في الشعب الليبي، ولا من أجل مصلحة ليبيا، ولكن من أجل تحقيق مصالحه، ووضع أناس يريدهم في سدة الحكم بعد أن يكون قد بث الفرقة بين الثوار، ليقضي بعضهم على بعض، فيسهل عليه بعد ذلك أن يقوم بفرض شروطه وأوامره على ذلك الطرف الذي قبل أن يلعب اللعبة معه وأن يتلقى منه المساعدة ليقضي على الطرف الآخر، فالعالم الغربي لن يرضى بأن تقوم في أي دولة عربية حكومة حرة منتخبة من الشعب دون قيود ولا شروط، لأن هذا يعني أن هذه الحكومات ستتعامل مع حكومات الدول الغربية تعامل الندية، ولن ترضى أن تقدم ثروات بلدها إليهم بثمن بخس، ولن ترضى أن تكون ألعوبة بيد هذه الدول.

إنه في هذا الوقت الذي تأبى فيه عدد من المدن على الثوار مثل بني وليد التي انسحب منها الثوار مرتين بشكل فوضوي خطير بعد تعرضهما لقصف عنيف من قبل كتائب القذافي، وفي الوقت الذي يهدد فيه القذافي بشكل شبه يومي بأنه سيشن حربا شاملة، فيجب على الثوار أن ينتبهوا أولا لهذه المعركة الطويلة والضرورية مع كتائب القذافي، ويجب عليهم تركيز كل جهودهم للانتهاء من هذه المعركة في أقرب وقت ممكن، خصوصا وأن هناك بوادر اختلاف بين الثوار المقاتلين في بني وليد، حيث يتهم ثوار المدن الأخرى ثوار بني وليد بأنهم يقدمون المعلومات لكتائب القذافي.

ويجب على المجلس الوطني الانتقالي تأجيل تشكيل أية حكومة إلى حين التفرغ من مهمة القضاء على مؤيدي القذافي لتجنب حدوث انشقاق يستغله هؤلاء المرتزقة، والاتفاق بين قادة الثوار من الطرفين على عدم الحديث في هذا الموضوع إلا بعد استتباب الأمر، وقد أحسن القائد عبد الحكيم بلحاج حينما أكد أكثر من مرة على أن الاختلاف بين الطرفين هو اختلاف طبيعي ونتيجة طبيعية للحرية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ليبيا، الثورة الليبية، القذافي، الهوية، صراع الهوية بليبيا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-09-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  من يحرك الصراع بين أردوغان وكولن؟ ولماذا الآن؟
  أردوغان وكولن .. صراع الدولة والدولة العميقة
  خطاب هنية.. تجاهل لأزمة حماس أم إدارتها
  صفقة الكيماوي.. أمريكا وروسيا يتبادلان الصفعات في سوريا
  ملامح التدخل العسكري في سوريا وأهدافه
  سيناريوهات 30 يونيو .. مصر نحو المجهول
  الهيئة الشرعية بين الواقع والمأمول
  ورحلت خنساء فلسطين بعدما رسمت طريق العزة
  وثيقة العنف ضد المرأة .. كارثة يجب التصدي لها
  ربيع تونس.. هل استحال خريفا؟
  ربيع العراق..السُّنَّةُ ينتفضون والمالكي يترنح
  الحرب على الدين في مالي
  الأزمة الاقتصادية.. سلاح المعارضة المصرية لإسقاط الإسلاميين
  مقتل "وسام الحسن".. نيران سوريا تشعل لبنان
  المتاجرون بحقوق المرأة في الدستور المصري
  الفتاة المسلمة في "سنة أولى جامعة"
  حرائر سوريا .. زوجات لا سبايا
  الدولة العلوية.. ما بين الحلم والكابوس
  ما هي نقاط الضعف الأبرز لدى الإسلاميين؟
  المراهقة وجيل الفيس بوك
  التحرش .. أزمة مجتمع
  هجمات سيناء .. كيف نفهمها؟!
  شروط تجار الثورة لإنقاذ ما تبقى منها
  خطة عنان لسوريا.. إحياء لنظام أوشك على السقوط
  وفاة شنودة وأثره على مصر والكنيسة الأرثوذكسية
  يا معشر العلمانيين .. من أنتم؟!
  يا فاطمة الشام .. إنما النصر قاب قوسين أو أدنى
  فشل الإضراب ولكن .. رسالة لمن عارضه
  الانتخابات وتناقضات القوى الليبرالية العلمانية
  هل تغير الموقف الروسي من نظام الأسد؟!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود طرشوبي، العادل السمعلي، يزيد بن الحسين، فتحي العابد، إسراء أبو رمان، الهادي المثلوثي، ماهر عدنان قنديل، رضا الدبّابي، أنس الشابي، محمد الطرابلسي، د- هاني ابوالفتوح، سامر أبو رمان ، علي الكاش، أحمد النعيمي، محرر "بوابتي"، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الياسين، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد يحي، د. صلاح عودة الله ، خالد الجاف ، د - شاكر الحوكي ، عراق المطيري، الناصر الرقيق، عواطف منصور، مجدى داود، كريم فارق، محمد اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، سامح لطف الله، فهمي شراب، صلاح الحريري، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، عبد الله الفقير، أ.د. مصطفى رجب، د - مصطفى فهمي، صلاح المختار، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، ضحى عبد الرحمن، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، عبد الله زيدان، ياسين أحمد، د- جابر قميحة، سلام الشماع، عمار غيلوفي، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، جاسم الرصيف، عزيز العرباوي، المولدي الفرجاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد بوادي، إياد محمود حسين ، خبَّاب بن مروان الحمد، كريم السليتي، محمود سلطان، د - عادل رضا، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - المنجي الكعبي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد أحمد عزوز، حسن عثمان، أحمد الحباسي، د- محمود علي عريقات، وائل بنجدو، علي عبد العال، عمر غازي، تونسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، فوزي مسعود ، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، محمد شمام ، د - محمد بنيعيش، حميدة الطيلوش، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. عبد الآله المالكي، رشيد السيد أحمد، فتحي الزغل، د. أحمد بشير، سليمان أحمد أبو ستة، منجي باكير، محمد العيادي، د- محمد رحال، رافع القارصي، عبد الرزاق قيراط ، د. خالد الطراولي ، عبد الغني مزوز، سلوى المغربي، رمضان حينوني، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، أبو سمية، حاتم الصولي، مصطفي زهران، د - صالح المازقي، سفيان عبد الكافي، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العراقي، يحيي البوليني، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، سيد السباعي، الهيثم زعفان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة